ما هو النبيذ
النبيذ
النبيذ مَشروبٌ كحوليّ يتمّ إنتاجه من الفواكه المُخمّرة، وأكثر الفواكه المستخدمة في صنعه العنب، عُرِفَ مُنذُ القدَم وتَناقلته الحَضارات عبر السنين. يُسبّب تناول النبيذ مَخاطرَ عدّة تؤثّر على الفرد والمُحيطين به، كما ويُشكّل الإدمان على تَعاطيه عبئاً اقتصاديّاً، واجتماعياً، وصحيّاً على المجتمع.
حكم النبيذ في الإسلام
النبيذ في الإسلام هو نوعٌ من أنواع الخمور المُحرّمة، والتي يُعدّ تعاطيها كبيرةً من الكبائر لقول الله عز وجلّ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)[1] ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال (لَعَنَ اللَّهُ الْخَمْرَ وَشَارِبَهَا وَسَاقِيَهَا وَبَائِعَهَا وَمُبْتَاعَهَا وَعَاصِرَهَا وَمُعْتَصِرَهَا وَحَامِلَهَا وَالْمَحْمُولَةَ إِلَيْهِ)[2] لذا يجب على مُرتكب هذا الذنب التوبةَ منه والرّجوع عنه، وأن لا يَمنعه ذنبه من المُواظبة على الطاعات، فالإتيان بالمَعصية لا يُسقِط الفريضة.[3]
مخاطر النبيذ
للنبيذ عدة مخاطر، يُذكر منها:
- يؤدّي شربه إلى احمرار الجلد، ويَزداد مظهر الإنسان سوءاً في حال تَعرّضه للأمراض الجلدية المختلفة كالوردية، كما أنّ تناول كميّاتٍ كبيرة من الكحول بالتزامن مع الإصابة بسرطان الكبد أو فشل الكبد سيَنتج عنه اصفرارُ الجلد وتَناقص شعر الجسم والدوالي.
- شرب النبيذ قد يُسبّب الغثيان وحرقة المعدة والتهابها، كما أنّ تناوله بجرعات مفرطة يؤدّي إلى التقيؤ والإسهال المُسبّب للجفاف، بالإضافة إلى عدم توازن الكحول، وتراكم الأحماض في الجسم، كما أنّ تناول 50 غم من النبيذ يومياً يُضاعف فرص الإصابة بسرطان المريء، وتزداد مُضاعفات الخطر لدى الأشخاص الذين يعانون من نقص في إنزيمات الكبد التي تتفاعل مع الكحول خلال عمليّة الأيض، وفي حالة الإصابة بتلف الكبد في مراحل متطوّرة والناتج عن الإفراط في شرب الكحول بكميات كبيرة فإنّه من المُمكن حدوث تضخّم في أوردة المعدة والمريء، وانفجارها مُسبّباً نزيفاً يُهدّد حياة الإنسان.[4]
- يؤثر النبيذ على المزاج ويسبّب تقلباته، ويزداد الخطر في حال الاعتماد على النبيذ للتخلّص من الضغوطات والقلق؛ إذ إنّ الجسم سيُطالب بكميّاتٍ أكبر من الكحول في كل مرة للحصول على التأثير المطلوب، مما يؤدي إلى الإصابة بالإدمان، وغالباً في الحالات التي يُقدِم فيها الإنسان على محاولة الانتحار أو تعذيب النفس يُكتشف وجود نسبة من الكحول في الدم؛ إذ إنّه يزيد من التوتر والعدائية.[4]
- يُخفّض نسبة السكر في الدم بشكل خطير، وتنتج عنه عدّة أعراض؛ كالتعرّق، والارتجاف، وعدم وضوح الرؤية، والدوران، وقد يؤدّي إلى تلف الدماغ إذا ما عولج مُباشرةً، وتتمثّل وظيفة البنكرياس بأنّه غدة تُفرز الإنزيمات المُساعدة على الهضم، وتُطلق الإنسولين الذي يُنظّم السكر في الدم، وتناول الكحول بإفراط يُسبّب التهاباً حاداً ومزمناً في البنكرياس، من أعراضه ارتفاع درجة الحرارة، والغثيان، وألم في المعدة والظهر، ويستمرّ الألم لعدّة ساعات أو ليومين بعد تناول الكحول، وفي بعض الحالات التي تَصل نسبتها بين 20-30% من الإصابات بالتهاب البنكرياس يكون المرض مُهدّداً لحياة المريض ويتطلّب العلاج في المستشفى.[4]
