-

ما اركان الحج

ما اركان الحج
(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

الحج

فرض الله -تعالى- على عبادة التكاليف الشرعية، والعبادات، وجعل فيها خير الدنيا والآخرة؛ إذ إنّ الله -تعالى- غنيٌ عن البشر، لا تضرّه معصيتهم، ولا تنفعه طاعتهم، وإنّما غاية الله -تعالى- صلاح الفرد، والأمة، ومنتلكه التكاليف الشرعية؛ الحج، فقد أوجبه الله -تعالى- على عباده المؤمنين القادرين، ودليل ذلك قول الله تعالى: (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ)،[1] وجعل فيه الكثير من الفوائد، والغايات السامية؛ حيث إنّ لباس الإحرام، وخلع كلّ مخيطٍ من الثياب، والظهور بمظهر الفطرة، والتقشّف، يُشعر الناس بالمساواة، وتلاشي الطبقات والفوارق المادية بينهم، فإنّ الغني، والفقير، والوضيع، والشريف، كلّهم يلبسون نفس الثياب، فلا فرق بينهم؛ إلّا بالتقوى، والتفاضل بينهم قائمٌ على أساس الالتزام بطاعة الله تعالى، واجتناب معصيته، بالإضافة إلى أنّ التلبية، والمسارعة إلى أماكن الرحمة، تظهر حاجة العبد إلى الله تعالى، وتطهّر قلبه من الكبر والغرور، ومن المنافع المترتبة على الحجّ في الدنيا، توحيد المسلمين؛ إذ إنّ اجتماعهم بتلك الأعداد الهائلة في مكانٍ واحدٍ على الرغم من اختلاف ألوانهم، ولغاتهم، وأعراقهم، يذكّرهم بأنّهم أمةٌ واحدةٌ.[2]

أركان الحج

يُعرّف الركن لغةً على أنّه أحد الجوانب التي يستند إليها الشيء ويقوم بها، وتعرّف أركان الحج بأنّها الواجبات التي لا يصحّ الحجّ من دونها، وهي أربعة أركانٍ: الإحرام، والوقوف في عرفة، والطواف، والسعي بين الصفا والمروة، وفيما يأتي بيان كلّ منها:[3][4]

  • الإحرام: إنّ للإحرام مواقيت مكانيةً، وزمانيةً محدّدةً، فيبدأ وقت الإحرام من دخول شهر شوال، إلى شهر ذي الحجّة، مصداقاً لقول الله تعالى: (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَىٰ وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ)،[5] ولا بدّ من أن يكون الإحرام من أماكنٍ معينةٍ، حيث يُحرم أهل الشام من الجحفة؛ وهي منطقةٌ بالقرب من قريةٍ اسمها رابغٌ، وقد تلاشت الجحفة مع مرّ الزمان، فأصبح الإحرام من قرية رابغٍ، ويُحرم أهل اليمن في منطقةٍ تقع على الطريق الواصل بين اليمن ومكة المكرمة؛ وتسمّى يلملم، أو السعدية، ويُحرم أهل المدينة المنورة من أبيار عليٍ؛ والتي تسمّى بذي الحليفة، ويُحرم أهل نجد من قرن المنازل؛ وهو ما يسمّى بالسيل، وأمّا أهل العراق فيُحرمون من ذات عرقٍ؛ وتسمى بالضريبة، وتجدر الإشارة إلى أنّ الإحرام هو نية الدخول في نسك الحجّ، ولا حجّ من غير إحرامٍ، لقول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (إنّما الأعمالُ بالنياتِ، وإنما لكلِّ امرئٍ ما نوى).[6]
  • الوقوف بعرفة: إنّ الدليل على أنّ الوقوف في عرفة من أركان الحجّ، قول الله تعالى: (فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِن كُنتُم مِّن قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ)،[7] بالإضافة إلى قول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (الحجُّ عرفةُ، مَن جاءَ ليلةَ جمعٍ قبلَ صلاةِ الصُّبحِ فقد أدرَكَ حجة)،[8] ومن الجدير بالذكر أنّ عرفة كلّها موقفٌ، فيجوز الوقوف في أيّ مكانٍ في عرفةٍ، لقول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (قد وقفتُ ها هُنا وعرفةُ كلُّها مَوقفٌ)،[9] ويبدأ وقت الوقوف في عرفة، من زوال شمس اليوم التاسع من ذي الحجّة، إلى طلوع فجر اليوم العاشر من ذي الحجّة.
  • الطواف بالبيت: يُشرع طواف الإفاضة بعد الوقوف بعرفة ومزدلفة، ودليل ذلك قول الله تعالى: (ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ)،[10] ولا يكون قضاء التفث، ووفاء النذر، إلّا بعد الوقوف بعرفة والمزدلفة.
  • السعي بين الصفا والمروة: يختلف توقيت السعي بين الصفا والمروة باختلاف نوع الحجّ، حيث يكون السعي بعد طواف القدوم إذا كان الحاج قارناً، أو مفرداً، ويكون السعي بعد الوقوف بعرفة، والمزدلفة، وطواف الإفاضة، إذا كان الحاج متمتعاً، ولا حرج إن تقدّم بسبب النسيان أو الجهل، فقد رُوي أنّ رجالاً قالوا لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم: سعيتُ قبل أن أطوف، أو قدّمت شيئاً، أو أخرّت شيئاً، وكان النبي -صلّى الله عليه وسلّم- يقول لهم: (لا حرجٌ، لا حرجٌ)،[11] وقد دلّ على أنّ السعي ركنٌ من أركان الحجّ، قول الله تعالى: (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا).[12]

