ما حكم تربية الكلاب
تربية الكلاب
خَلقَ الله سبحانه وتعالى الإنسان وكرّمه على كثيرٍ من المخلوقات، وسخّر له جميع ما في الأرض من الحيوانات والدواب والنباتات لتخدمه في قضاء حوائجه وبالتالي يستطيع العيش والاستمرارية على وجه الأرض. حثّ الدين الإسلامي على الرفق بالحيوان، وعدم الغلو في استخدامه واستغلاله، كما رتّب على حسن التصرُّف مع الحيوانات الأجر العظيم، وفي المقابل فقد رتّب على إيذائها وسوء التعامل معها الإثم العظيم، وليس أدلّ على ذلك ما أورده البخاري في صحيحه عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (دخلَتِ امرأةٌ النارَ في هِرَّةٍ ربَطَتْها، فلم تَطعَمْها، ولم تَدَعْها تأكلُ من خَشاشِ الأرضِ)،[1]
انتَشَر في الوقت الحاضر عند شريحةٍ كبيرة من المجتمع ما يُعرف باقتناء الحَيوانات ومن ضمنِها الكلاب داخل البيوت والأفنية، فما حُكم الشّرع في ذلك؟ وما رأي الطّب في تربية الحيوانات داخل المنازل؟ وما حكم الشرع في طهارة الكلب؟
حكم تربية الكلاب
اتفق الفقهاء على أنّه لا يجوز اقتناء وتربية الكلاب إلا إذا كانت هنالك حاجة لذلك، وقد حدّد الفقهاء الحالات التي تجوز فيها تربية الكلاب، وهي:[2]
- كلب الماشية الذي يقوم على حراستها من السباع والضباع والذئاب.
- كلب الزرع من المواشي والأغنام وغيرها.
- كلب الصيد الذي ينتفع به الصائد في صيده.
الدليل على ما سبق ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( مَنِ اتَّخَذ كلبًا، إلا كلبَ ماشيةٍ أو صيدٍ أو زرعٍ، انتَقَص من أجرِه كلَّ يومٍ قِيراطٌ، قال الزُّهرِيُّ: فذُكِر لابنِ عُمَرَ قولُ أبي هُرَيرَةَ، فقال: يَرحَمُ اللهُ أبا هُرَيرَةَ، كان صاحبَ زرعٍ)،[3] وأمّا بالنسبة لتربية الكلاب لحفظ البيوت ذهب ابن قدامة إلى أنّه لا يجوز مع احتمال الإباحة، وقد ذهب فقهاء الشافعية إلى أنّه إذا زالت الحاجة التي لأجلها تمت تربية الكلب واقتناؤه فإنّه يجب الاستغناء عنه.
نجاسة الكلاب
اختلف الفُقهاء في حُكم نجاسة الكلب على ثلاثة أقوال، منها:[4]
- ذهب فقهاء الحنفية إلى أنّ الكلب ليس نجس العين، ولكنّ سؤره ورطوبته هي النجسة.
- ذهب فقهاء المالكية إلى أنّ الكلب طاهر العين مستدلين إلى أنّ الأصل في الأشياء الطهارة، وعلى هذا يكون سؤره ورطوبته طاهرة، أمّا الحيوان الذي لم يُذبح بطريقةٍ شرعيّة فهو الذي يكون ما يخرُجُ منه نجساً.
- ذهب فقهاء الشافعية والحنابلة إلى أنّ الكلب نجس العين.
بعض الأحكام المتعلقة بالكلاب
ذكر الفقهاء في مسألة الأحكام المتعلّقة بالكلاب أحكاماً كثيرة، منها:[5]
بيع الكلاب
اختلف الفقهاء في حكم بيع الكلاب على عدّة أقوال، منها:[5]
- ذهب فقهاء الشافعية والحنابلة إلى عدم جواز بيع الكلاب مطلقاً؛ مستدلين على ذلك بما رواه عقبة بن عمرو بن ثعلبة أبو مسعود أنّ النبي صلى الله عليه وسلم (نَهَى عَن ثمنِ الكَلبِ، ومَهْرِ البغيِّ، وحُلوانِ الكاهنِ).[6]
- ذهب فقهاء الحنفية وسحنون من المالكية إلى جواز بيع الكلاب مُطلقاً ومستدلّين على ذلك بأنّ الكلب يعتبر مالاً ينتفع به في الحقيقة.
