متى يبدأ وقت ليلة القدر
وقت ليلة القدر
اختلف الفقهاء في تحديد وقت ليلة القدر، ومن أقوالهم:[1]
- ذهب جمهور الفقهاء عند الحنفيّة إلى أنَّ وقت ليلة القدر في شهر رمضان دائرة معه، وذلك لأنَّ الله سبحانه وتعالى أخبر في موضع أنَّ القرآن أنزل في ليلة القدر لقوله تعال: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ)[2]، وأخبر في موضعٍ آخر أنَّ القرآن الكريم أنزل في شهر رمضان، لقوله تعالى: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِل فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ)[3]، وهذا دليلٌ على أنَّ ليلة القدر منحصرة في شهر رمضان فقط، واستدلّوا على ذلك أيضاً من خلال الأحاديث النبويّة الشّريفة.
- ذهب بعض العلماء ومنهم عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وأبو حنيفة إلى أنَّ ليلة القدر في جميع السّنة تدور فيها، أيّ أنَّها قد تكون في شهر رمضان وقد تكون في شهرٍ غيره، فروي عن ابن مسعود رضي الله عنه: (مِنْ يَقُمِ الْحَوْل يُصِبْ لَيْلَةَ الْقَدْرِ)[4]واختلفوا كذلك في تحديد وقتها في شهر رمضان، وفي ما يلي أقوال العلماء في تحديد وقتها في الشّهر:
- ذهب جمهور الفقهاء وهم: المالكيّة، والشّافعيّة، والحنابلة، والأوزاعيّ، وأبو ثور إلى أنَّ ليلة القدر في اللّيالي العشر الأخيرة من شهر رمضان لوجود أحاديث كثيرة في التماسها في العشر الأواخر من رمضان، وتؤكّد إنّها من الأوتار ومنحصرةٌ فيها، وعند المالكيّة إنَّ الأشهر في ليلة القدر إنَّها ليلة السابع والعشرين من رمضان، وهذا قول الحنابلة أيضاً.
- قال ابن عابدين بإنها دائرة مع شهر رمضان، أيّ أنَّها توجد كلّما وجد، فليلة القدر مختصّة بشهر رمضان عند الإمام وصاحبيه ولها ليلةٌ معينة عندهما، بعكس ابن عابدين الذي لا تتعيّن عنده.
- قال النوويّ، ليلة القدر منحصرة في العشر الأواخر من شهر رمضان ومبهمة علينا، ولكنّها في ليلة معينة ولا تزال في هذه اللّيلة حتى يوم القيامة ولا تنتقل عنها، وليالي العشر الأواخر كلّها محتملةٌ لها، وليالي الوتر أرجاها، وعند الشّافعيّ أرجى الوتر في ليلة الحادي والعشرين، وقال في موضع إنَّها في ليلة الثالث والعشرين، وقال الشربيني الخطيب إنَّ ليلة القدر هي ليلة السابع والعشرين، وهذا قول أكثر أهل العلم.
- قال أبو رزين العقيلي إنَّها أول ليلة في شهر رمضان.
- قال النوويّ وبعض الشّافعيّة إنَّ ليلة القدر مبهمةٌ في العشر الأوسط.
- قال ابن حجر إنَّها ليلة التاسع عشر.
مفهوم ليلة القدر
ليلة القدر لغةً
تتكوّن ليلة القدر من لفظين ولكل لفظ منهما معنى خاص، وهما:[5]
- ليلة: تعني لغةً من غروب الشّمس وحتى طلوع الفجر، ويقابلها النهار، ومعنى كلمة ليلة الإصطلاحيّ لا يختلف عن معناها لغةً.
- القدر: تحمل في اللّغة عدّة معانٍ منها:
- التّعظيم والتّشريف، فقال تعالى: (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ)[6]، ومن هنا جاء سبب تسمية ليلة القدر بهذا الاسم؛ لأنّها ليلةٌ ذات قدر وشرف لأن القرآن نزل فيها، ولما ينزل فيها من البركة والرّحمة.
