ما يوجد في الجنة
وصف الجنة وما بها
إنّ الجنة وماهيتها أعظم من أن يُدركها الإنسان فهي أعلى مقاماً وفوق كل قدرة على التصوّر، فقد قال تعالى: (فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)،[1] فمهما ذهب خيال الإنسان فإنّه لابد وأن يقف عند حد مُعيّن يعجز فيه عن إدراك ما أعدّه الله في الجنة، ففيها كل ما تشتهي النفس، ولا يشبه ما في الدنيا إلا في الاسم، فكل ما في الدنيا لا يساوي شيئا من جنة السماء، فقد نفى خالقها أن يكون ما فيها مساويا لما في الحياة الدنيا في كيفيتها وحقيقتها، حيث قال الله تعالى على لسان عبده ورسوله: (أعدَدتُ لِعبادي الصَّالِحين ما لا عينٌ رأَتْ، ولا أذُنٌ سَمِعَت، ولا خَطَر على قلْبِ بشَرٍ،[2] قال أبو هُريرةَ: اقرَؤوا إن شِئتُم: {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ)،[3] ويُجدر بالذكر أنّ كل ما يتمناه الإنسان في الجنة يُحققه الله له ويُعطيه فوق أُمنياته، فبها المأكل والمشرب والملبس والمسكن، ومناظر لم ترها عين، وبناؤها لبنة من ذهب وأخرى من فضة، وترابها من الزعفران، فمن يدخلها لا يهرم، وشجرها له ساق من ذهب، ويزداد جمال أهلها كل جمعة، كما أنّ في الجنة أنهارا من ماء ومن عسل ومن لبن ومن خمر لذة لأهلها،[4] قال تعالى: (مَّثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ ۖ فِيهَا أَنْهَارٌ مِّن مَّاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِّن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى ۖ وَلَهُمْ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ ۖ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ).[5]
مفهوم الجنة وأسماؤها
الجنة في اللغة هي البستان، وفي الاصطلاح هي الاسم العام المتداول للمقر الذي أعدّه الله لعباده المؤمنين، وما شملت من أشكال النعيم واللذة والفرح والسرور والطمأنينة،[6] وهي الدار التي أعدها الله لأهل طاعته تكريماً لهم يُخلّدون فيها بشبابهم، وهي هدف كل مؤمن؛ فمن أجلها تُترك الملذّات وتُقاوم شرور النفس ووساوسها،[7] ولها اسم واحد إذا ما قُصد به ذاتها، وعدة أسماء إذا ما قُصد به الصفات، ومن هذه الصفات: دار السلام ودار الخلد ودار المقامة وجنة المأوى، وكذلك جنات عدن والفردوس وجنات النعيم ومن أسمائها أيضاً، المقام الأمين ومقعد صدق.[6]
درجات الجنة وأبوابها
لا يوجد معرفة محددة لعدد درجات الجنة لكنها تختلف باختلاف العمل في الحياة الدنيا؛ فهي بينها مفاضلة، ومن درجات الجنة وأهلها:[8]
- الإيمان بالله والتصديق بالمرسلين ودرجاتهم مع الأنبياء.
- الجهاد في سبيل الله ولهم مائة درجة ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض.
- الصادق في طلب الشهادة فله درجات الشهداء.
- الإنفاق في سبيل الله فلهم درجات العلا والنعيم.
- إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة المشي للمساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة؛ فذلك يمحو الخطايا ويرفع الدرجات.
- حافظ القرآن فقراءة كتاب الله ترفع درجات صاحبها.
أمّا أبواب الجنة فهي ثمانية: باب للصائمين ويُسمّى الريان، وباب المُكثرين من الصلاة، كما أنّ للمتصدقين بابا وللمجاهدين باب،[9] فقد قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (مَن أَنفَقَ زوجَينِ في سبيلِ اللهِ، نودِيَ من أبوابِ الجنةِ: يا عبدَ اللهِ هذا خيرٌ، فمَن كان من أهلِ الصلاةِ دُعِيَ من بابِ الصلاةِ، ومَن كان من أهلِ الجهادِ دُعِيَ من بابِ الجهادِ، ومَن كان من أهلِ الصيامِ دُعِيَ من بابِ الرَّيَّانِ، ومَن كان من أهلِ الصدقةِ دُعِيَ من بابِ الصدقةِ. فقال أبو بكرٍ رضي الله عنه: بأبي وأمي يا رسولَ اللهِ، ما على مَن دُعِيَ من تلك الأبوابِ من ضرورةٍ، فهل يُدْعَى أحد من تلك الأبوابِ كلِّها؟. قال: نعم، وأرجو أن تكونَ منهم).[10]
المراجع
- ↑ سورة السجدة، آية: 17.
- ↑ سعيد بن مسفر، دروس للشيخ سعيد بن مسفر، قطر: موقع الشبكة الإسلامية، صفحة 4، جزء 16. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 4779، صحيح
- ↑ "ذكر بعض نعيم الجنة الذي لا يوجد مثله في الدنيا"، fatwa.islamweb.net، 2013-12-11، اطّلع عليه بتاريخ 16-5-2018. بتصرّف.
- ↑ سورة محمد، آية: 15.
- ^ أ ب عبد الرحمن بن وهف القحطاني، الجنة والنار من الكتاب والسنة المطهرة (الطبعة الثالثة)، الرياض: مطبعة سفير، صفحة 94-97، جزء 2. بتصرّف.
- ↑ صالح المغامسي، القطوف الدانية، قطر: موقع الشبكة الإسلامية، صفحة 4، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ محمد صالح المنجد (2009)، موقع الإسلام سؤال وجواب، السعودية: www.islamqa.com، صفحة 636، جزء 8. بتصرّف.
- ↑ عمر سليمان الأشقر (1998)، الجنة والنار (الطبعة السابعة)، الأردن: دار النفائس، صفحة 150. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 1897، صحيح.