ما هي سورة الفرائض
أسماء السور في القرآن الكريم
على الرغم من ثبوت تسمية رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لبعض السور، كالبقرة، والفاتحة، وآل عمران، والكهف، إلا أن العلماء اختلفوا في تسمية سور القرآن الكريم؛ أَكُلّها ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ أم أن بعضها ثابت عنه وبعضها الآخر ثبت باجتهاد من الصحابة رضي الله عنهم؟[1]
فيرى أغلب العلماء أن أسماء سور القرآن الكريم توقيفية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد بين ذلك الزركشي -رحمه الله- في كتاب البرهان في علوم القرآن، حيث قال: (ينبغي البحث عن تعداد الأسامي: هل هو توقيفي، أو بما يظهر من المناسبات؟ فإن كان الثاني فلن يعدم الفَطِنُ أن يستخرج من كل سورة معاني كثيرة تقتضي اشتقاق أسمائها، وهو بعيد)، وأيّد هذا الرأي ابن جرير الطبري -رحمه الله- في كتاب جامع البيان، حيث قال: (لِسوَر القرآن أسماءٌ سمّاها بها رسول الله صلى الله عليه وسلم)، ووافقهم السيوطي -رحمه الله- في كتاب الإتقان، حيث قال: (وقد ثبتت جميع أسماء السور بالتوقيف من الأحاديث والآثار، ولولا خشية الإطالة لبينت ذلك)، وأكد الشيخ سليمان البجيرمي في كتاب تحفة الحبيب على شرح الخطيب أن أسماء سور القرآن الكريم وترتيبها وترتيب الآيات توقيفية من رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث أخبره بها جبريل عليه السلام.[1]
بينما يرى بعض أهل العلم أن بعض أسماء سور القرآن الكريم توقيفية؛ وهي التي وردت تسميتها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعضها الآخر سُمّي باجتهاد من الصحابة رضي الله عنهم، وقد جاء في فتوى للّجنة الدائمة مفادها عدم ورود نص صريح يدل على أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قد سمّى سور القرآن الكريم كلها، وإنما ورد في بعض الأحاديث أنه سمّى بعضها، كالبقرة وآل عمران وغيرها من السور، أما بقية السور فقد سمّاها الصحابة رضي الله عنهم.[1]
سورة الفرائض
ورد في عدد من المواقع الإلكترونية أن سورة الفرائض هي سورة النساء، وأن سبب تسمية سورة النساء بسورة الفرائض يرجع إلى كثرة العبادات والفرائض التي وردت فيها، بالإضافة إلى الأحكام الشرعية المتعلقة بالأسرة، والفرد، والمجتمع الإسلامي، وفي الحقيقة أن هذه المعلومة خاطئة، إذ لم يذكر المفسرون أي اسم لسورة النساء غير الذي اشتهرت به، حيث عُرفت بسورة النساء، ولذلك فإن القول بأن سورة الفرائض هي سورة النساء قول لا دليل عليه، ولا يوجد في القرآن الكريم أي سورة تُسمى بسورة الفرائض.[2]
التعريف بسورة النساء
سورة النساء من طِوال السور المدنية، حيث يبلغ عدد آياتها مئة واثنين وسبعين آية، وهي السورة الرابعة في ترتيب المصحف الشريف،[3] وتجدر الإشارة إلى أن سورة النساء من السور السبع الطويلة، وقد ورد من الأحاديث النبوية ما يدل على عِظَم فضلها، فقد روت أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (من أخذ السبعَ الأُوَلَ من القرآنِ فهو حَبْرٌ)،[4] ورُوي عن عبدِ اللهِ بنَ مسعودٍ -رضِيَ اللهُ عنه- أنه قال: (إنَّ في النساءِ لخَمْسُ آياتٍ ما يَسُرُّنِي بها الدنيا وما فيها وقدْ علِمْتُ أنَّ العلماءَ إذا مرُّوا بها يعرِفُونَها)،[5] ورُوي عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أنه قال: (ما راجعتُ رسولَ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم في شيءٍ ما راجَعْتُه في الكَلَالَة، وما أَغْلَظَ لي في شيءٍ ما أَغْلَظَ لي فيه، حتى طَعَنَ بإصبعِه في صدري، فقال: يا عمرُ، ألَا تَكْفيك آيةُ الصَّيْفِ التي في آخِرِ سورةِ النِّساء؟)،[6][7]
