-

ما هو الفرق بين المسلم والمؤمن

ما هو الفرق بين المسلم والمؤمن
(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

معنى الإسلام والإيمان

إنّ الأصل في الإسلام هو الانقياد والخضوع، أما في الاصطلاح الشرعي فمعناه الاستسلام لله تعالى بالتوحيد، والانقياد له بالطاعة والبراءة من الشرك، وقد بيّن رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- أركان الدين الإسلامي في حديث جبريل -عليه السلام- حين قال النبي: (ذاكَ جِبريلُ أتاكم يُعلِّمُكم دِينَكم)،[1][2] أما الإيمان فأصله التصديق، ومسمّاه عند أهل السنة والجماعة أنه تصديق بالقلب، وقول باللسان، وعمل بالأركان، يزيد بطاعة الله، وينقص بالمعصية،[3] وإنّما فُسّر الإيمان بإيمان القلب وخضوعه، وفُسّر الإسلام باستسلامٍ مخصوصٍ وهو الأركان الخمسة؛ لأن الأصل في الإيمان التصديق، أما العمل فهو تابع له؛ فهو تصديقٌ وإقرارٌ ومعرفة، وهو من باب قول القلب المتضمِّن عمل القلب، أما الإسلام فيتضمّن عمل القلب والجوارح.[4]

الفرق بين الإيمان والإسلام

إن الفرق بين الإسلام والإيمان من المسائل التي أطال العلماء في بيانها وتفصيلها في كتب العقائد، وقد صُنّف في ذلك مجلدات، وأشارت عدّة آياتٍ وأحاديثَ إلى وجود فرقٍ بينهما، قال تعالى: (قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَـكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا)،[5] ومن المعلوم أن الإيمان والإسلام يجتمع فيهما الدين كله، و قد فرّق النبي -صلى الله عليه وسلم- بينهما في حديث جبريل -عليه السلام- حين جاءه بصورة أعرابيٍّ يسأله عن الإسلام‏‏ والإيمان‏ والإحسان، فجعل ذلك كلَّه ديناً، فقد رُوي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه قال في حديث جبريل وهو يسأل النبي: (فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ: مَا الإِيمَانُ؟ قَالَ: الإِيمَانُ أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَبِلِقَائِهِ، وَرُسُلِهِ وَتُؤْمِنَ بِالْبَعْثِ، قَالَ: مَا الإِسْلاَمُ؟ قَالَ: الإِسْلاَمُ: أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ، وَلاَ تُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا، وَتُقِيمَ الصَّلاَةَ، وَتُؤَدِّيَ الزَّكَاةَ المَفْرُوضَةَ، وَتَصُومَ رَمَضَانَ، قَالَ: مَا الإِحْسَانُ؟ قَالَ: أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ)،[6] حيث قسّم النبي -صلى الله عليه وسلم- الدين إلى ثلاثة مراتب؛ أعلاها‏‏ الإحسان، ثم يليها‏ الإيمان، ثم يليها ‏الإسلام، وعلى هذا فإنّ كلَّ محسنٍ مؤمن، وكل مؤمنٍ مسلم، وليس كلُّ مؤمنٍ محسناً، ولا كل مسلمٍ مؤمناً.[7]

ومن خلال النصوص الشرعية يتبيّن أن خلاصة ما قاله العلماء في هذا الشأن عدّة آراء:[8]

  • الأول: أنهما بنفس المعنى، ولا يوجد فرق بينهما.
  • الثاني: أنهما متغايران ومختلفان.
  • الثالث: وهو قول وسط؛ حيث وضع العلماء قاعدةً في فهم معناهما، فقالوا: الإسلام والإيمان إذا اجتمعا افترقا، وإذا افترقا اجتمعا،[9] وتعني أن الإسلام والإيمان إذا اجتمعا في سياقٍ واحدٍ افترقا في المعنى، وحمل كل واحدٍ منهما خصائصه وصفاته ومميزاته التي يتميز بها عن الآخر، وإذا افترقا في السياق اجتمعا في المعنى وحمل كل واحدٍ منهما معنى وصفات الآخر، فيكون كل واحدٍ منهما محتوياً معاني الثاني، ويكون المقصود به دين الإسلام كلّه، ولا فرق حينئذ بين الإسلام والإيمان، ومن ذلك قوله تعالى: (إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّـهِ الْإِسْلَامُ).[10][11]

إن ورود لفظي الإسلام والإيمان معاً في سياقٍ واحدٍ يعني أنّ الإيمان يُراد به الأعمال الباطنة، وهي إقرار القلب وعمله؛ كالإيمان بالله تعالى، وحبه، وخوفه، ورجائه سبحانه، والإخلاص له، والإيمان بملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، أما الإسلام فيُراد به الأعمال الظاهرة من قول اللسان وعمل الجوارح؛ كالشهادتين، والصلاة، والزكاة، والصيام، والحج، التي قد يصحبها الإيمان القلبي وقد لا يصحبها، فيكون صاحبها منافقاً أو مسلماً ضعيف الإيمان،[12] ويرى ابن عطيّة أن الإيمان والإسلام بينهما علاقة عمومٍ وخصوص، حيث يعتبر أن الإيمان أخصّ من الإسلام، بينما الإسلام أعمّ، وذلك عند تفسير قوله تعالى: (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ)؛[13] حيث يقول إن الله -تعالى- بدأ بذكر الإسلام أولاً؛ لأنه يعمّ الإيمان بالإضافة إلى عمل الجوارح، ثم ذكر الإيمان تخصيصاً وتنبيهاً على أنه دعامة الإسلام.[14]

