-

ما حكم سجود السهو

ما حكم سجود السهو
(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

سجود السّهو

قد يخلّ المسلم في صلاته ساهياً عنها، ولكنّ ذلك يُجبر بسجدتين يؤدّيهما المصلّي الساهي، وذلك ما يطلق عليه سجود السهو، كما أنّ ذلك لا يدلّ على أنّ المصلّي كان مُعرضاً عن صلاته، وعن الخشوع فيها، فالسّهو من طبيعة الإنسان، كما أنّ الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- سها في صلاته؛ حيث قال الرّسول -عليه الصلاة والسلام- عندما سها في صلاته ممّا رواه الصحابي عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (إنّما أنا بشرٌ مثلُكم، أنسى كما تنسوْن، فإذا نَسِيتُ فذكّروني)،[1] وقال ابن القيّم في الحكمة من مشروعيّة سجود السهو؛ أنّه ترغيماً للشيطان في وسوسته للمصلّي، وحال بين العبد وصلاته، ولذلك أطلق الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- على سجدتي السهو المُرغمتين.[2]

حكم سجود السهو

اختلف العلماء في حكم سجود السّهو، وذهبوا في ذلك إلى عدّة أقوالٍ، وبيان ذلك فيما يأتي:[3]

  • ذهب بعض الشافعيّة وبعض الحنفيّة، إلى القول بأنّ سجود السّهو سنّةٌ عن الرّسول صلّى الله عليه وسلّم، سواءً أكان السجود في الصلاة التي حصلت فيها الغفلة مفروضةً أمْ مسنونةً.
  • ذهب المذهب الحنفيّ إلى القول بأنّ سجود السهو واجب؛، ودليلهم في ذلك الحديث الذي رواه الصحابي أبو سعيد الخدريّ عن الرّسول صلّى الله عليه وسلّم، حيث قال: (إذا شَكَّ أحدُكُم في صلاتِهِ فلم يَدرِ كَم صلّى؟ ثلاثاً أمْ أربعاً، فليطرَح الشّكّ، ولِيَبنِ على ما استيقنَ، ثمّ يسجُدُ سجدتينِ قبلَ أنْ يُسلّمَ، فإنْ كانَ صلّى خَمساً، شفَعنَ لَه صلاتَه، وإن كانَ صلّى إتماماً لأربعٍ، كانتَا تَرغيماً للشّيطانِ)،[4] والأمر الوارد في الحديث أمرٌ مطلقٌ فدلّ على أنّ سجود السهو واجب، كما أنّ الرّسول-صلّى الله عليه وسلّم- والصّحابة -رضي الله عنهم- واظبوا عليه، ممّا يدلّ على وجوبه.
  • ذهب المالكيّة إلى القول بأنّ سجود السهو واجب، إنْ كان جبراً لنقصٍ كان في الصلاة، بينما يكون سنةً إذا كان بسبب الزيادة في الصلاة.
  • ذهب الحنابلة إلى القول بأنّ سجود السهو واجبٌ، إن ترك المصلّي ركناً أو واجباً من أفعال الصلاة، ولكن إن ترك فعلاً غير الأركان والواجبات فيكون سجود السهو سنّةً.

أحكام سجود السهو

بيّن العلماء عدّة مسائلٍ متعلّقةٍ بسجود السهو، منها الأسباب التي تؤدي إليه، وهي: الزيادة، أو النقص، أو الشّك في الصلاة، وفيما يأتي بيان ذلك وتفصيله، وبيان ما يجب على المصلّي القيام به.[5]

