ما حكم افطار رمضان
الصيام
الصيام لغةً يعرّف بأنه الإمساك والامتناع، أما الصيام شرعاً فهو إمساك مخصوص في وقت مخصوص إلى أجل مخصوص بكيفية مخصوصة، أي هو امتناع عن الطعام والشراب والشهوات وكل المفطرات الأخرى من طلوع الفجر إلى غروب الشمس طاعة لله، وقد فرضه -سبحانه وتعالى- على عباده خلال شهر رمضان المبارك.[1]
حكم الصيام
يُعتبر الصيام في شهر رمضان المبارك فرض من الفروض الربانية التي لا خلاف عليها، وقد ثبت ذلك بنص القرآن الكريم والسنة النبوية وإجماع المسلمين، وفيما يأتي بيان ذلك:[2]
- من القرآن الكريم: قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)،[3] وقوله تعالى: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ).[4]
- من السنة النبوية: قوله صلى الله عليه وسلم: (بُنِيَ الإسلامُ على خَمسٍ، علَى أنْ يعبَدَ اللهُ ويُكْفَرَ بمَا دونَهُ، وإقامِ الصلاةِ، وإيتاءِ الزكاةِ، وحجِّ البيتِ، وصومِ رمضانَ)،[5] وقوله صلى الله عليه وسلم: (إذا رأَيتُموه فصوموا، وإذا رأَيتُموه فأَفطِروا).[6]
- إجماع المسلمين: فقد أجمع المسلمون على فريضة صيام شهر رمضان، وأنّه أحد أركان الإسلام الخمسة، فمن أنكر وجوبه بعد إقامة الحجة عليه فقد كفر.
حكم إفطار رمضان
للإفطار في شهر رمضان عدة حالات، ولكل واحدة منها حكمها، وفيما يأتي بيانها:[7]
- حكم الإفطار بغير عذر: فمن أفطر ولو يوماً من رمضان متعمداً ذلك، ودون عذر مبيح له، فقد ارتكب إثماً عظيماً، ووقع في كبيرة من كبائر الذنوب، قال الإمام الذهبي في كتابه (الكبائر): (وعند المؤمنين مقرر أنّ من ترك صوم رمضان بلا مرض أو غرض، أنّه شر من الزاني ومدمن الخمر، بل يشكّون في إسلامه، ويظنون به الزندقة والانحلال)، ويترتب على من وقع في ذلك، أن يتوب إلى الله، ويندم على فعلته تلك، ويعزم على عدم العودة إلى ذلك، وأن يقضي الأيام التي أفطرها.
- حكم الإفطار بسبب الجماع: فمن وقع منه جماع خلال نهار رمضان، فإنّ عليه التوبة من هذا الفعل، وأن يقضي الأيام التي أفطرها، وعليه إضافةً إلى ذلك كفارة عن كل يوم عنه وعن زوجته إن كانت مُطاوعة له وعالمة بالحكم، وكفارة الجماع هي عتق رقبة، فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فمن لم يستطع، فإطعام ستين مسكيناً من طعام أهل البلد.
- حكم الإفطار بعذر: وينقسم إلى قسمين:[8]
- أعذار موجبة للقضاء: مثل: السفر، والمرض الذي يُرجى شفاؤه، والحمل والرضاعة (إن ترتب ضرر على الصيام معهما)، فمن أفطر بسبب عُذر من هذه الأعذار فإنّ عليه قضاء الأيام التي أفطرها.
- أعذار موجبة للفدية دون القضاء: مثل: عذر كبر السن الذي يشق على صاحبه الصيام، وعُذر المرض الذي لا يُرجى الشفاء منه، فهذه الأعذار تُلزم صاحبها عندما يُفطر الفدية فقط دون القضاء، والفدية هي إطعام مسكين عن كل يوم يفطر فيه صاحبه.
مبطلات الصيام وما يترتب عليها
وهي الأمور التي تُفسد على المسلم صيامه، وتقسم إلى قسمين: مبطلات تُوجب القضاء فقط، ومبطلات تُوجب القضاء والكفارة معاً، وفيما يأتي بيان ذلك:[9]
- مبطلات تُوجب القضاء فقط، وهي:
- مبطلات توجب القضاء والكفارة معاً، وهي الجماع في نهار رمضان.
- الأكل والشرب.
- القيء.
