ما حكم تربية القطط
تربية القطط
ترتبط حياة المسلم بالحلال والحرام والجائز والمكروه، حيث إن حياته رهنٌ لما يرضاه الله لإيمانه به وتصديقه بأن ما يأتي به الخير، وأن ما يمنع عباده عنه فيه الضرر للأفراد أو الجماعات، ومن بين الأمور التي ينبغي على المسلم العناية بحكمها الشرعي ما يتعلَّق بتربية الحيوانات بأشكالها وأنواعها وهيئاتها، فلكل نوعٍ منها حكمه المستقل وطبيعته المنفردة، ومنها ما أباح الإسلام استخدامه وتربيته مطلقاً، ومنها ما أباح استخدامه وتربيته ضمن حدود، وأنواعٌ أخرى حرَّم الإسلام تربيتها على الإطلاق، فما حكم تربية القطط في الإسلام؟ ومتى تجوز تربيتها ومتى لا تجوز؟ وما هي القيود المندرجة تحت تربية القطط في الإسلام، وهل لتربية القطط منافع يمكن للإنسان أن ينتفع بها من خلالها؟ هذه الاستفسارات وغيرها ستحاول هذه المقالة الإجابة عليها لتحديد حكم تربية القطط في الإسلام؛ بعد توفيق الله ومشيئته.
حكم تربية القطط
لا يختلف الفقهاء في أنَّ الأصل في تربية القطط الجواز؛ ما دام سبب تربيتها في المنازل معتبرٌ شرعاً وعُرفاً، كأن يكون الهدف من تربيتها دفع ضرر بعض الحشرات والطُفيليات أو الحيوانات الصغيرة التي تُتلف الممتلكات كالفئران وما يشبهها من القوارض، ويُشترط لجواز تربية القطط في المنازل أن يتعهدها مُربيها بالعناية من حيث الطعام والشراب بما يكفيها، فإن لم يستطع إطعامها أو لم يرغب بذلك فعليه أن يتركها لتسد حاجتها من الطعام والشراب من أرض الله من خلال الأكل من خشاش الأرض والشرب مما يُهيئه الله لها، ولا يجوز له منعها من ذلك ما دام لم يهيئ لها المأكل والمشرب.[1]
وقد ثبت عن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- أنه قال: (دخلت امرأة النار في هرة ربطتها فلم تطعمها ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض).[2] كما يُشترط لجواز تربية القطط عدم التعرض لها بالأذى أو تعذيبها، وإن كانت القطط مريضة أو كان يُخشى من نقلها للأمراض فلا تجوز تربيتها؛ امتثالاً لقوله صلّى الله عليه وسلّم: (لا ضررَ ولا ضرار).[3] ومن ناحية طهارة القطط وتأثيرها على الآنية التي تأكل منها فالقطط طاهرةٌ على الإطلاق ولا تُنجس ما تأكل منه من الآنية والصحون ونحوها، ولا يتضرر الأكل أو الشراب ولا ينجس من لُعابها، فإن شربت القطة من إناءٍ أو أكلت من شيءٍ يستخدمه الناس وكان فيه أكلٌ لهم فإن صاحب الأكل بالخيار إما أن يأكل مما أكلت منه أو يُتلفه ولا ضرر عليه في ذلك ولا بأس، وطهورية القطط لا تنحصر بلعابها فقط بل إنها طاهرةٌ بجميع جسدها؛ فمها ورأسها، وفروها، وجسدها كله.[1][4]
وقد جاء في الموطأ والمسند وغيرهما من حديث أبي قتادة أنه دخل على كبشة بنت كعب بن مالك وهي زوجة ابنه فسكبت له وضوءاً فجاءت هرة لتشرب منه فأصغى لها الإناء حتى شربت قالت: كبشة فرآني أنظر إليه فقال أتعجبين يا ابنة أخي فقالت: نعم فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (..إنَّها ليسَت بنجَسٍ، إنَّما هيَ مِنَ الطَّوَّافينَ عليكُم، أوِ الطَّوَّافاتِ)،[5]فهذا الحديث دليلٌ ظاهرٌ على أن سؤر القطط طاهرٌ لا نجاسة فيه، والسؤر هو جمع سؤرة، وهو ما فضُل عن طعام الإنسان أو الحيوان،[6] وقد قال بذلك من الفقهاء الإمام مالك والشافعي وأحمد بن حنبل، ومن الحنفية قال بذلك أبو يوسف صاحب أبي حنيفة، في حين يرى أبو حنيفة ومحمد أنّ سؤر الهرة طاهرٌ مكروه. وأما بول القطط فنجسٌ كما يرى جمهور العلماء.[1][4]
المنافع التربوية من تربية القطط
تمتاز تربية القطط بأن لها عدداً من المنافع التربوية للأطفال وغيرهم، ومن تلك المنافع ما يلي:[7]
- تُعتبر القطط حيواناتٍ نظيفةٍ بامتياز، بل إنها من أنظف الحيوانات على الإطلاق، حيث تقضي القطط عدة ساعات في العناية بنفسها ونظافتها، وبالتالي فهي تُمثل أنموذجاً يستحق الاهتمام به وإطلاع الأطفال عليه لتقليدها في باب العناية بالنظافة الشخصية العامة.
