-

ما الحكمة من تحريم الجمع بين الاختين

ما الحكمة من تحريم الجمع بين الاختين
(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

حكم الجمع بين الأختين

يحرّم الجمع بين الأختين، وقد دلّت على ذلك نصوصٌ من القرآن الكريم والسنّة النبويّة، كما أجمع العلماء على التحريم، حيث قال الله تعالى عندما ذكر المحرّمات: (وَأَن تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ ۗ)،[1] وقد ورد في السنّة أنّ أمّ حبيبة -رضي الله عنها- عرضت على الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- أن يتزوج من أختها، فرفض الرسول، وقال: (إنَّ ذلكَ لا يحلُّ لي)،[2] ومعنى عدم الجمع بين الأختين؛ أي عدم جمعهنّ في عصمة رجلٍ واحدٍ، والحكم لا يختلف إن اختلف مكان إحداهنّ، وإذا طلّق الرجل زوجته طلاقاً رجعياً لا يجوز له الزواج من أختها إلا بعد انقضاء عدّة المطلقة، واختلف العلماء في الزواج من أخت المطلقة طلاقاً غير رجعيّ، فذهب كلٌّ من: مجاهد وعطاء والنخعي والثوري وأحمد بن حنبل، إلى أنّ الزواج من أخت المطلقة أو من غيرها يكون بعد انقضاء العدّة، وذهبت طائفةٌ من العلماء إلى جواز ذلك قبل انقضاء العدّة، ومنهم: الشافعي وأبو ثور وأبو عبيد وعروة بن الزبير وسعيد بن المسيب والحسن والقاسم.[3]

الحكمة من تحريم الجمع بين الأختين

إنّ الجمع بين الأختين قد يؤدي إلى حصول النفرة والتشاجر والتشاحن والتباغض بينهنّ، والأصل في العلاقة بينهنّ أنّها قائمةٌ على المحبّة والودّ والألفة، حيث قال ابن عاشور في كتاب التحرير والتنوير: إنّ الشرع يريد بقاء المودة بين الأختين، ولدفع الغيرة بينهما؛ حرّم الجمع،[4] كما أنّ الجمع بين الأختين قد يؤدي إلى التباغض بين الأقارب، ممّا قد يؤدي إلى حصول قطيعة رحمٍ، وإنّ قطيعة الرحم محرّمةٌ،[5] وقد حذّر الإسلام من قطيعة الرحم، وجعلها من كبائر الذنوب التي توجب اللعن والطرد من رحمة الله تعالى؛ فقطيعة الرحم تشمل الإساءة إلى الرحم، أو عدم الإحسان إليه، كما أنّ قطيعة الرحم تعدّ من صور الفساد في الأرض، كما أنّها تمنع من دخول الجنّة في الحياة الآخرة؛ فقاطع الرحم لا تقبل أعماله من الله تعالى،[6] كما أنّ الإسلام حثّ على تقوية العلاقات بين المسلمين، وخدمة المسلم لأخيه المسلم، دون ظلمٍ أو تحقيرٍ أو اعتداءٍ على ماله وعِرضه ودمه.[7]

الزواج في الإسلام

أجمعت الشرائع السماويّة على مشروعيّة الزواج، كما دلّت على ذلك عدّة نصوصٍ من القرآن الكريم والسنّة النبويّة، فالزواج يقتضي حلّ استمتاع الزوجين ببعضهما، بعقد شرعيّ؛ بهدف بناء أسرةٍ صالحةٍ ومجتمعٍ سليمٍ، حيث بيّنت النصوص الشرعيّة أهمية عقد الزواج ومكانته الرفيعة، مع مراعاة الزوجين لذلك، حيث منح الله تعالى عباده نعمة الزواج بما يتضمّنه من المودة والسكينة والألفة والمحبّة، كما وصف الله تعالى عقد الزواج بأنّه ميثاقٌ غليظٌ، حيث قال: (وَقَدْ أَفْضَىٰ بَعْضُكُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا)،[8] وقال المفسّرون: إنّ المقصود بالميثاق الغليظ؛ هو حقّ الصحبة والمعاشرة، ولكنّ حكم الزواج يختلف باختلاف حال الشخص، وقدرته على تحمّل المسؤوليّة، فالزواج يكون واجباً إن خاف الشخص على نفسه من الوقوع في الفواحش؛ لحماية نفسه من الوقوع في المحرّمات، وعفةً لنفسه، دون النظر إلى قدرة الشخص على الإنفاق، ويكون الزواج مستحباً؛ إن كان الشخص لا يخاف على نفسه من الوقوع في المحرّمات مع وجود الشهوة لديه، وإن انعدمت الشهوة يكون الزواج مباحاً، وقد يكون مكروهاً في حقّه؛ لأنّه قد يضيّع حقاً من حقوق المرأة بإعفافها عن المحرّمات، ولكن إن كانت المرأة راضيةً فلا كراهة في ذلك، وإن أراد الشخص الزواج في بلاد الكفّار، فإنّ الزواج في حقّه يكون حراماً؛ لأنّه سيعرّض أولاده لخطر الكفر، مع عدم وجود الأمان على الزوجة، أمّا الزواج المكروه؛ فيتمثّل في الزوج الظالم لزوجته مع عدم أداء واجباته الزوجية، أو إن كان الزواج يمنع من أداء المستحب من العبادات مع انعدام الشهوة لديه.[9]

