خطوات مناسك العمرة
العمرة
تُعرّف العمرة لغةً بالزيارة، وأمّا شرعاً فتُعرّف؛ بأنّها زيارة الحرم على الوجه المخصوص، وأداء النسك المتكوّن من الإحرام، والطواف، والسعي بين الصفا والمروة، والحلق أو التقصير، ومن الجدير بالذكر أنّ علماء المسلمين أجمعوا على مشروعيّة العمرة، ولكنّهم اختلفوا هل تجب العمرة مرّةً واحدةً في العمر أم أنّها غير واجبةٍ، حيث قال الفريق الأول بوجوبها، واستدلّوا بحديث الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- عندما سأله جبريل عن أركان الإسلام وذكر منها الحجّ والعمرة، حيث قال: (وتحُجَّ البيتَ وتعتمِرَ)،[1] ومن أصحاب هذا القول الإمام الشافعي، والإمام أحمد، وبعض أهل الحديث، وقال الفريق الآخر: إنّ العمرة سُنّةٌ وليست واجبةً، واستدلوا بما روي من أنّ رجلاً أتى إلى رسول الله وقال: (أخبرني عن العمرة أواجبة؟)، فقال النبيّ عليه الصّلاة والسّلام: (لا، وأن تعتمِرَ خيرٌ لَكَ)،[2]ومن أصحاب هذا القول، الإمام أبو حنيفة، ومالك، وشيخ الإسلام ابن تيمية، وفي أحد الروايتين عن أحمد والشافعي، وأكثر أهل العلم.[3]
خطوات مناسك العمرة
تعتبر العمرة من العبادات العظيمة في الإسلام؛ فهي من مكفرات الذنوب، وقد وردت الكثير من الأحاديث التي تدلّ على فضلها، ومنها ما رواه مسلم والبخاري في صحيحهما عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (العمرةُ إلى العمرةِ كفَّارَةٌ لمَا بينَهمَا، والحجُّ المبرورُ ليسَ لهُ جزاءٌ إلا الجنَّةُ)،[4] ومن الجدير بالذكر أنّ لأداء العمرة خطواتٍ لا بُدّ من اتباعها، وفيما يأتي بيان تلك الخطوات:[5]
- الإحرام من الميقات: يجب الإحرام من الميقات على من أراد العمرة، سواءً كان مسافراً عن طريق الجو، أو البر، أو البحر، وأما إذا كان المعتمر من مكان لا ميقات له كأهل بحرة، أو جدة مثلاً؛ فيحرم من مكانه، ويجوز للمسافر بالطائرة الإحرام قبل الوصول إلى الميقات بمدةٍ قصيرة إن خشي أن يتجاوزه وهو لا يعلم، ومن المستحبات عند الإحرام الاغتسال كغسل الجنابة، والتطيّب في الرأس واللحية، وارتداء إزارٍ ورداء أبيضين، وأمّا المرأة فترتدي ما شاءت من الثياب، بشرط أن تبتعد عن التبرج، وإذا حضرت صلاة فريضةٍ وقت الإحرام، يؤدي المعتمر صلاة الفريضة، ثمّ يكون الإحرم بعدها، أو يصلي نافلةً إن لم يكن وقت صلاة فريضة، وبعد الانتهاء من الصلاة ينوي الدخول في العمرة ويقول: (لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك، لبيك اللهم عمرة)، ويستحبّ رفع الصوت بالتلبية للرجال، بينما تخفيه النساء، فقد قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (أتاني جبريلُ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ فأمرني أن آمرَ أصحابي ومن معي أن يرفعوا أصواتَهم بالإِهلالِ أو قالَ بالتَّلبيةِ يريدُ أحدَهما)،[6] ويستمر المعتمر في التلبية إلى أن يصل الكعبة المشرّفة ويشرع في الطواف؛ لأنّه ينشغل بأذكار الطواف، والسعي، وقراءة القرآن، ومن السنّة الاغتسال قبل دخول مكّة إن أمكن ذلك؛ لما رواه مسلم والبخاري في صحيحهما عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أنّه كان إذا اقترب من أدنى الحرم توقّف عن التلبية، ثم ينام في ذي طوى، ثمّ يصلي به الصبح ويغتسل، ويقول بأنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- فعل ذلك، وعلى الرغم من أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- لمّا جاء إلى مكّة دخلها من أعلاها وخرج من أسفلها، إلّا أنّه يمكن دخول مكّة من أيّ طريقٍ؛ لقول النبيّ عليه الصّلاة والسّلام: (فجاجِ مكَّةَ طريقٌ ومَنحرٌ)،[7] ولكنّ شيخ الإسلام ابن تيمية قال: (إذا أتى مكّة جاز أن يدخل مكّة من جميع الجوانب، لكنّ الأفضل أن يأتي من وجه الكعبة اقتداء بالنبيّ -صلّى اللهُ عليه وسلّم- فإنّه دخلها من وجهها من الناحية العليا التي فيها اليوم باب المعلا)، ومن السنّة دخول المسجد الحرام بالقدم اليمنى، وذكر دعاء دخول المسجد.