ومن الجدير بالذكر أن تسمية سورة النساء توقيفية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، مصداقاً لما روته أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: (ما نزَلَتْ سورةُ البقرةِ والنساءِ إلا وأنا عندَه)،[8] تقصد عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن تُشاركها سورة أخرى بالتسمية، حيث أطلق بعض السلف على سورة الطلاق اسم سورة النساء، وللتّمييز بين السورتين أطلقوا على سورة النساء اسم سورة النساء الطولى، فقد رُوي عن ابن مسعود -رضي الله عنه- أنه قال: (أُنزِلَتْ سورةُ النساءِ القُصرَى بعدَ الطُّولَى)،[9] ويرجع السبب في تسمية سورة النساء بهذا الاسم إلى افتتاح السورة الكريمة بآيات ذكرت أحكام صلة الرحم، وأحكام تخص النساء، بالإضافة إلى اشتمالها على الكثير من أحكام الزوجات والبنات، واحتوت على عدد من التشريعات التي تخص النساء ومنها: أحكام الزواج، وحقوق الزوجة، والمهر، والميراث، وحق النساء في الكسب والتملك، وطريقة إنهاء الخلافات بين المرأة وزوجها، والمحرمات من النساء، وحماية الإناث.[7]
مقاصد سورة النساء
سورة النساء من كبار السور في القرآن الكريم، وقد اشتملت على العديد من المقاصد، من أبرزها:[2]
- توحيد الله تعالى: فقد بينت السورة الكريمة أن إفراد الله -تعالى- بالألوهية والربوبية من أهم المقاصد التي يقوم عليها المجتمع المسلم، فمن التوحيد الخالص يستمد منهج حياته، بالإضافة إلى تأكيد السورة على أن التقوى سبب قبول العمل.
- بناء الدولة الإسلامية على أسس قوية ومتينة: فقد أكدت السورة على أن التحاكم إلى شرع الله -تعالى- في كافة مناحي الحياة، والعدل في الحكم بين الناس، وأداء الأمانات إلى أهلها، وتنظيم العلاقات الدولية من أهم أسباب تأسيس دولة إسلامية قوية ومتينة، وقد دارت العديد من الآيات في السورة الكريمة حول هذا المعنى، كما في قول الله تعالى: (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا).[10]
- بناء الأسرة المسلمة: حيث اعتنت السورة الكريمة ببناء الأسرة المسلمة على أسس قوية، من خلال تطهير المجتمع من الفواحش، وتحجيم العناصر الفاسدة والمفسدة فيه، مع فتح باب التوبة لهم، ليكون المجتمع الإسلامي عفيفاً طاهراً.
- التحذير من المنافقين: حيث بينت السورة الكريمة أن المنافقين من أخطر الفئات على المجتمع الإسلامي، فهم دائماً ما يسعون إلى النخر في أساس المجتمع بهدف إضعاف بنيانه، وزعزعة أركانه.
- تصحيح العقيدة: حيث قصدت السورة إنقاذ البشر كافة من الخطأ في العقيدة بالله تعالى، من خلال توضيح حقيقة عيسى بن مريم عليه السلام للنصارى وأنه عبد الله ورسوله، بالإضافة إلى بطلان عقيدة التثليث، وإثبات عقيدة التوحيد، وأن محمد -صلى الله عليه وسلم- عبد الله ورسوله.
المراجع
- ^ أ ب ت "هل أسماء سور القرآن الكريم توقيفية؟"، 18-6-2006، www.islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 7-1-2019. بتصرّف.
- ^ أ ب "مقاصد سورة النساء"، 20-12-2012، www.articles.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 7-1-2019. بتصرّف.
- ↑ "سورة النِّسَاء 4/114"، www.e-quran.com، اطّلع عليه بتاريخ 7-1-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في السلسلة الصحيحة، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 2305، حسن.
- ↑ رواه الهيثمي، في مجمع الزوائد، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 7/14، رجاله رجال الصحيح.
- ↑ رواه مسلم ، في صحيح مسلم، عن عمر بن الخطاب، الصفحة أو الرقم: 567، صحيح.
- ^ أ ب أحمد عبد الجواد (25/12/2017)، "مقاصد سورة النساء"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 7/1/4019. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 4993، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 4532، صحيح.
- ↑ سورة النساء، آية: 65.