ما هي فوائد الحج
الحج
الحج ركنٌ من أركان الإسلام الخمسة التي يرتكز عليها الإسلام، والتي ينبغي على المُسلم القيام بها مرّةً في العمر، وقد جاءت فرَضيّةُ الحجِّ لتطهير العِباد ممّا يَلحق بهم من الذنوب والسيئات، فبعدما يحجُّ المُسلم ويتوجّه إلى رَبّه بالدعاء في عرفات، ويَتضرَّع إليه من خلال السعي والطواف يأتي وعد الله بمغفرة ذنوب جميع من حجّ إليه في تلك الأيام.
تعريف الحج
- الحج في اللغة: يعني قصدُ الشيء المُعظَّم والعزمُ على التوجّه إليه وإتيانه.
- الحجّ في الاصطلاح يعني: قصْد بيت الله الحرام لأداءِ المَشاعِر المُعظّمة وإتيانها في أوقاتٍ مَخصوصة من العام على وَجهٍ وهَيئةٍ مَخصوصة، وفق شروطٍ مَخصوصة، وهو يعني كذلك: (الصّفة المَعلومة في الشَّرع من: الإحرام، والتلبية، والوقوف بعرفة، والطَّواف بالبيت، والسَّعي بين الصفا والمروة، والوُقوف بالمشاعر، ورمْيِ الجمرات وما يتبع ذلك من الأفعالِ المشروعة فيه، فإنَّ ذلك كلّه من تَمام قصْدِ البيت).[1]
فوائد الحج
للحجّ فوائد وأهميّة كبيرة لا تحويها أيّ عبادةٍ أخرى من العبادات التي فرضها الله سبحانه وتعالى على عباده، وذلك لما له من مكانةٍ كبيرةٍ في الدّين الإسلامي، ومن فوائده الآتي: [2]
- الحجُّ فريضةٌ يُحبها الله: حيث إنّ أداء الحجّ يُعتبر من إقامة الدين الإسلامي وتطبيقه في المُجتمع كونه من أركانِ الإسلام التي لا يتمّ إلا بها، مما يُشير إلى أهميّته عند الله سبحانه وتعالى.
- الحج نوعٌ من أنواع الجهاد في سبيل الله: جاء ذكر الحج في كتاب الله سبحانه وتعالى بعد ذكر آيات الجهاد، كما ثبت في الحديث الذي ترويه أمّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنّها قالت: (يا رسولَ اللهِ، نرى الجهادَ أفضلَ العملِ، أفلا نجاهِدُ؟ قال: لا، لكنَّ أفضلَ الجهادِ حجٌّ مبرورٌ)،[3] كما رُوي عن أَبي هُريرَةَ رضي الله عنه أنّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (جِهادُ الكبيرِ، والصَّغيرِ والضَّعيفِ والمرأةِ: الحجُّ والعُمرةُ).[4]
- تحصيل الثواب والأجر من عند الله: إنّ من أدّى الحجّ وأتمَّ أعماله على الوجه الذي شُرع فيه استحقّ الأجر والثواب العظيمين من الله سبحانه وتعالى من الله؛ حيث صحَّ عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: سَمعتُ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقولُ: (مَن حجَّ للهِ، فلم يَرفُث، ولم يَفسُقْ، رجَع كيوم ولدَته أمُّه)،[3] وعن أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (العمرةُ إلى العمرةِ كفَّارَةٌ لمَا بينَهمَا، والحجُّ المبرورُ ليسَ لهُ جزاءٌ إلا الجنَّةُ).[5]
- الحجُّ فيه تَعظيمٌ لله وإظهارٌ لشعائره: إنّ الحاج يُقيم شعائر الله ويُعظمه من خلال أداء مناسك الحج جميعها كالتلبية، والطواف ببيت الله الحرام، والسعي بالصفا والمروة، والوقوف بعرفة، والمَبيت بمُزدلفة، ورمي الجمرات، وجميع ما يتبع تلك الشعائر من ذكر الله والتكبير ممّا يَدلُّ على تعظيم الله وتقديسه، وقد رُوي عن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (جاءَني جبريلُ فقالَ يا محمَّدُ مُر أصحابَكَ فليَرفَعوا أصواتَهُم بالتَّلبيةِ فإنَّها مِن شعارِ الحجِّ).[6]
- الحجّ بابٌ لاجتماع المُسلمين من جميع أنحاء البلاد الإسلاميّة وغير الإسلامية؛ حيث إنّ المُسلمين من جميع أقطار الأرض يجتمعون في صعيدٍ واحد بين مكّة وعرفة، يتبادلون فيه المودّة والمحبّة والتعارف فيما بينهم، دون وجود حواجز أو عوائق بينهم بسبب منصبٍ أو جاهٍ أو سلطان.
- اتحاد المسلمين بزيٍ واحدٍ: يظهر جميع المسلمين في الحج بمظهرٍ مُوحّد في الزمان والمكان والأعمال والهيئات نفسها، فجميعهم يلبسون لباساً واحداً، ويقِفون بهيئةٍ واحدة وفي موضعٍ واحد، ويؤدّون الأعمال نفسها، وجَميعهم يتوجّهون إلى الله بالتسبيح والتهليل والتكبير، يرجون رحمة الله ومَغفرته.
