ما مضار الانقطاع عن العمل الصالح
العمل الصالح
العمل الصالح هو العمل الذي يُرضي الله عزّ وجلّ، ولا يرضى الله تعالى عن العمل إلّا بتوافر الإخلاص له فيه، وأن يكون من الأعمال المقبولة شرعاً عند الله؛ وهو ما يسمّى بالمتابعة؛ وتعني أن يتبع العبد في العمل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فهو القدوة الأولى، أمّا الإخلاص فهو الذي يبتغي به وجه الله تعالى، وإن فقد العمل أحد هذه الشروط فإنّه مرفوضٌ عند الله، ولا يحصل العبد على ثوابه، وهذان الشرطان هما شروط صلاح العمل، أمّا شروط قبول العمل عند الله، فيُزيد فيها على الشرطين السابقين شرط الإسلام، فكلّ كافرٍ بعد بعثة رسول الله لا قيمة لعمله مهما كان، حيث قال الله تعالى: (وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّـهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّـهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ)،[1] وقد ضرب الله لهم في كتابه مثلاً آخراً، فوصفهم حين يطلبون أجورهم منه يوم القيامة على أعمالهم التي بنَوها على أساسٍ فاسدٍ، كالذي يحصل عليه من الرماد بعد اشتداد الريح عليه، وللعمل الصالح مكانةٌ عظيمةٌ في الإسلام؛ لأنّه يدخل ضمن الإيمان وأركانه، حيث إنّ الإيمان قولٌ باللسان، وتصديقٌ بالجَنان، وعملٌ بالأركان، وقد اقترن العمل الصالح بالإيمان في آياتٍ كثيرةٍ من القرآن الكريم، وبيّن الله أجره، وأنّه سبباً للسعادة والفوز في الدنيا والآخرة، والخسارة لمن تركه، وابتعد عنه، ويشمل العمل الصالح كلّ ما يدخل في دائرة الواجبات والمباحات إذا صحّت نيّة فاعله، حتى إنّه يشمل الأكل والنوم إذا فعلها صاحبها، وقد نوى بها التقرّب إلى الله، إلّا أنّ مكانة الأعمال الصالحة تتفاوت أجورها بحسب درجاتها عند الله؛ فأعظمها ما كان من الفروض، ثمّ بعد ذلك يتقدّم منها ما كان بحسب الحاجة والمنفعة، فقال رسول الله: (وما تقرَّب إليَّ عبدي بشيءٍ أحبَّ إليَّ ممَّا افترضتُ عليه، وما يزالُ عبدي يتقرَّبُ إليَّ بالنَّوافلِ حتَّى أُحبَّه)،[2] وهذه المراتب لا عدّ لها ولا حصر، فإنّها تتعّدد بحسب كلّ ما يدخل في الواجبات والمباحات، وتلك دائرةٌ كبيرةٌ جداً.[3]
مضار الانقطاع عن العمل الصالح
المداومة والاستمرار على العمل الصالح له ثمراتٌ عديدةٌ، وفضلٌ عظيمٌ، وبالانقطاع عن العمل الصالح، لا يمكن للعبد الحصول على هذه الفضائل، وفيما يأتي بيانٌ لبعض الآثار المترتية على الانقطاع عن العمل الصالح:[4]
- عدم زيادة الإيمان؛ فالأعمال الصالحة سواءً كانت قليلةً، أو كثيرةً، أو صغيرةً، أو كبيرةً، فإنّها تؤدي إلى زيادة الإيمان، كما أنّ المعصية تجرّ إلى معصية غيرها، فالطاعة تدفع صاحبها إلى المزيد من الطاعات، حيث قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (عليكم بالصِّدقِ، فإنَّ الصِّدقَ يهدي إلى البر، وإنَّ البرَّ يهدي إلى الجنَّةِ، وما يزالُ الرَّجلُ يصدُقُ، ويتحرَّى الصِّدقَ حتَّى يُكتبَ عند اللهِ صِدِّيقاً، وإيَّاكم والكذِبَ، فإنَّ الكذِبَ يهدي إلى الفجورِ، وإنَّ الفجورَ يهدي إلى النَّارِ، وما يزالُ الرَّجلُ يكذِبُ ويتحرَّى الكذِبَ حتَّى يُكتبَ عند اللهِ كذَّاباً).[5]
- الغفلة؛ فدوام العمل الصالح يُجنّب صاحبه من الوقوع في الغفلة، ذلك أنّ النفس إن لم تُشغل بالطاعات اشتُغلت بالمعاصي.
