-

ما سبب نزول سورة الضحى

ما سبب نزول سورة الضحى
(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

نزول القرآن الكريم

استمرّ نزول القرآن الكريم على رسول الله محمد صلّى الله عليه وسلّم نحو ثلاثٍ وعشرين عاماً، لاقى خلالها الكثير من العذاب والتكذيب، وصبر على ذلك في سبيل الله وتبليغ دينه العظيم. ضمّ القرآن الكريم مئةً وأربع عشرة سورةً مكيّةً ومدنيةً، ابتداءً بسورة الفاتحة وانتهاءً بسورة الناس، وقد تعدّدت أسباب نزول آيات وسور القرآن الكريم. سنتعرّف هنا على سبب نُزول سورة الضحى.

الحلف بغير الله تعالى

حلف الله تعالى بما شاء؛ فقد حلف مثلاً بعُمر النبيّ محمدٍ صلّى الله عليه وسلم، وهنا حلف الله تعالى بالضّحى والليل، لكن لا يجوز للعبد أن يحلفَ بغير الله تعالى، كالحلف بالقرآن الكريم ، والكعبة المشرّفة، والأمانة، أو بالأشخاص حتى لو كانوا أنبياء، ومَن حلف بغير الله فقد أشرك به. عن عبد الله بن عُمر بن الخطاب رضي الله عنهما عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: (إنّ الله ينهاكم أن تحلِفوا بآبائكم، فمن كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت) [متّفق عليه].

سورة الضحى

قال تعالى: (وَالضُّحَى* وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى* مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى* وَلَلآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ الأُولَى* وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى* أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى* وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى* وَوَجَدَكَ عَائِلاً فَأَغْنَى* فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ* وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ* وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ*). سورة الضحى من السّور المتّفَق على مكّيَتها، وهي من قِصار السّوَر. عدد آياتها إحدى عشرة آيةً، وعدد كلماتها أربعون كلمةً. سُميّت بسورة الضحى لأنها بدأت بالقَسَم بوقت الضحى، وهي سورةٌ خاصّةٌ بالنّبيّ محمدٍ صلّى الله عليه وسلّم، واشتملت على آياتٍ عظيمةٍ ومعانٍ جليلةٍ.

سبب نزول السّورة

  • إنّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلّم مرضَ ذاتَ يومٍ، فلم يستَطع الخروج من بيته ليلتين أو ثلاثة، فجاءته امرأةٌ من المُشركين يُقال إنّها أُم جميل، زوجة أبي لهبٍ، فقالت له: (ما أرى إلّا أنّ شيطانكَ قد تَركَكَ، فلم نَرَهُ قَرُبك ليلَتين أو ثلاثة)، فأنزل الله تعالى سورة الضّحى.
  • إنّ الوحيَ انقطع عن رسول الله؛ فقالت إحدى نساء المشركين لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (ما أرى صاحبك إلا قلاك)، فأنزَل الله عز وجل: (مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى). أي إنّ الله تعالى لم يَبغُضه.
  • إنّ الوحي جبريل عليه السّلام كان ينزل على رسول الله صلّى الله عليه وسلم باستمرار، وذات مرّة أبطَأ عنه ولم يَأتِه، فما كان من المشركين الُمتربّصين إلّا أن قالوا: (ودّع محمد)، فأنزل الله عزّ وجلّ قوله: (مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى)، أي إنّ الله تعالى لم يترُكه ولم يقطعه ولم يُجافِه، فهو الحبيب، والمصطفى المُقرّب.

المَقصِد من السّورة

  • بَيان مَحبّة الله تعالى لرسوله الكريم، وما له من شرفٍ عظيمٍ وكراماتٍ جليلةٍ.
  • الرّد على المشركين وتكذيبهم؛ بادعائهم انقطاعَ الوَحي عن رسول الله.
  • إغاظة المشركين ببُشرى الله تعالى أنّ الآخرة خيرٌ للنبي محمّدٍ من الأُولى، وأنّ ما سيأتي أفضل ممّا ذهب، وأنّه سيُعطيه حتى يرضى.
  • بَيان فضلِ الله تعالى على رسوله الكريم مُنذُ صِغَره.
  • وَصيّة الله تعالى لرسوله الكريم بالعطف على اليتيم، ومُساعدة المحتاج والمسكين ورَحمتهم، وشُكر الله تعالى على نِعَمه.

قال سيّد قُطب عن السّورة: (لَمسةٌ مِن حَنان، ونَسمةٌ مِن رحمة، وطائفٌ من وُدٍّ، ويَدٌ حانيةٌ تَمسَحُ على الآلامِ والمَواجع، وتَنْسَم بالروح والرّضا والأمل، وتَسكُب البَرْدَ والطُمأنينَة واليَقين).