- التّضييق، لقوله تعالى: (وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ)[7]، ومعنى التّضييق في ليلة القدر يعني إخفاؤها عن العلم بتعيينها، أو لأنَّ الأرض تضيق فيها عن الملائكة.
- القدر بمعنى الحكم والفصل، وهو لفظ مؤاخي للقضاء، وقال العلماء إنَّ ليلة القدر سميت بذلك لأنَّ الملائكة تكتب فيها الأرزاق والآجال وغير ذلك مما سيقع خلال هذه السّنة بأمر الله لهم بذلك، ويدلُّ على ذلك قوله تعالى:(إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ ۚ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ (3) فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ)[8]، وقال ابن قدامة إنَّ ليلة القدر سمِّيت بذلك لأنَّه يقدَّر فيها ما سيكون في تلك السّنة من خير ومصيبة، ورزقٍ وبركةٍ.
ليلة القدر اصطلاحاً
عرّفت ليلة القدر إصطلاحاً بعدة أقوال، منها:[9]
- احدى ليالي العشر الأواخر من شهر رمضان، يستجيب فيها الدّعاء، وتنزل فيها مقادير الخلائق إلى السّماء الدّنيا، وهي الليلة التي أُنزل فيها القرآن الكريم.
- ليلة من ليالي شهر رمضان وهي الليلة التي أنزل فيها القرآن.
- ليلة مباركةٌ من ليالي العشر الأخيرة من شهر رمضان، أنزل فيها لقرآن الكريم، يفصل فيها ما يكون في السّنة من المقادير، والعمل فيها خيرٌ من العمل في ألف شهر ليس فيه ليلة القدر.
إحياء ليلة القدر
إحياء ليلة القدر مندوبٌ وهذا ما اتفق عليه العلماء لفعل الرَّسول صلَّى الله عليه وسلّم، وإحياء هذه اللّيلة المباركة يكون بالقيام بالأعمال الصّالحة مثل: الصّلاة، وقراءة القرآن الكريم، والذّكر، والدُّعاء، وغيرها من الأعمال الصّالحة، والإكثار من الدُّعاء بالدُّعاء التّالي: اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي، وذلك لقول السّيدة عائشة رضي الله عنها: (يا رسولَ اللهِ، أرأيتَ إن علمْتُ أيُّ ليلةٍ ليلةُ القَدْرِ، ما أقولُ فيها؟ قال قولي: اللهمَّ إنَّك عفوٌّ كريمٌ تحِبُّ العَفوَ فاعْفُ عنِّي)[10].[11]
المراجع
- ↑ مجموعة من المؤلفين (1404-14027 هـ)، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الأولى)، مصر: دار الصفوة، صفحة 364-367، جزء 35. بتصرّف.
- ↑ سورة القدر، آية: 1-2.
- ↑ سورة البقرة، آية: 185.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي بن كعب، الصفحة أو الرقم: 762، حديث صحيح.
- ↑ مجموعة من المؤلفين (1404-14027 هـ)، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الأولى)، مصر: دار الصفوة، صفحة 360-361، جزء 35. بتصرّف.
- ↑ سورة الزمر، آية: 67.
- ↑ سورة الطلاق، آية: 7.
- ↑ سورة الدخان، آية: 4.
- ↑ د. سعيد بن علي بن وهف القحطاني (2010 م)، الصيام في الإسلام في ضوء الكتاب والسنة (الطبعة الثانية)، القصب: مركز الدعوة والإرشاد، صفحة 420-421. بتصرّف.
- ↑ رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 3513، صحيح حسن.
- ↑ مجموعة من المؤلفين (1404-14027 هـ)، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الأولى)، مصر: دار الصفوة، صفحة 362، جزء 35. بتصرّف.