شروط الحج

أوجب الله -تعالى- الحج على عباده، ولكن ثمة شروطٌ إذا توفرت تجب المبادرة إلى الحجّ، ومن تلك الشروط ما هو مشتركٌ بين الرجل والمرأة؛ كالإسلام، والبلوغ، والعقل، والحرية، والقدرة على الزاد والراحلة، وسلامة البدن، وسلامة الطريق، وتختصّ النساء بشرطين، وهما: وجود المحرم، وانتهاء العدّة في حال الطلاق، أو وفاة الزوج، وفيما يأتي بيان تلك الشروط:[13]

  • الإسلام: فلا يجب الحجّ على الكافر، ولا يصحّ منه.
  • العقل: فلا يجب الحجّ على المجنون؛ لأنّ العقل مناط التكليف، ودليل ذلك قول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ( رفع القلم عن ثلاثة: عَن المَجنونِ المَغلوبِ على عَقْلِهِ حتى يَبْرَأَ، وعن النائِمِ حتى يَستيقِظَ، وعنِ الصبِيِّ حتى يَحْتَلِمَ).[14]
  • البلوغ: فلا يجب الحجّ على غير البالغ، ولكن إن حجّ قُبل منه، ولا تسقط عنه حجّة الإسلام.
  • الحرية: فلا يجب الحجّ على العبد؛ لأنّه مملوكٌ لسيده.
  • سلامة البدن: فلا يجب الحجّ على من يعاني من إعاقةٍ جسديةٍ، أو مرضٍ يقعده عن الحجّ؛ كالمفلوج، والمقعد، والشيخ الكبير؛ لأنّ الله -تعالى- علّق الوجوب على الاستطاعة.
  • أمن الطريق: يشترط أمن الطريق لوجوب الحجّ؛ إذ لا استطاعة من غير أمن الطريق، ولا حج إلّا باستطاعةٍ.
  • وجود المحرم للنساء: فلا يجب الحجّ على المرأة إلّا مع زوجها، أو أحد محارمها، ويرجع السبب في ذلك إلى ضعف المرأة، وصعوبة السفر، وصعوبة القيام بأعمال الحجّ؛ من طوافٍ، ورميٍ للجمرات، وسعيٍ، ومبيتٍ في منى ، بالإضافة إلى درء الفتنة.
  • انتهاء العدة في حال طلاق المرأة، أو موت زوجها: فلا يجب عليها الحجّ خلال عدتها؛ لأنّ الأصل أن تبقى في بيتها خلال فترة العدة، ودليل ذلك قول الله تعالى: (لا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ).[15]

المراجع

  1. ↑ سورة آل عمران، آية: 97.
  2. ↑ "الحج أهداف وغايات"، archive.islamonline.net، اطّلع عليه بتاريخ: 24-9-2018. بتصرّف.
  3. ↑ "تعريف ومعنى أركان الحج في معجم المعاني الجامع"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ: 25-9-2108.
  4. ↑ "الواجبات في الحج"، ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ: 24-9-2018. بتصرّف.
  5. ↑ سورة البقرة، آية: 197.
  6. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عمر بن الخطاب، الصفحة أو الرقم: 1، صحيح.
  7. ↑ سورة البقرة، آية: 198.
  8. ↑ رواه الألباني، في صحيح النسائي، عن عبد الرحمن بن يعمر الديلي، الصفحة أو الرقم: 3044، صحيح.
  9. ↑ رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم: 1907، صحيح.
  10. ↑ سورة الحج، آية: 29.
  11. ↑ رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن أسامة بن شريك، الصفحة أو الرقم: 2015، صحيح.
  12. ↑ سورة البقرة، آية: 158.
  13. ↑ "شروط الحج"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ: 25-9-2108. بتصرّف.
  14. ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن علي بن أبي طالب وعمر بن الخطاب، الصفحة أو الرقم: 3512، صحيح.
  15. ↑ سورة الطلاق، آية: 1.