متى يجوز الطلاق
الطلاق
عرّف الفقهاء الطلاق بأنّه حلّ قيد النكاح أو بعضه، وقصد الفقهاء بقولهم بعضه؛ إذا طلّق الرجل زوجته طلقةً رجعيةً، والطلاق مشروعٌ في الإسلام بأدلةٍ كثيرةٍ، منها ما ورد في القرآن الكريم، ومنها ما كان في السنّة النبوية الشريفة، فأمّا من القرآن الكريم فقد قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ)،[1] وأمّا من السنة النبوية الشريفة فقول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (أبغضُ الحلالِ إلى اللَّهِ الطلاقُ)،[2] ومع أنّ الطلاق جائزٌ ومشروعٌ في الإسلام، إلّا أنّ الأصل فيه الحظر والمنع، كما عبّر بعض العلماء، فقد قال الإمام السرخسي -رحمه الله- إنّ إيقاع الطلاق مباحٌ، إلّا أنّه مبغضٌ ومكروهٌ عند عامة العلماء، وللطلاق أقسامٌ من حيث لفظه وصيغته، فمنه الطلاق الصريح: وهو الذي يكون بألفاظٍ لا تحتمل سوى معنى الطلاق، ولا تحتمل غيره من المعاني؛ كقول الزوج لزوجته أنت طالقٌ، أو طلقّتك، وذلك النوع من الطلاق يقع طلاقاً؛ لما فيه من ظهور المعنى، ومن أقسام الطلاق أيضاً الطلاق الكنائي: وهو ما يكون بلفظٍ يحتمل الطلاق وغير ذلك؛ كقول الزوج لزوجته أنت بائنٌ، أو الحقي بأهلك، وذلك الطلاق لا يقع إلّا إذا اقترن بنية إيقاع الطلاق.[3][4]
يقع الطلاق من الجادّ فيه والهازل، وذلك من أجل صيانة عقد الزواج من اللعب والاحتيال ونحو ذلك، وللطلاق صورٌ متعددةٌ، فإمّا أن يكون طلاقاً منجزاً، أو مضافاً، أو معلقاً، فأمّا الطلاق المنجز فهو كقول الرجل لزوجته أنت طالقٌ، وهو يقع منجزاً؛ أيّ يقع في الحال، لأنّه لم يقيد بشيءٍ، أمّا الطلاق المضاف فهو كقول الرجل لزوجته أنت طالقٌ غداً، أو نحو ذلك، فإنّ ذلك لا يقع إلّا عند حلول الأجل والموعد الذي حدّده الزوج، أمّا الطلاق المعلّق: فهو ما جعله الزوج معلّقاً على شرطٍ معينٍ، وللطلاق المعلق قسمان مختلفان، الأول أن يقصد الزوج به حثّ زوجته على فعلٍ ما، أو ترك فعلٍ ما؛ كأن يقول الزوج لزوجته أنت طالقٌ إن ذهبت إلى السوق، ويقصد الزوج بذلك حثّها على عدم الذهاب، فلا يقع ذلك الطلاق إن ذهبت المرأة، ولكن تجب فيه كفارة اليمين على الزوج، وأمّا القسم الثاني للطلاق المعلق؛ فهو ما يقصد به الزوج إيقاع الطلاق فعلاً؛ كأن يقول الرجل لزوجته أنت طالقٌ إن فعلت كذا، فإن فعلت المرأة ما اشترطه الزوج للطلاق، وقع الطلاق.[4]
وقت جواز الطلاق
جعلت الشريعة الإسلامية قيوداً لإيقاع الطلاق، حتى تمنع من التسرع فيه، وتحافظ على الرابطة الزوجية، فإذا توافرت تلك القيود في الطلاق، وقع موافقاً للصورة الشرعية ولا إثم فيه، إمّا إن اختلّ أحد تلك الشروط، أو فُقد، فإنّه يقع موجباً للسخط الإلهي والإثم، وفيما يأتي بيان القيود الثلاثة:[5]
- أن يكون الطلاق لحاجةٍ مقبولةٍ شرعاً.
- أن يوقع الزوج الطلاق على زوجته، في طُهرٍ لم يجامعها فيه.
- أن يوقع الزوج الطلاق على زوجته مفرّقاً، وليس في جلسةٍ واحدةٍ.