- يزيد من فرصة الإصابة بالالتهاب الرئوي، وذلك لأنّ زيادة تركيز الكحول في الدم يُسبّب ارتخاءً في الحلق والفم، ويُقلّص قدرة الرئتين على التخلّص من المُخاط والأجسام الغريبة، ويَكبح ردود الأفعال، لذا فإنه من الممكن أن يُسبّب القيء أو اللعاب التهاباً نتيجة دخوله إلى الرئتين.[4]
- يزيد خطر الإصابة بسرطان الثدي، وتزداد الاحتماليّة بمقدار 10% لكل جرعة يتم تناولها يومياً، كما تزداد نسبة الخطر في حال شرب نوعٍ أو نوعين من النبيذ خلال اليوم .[5]
تاريخ النبيذ
تُعدّ الفترة الواقعة بين عام 6000 - 7000 قبل الميلاد أقدم فترةٍ عُرف فيها النبيذ؛ إذ وُجدت في الصين بقايا لشراب مخمر حامض مُتبقٍّ في قاع الجرّة، مصنوع من الأرز و العسل والفواكه، وبعد ذلك وردت الأدلة المكتوبة التي تذكر النبيذ وصناعته في عام 1046-221 قبل الميلاد.
في الإمبرطوريّة اليونانية كان النبيذ مُخصّصاً للطبقة العليا، ثمّ أصبحَ جُزءاً من الحياة والغذاء والحضارة، وبرزت صِناعته مع توسّع الإمبراطوريّة الرومانية على امتداد البحر الأبيض المتوسط، وظهرت في ذلك العصر العَديد من المناطق المشهورة إلى اليوم بصناعتها للنبيذ، ثمّ انتقلت الصناعة عبر العصور إلى مختلف أجزاء أوروبا، وازدادت قيمته خلال العصور المُظلمة نظراً لعدم توافر الماء الصالح للشرب، فكان يُستعاض عنه بالنبيذ المُقدّم مع الأكل.
خلال القرن السادس عشر أصبح النبيذ بديلاً عن الجعة وتنوعت مشتقاته آنذاك، واعتُبر القرن التاسع عشر العصر الذهبي للنبيذ على الرّغم من تعرّض الكروم الفرنسية في ذلك الوقت لإصابات بسبب حشرة (Phylloxera aphid) التي تمتصّ العُصارة من الجذور، ومن ثم اكتُشف لاحقاً مُقاومة الكروم الأمريكيّة لهذه الآفة، ممّا استدَعى زراعة الكروم الأمريكيّة في المناطق الفرنسيّة المتضررة، والذي أدّى إلى إنتاج عنب مُهجّن وتنوّع في النبيذ.
خلال آخر 150 عاماً تطوّرت صِناعة الخمور بشكلٍ كبير فأصبحت تُعدّ علماً وفناً، كما أنّ تطوّر آلات الحصاد شجّع المزارعين على زيادة مساحات الكروم، بالإضافة إلى وجود عمليّة التبريد التي ساعدت على تصنيع النبيذ في المَناطق الحارّة والتحكّم في درجة حرارة التخمر.[6][7]
المراجع
- ↑ سورة سورة المائدة، آية: 90.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح أبي داوود، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 3674.
- ↑ "شرب الخمر من الكبائر وعقوبته أليمة"، إسلام ويب. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث ج Alcohol Advisory Council of New Zealand, Alcohol – the Body & Health Effects, Page 14. Edited.
- ↑ Alcohol Advisory Council of New Zealand, Alcohol – the Body & Health Effects, Page 10. Edited.
- ↑ "تاريخ النبيذ"، .extra neutral alcohol. بتصرّف.
- ↑ "History & Tradition Of Wine", winein moderation. Edited.