- تُمثل القطط مثالاً لعظمة الله وقدرته، وإن في مراقبة الأطفال لها من خلال حركتها ونموها دافعٌ للتعرف على قدرة الله تعالى وحكمته وعظيم خلقه، وبديع صُنعه فيتعلمون من خلال مراقبة القطط احترام الحياة والأحياء بمجموعها، وتعظيم الله وتوقيره على ما خلق وأبدع في خلقه.
- يتعلَّم الصغار الرحمة والرأفة بالناس وبالحيوانات من خلال العناية بالقطط وتغذيتها ورعايتها، مما يُنشئ لديهم المسؤولية تجاه أنفسهم وتجاه غيرهم من الناس وسائر المخلوقات.
- يتعلم الصغار حسن اختيار الرفقة الحسنة الصالحة وأهمية الرفيق من خلال التعامل المتواصل مع كائنٍ حي يتحرّك.
- يحفز وجود القطط بين الصغار دوافع الإبداع لديهم ويجعلهم أشد حباً للتعلم، من خلال تعلم السلوك الاستكشافي للقطط التي تسعى دائماً لاستكشاف البيئات الجديدة التي تدخلها قبل أن تعتاد عليها، وذلك بمراقبة الصغار لها لفترات طويلة.
- يتعلم الصغار الصيد من القطط أثناء مطاردتها للفئران وإصرارها على ذلك، حيث تظهر هذه المهارة عند الصغار الذين يراقبون القطط أثناء الصيد، من خلال حسن الترتيب والاستعداد له.
- يمثّل موت القط تدريباً عملياً للصغير لفقد عزيزٍ في الحياة في المستقبل.
الشروط الصحية لتربية الحيوانات الأليفة
ينبغي التنبه عند تربية الحيوانات الأليفة -ومنها القطط- في المنازل والبيوت المأهولة إلى العديد من النقاط أهمها ما يتعلق بالعدوى ونقلها من الحيوانات إلى الإنسان إن كانت مُصابةً بمرضٍ ما، وأكثر من يتأثر بالعدوى من الحيوانات هم الأطفال والنساء الحوامل وكبار السن بالإضافة إلى بعض الأشخاص الذين يعانون من الحساسية والربو، أو الأشخاص الذين يعانون من ضعف في الجهاز المناعي كمرضى السرطان. فإذا كان في الأسرة شخصٌ من هؤلاء الأشخاص أو حالةٌ من الحالات المرضية السابقة فينبغي عدم اقتناء حيوان أليف مهما كان إلا بعد التأكد من سلامته وخلوه من الأمراض جميعها وخصوصاً تلك التي تسبب العدوى، وحينها ينبغي التنبه إلى النقاط التالية:[7]
- أن يكون مصدر الحصول على الحيوانات الأليفة موثوقاً به.
- إعطاء الحيوان المُراد تربيته اللقاحات اللازمة التي تقيه من الأمراض التي يمكن أن يُصاب بها.
- الاهتمام بالنظافة العامة للأطفال عن طريق غسل أيديهم جيداً بعد ممارسة اللعب مع الحيوانات الأليفة الموجودة لديهم وخاصةً قبل الأكل.
- عدم تنظيف أو غسل الحيوانات الأليفة والقطط في الحمّام الذي تستعمله العائلة.
- عدم السماح للحيوان بالشرب من المياه التي فيها ميكروبات وجراثيم كالمرحاض وغيره.
- الرعاية الصحية الدورية والجيدة للحيوان، وعدم إعطائه لحوماً من مصادر غير معروفة واستشارة الطبيب البيطري في حال حدوث أي طارئ.
المراجع
- ^ أ ب ت "تربية القطط في المنازل جائزة"، www.fatwa.islamweb.net، 10-6-2001، اطّلع عليه بتاريخ 27-9-2017. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 3318، صحيح.
- ↑ رواه الطبراني، في المعجم الأوسط، عن عائشة، الصفحة أو الرقم: 1/90.
- ^ أ ب "حكم تربية القطط"، islamqa.info، 7-1-2002، اطّلع عليه بتاريخ 27-9-2017. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن أبو قتادة، الصفحة أو الرقم: 92، صحيح.
- ↑ "تعريف و معنى سؤر في معجم المعاني الجامع"، معجم المعاني. بتصرّف.
- ^ أ ب "الحيوانات المنزلية بين القبول والرفض"، WWW.ar.islamway.net، 17-11-2013، اطّلع عليه بتاريخ 27-9-2017. بتصرّف.