- حرمان العبد من محبّة الله عزّ وجلّ؛ فالله يحبّ عباده الذين يحرصون على التقرّب إليه بالأعمال الصالحة التي لم يفرضها عليهم.
- الوقوع في الشدائد، فقد قال الله تعالى واصفاً يونس عليه السلام: (فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ*لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ)،[6] فلولا أنّه كان مع الله في حال الرخاء، لما كان معه في حال الشدّة.
- الحرمان من الأجر عند العجز عن القيام بالأعمال الصالحة التي يعملها العبد إن كان صحيحاً.
- عدم محو الذنوب، فإنّ الحسنات يُذهبن السيئات.
- سوء الخاتمة؛ فمن داوم على الأعمال الصالحة، كانت خاتمته لما داوم عليه، وكان مطمئناً في كلّ وقتٍ وحينٍ، وحيث مات الإنسان على شيءٍ فإنّه يُبعث عليه.
- الحرمان من دخول الجنة.
فضل العمل الصالح
يعدّ العمل الصالح الهدف والغاية والحكمة من خلق السماوات والأرض، وكلّ ما عليهما، فقد قال الله تعالى: (وَهُوَ الَّذي خَلَقَ السَّماواتِ وَالأَرضَ في سِتَّةِ أَيّامٍ وَكانَ عَرشُهُ عَلَى الماءِ لِيَبلُوَكُم أَيُّكُم أَحسَنُ عَمَلًا)،[7] وإن كان هذا هو شأن العمل الصالح فقد فاز من حرص عليه، وخسر وخاب من أضاعه أو أساء فيه، ويحقّق العبد في العمل الصالح فضائلٌ عظيمةٌ وجليلةٌ، فيما يأتي بيانٌ لها بشكلٍ مفصّلٍ:[8]
- تحقيق مهمة الاستخلاف في الأرض، وتمكين الدين، وتحقيق الاهتداء بالأمن بعد الخوف في الدنيا والآخرة، دلّ على ذلك قول الله تعالى: (وَعَدَ اللَّـهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا).[9]
- الحياة الطيبة، وتكفير السيئات، والثبات على الحقّ حتى الممات، ودخول الجنة، ورفعة الدرجات، حتى إنّ الله ينعم على عباده الذين يعملون الصالحات إذا تابوا من سيئاتهم، برفعة الدرجات بعد تكفير سيئاتهم.
- الشهادة لصاحب العمل الصالح في الدنيا، ويعدّ ذلك من عاجل البشرى له في الدنيا قبل الآخرة، وإنّ صلاة أهل الإيمان عليه بعد موته، يعدّ شفاعةً له تُدخله الجنة.
- زيادة درجات الذي يعمل الصالحات عند ربه، بكلّ عملٍ يقوم به.
- كرم الله -عزّ وجلّ- في جزائهم على أعمالهم؛ حيث إنّه يجازيهم على أفضل أعمالهم وأحسنها، لا على أوسطها، ولا على أقلّها.
- دخول الجنة، والتمتّع بما فيها من النعيم، والنظر إلى وجه الله الكريم.
المراجع
- ↑ سورة النور، آية: 39.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 6502، صحيح.
- ↑ "العمل الصالح أهميته وشروط قبوله"، articles.islamweb.net، 19-6-2013، اطّلع عليه بتاريخ 29-10-2018. بتصرّف.
- ↑ عادل عبد الماجد (13-7-2015)، "المداومة على الطاعات: فضائلها - ثمراتها - أسبابها"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 29-10-2018. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 2607، صحيح.
- ↑ سورة الصافات، آية: 143-144.
- ↑ سورة هود، آية: 7.
- ↑ عبد الله القصيِّر (12-10-2016)، "فضل العمل الصالح وثمراته في العاجلة والآجلة"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 29-10-2018. بتصرّف.
- ↑ سورة النور، آية: 55.