-

ما هي صفة سجود السهو

ما هي صفة سجود السهو
(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

سجود السهو

لمّا كان الكمال صفةً اختص بها الخالق سبحانه، ولمّا كان النقص صفة البشر جميعاً شرع الله سجود السهو تخفيفاً وتيسيراً على عباده، وقد أثبتت الروايات أنّ النبي سها في صلاته وسجد سجود السهو، ومما يدلّ على ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: (إنما أنا بشرٌ أنسى كما تنسون، فإذا نسيتُ فذكروني، وإذا شكَّ أحدُكم في صلاتِه فليتحرَّ الصوابَ، فلْيُتِمَّ عليه، ثم لِيسجدْ سجدتين)،[1] وفي هذا المقال نُشرح صفة السجود وأحكامه بشيءٍ من البيان والتفصيل.

صفة سجود السهو

جاءت صفة سجود السهو بأنّها سجدتان يسجدهما المصلي قبل التسليم أو بعده،[2]وسجود السهو لا تشهّد به وهذا القول الراجح؛ لأنّ التشهد يكون في آخر الصلاة وسجود السهو مُكمِّلٌ للصلاة وليس صلاة مستقلة، ويُقرأ في سجود السهو ما يقرأ في سجود الصلاة العادية تمامًا، كدعاء (سبحان ربي الأعلى) وما ورد من أذكار السجود المأثورة، أما أدعية النسيان التي يتناقلها الناس فلا أصل لها ولا يجوز التعبّد بها في الصلاة، وقد استدل البعض على أنّ سجود السهو أطول من سجود الصلاة بحديث أبي هريرة الذي وصف به صلاةً كان النبي قد نسي بها ركعتين إلى أن نبّهه إلى سهوه صحابيٌ يسمى ذا اليدين فقال له: (يا نبيَّ اللهِ، أنسيتَ أم قصُرتْ؟ فقال: لم أنسَ ولم تقصرْ. قالوا: بل نسيتَ يا رسولَ اللهِ ، قال: صدقَ ذا اليديْن. فقام فصلَّى ركعتين ثُم سلَّمَ، ثُم كبَّر فسجدَ مثلَ سجودِه أو أطولَ، ثُم رفع رأسَه وكبَّر، ثُم وضع مثلَ سجودِه أو أطولَ، ثُم رفعَ رأسَه وكبَّر)،[3] إلا أنّ المراد بقول أبو هريرة (أو أطول) تحقيق ما سبق لا إثبات ما لحق، والتي تعني مثل سجوده هذا.[4]

سجود السهو قبل التسليم أو بعده

إذا سها المُصلِّي يجوز له أن يأتي بسجدة السهو قبل التسليم من الصلاة أو بعده، فكلاهما صحّ عن الرسول صلى الله عليه وسلم فجاء عنه: (إذا شَكَّ أحدُكُم في صلاتِهِ فلم يَدرِ كَم صلَّى؟ ثلاثًا أمْ أربعًا؟ فليطرَحِ الشَّكَّ وليبنِ على ما استيقنَ. ثمَّ يسجُدُ سجدتينِ قبلَ أن يسلِّمَ. فإن كانَ صلَّى خَمسًا، شفَعنَ لَه صلاتَه. وإن كانَ صلَّى إتمامًا لأربعٍ، كانتَا تَرغيمًا للشَّيطانِ)،[5] كما يُستدل من حديث ذي اليدين السابق أنّ النبي سجد للسهو بعد التسليم، وقد قال الشوكاني: (أحسن ما يُقال في هذا المقام أنّه يعمل على ما تقتضيه أقواله وأفعاله _أي المُصلٍّي_ من السجود قبل السلام وبعده، فما كان من أسباب السجود مُقيّدًا بقبل السلام سجد له قبله، وما كان مقيدًا ببعد السلام سجد له بعده، وما لم يرد به تقييده بأحدهما كان مخيّرًا بين السجود قبل السلام وبعده، من غير فرق بين الزيادة والنقص)،[2] وقد جاء أنّ الأفضل في أغلب سجود السهو أن يكون قبل السلام ولا يقرأ بعده شيء، ويشرع أن يكون بعد السلام في حالين إحداهما: إذا سلّم عن نقص، ثمّ نُبّه فيكمل ويُسلّم ثمّ يسجد للسهو. والحال الثاني: إذا شكّ في الصلاة وبنى على غالب ظنّه، فإنّه يسجد للسهو بعد السلام أفضل وهذا اقتداءً بما ورد النبي ولا حرج على من خالف ذلك.[6]