- ذهب فقهاء المالكية إلى التفريق بين الكلب المأذون فيه عن غيره من الكلاب؛ فمنعوا بيع الكلب غير المأذون فيه، أمّا الكلب المأذون فيه فعندهم في أمره ثلاثة أقوال؛ بالمنع والكراهة والجواز، والمشهور عندهم هو المنع.
تطهير الإناء من ولوغ الكلب فيه
للفقهاء في مسألة ولوغ الكلب في الإناء عدة أقوال، منها:[5]
- ذهب فقهاء الشافعية والحنابلة إلى أنّه يجب غسل الإناء الذي ولغ فيه الكلب سبع مرات إحداهنّ بالتراب، وذلك لما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا ولغَ الكلبُ في إناءِ أحدِكُم فليَغسِلهُ سبعَ مرَّاتٍ، أولاهُنَّ أو إِحداهنَّ بالتُّرابِ).[7]
- ذهب فقهاء المالكية إلى أنّه يُندب غسل الإناء إذا ولغ فيه الكلب سبع مرات، ولا ترتيب مع الغسل.
- ذهب فقهاء الحنفية إلى وجوب غسل الإناء ثلاث مرات، وعندهم قول بغسل الإناء ثلاث أو خمس أو سبع مرّات.
تربية الحيوانات من الناحية الصحية
ذكر عدد من الأطبّاء أنّه يوجد أكثر من مئتي نوعٍ من الأمراض المشتركة التي يتم نقلها من الحيوان إلى الإنسان، ومن تلك الأمراض؛ مرض السل، والديدان الشريطية، والديدان الكبدية وغيرها الكثير، أمّا بالنسبة للكلاب بشكل خاص فقد ذكر الأطباء أنّها تسبب مرض داء الكلب الذي يحدث عن طريق عض الكلب للإنسان، هذا ويَنصح الأطباء الشخص في حالة اقتنائه لأيٍّ من الحيوانات في منزله أن يراعي عدداً من الأمور، أهمها:[8]
- على الشخص الانتباه من العدوى التي تكون من الحيوانات الأليفة؛ حيث تشكّل خطراً كبيراًعلى كل من الأطفال والنساء الحوامل وكبار السن والأشخاص الذين يعانون من بعض أمراض الحساسية والربو، فإذا كان يوجد في الأسرة شخص يعاني مما ذُكر فلا يُنصح باقتناء الحيوانات في المنزل.
- يفضل أن يكون الحيوان المُراد تربيته تم الحصول عليه من مصدر موثوق به وليس من أماكن عامّة كالشارع أو الحدائق والغابات، وغيرها.
- يجب إعطاء الحيوان المُراد تربيته اللقاحات اللازمة، وذلك لوقايته من الأمراض كمرض السعار، وبالتالي وقاية الأشخاص في المَنزل وتجنب نقل الأمراض المعدية لهم.
- المُحافظة على النظافة العامّة للأولاد؛ وذلك بغسل أيديهم جيداً بعد اللعب مع الحيوان وقبل الأكل لتجنّب إصابتهم بالأمراض.
- عدم غسل الحيوان في حمّام العائلة، لأنّه قد يتسبّب بنقل الجراثيم والميكروبات للإنسان.
- الرّعاية الصحيّة الجيّدة للحيوان ومتابعتها عند الأطباء المتخصّصين بذلك.
المراجع
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 3318، صحيح.
- ↑ وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية - الكويت (1427هـ)، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الأولى)، مصر: دار الصفوة، صفحة 124-125، جزء 35، بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1575، صحيح.
- ↑ وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية - الكويت (1427هـ)، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الأولى)، مصر: دار الصفوة، صفحة 129، جزء 35، بتصرّف.
- ^ أ ب ت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية - الكويت (1427هـ)، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الأولى)، مصر: دار الصفوة، صفحة 127-130، جزء 35، بتصرّف.
- ↑ رواه الإمام الشافعي، في الأم، عن عقبة بن عمرو بن ثعلبة أبو مسعود، الصفحة أو الرقم: 8/607 ،ثابت.
- ↑ رواه الإمام الشافعي، في اختلاف الحديث، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 10/84، ثابت.
- ↑ "الحيوانات المنزلية بين القبول والرفض"، طريق الإسلام، 17-11-2013، اطّلع عليه بتاريخ 5-7-2017، بتصرّف.