ما حكم نسيان إخراج زكاة الفطر
زكاة الفطر
تعدّ الزّكاةُ الرّكن الثالث من أركان الإسلام التي بَيّنها رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله: (بني الإسلام على خمس: إيمان بالله ورسوله، والصلاة الخمس، وصيام رمضان، وأداء الزكاة، وحج البيت)[1]؛ فالزكاة هي الدعامة الرئيسيّة في النظام المالي في الإسلام، والركيزة الأساسية التي يستند عليها التكافل الاجتماعي في المجتمع الإسلامي، ومن ضمن أنواع الزكاة زكاة الفطر التي يُخرجها المُسلم بعد تمام عبادة عظيمة وهي صيام شهر رمضان المبارك، فما هي زكاة الفطر؟ وما حكمها؟ وما هو وقتها؟ وما حكم من نسي إخراجها في وقتها؟ وما هي شروط وجوبها؟
معنى زكاة الفطر
- تُطلَق الزكاة في اللغة على عدّة معانٍ؛ فتطلق ويُراد بها الطهارة، ويراد بها النماء والبركة، ويُراد بها المدح، وكلّ هذه المعاني قد استُعملت في القرآن الكريم والسنّة النبوية، والزكاة في اللغة تُطلق ويُراد بها النماء، والزيادة، يقال: زكا الزرع إذا نما وزاد، وتُطلق الزكاة أيضاً على الصلاح، قال الله سبحانه وتعالى: (فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْراً مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْماً)[2]. قيل: صلاحاً، وقيل: خيراً منه عملاً صالحاً. [3]
- الزكاة في الاصطلاح تُعرّف بأنها: عبادة المسلم لله سبحانه وتعالى بإخراج حقٍّ واجب مخصوص شرعاً من مال مخصوص في وقتٍ مخصوص، لطائفة مخصوصة بشروط مخصوصة.[3]
- الفطر هو اسم مصدر من القول: أفطر الصائم إفطاراً، وتمّت إضافة الزكاة إلى الفطر لأنّه السبب في وجوبها، أمّا زكاة الفطر في الاصطلاح فتُعرّف بأنها صدقة تجب بالفطر من شهر رمضان المبارك. [4]
حكم زكاة الفطر ووقتها
زكاة الفطر واجبة، وقد ثبت وجوبها في القرآن الكريم والسنة النبوية، وإجماع العلماء، أمّا الدليل على وجوبها من القرآن الكريم، فقول الله سبحانه وتعالى: (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى* وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى)،[5] أمّا في السنة النبوية فما رواه عبد الله بن عمر رضي الله عنه: (أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فرض زكاةَ الفطرِ من رمضانَ على كلِّ نَفسٍ من المسلِمين، حرٍّ أو عبدٍ، أو رجلٍ أو امرأةٍ، صغيرٍ أو كبيرٍ، صاعًا من تمرٍ أو صاعًا من شعيرٍ)،[6] أمّا الإجماع؛ فقد أجمع الفقهاء على أنّ زكاة الفطر فرض على كلّ مسلم.[7]
اتّفق الفقهاء على أنّ زكاة الفطر تجب بالفطر من شهر رمضان، بيدا أنّهم اختلفوا في تحديد وقتها؛ فذهب الإمام الشافعي، والإمام أحمد والإمام مالك في رواية عنه إلى أنّ زكاة الفطر تجب بغروب شمس آخر يوم من أيام شهر رمضان، وذهب الإمام أبو حنيفة والإمام مالك في الرواية الأخرى عنه إلى أنّ زكاة الفطر تجب بطلوع الفجر من يوم العيد، أمّا في جواز تقديمها عن وقتها؛ فذهب الإمام ابن حزم الظاهري إلى عدم جواز تقديمها قبل وقتها، وذهب الإمام مالك والإمام أحمد في المشهور عنه إلى جواز تقديمها عن وقتها بيوم أو يومين، وذهب الإمام الشافعي إلى جواز إخراجها في أول شهر رمضان.[8][9]
حكم نسيان إخراج زكاة الفطر
إذا نسي المسلم إخراج زكاة الفطر في وقتها المحدد لها شرعاً بسبب عذرٍ مُعتبر في الشريعة الإسلامية منعه عن إخراجها كنومه أو مرضه أو بُعده، ولم يجد من يوكله في إخراج زكاة الفطر، أو كان في مكان لا يوجد فيه فقراء أو كان محبوساً ونحو ذلك من الأعذار المعتبرة، فعند ذلك يَلزم المسلم إخراج زكاة الفطر عندما يتذكّرها، وعندما يزول العذر عنه ولو طالت المدة، ويُجزئه إخراجها، وليس عليه حرج شرعاً وليس عليه كفارة وتبرأ ذمته بذلك، لأنه كان معذوراً وقد رفع الله الجناح والإثم عن المعذور.