المحرّمات من النساء

تنقسم المحرّمات من النساء إلى: محرّماتٍ تحريماً مؤبداً، ومحرّماتٍ تحريماً مؤقتاً، أمّا المحرّمات تحريماً مؤبداً فهنّ: الأمّ، والجدّة مهما علت درجتها، والبنت، وبنت الابن، وبنت البنت، وبنت بنت الابن مهما نزلت درجتها، و الأخت الشقيقة، والأخت لأمّ، والأخت لأب، وبنت الأخت، وبنت ابن الأخت، وبنت بنت الأخت، وبنت الأخ، وبنت بنت الأخ، والعمّة، والخالة من أي الجهات كانتا، سواءً أكانت الصلة بين الرجل والمحرّمات صلة نسبٍ أو رضاعة؛ إذ إنّ الرضاعة تُحرّم بها ما يحرّم من النسب، ودليل ذلك قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (يَحْرُمُ من الرَضَاعِ ما يَحْرُمُ من النَّسَبِ)،[10] كما أنّ من التحريم المؤبد؛ التحريم بين الزوجين المتلاعنين، فإنّ ممّا يترتّب على اللّعان بين الزوجين التفريق بينهما، دون أن تحلّ المرأة للرجل بعد ذلك، وممّا يحرم على الرجل بشكلٍ مؤبّدٍ؛ زوجة الأب وزوجة الجد، وزوجة الابن مهما نزلت درجته، ومن المحرّمات بمجرّد العقد على المرأة؛ أمّها وجداتها، أمّا المحرّمات بالدخول؛ فهنّ بنات الزوجة، وبنات أولادها، ومن المحرّمات تحريماً مؤقتاً بسبب الجمع؛ المرأة وأختها، والمرأة وخالتها، والمرأة وعمتها؛ وذلك للغيرة التي تكون بين الضرائر، ويحرم الجمع بين أكثر من أربع نسوةٍ في وقتٍ واحد، والتحريم المؤقت قد يكون بسبب عارضٍ ما، ومن ذلك: الزواج من المعتدّة؛ منعاً لاختلاط الأنساب، والتزوج من الزانية المعلوم زناها، إلا أن تتوب وتنتهي عدّتها، وزواج الرجل من المرأة التي طلّقها ثلاثاً، إلا أن يدخل غيره بها بزواجٍ صحيحٍ، ويحرم زواج المرأة المُحرِمة، إلا أن تتحلّل من إحرامها.[11]

المراجع

  1. ↑ سورة النساء، آية: 23.
  2. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أم حبيبة، الصفحة أو الرقم: 5372، صحيح.
  3. ↑ "المقصود بعدم الجمع بين الأختين"، fatwa.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 16-6-2018. بتصرّف.
  4. ↑ "الحكمة من تحريم الجمع بين الأختين"، fatwa.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 16-6-2018. بتصرّف.
  5. ↑ "لا يجوز الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها"، islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 16-6-2018. بتصرّف.
  6. ↑ "قطيعة الرحم"، ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 16-6-2018. بتصرّف.
  7. ↑ "خطورة الفرقة والتباغض"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 16-6-2018. بتصرّف.
  8. ↑ سورة النساء، آية: 21.
  9. ↑ "حكم الزواج وأهميته"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 16-6-2018. بتصرّف.
  10. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس ، الصفحة أو الرقم: 2645، صحيح.
  11. ↑ "المحرمات في النكاح"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 16-6-2018. بتصرّف.