كما ضيّق الإسلام وقت جواز الطلاق إلى أضيق حدّ، وذلك لرغبة الإسلام في استدامة الحياة الزوجية بين الزوجين، وكراهة الفرقة بينهما، ومن أجل تقليل فرص هدم البيوت، وتشتيت الأسر بالطلاق الذي يعصف بأفراد الأسرة جميعاً، وهكذا فقد جعل الإسلام وقت الطلاق مضيّقاً، ينحصر في وقت الطهر الذي لم يجامع الزوج فيه زوجته، فالمرأة عادةً تطهر ثلاثةٌ وعشرون يوماً، وتحيض سبعة أيامٍ من كلّ شهرٍ، فإذا جامع الرجل زوجته في طهرها، حُرّم عليه طلاقها في ذلك الطهر، أمّا في حالة الحيض، والنفاس، فلا يجوز الطلاق فيهما مطلقاً، وهكذا بقي حال كون المرأة حاملاً، ووقت حمل المرأة من الأوقات التي تُنقص عزم الإنسان على إيقاع الطلاق غالباً، كما ويُضعف الرغبة في الفراق، ويتضح ممّا سبق أنّ وقت جواز الطلاق من كلّ شهرٍ ضيقٍ جداً، وذلك بعد الطهر من الحيض، وقبل أن يحصل الجماع بين الزوجين.[5]
الطلاق الرجعي والبائن
يقسم الطلاق من حيث الرجعة وعدمها إلى قسمين اثنين: هما الطلاق الرجعي، والطلاق البائن، وفيما يأتي بيان كلّ منهما:[6]
- الطلاق الرجعي، وهو الطلاق الذي يملك الزوج فيه إرجاع زوجته إلى عصمته في فترة العدّة، سواءً أرضيت بذلك أم لا، ودون الحاجة إلى مهرٍ أو عقدٍ جديدين، وتتعلق بالطلاق الرجعي بعض الأحكام، منها: أنّ الزوجة تبقى متعلقةً بزوجها، فلو توفي أحد الزوجين ورثه الآخر، كما يجوز لها أن تتزين لزوجها في تلك الفترة؛ حتى تحثّه على مراجعتها، ولا يشرع خطبة المرأة أثناء عدتها بالطلاق الرجعي، والراجح أنّ رجعة الزوجة إلى زوجها في ذلك النوع من الطلاق تصّح بأيّ شيءٍ دلّ على ذلك من قولٍ أو فعلٍ، فلو قال الزوج لزوجته أرجعتك؛ فقد رجعت، وإن جامعها في فترة العدة؛ فقد رجعت كذلك.
- الطلاق البائن، ويقسم إلى قسمين رئيسيين، الأول منهما الطلاق البائن بينونة صغرى، وهو الطلاق الذي لا يملك الزوج فيه أن يرجع زوجته، إلّا بعقدٍ ومهرٍ جديدين، ويكون ذلك إمّا بانتهاء عدّة المطلقة رجعياً، فينقلب بذلك الطلاق من رجعيٍ إلى بائنٍ بينونةٍ صغرى، أو بطلاق الرجل لزوجته قبل الدخول بها، فحينها يقع الطلاق بينهما بائناً بينونةً صغرى، أو أن يقع الفراق بينهما بخلعٍ، وأمّا القسم الثاني من الطلاق البائن، فهو الطلاق البائن بينونة كبرى، وهو الطلاق الذي لا يملك فيه الزوج إرجاع زوجته، لا في عدتها، ولا بعد انتهاء عدتها، إلّا إذا نكحت زوجاً آخر بعقد زواجٍ صحيحٍ، ودخل بها الزوج الآخر، ثم فارقها بموتٍ أو طلاقٍ، ثم انتهت عدتها منه، وحينها فقط يحلّ لزوجها الأول أن يرجعها بعقدٍ ومهرٍ جديدين.
المراجع
- ↑ سورة الطلاق، آية: 1.
- ↑ رواه ابن حجر العسقلاني، في تخريج مشكاة المصابيح، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 3/309، حسن.
- ↑ الشيخ الدكتور عبدالمجيد بن عبدالعزيز الدهيشي (2013-3-19)، "الطلاق تعريفه ومشروعيته"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-9-30. بتصرّف.
- ^ أ ب "صيغ الطلاق"، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 2018-9-30. بتصرّف.
- ^ أ ب "قيود إيقاع الطلاق"، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 2018-9-30. بتصرّف.
- ↑ د. فارس العزاوي (2014-9-4)، "أقسام الطلاق"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-9-30. بتصرّف.