إذا وكّل المسلم غيره كجمعيّةٍ خيريّةٍ موثوق بها أو شخص موثوق به نحوه في إخراجها قبل العيد ثم حصل التأخير من قِبل الوكيل في إخراج زكاة الفطرعن وقتها الشرعي فلا تلحقه ملامة وليس عليه إثم في التأخير؛ لأنّه بذل جهده واتّقى الله ما استطاع ولم يحصل منه تفريط وقد أخرج الصدقة من ذمته إلى ذمة الوكيل وإنّما الإثم والذم يقع على الوكيل إذا كان مفرطاً لأنه هو الذي تسبّب في التأخير من غير عذر.[10]
حكمة مشروعية زكاة الفطر
لمشروعية زكاة الفطر حكم عديدة منها: [11]
- طُهر للصائم من اللغو والرفث، ويرتفع بها خلل الصوم.
- تعتبر زكاة الفطر طعمةٌ للمساكين، والفقراء، والمحتاجين، وإغناءٌ لهم عن سؤال الناس في يوم العيد.
- إخراج زكاة الفطر هو مواساةٌ للمسلمين؛ سواء كانوا أغنياء أم فقراء، ففي هذا اليوم يتفرّغ الجميع لعبادة الله سبحانه وتعالى.
- الحصول على الثواب والأجر العظيم عند إخراجها في الوقت المُحدّد لمن يستحقها.
- تعتبر زكاة الفطر زكاةً للجسم.
- يتحصّل شكر نعم الله سبحانه وتعالى على عباده الصّائمين بإتمام صِيامهم.
شروط وجوب زكاة الفطر
لوجوب زكاة الفطر على المسلم شروط وهي:[11]
- الإسلام، فتجب زكاة الفطرعلى كل مسلم؛ سواء كان حرّاً أم عبداً، رجلاً كان أو امرأة، صغيراً أو كبيراً، ذكراً أو أنثى.
- الغنى، ويُقصد به أن يكون عند المسلم يوم العيد وليلته صاع ممّا تجب فيه الزكاة، زائد عن قوته وقوت عياله، وحوائجه الأصلية.
- دخول وقت وجوب زكاة الفطر.
إخراج زكاة الفطر نقداً
اختلف الفقهاء في حكم إخراج زكاة الفطر نقداً (قيمة) وذلك بسبب اختلافهم في جواز إخراج الزكاة بشكل عام نقداً أو لا عى قولين:[12]
- ذهب الإمام أبو حنيفة، وسفيان الثوري، والحسن البصري، وأبو يوسف، وغيرهم إلى جواز إخراج القيمة في زكاة الفطر مطلقاً، عند الضرورة، ويُقصد بالضرورة المصلحة الراجحة.
- ذهب جمهور الفقهاء، من المالكية والشافعية، والحنابلة، والظاهرية إلى عدم جواز إخراج القيمة في زكاة الفطر.
المراجع
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن نافع مولى ابن عمر، الصفحة أو الرقم: 4514، معلق.
- ↑ سورة الكهف، آية: 81.
- ^ أ ب د. سعيد بن علي بن وهف القحطاني (2010)، الزكاة في الإسلام في ضوء الكتاب والسنة - مفهوم, ومنزلة, وحِكَمٌ, وفوائد، وأحكام, وشروط, ومسائل (الطبعة الثالثة)، السعودية: مركز الدعوة والإرشاد بالقصب، صفحة 5-8. بتصرّف.
- ↑ وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية - الكويت (1427هـ)، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الثانية)، الكويت: دار السلاسل، صفحة 335، جزء 23. بتصرّف.
- ↑ سورة الأعلى، آية: 14-15.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 984، صحيح.
- ↑ د. سعيد بن علي بن وهف القحطاني، زكاة الفطر - آداب، وأحكام، وشروط، ودرجات، ومسائل في ضوء الكتاب والسنة، السعودية: مطبعة سفير، صفحة 7. بتصرّف.
- ↑ "زكاة الفطر، وقت خروجها ومقدارها"، المسلم، 28-8-1436، اطّلع عليه بتاريخ 2-7-2017. بتصرّف.
- ↑ "حكم تعجيل زكاة الفطر عن وقتها"، إسلام ويب، 21-12-2002، اطّلع عليه بتاريخ 23-7-2017. بتصرّف.
- ↑ خالد بن سعود البليهد (5-10-1432)، "حكم نسيان إخراج صدقة الفطر"، صيد الفوائد، اطّلع عليه بتاريخ 2-7-2017. بتصرّف.
- ^ أ ب د. سعيد بن علي بن وهف القحطاني، زكاة الفطر - آداب، وأحكام، وشروط، ودرجات، ومسائل في ضوء الكتاب والسنة، السعودية: مطبعة سفير، صفحة 7-9. بتصرّف.
- ↑ د. محمود بن إبراهيم الخطيب (1424هـ)، حكم إخراج زكاة الفطر قيمة (نقدا)، السعودية: الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، صفحة 255-274. بتصرّف.