الزيادة في الصلاة

الزيادة في الصلاة إمّا أن تكون في الأقوال أو في الأفعال؛ فإن كانت الأفعال الزائدة في الصلاة من جنس الصلاة نفسها؛ مثل: القيام محل الجلوس، والجلوس محلّ القيام، أو زيادة ركوعٍ أو سجودٍ، فإن كانت الأفعال السابقة قام بها المصلّي زيادةً سهواً، فعليه أن يسجد للسهو؛ لأنّ الزيادة في الصلاة هي في الحقيقة نقصٌ في الهيئة، والواجب جبر النقص بسجود السّهو، وكذلك الأمر إن زاد المصلّي ركعةً ولم يعلم بذلك إلّا بعد الانتهاء منها، وإن علم بزيادة الركعة أثنائها فيجلس للتشهّد، ويتشهّد ويسجد سجود السهو ثمّ يسلّم، وأمّا إن كانت الزيادة في أقوال الصلاة، فمنها أن تكون الزيادة بالإتيان بأقوالٍ مشروعةٍ في الصلاة، ولكن في غير موضعها، مثل: القراءة في الركوع أو السجود، أو التشهّد في القيام، فإن حصل ذلك في الصّلاة فيستحبّ للمصلّي أن يسجد سجود السهو، ولكنْ إنْ كان الذكر الذي أخطأ فيه المصلّي محلّ الذكر الواجب دون أنْ يأتي بالواجب، فسجود السهو يكون واجباً في حقّه، ويبقى سجود السهو مستحباً إنْ جمع المصلّي بين الحالتين، وإن كان السلام عمداً من الصلاة قبل إتمامها، فالصلاة باطلةٌ، وإن كان السلام سهواً، ولكنّ الفصل طال، أو الوضوء انتقض، فالصلاة باطلةٌ، ويجب إعادتها، وإن لم يكن الفصل طويلاً فيتمّ المصلّي صلاته، ويسجد سجود السهو، ولكن إن كان الكلام من غير جنس الصلاة، فالصلاة باطلةٌ بإجماع العلماء، وإن كان الكلام جهلاً أو نسياناً فاختلفت الروايات في ذلك، حيث ذهب البعض إلى أنّه يُبطل الصلاة؛ لأنّه كلامٌ ليس من جنس الصلاة، والرواية الأخرى تدلّ على أنّ ذلك لا يُبطل الصلاة.[5]

النقص في الصلاة

قد يكون النقص في الصّلاة بترك ركنٍ من الأركان عمداً، وبناءً على ذلك فالصلاة باطلةٌ، وإن تُركت تكبيرة الإحرام سهواً لم تنعقد الصلاة، ولا يجبرها سجود السهو، وإن كان النقص لغير تكبيرة الإحرام، وذكره المصلّي قبل الوصول إلى محلّه فالمصلّي يرجع، ويأتي بالنقص ويتمّ صلاته، وإن ذكر الركن بعد الوصول إلى محلّه يُلغي الركعة التي حصل فيها النقص، وتكون الركعة التي فيها المصلّي محلّها، وإن ذكر المصلّي الركن المتروك بعد السلام، فعليه أن يأتي به، وبما بعده من الصلاة، وإمّا إن كان النقص في الصلاة بسبب ترك واجبٍ من واجباتها عمداً، فالصلاة باطلة، وإن كان سهواً قبل القيام بالركن الذي بعده، فعليه الرجوع والإتيان به، وإن قام بالركن الذي بعده فلا يرجع، ويسجد سجود السهو، أمّا السنن فلا تبطل الصلاة بتركها عمداً أو سهواً، ولا يترتّب على ذلك سجود السهو، أمّا تذكّر التشهّد الأول قبل مفارقة الفخدين للساقين، فيستقرّ المصلّي، وليس عليه سجود السهو، وكذلك الأمر إذا تذكّر التشهّد أثناء النهوض وقبل الاستقامة، وإن استقام المصلّي وأتى بركنٍ فلا يرجع للتشهّد، ويُكره له ذلك، وإن رجع لا تبطل الصلاة وعليه سجود السهو، ولا يجوز الرجوع عمداً للتشهّد بعد القراءة، حيث إنّه محرّمٌ، وتبطل الصلاة إن كان عالماً بحرمته.[5]

الشّك

الشّك لا يعتبر إن كان بعد السلام، إلّا إذا تيقّن المصلّي بالزيادة أو النقص، وإن كان وهماً فلا يُؤاخذ به، وإن كان الشّك وقت فعل الزيادة فيسجد سجود السهو، وكذلك الشّك في فعل النقص من الصلاة، والشكّ يُبنى على اليقين، أي على الأقل، ويتحرّى إن كان عنده غلبة ظنّ.[5]

المراجع

  1. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 401، صحيح.
  2. ↑ "تعريف سجود السهو والحكمة منه"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 14-7-2018. بتصرّف.
  3. ↑ "سجود السهو"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 14-7-2018. بتصرّف.
  4. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم: 571، صحيح.
  5. ^ أ ب ت ث "سجود السهو: تعريفه وأسبابه"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 14-7-2018. بتصرّف.