حالات يشرع بها سجود السهو

شُرع سجود السهو ليجبر ما اعتلى الصلاة من نقص، وقد جاءت الحالات التي يجبرها سجود السهو على قسمين، هما:[7]

  • السهو عن واجب من واجبات الصلاة: كنسيان التشهد الأول، أو نسيان الركوع أو السجود أو التسبيح بهما، أو زيادة ركوع أو سجود في الصلاة، فيكون سجود السهو قبل السلام أو بعده.
  • الشك في الصلاة: إذا شكّ هل سجد مرتين أو مرة، أو شك بأنّه صلى ثلاث ركعاتٍ أو أربع فيبني على الأقل وهو هنا أربع ويتم الركعة الرابعة وهو مُخيّر بأن يسجد سجود السهو قبل السلام أو بعده.

حكم سهو الإمام والمأموم

سهو المأموم

إذا كان المُصلِّي (المأموم) في جماعةٍ فهو مأمورٌ بمتابعة الإمام، فإن قام الإمام عند التشهّد الأول وهو من واجبات الصلاة سقط عن المأموم، ووجب عليه متابعة إمامه، فسجود السهو يسقط عن المأموم بشرطين:[4]

  • الأول: ألا يوجب سهوه سوى السجود.
  • الثاني: ألا يكون قد فاته شيءٌ من الصلاة، وفي هذه الحال يتحمّل الإمام عنه سجود السهو؛ لأنّه بسجوده يخرج عن متابعة الإمام.

إذا كان سهو المأموم يوجب أكثر من سجود السهو؛ كما لو سها المأموم عن قراءة الفاتحة فالصحيح أنّها تكون في حقّه ولا يتحمّل الإمام عنه سجود السهو. كذلك إذا كان المأموم قد فاته شيءٌ من الصلاة وسها سواءٌ مع الإمام أم بعدما انفرد فإنه يجب عليه سجود السهو.[4]

سهو الإمام

إن كان الإمام في صلاةٍ جامعة ونسي ذكراً واجباً أو شكّ بحدوث زيادةٍ أو نقصانٍ في صلاته؛ كأن ينسى مثلًا قول: (سبحان ربي العظيم) وهو ذكرٌ واجب فيسجد سجود السهو ويكون على المأموم أن يتابعه ويسجد معه سجود السهو وإن لم يكن قد سها في صلاته؛ لأنّ متابعة الإمام واجبة وإن لم يَسْهُ المأموم، أما إن سها الإمام وكان سُجوده بعد السّلام، والمُصلِّي قائمٌ يكمل ما فاته من الصلاة في هذه الحالة جاءت آراء العلماء على قولين الأول: ينتظر المُصلِّي ويسجد معه، ثمّ يقوم لقضاء ما فاته. والقول الثاني: لا ينتظر لأنّ صلاته مع الإمام انتهت بالسلام. ومتابعته للإمام متعذرة فيقوم ويقضي ما فاته، أمّا إن أتمّ الُمصلِّي صلاته الفائتة فأرجح الأقوال أنّه يسجد للسهو إن كان قد أدرك سهو الإمام؛ لأنّ السهو لحقه، أمّا إن لم يدركه فإنّه لا يسجد وإن سجد فلا حرج عليه، فالسجود لا يجب على المأموم إلا إذا أدرك سهو الإمام.[4]

المراجع

  1. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبدالله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 572، صحيح.
  2. ^ أ ب السيد سابق، فقه السنة، القاهرة: دار مصر للطباعة، صفحة 160، جزء الأول. بتصرّف.
  3. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 6051، صحيح.
  4. ^ أ ب ت ث العلامة محمد بن صالح العثيمين (2006)، فتح ذي الجلال والإكرام بشرح بلوغ المرام (الطبعة الأولى )، مصر_ القاهرة: المكتبة الإسلامية للنشر والتوزيع، صفحة 202، 205 ،212_213، جزء الثاني. بتصرّف.
  5. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم: 571، صحيح.
  6. ↑ الشيخ ابن باز، "هل يكون سجود السهو قبل السلام أم بعده"، الموقع الرسمي للإمام ابن باز، اطّلع عليه بتاريخ 12_1_2018. بتصرّف.
  7. ↑ الشيخ عبد العزيز ابن باز (2009)، فتاوى نور على الدرب (الطبعة الأولى )، الرياض_المملكة العربية السعودية: الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء، صفحة 367_369، جزء التاسع. بتصرّف.