ما مفهوم القيم الروحية في الإسلام
مفهوم القيم الروحية في الإسلام
خلق الله الإنسان من روح وجسد، فنفخ في هذا الجسد من روحه وأمر الملائكة أن يسجدوا له، فحين يتمسك الإنسان بدينه الذي ارتضاه الله له وحرص على تزكية روحه فإنّ نفسه تسمو، وترتفع، أما حين تدور حياته حول القيم المادية والشهوات فإنه يهبط إلى الدرجة الحيوانية،[1] فيصدق عليه قوله تعالى: (أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ)،[2] فيسمو الإنسان بأعماله وإخلاصه فيها، فالله ينظر إلى القلوب وما فيها من نيّات، ولا ينظر إلى مال الإنسان، ولا طوله، ولا لونه، فيتفاضل الإنسان عند الله بالتقوى، والتي موضعها القلب، فتدفع الإنسان إلى فعل الخيرات، وترك المنكرات، وهذا ما يورث القلب مخافة الله تعالى بالسر والعلن.[1]أما القيم الروحية فجعلت الحضارة الإسلامية تتميز بإنسانيتها، وظهر ذلك من خلال رحمة الأمة الإسلامية بالأمم الأخرى، وإكرامها لها، وحرصها على مصالح الأمم، ونشروا بذلك قيم العدل والتسامح، والرحمة، والوفاء، والصدق.[1]
من القيم الروحية في الإسلام
الإخلاص
الإخلاص هو الصفاء والتميز عن الشوائب التي تخالط الشيء، فيقال هذا الشيء خالص لك، أي لا يشارك فيه غيرك، وعرفّه العز بن عبد السلام على أنه فعل المكلّف للطاعة يبتغي بها الله حده، بلا طمع في نفع ديني أو دفع ضرٍّ معنوي، ولا يطلب فيه توقيرًا ولا تعظيمًا من الناس،[3] ومن الأحاديث التي دلّت على أهمية هذه القيمة: (إنَّ أولَ الناسِ يُقضى يومَ القيامَةِ عليه ، رجُلٌ استُشهِد. فأتى به فعرَّفه نِعَمَه فعرَفها. قال: فما عمِلتَ فيها ؟ قال: قاتَلتُ فِيكَ حتى استُشهِدتُ. قال: كذَبتَ. ولكنَّكَ قاتَلتَ لِأَنْ يُقالَ جَريءٌ. فقد قيل. ثم أمَر به فسُحِب على وجهِه حتى أُلقِيَ في النارِ. ورجُلٌ تعلَّم العِلمَ وعلَّمه وقرَأ القرآنَ. فأُتِي به. فعرَّفه نِعَمَه فعرَفها. قال: فما عمِلتَ فيها ؟ قال: تعلَّمتُ العِلمَ وعلَّمتُه وقرَأتُ فيكَ القرآنَ. قال: كذَبتَ ولكنَّكَ تعلَّمتَ العِلمَ لِيُقالَ عالِمٌ. وقرَأتُ القُرآنَ لِيُقالَ هو قارِئٌ. فقد قيل. ثم أمَر به فسُحِبَ على وجهِه حتى أُلقِي في النارِ. ورجُلٌ وسَّع اللهُ عليه وأعطاه مِن أصنافِ المالِ كلِّه. فأتَى به فعرَّفه نِعَمَه فعرَفها. قال: فما عمِلتَ فيها ؟ قال: ما ترَكتُ مِن سبيلٍ تُحِبُّ أنْ يُنفَقَ فيها إلَّا أنفَقتُ فيها لكَ. قال: كذَبتَ. ولكنَّكَ فعَلتَ لِيُقالَ هو جَوَادٌ. فقد قيل. ثم أمَر به فسُحِب على وجهِه. ثم أُلقِي في النارِ).[4]
العدل
يعرف العدل إعطاء كل ذي حقٍ حقه وبذل حقوق البشر اللازمة وتسوية الحقوق بين المستحقين لها، وفي الشرع أيضًا هو فصل الحكومة تبعًا لما جاء في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، والعدل ضد الجور، وللعدل ثلاث صور هي العدل مع الله، والعدل مع عباده، والعدل مع النفس،[5] ونسوق الآيات في عدل الله تعالى، وذلك في قوله: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ)[6]، وفي عدل العباد قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لتُؤدُّنَّ الحقوقَ إلى أهلِها يومَ القيامةِ، حتَّى يُقادَ للشَّاةِ الجلْحاءِ من الشَّاةِ القرْناءِ).[7]
الصدق
الصدق هو القول الذي يطابق الواقع والحقيقة لغةً، فيواطئ اللسان القلب، والصدق فضيلة بشرية، وضرورة إنسانية، ويهدي الصدق إلى البر والذي يعني وجوه الخير كلّها،[8] وذلك من حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: (عليكم بالصِّدقِ، فإنَّ الصِّدقَ يهدي إلى البرِّ وإنَّ البرَّ يهدي إلى الجنَّةِ، وما يزالُ الرَّجلُ يصدُقُ ويتحرَّى الصِّدقَ حتَّى يُكتبَ عند اللهِ صِدِّيقًا)،[9] ومن هنا فإنّ الكذب الذي هو عكس الصدق إفساد للمجتمعات، ورذيلة سلوكية، وسبب لقطع روابط المجتمعية.[8]
المراجع
- ^ أ ب ت د. أحمد الفرجابي (26-2-2007)، "مفهوم مصطلح (القيم الروحية)"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 24-1-2018. بتصرّف.
- ↑ سورة الأعراف، آية: 179.
- ↑ د. قذلة بنت محمد القحطاني، "الإخلاص"، صيد الفوائد، اطّلع عليه بتاريخ 24-1-2018.
- ↑ رواه مسلم ، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1905، صحيح.
- ↑ د. مهران ماهر عثمان، "العدل"، صيد الفوائد، اطّلع عليه بتاريخ 24-1-2018.
- ↑ سورة النساء، آية: 40.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 2582، صحيح.
- ^ أ ب "أهمية الصدق"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 24-1-2018. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم ، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 2607، صحيح.