المسلم والمؤمن

خاطب الله -سبحانه وتعالى- عباده في كتابه الكريم بعدّة صفات، ففي بعض الآيات ذكر المؤمنين، وفي بعضها الآخر ذكر المسلمين، وطالما بيّنّا أن هناك فرقاً بين الإيمان والإسلام، فبالطبع يوجد فرق بين المؤمن والمسلم كذلك، ويشهد لذلك القاعدة التي أطلقها العلماء لتوضيح الفرق والرابط بين الإسلام والإيمان، والقاعدة كما مرّ سابقاً أن الإيمان والإسلام إذا اجتمعا في سياقٍ افترقا، واذا افترقا اجتمعا،[15] والمؤمن يدخل في الإيمان بمجرد نطقه بالشهادتين، وإقراره بالتوحيد، وعمله بأركان الإسلام والإيمان، مع سلامته من الإتيان بأي ناقضٍ من نواقض الإسلام؛ سواءً كان بالقول أو بالفعل، والمؤمن هو شخصٌ مسلمٌ ولكنه في مرتبة أعلى؛ حيث إن المسلم كلما زاد من استسلامه وانقياده لله ازداد قوةً في الإيمان.[16][17]

وهناك فئة من المسلمين يظهرون أعمال الخير، ويبطنون خلاف ذلك، وهؤلاء من المنافقين، والفرق بين المسلم والمنافق أن المنافق لا يؤمن داخليّاً بكل ما يقوم به من العبادات، أو يقوم بها مراءاة أمام الناس، ولهذا فهو مسلمٌ وليس مُؤمناً، ومن الأمثلة على ذلك: عدم الصدق والكذب في الحديث، وتضييع الأمانة، والغدر وإخلاف الوعد، والرياء، وإظهار المحبة للناس وإبطان الكراهية لهم، وغير ذلك، ولهذا فإن المنافق يُعامل في الدّنيا على أنه مسلم، فتجري عليه أحكام الإسلام، إذ إننا لا نستطيع أن نعلم ما يبطنه في قلبه، ولم نؤمر بالشق عمّا في القلوب.[18]

ولا يصل الإنسان إلى الإيمان إلا إذا حقّق الإسلام، فكل مؤمنٍ مسلم وليس كل مسلمٍ مؤمن، بالإضافة إلى أن الإيمان تمام الطاعة من حيث تأدية ما أوجب الله وترك ما حرّم، ويسمى من حقّق ذلك مؤمنًا، فهو أكمل من المسلم المطلق، وإذا أدّى المسلم واجباته سُمّي مسلماً ومؤمناً، وإذا عصى الله أو قصّر في العبادة قيل له مسلم، ولا يقال له مؤمن، ويجوز أن يُقيّد بقول: مؤمن ناقص الإيمان، أو يقال: مؤمن لكنه عاصٍ؛ حيث إن الإسلام أوسع من جهة ذاته فيعمّ العاصي والمستقيم على إيمانه.[19]

المراجع

  1. ↑ رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج صحيح ابن حبان، عن عمر بن الخطاب، الصفحة أو الرقم: 168، إسناده صحيح على شرط الشيخين.
  2. ↑ "مرتبة الإسلام"، www.dorar.net، اطّلع عليه بتاريخ 3-3-2019. بتصرّف.
  3. ↑ "تعريف الإيمان شرعا"، www.dorar.net، اطّلع عليه بتاريخ 24-3-2019. بتصرّف.
  4. ↑ ابن تيمية، مجموع الفتاوى، المدينة المنورة: مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، صفحة 263-264، جزء 7. بتصرّف.
  5. ↑ سورة الحجرات، آية: 14.
  6. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 50، صحيح.
  7. ↑ "الفرق بين الإيمان والإسلام "، www.ar.islamway.net، 21-1-2007، اطّلع عليه بتاريخ 24-3-2019. بتصرّف.
  8. ↑ عبد الرحمن البراك، شرح العقيدة الطحاوية، الرياض: دار التدمرية، صفحة 207، جزء 1. بتصرّف.
  9. ↑ السفاريني، لوامع الأنوار البهية، دمشق: مؤسسة الخافقين ومكتبتها ، صفحة 430، جزء 1. بتصرّف.
  10. ↑ سورة آل عمران، آية: 19.
  11. ↑ السفاريني، لوامع الأنوار البهية، دمشق: مؤسسة الخافقين ومكتبتها، صفحة 429-430، جزء 1. بتصرّف.
  12. ↑ ابن عثيمين، مجموع فتاوى ورسائل العثيمين، الرياض: دار الثريا، صفحة 91-92، جزء 4. بتصرّف.
  13. ↑ سورة الأحزاب، آية: 35.
  14. ↑ ابن عطية، المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز، بيروت: دار الكتب العلمية، صفحة 385، جزء 4. بتصرّف.
  15. ↑ "كل مؤمن مسلم، وليس كل مسلم مؤمناً"، www.fatwa.islamweb.net، 14-3-2004، اطّلع عليه بتاريخ 27-3-2019. بتصرّف.
  16. ↑ "هل يجوز قول: مرتبة الإسلام أدنى من مرتبة الإيمان؟"، www.fatwa.islamweb.net، 28-2-2018، اطّلع عليه بتاريخ 24-3-2019. بتصرّف.
  17. ↑ "متى يدخل المسلم في مسمى الإيمان"، www.fatwa.islamweb.net، 8-12-2010، اطّلع عليه بتاريخ 24-3-2019. بتصرّف.
  18. ↑ "أنواع النفاق"، www.dorar.net، اطّلع عليه بتاريخ 28-3-2019. بتصرّف.
  19. ↑ "كل مؤمن مسلم وليس العكس فهل هذا صحيح"، www.binbaz.org.sa، اطّلع عليه بتاريخ 24-3-2019. بتصرّف.