ما هي النعم الظاهرة والباطنة
نعم الله
أنعم الله سبحانه وتعالى على عباده بكثيرٍ من النّعم التي لا يستطيع الإنسان عدّها أو حصرها، قال تعالى: (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيم ) [النحل:18]، فكلّ ما يحيط بالإنسان من ماءٍ وهواء وكائنات حيّة هي نعمةٌ يحسد عليها ولا بدّ له أن يقابلها بالإحسان في عمله، وحمد الله وشكره بالقول والعمل.
قد ذكر الله سبحانه وتعالى النّعم الظّاهرة والباطنة في قوله (وَأَسْبَغ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً ) [لقمان:20]، فهذه الآية تبين أنّ النّعم ليست واحدة، وإنّما هي نعم ظاهرة وأخرى باطنة، فالنعم الظاهرة هي ما أدركها الإنسان بحاسة البصر والمعاينة، والنّعم الباطنة ما خفيت عنه فأدركها بقلبه وإيمانه.
من النّعم الظّاهرة
من النّعم الظّاهرة نعمة الحواس الخمسة التي أنعم الله بها على الإنسان فهو يستطيع أن يرى بعينيه الأشخاص والأشياء والكائنات، ويستطيع بهذه الحالة تمييز الألوان وإدراك ظواهر الكون والحياة، وكذلك أنعم الله على الإنسان بحاسّة السّمع فهو يسمع كلّ صوتٍ ويميّزه، فيتوصّل بذلك إلى المعلومة التي يريد، ويكون الاستماع والسّماع وسيلةً للتّعلم والتّرفيه، وكذلك حاسّة الشّمّ التي تتيح للإنسان تمييز رائحة كلّ شيءٍ في الحياة .
كذلك من النّعم الظاهرة ما سخّر للإنسان من الكائنات الحيّة التي يستفيد منها في طعامه، وشرابه، وسكنه ولباسه وركوبه وحراسته وصيده وكثيرٍ من شؤون حياته، فالإبل والأنعام بأنواعها المختلفة مسخّرة للإنسان في طعامه، وكذلك ما في استودع الله تعالى في البحار والأنهار من شتّى صنوف الأسماك والكائنات الحيّة .
من النّعم الباطنة
أمّا النّعم الباطنة فقد اختلف في تعريفها بين العلماء، فمنهم من رأى بأنّ النّعم الباطنة هي التي غابت عن البصر ولا يدركها إلاّ العقل، فمنها نعمة الإيمان الذي به يهتدي الإنسان إلى طريق الحقّ والصّواب، وبه تستقيم حاله في الدّنيا فتتحقّق سعادته بالتزام منهج الله الذي ارتضى للنّاس، وبالإيمان كذلك ينال الإنسان حسن الجزاء في الآخرة، ومن النّعم الباطنة كذلك ما يترتّب على كثيرٍ من الأعمال التي يعملها الإنسان في الدّنيا من حسن العاقبة والجزاء، فالذي يحمد الله تعالى في الشّدائد والضّرّاء يكرمه الله بالأجر الكبير، والعاقبة الحسنة، وتكفير الذّنوب، وهذه نعمةٌ باطنة لا يدركها الكثيرون، وكذلك من ينفق ماله فينقص ظاهرًا بينما باطنًا تتجلّى نعمة الله في بركة هذا المال ونمائه من حيث لا يدري الإنسان، وكذلك تقوى الله تعالى في الحياة وما ينعم الله على صاحبها حينما يرزقه من حيث لا يحتسب، ويفرّج كربه ويزيل همّه، قال تعالى: (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا) [الطلاق:3].