- الحج بابٌ لتحصيل المنافع للناس: إنّ ممّا يحصل في الحج تبادل المصالح التجارية وغيرها بين المسلمين، وقد قال الله سبحانه وتعالى في ذلك: (لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ).[7]
- الهدي الذي يقوم به الحاج قُربةً لله وفريضةً عن ما وقع منه من أخطاءٍ وتقصيرٍ في الحج: حيث إنّ في ذلك تَعظيمٌ لحرمات الله، كما أنّه سبيلٌ للتنعّم والأكل في تلك الأيام، وبابٌ للتصدّق على الفقراء؛ حيث إنّهم كذلك يَنتفعون بالحج من خلال ما يُحصّلونه من لحوم الهدي.
حكم الحج
الحَجّ فَريضةٌ واجبةٌ على كلّ مُسلمٍ قادرٍ على الحجّ مادياً ومعنوياً، مرةً واحدةً في العمر، فإن شاء المسلم أن يؤديه أكثر من مرة جاز له ذلك دون افتراضٍ عليه، [8][9] أما دليل فرضيّة الحج فمأخوذٌ من قول الله سبحانه وتعالى: (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ۚ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ)[10] ويدلُّ على فرضيته من السنة النبوية ما رواه عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (بُنِيَ الإسلامُ على خَمسٍ؛ علَى أنْ يُعبَدَ الله ويُكْفَرَ بمَا دونَهُ، وإقام الصلاةِ، وإيتاءِ الزكاةِ، وحجِّ البيتِ، وصومِ رمضانَ)[11]
أركان الحج
ينبغي لمَن أرادَ الحجّ وأهلَّ به أن يقوم ببعض الأركان حتى يقع حجّه صحيحاً تاماً، ومن تلك الأركان:[12]
- الإحرام: بمعنى أن يَنوي الحاج الابتداء بمناسك الحج شرط أن تُوافقَ نيّته الميقات الزماني الذي هو أشهر الحج، والميقات المكاني الذي هو المكان الذي لا ينبغي للحاج تجاوزه إلا بالإحرام؛ وهي أماكنٌ مُتعارفٌ عليها بين أهل كل بلدةٍ على حدة، وقد أشار إليها النبي - صلى الله عليه وسلم - في عدة أحاديث.
- الوقوف بعرفة: إنّ الوقوف بعرفة من أهمّ أركان الحج؛ بل إنّ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قد أشار إلى أن الحجّ يدور بمجمله حول وقفة عرفة حيث رُوي عنه أنه قال: (الحجُّ عرفةُ ، فمن أدرك ليلةَ عرفةَ قبل طلوعِ الفجرِ من ليلةِ جُمَعٍ فقد تمَّ حجُّه)،[13] وليلة جمع هي: المزدلفة، ويعتبر من أدرك لحظةً واحدةً في صعيد عرفة أنّه أدرك الوقوف به وكان حجّه مقبولاً.
- طواف الإفاضة: طواف الإفاضة يكون بعد الانتهاء من وقفة عرفة والمبيت بمزدلفة والنفور إلى مكة، ودليل ركنيّته قول الله سبحانه وتعالى: (ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ)،[14] وعند جمهور الفقهاء لا يوجد وقت له؛ بل إنّهم قالوا إنّ وقته يستمر حتى يأتي به الحاج في أيّ وقتٍ من عمره ما دام حياً، والخلاف بين الفقهاء فيما إن كان يجب الهدي على من أخّر الطواف حتى انتهاء أيّام التشريق.
- السعي بين الصفا والمروة: بَعد أن يُتم الحاج الوقوف بعرفة والمبيت بمزدلفة يَعمد إلى السّعي بين الصفا والمروة إن كان متمتّعاً بالحج، أمّا إن كان حجّه مُّنفرداً أو قارناً فيكون سعيه بعد طواف القدوم.
المراجع
- ↑ عبد الله بن صالح القصيِّر (25-10-2011)، "تعريف الحج وحكمه"، شبكة الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 31-5-2017. بتصرّف.
- ↑ محمد صالح المنجد (4-12-2007)، "من فوائد الحج"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 31-5-2017. بتصرّف.
- ^ أ ب رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أم المؤمنين عائشة ، الصفحة أو الرقم: 1520، صحيح.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح النسائي، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 2625، حسن.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1773، صحيح.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح ابن ماجه، عن زيد بن خالد الجهني، الصفحة أو الرقم: 2382، صحيح.
- ↑ سورة الحج، آية: 28.
- ↑ الأستاذ الدكتور موسى شاهين لاشين (2002)، فتح المنعم شرح صحيح مسلم (الطبعة الأولى)، الأردن: دار الشروق، صفحة 386، جزء 5. بتصرّف.
- ↑ وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية- الكويت (1427هـ)، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الثانية)، الكويت: دار السلاسل ، صفحة 23، جزء 17. بتصرّف.
- ↑ سورة آل عمران، آية: 97.
- ↑ رواه مسلم بن الحجاج، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 16، صحيح.
- ↑ "أركان الحج وواجباته وسننه"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 29-5-2017. بتصرّف.
- ↑ رواه ابن حزم، في حجة الوداع، عن عبد الرحمن بن يعمر الديلي، الصفحة أو الرقم: 176، إسناده صحيح.
- ↑ سورة الحج، آية: 29.