- الطواف: عند مشاهدة الكعبة يمكن الدعاء بما ثبت عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، حيث كان يقول: (اللهم أنت السلام، ومنك السلام فحيينا ربنا بالسلام)؛ حيث لم يثبت عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنه خصّص دعاءً عند رؤية الكعبة، ثمّ التوجه إلى الحجر الأسود، وتقبيله إن أمكن، وأما إذا كان في الأمر مشقة فيُستلم باليد أو بعصى، ثمّ يقبّل ما استُلِم به، فإذا لم تتاح الفرصة لذلك، فيُشير إلى الحجر الأسود باليد ويقول: (الله أكبر)، وعند البدء بالطواف تكون الكعبة المشرّف على يسار المعتمر، فيشرع بالطواف، وعند الوصول إلى الركن اليماني يُستقبل باليد اليمنى من غير تقبيل، فإن كان في الأمر مشقة يترك الركن اليماني من غير أن يشار إليه؛ لأنّ ذلك لم يريد عن النبيّ عليه الصّلاة والسّلام، ويكون الطواف سبعة أشواط، يبدأ في كلّ شوطٍ من الحجر وينتهي بالحجر، ويستحب الرمل خلال الأشواط الثلاثة الأول، و الاضباع خلال الأشواط كلها، والحقيقة أنّه ليس هناك ذكرٌ مخصوصٍ يردّد خلال الطواف، فيمكن قراءة القرآن، وترديد الأذكار المشروعة، والدعاء، وبعد الانتهاء من الطواف يُستحب التوجه إلى مقام إبراهيم -عليه السّلام- وقراءة قوله تعالى: (وَاتَّخِذُوا مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى)،[8] وثمّ الصلاة خلف المقام ركعتين يقرأ فيهما سورة الكافرون، والإخلاص، وبعد الانتهاء من الصلاة يُستحبّ التوجه إلى مياه زمزم والشرب منها، وغسل الرأس؛ لأنّها مياهٌ مباركةٌ.
- السعي بين الصفا والمروة: ويبدأ السعي بالصعود إلى الصفا، وقراءة قوله تعالى من سورة البقرة: (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّهِ ۖ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا)،[9] ثمّ استقبال الكعبة والتكبير ثلاث مرّاتٍ، ثمّ التوجّه إلى المروة وعند الوصول إلى المروة يتمّ الشوط الأول، ويُستحبّ الإسراع في المشي بين الصفا والمروة عند وصول الميل الأخضر، ويكون السعي سبعة أشواطٍ، تبدأ من الصفا وتختتم بالمروة، ويُشرع خلالها الدعاء والذكر.
- الحلق أو التقصير: بعد الإنتهاء من السعي بين الصفا والمروة يجب على المعتمر حلق شعر رأسه أو تخفيفه، ولا بُد أن يعمّ التخفيف جميع جوانب الرأس، وبهذا تختتم مناسك العمرة، ويحلّ الإحرام.
فضائل العمرة
ثمّة العديد من الفضائل التي تدلّ على الأجر العظيم المترتب على أداء العمرة، ومنها:[10]
- إكرام الله تعالى لضيوفه: والمعتمر من ضيوف الرحمن، فقد روي عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، أنّه قال: (الغازي في سبيلِ اللهِ عزَّ وجلَّ، والحاجُّ والمعتمِرُ، وفْدُ اللهِ دعاهم فأجابوهٌ، وسألُوهُ فأعطاهم).[11]
- نفي الفقر: كما في قول النبيّ عليه الصّلاة والسّلام: (تابِعوا بينَ الحجِّ والعمرةِ، فإنَّهما ينفِيانِ الفقرَ والذُّنوبَ، كما ينفي الْكيرُ خبثَ الحديدِ).[12]
- الأجر العظيم المترتب على الطواف: حيث قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (من طاف بالبيتِ أسبوعًا؛ لا يضعُ قدمًا، ولايرفعُ أخرى؛ إلا حطّ اللهُ عنه بها خطيئةً، وكتب له بها حسنةً، ورفع له بها درجةً).[13]
المراجع
- ↑ رواه ابن الملقن، في تحفة المحتاج، عن عمر بن الخطاب، الصفحة أو الرقم: 2/128، صحيح.
- ↑ رواه ابن كثير، في إرشاد الفقيه، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم: 302/1 ، إسناده على شرط مسلم.
- ↑ "تعريف العمرة وحكمها"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 23-9-2018. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1773 ، صحيح.
- ↑ "فضل العمرة وصفتها"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 23-9-2018. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح أبي داوود، عن السائب بن خلاد، الصفحة أو الرقم: 1814 ، صحيح.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح أبي داوود، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم: 1937، حسن صحيح.
- ↑ سورة البقرة، آية: 125.
- ↑ سورة البقرة، آية: 158.
- ↑ "فضل العمرة وثوابها"، archive.islamonline.net، اطّلع عليه بتاريخ 24-9-2018. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 4171 ، صحيح.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح النسائي، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 2630 ، حسن صحيح.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الترغيب، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 1143 ، صحيح لغيره.