- خروج دم الحيض أو النفاس من المرأة.
- (الاستمناء) إنزال المني.
- استحضار نية الإفطار.
- الارتداد عن الإسلام.
ملاحظة: مبطلات الصيام السابقة جميعها ما عدا الحيض والنفاس، لا تُفطر إلّا بتحقق ثلاثة شروط في الصائم، وهي:[10] العلم؛ أي أن يكون عالماً بالحكم غير جاهل به، والتذكر؛ أي أن يكون متذكراً غير ناسٍ، والقصد؛ أي أن يكون مختاراً متعمداً غير مُكره.
الحكمة من مشروعية الصيام
لله -سبحانه وتعالى- حِكم في كل شيء، فهو الحكيم جلّ في علاه، ولم يشرّع حُكماً إلّا وكانت فيه الحِكم العظيمة والفوائد الكثيرة، والتي قد نعلمها، أو قد تخفى علينا، والصيام واحد من هذه الأحكام التي فرضها الله -سبحانه وتعالى- وذكر لنا حكمته فيه، وذكر العلماء حكماً أخرى له، وفيما يأتي بيان ذلك:[10]
- الصيام وسيلة من أعظم وسائل تحقيق تقوى الله تعالى، وفعل ما أمر به، واجتناب ما نهى عنه.
- الصيام وسيلة لاستذكار نعم الله تعالى على عباده وشكره عليها، فعندما يمتنع المسلم عن الطعام والشراب وغيرها من اللذات فترة من الوقت، فإنّه يشعر بقيمتها، فيشكر الله عليها حق شكره.
- الصيام وسيلة تقود المسلم إلى الابتعاد عن المحرمات وتركها، فكما امتنع عن الحلال (الطعام والشراب) امتثالاً لأمر الله، فإنّ ذلك سيقوده إلى الامتناع عن الحرام من باب أولى.
- الصيام وسيلة للتغلب على الشهوات، وكبح جماح النفس في ذلك، فالنفس عندما تشبع تطلب الشهوات، وعندما تجوع تمتنع عنها، قال صلى الله عليه وسلم: (مَن استطاع منكم الباءةَ فلْيتزوَّجْ فإنَّه أغضُّ للبصرِ وأحصَنُ للفَرْجِ ومَن لم يستطِعْ منكم الباءةَ فلْيصُمْ فإنَّه له وجاءٌ).[11]
- الصيام وسيلة للشعور بالآخرين والرحمة بهم والعطف عليهم، فعندما يجوع الصائم يستشعر حينها بالفقراء والمساكين وأصحاب الحاجة، فترقّ نفسه، وتسارع للعطف عليهم.
- الصيام وسيلة لقهر الشيطان وغيظه، فهو يُضيّق مجاري الشياطين، ممّا يبعث القلوب إلى فعل الخيرات، والابتعاد عن المنكرات.
- الصيام وسيلة لزرع مراقبة الله تعالى في نفس المسلم، لأنّ الصائم يترك ما يهوى، لعلمه أنّ الله مُطلع عليه، مراقب له في سره وعلانيته.
- الصيام وسيلة لتحقيق الزهد في الدنيا وملذاتها، والطمع فيما عند الله تعالى، فهو خير وأبقى.
المراجع
- ↑ الشيخ فؤاد بن يوسف أبو سعيد (3-6-2017)، "شهر رمضان بركات ونفحات ورحمات"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 30-9-2018.
- ↑ محمد بن صالح العثيمين (6-9-2007)، "ما حكم صيام شهر رمضان؟"، ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 30-9-2018. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية: 183.
- ↑ سورة البقرة، آية: 185.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 16، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 1900، صحيح.
- ↑ خالد عبد المنعم الرفاعي (11-3-2009)، "حكم الإفطار في نهار رمضان من غير عذر"، ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 30-9-2018. بتصرّف.
- ↑ "الأعذار المبيحة للفطر"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 30-9-2018. بتصرّف.
- ↑ الشيخ صلاح نجيب الدق (13-6-2016)، "مبطلات الصيام"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 30-9-2018. بتصرّف.
- ^ أ ب "صيام شهر رمضان"، ar.islamway.net، 13-9-2015، اطّلع عليه بتاريخ 30-9-2018. بتصرّف.
- ↑ رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 4026، أخرجه في صحيحه.