متى كانت حجة الوداع للرسول
لقد قام الرسول صلى الله عليه وسلم أثناء دعوته بتعليم الأمة الإسلامية عن طريق الصحابة الكرام لتعاليم الإسلام كلّها من أركان، وفرائض، وسنن، وتعاليم ومبادئ، ومن هذه الأركان والتعاليم التي قام الرسول صلى الله عليه وسلم بتعليمها للمسلمين هي الحج، والتي قام بها عن طريق حجّة الوداع التي تعتبر الحجة الوحيدة للرسول صلى الله عليه وسلم، حيث كانت هذه الحجة وداعاً للمسلمين أجمعين والتي ألقى فيها عليه الصلاة والسلام آخر وصاياه للمسلمين في خطبة الوداع التي قام صلى الله عليه وسلم بها على جبل عرفة، فمّن شعروا بهذا الأمر أبو بكرٍ الصديق رضي الله عنه الذي بكى عندما نزل قوله تعالى:" الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا" وذلك لعلمه رضي الله عنه بأنّ في هذه الآية نعيٌّ للرسول صلى الله عليه وسلم.
وقد قام الرسول صلى اله عليه وسلم بحجة الوداع برفقة أصحابه رضي الله عنهم في السنة العاشرة للهجرة، حيث إنّه في الخامس من ذي القعدة من ذاك العام قام بالإعلان عن نيته للخروج إلى الحج ودعا من أراد من المسلمين أن يخرج معه إلى بيت الله أداءً لفريضة الحج، فخرج معه صلى الله عليه وسلم ما يقارب المائة ألف مسلمٍ رجالاً ونساءً، فضل صلى الله عليه وسلم يلبي في الحج حتّى دخل إلى مكة المكرمة فقام بالطواف حول الكعبة الشريفة سبعة أشواط وصلى ركعتين عند مقام إبراهيم عليه السلام، ومن ثمّ قام بالسعي بين الصفا والمروة، وقام صلى الله عليه وسلم وبات في منى في اليوم الثامن من ذي الحجة، وتوجّه في التاسع من الشهر نفسه إلى عرفة فوقف في عرفة وخطب في الناس خطبة الوداع في ظهر عرفة، ومن ثمّ نزل عن عرفة وأكمل مناسك الحج، وقد كان منهجه صلى الله عليه وسلم في الإجابة عن أسئلة المتسائلين من أصحابه عن تعاليم الحج هو التيسير فيقول لهم صلى الله عليه وسلم:" افعلوا ولا حرج".
أمّا خطبة الوداع والتي تعدّ أحد أهمّ الخطب في الإسلام والتي قام الرسول صلى الله عليه وسلم بإعطاء وصاياه الأخيرة للمسلمين، والتي كان من ضمنها حرمة دم المسلم، وحرمة أموالهم وأعراضهم، وحرمة الربا والكبائر المختلفة، كما أكدّ صلى الله عليه وسلم في هذه الخطبة على أهمية التمسّك في كتاب الله وسنة نبيه التي تركها في المسلمين ليقتدوا بها وبيّن أهمية الاعتناء بالنساء وعدم إهانتهن، وبيّن الرسول صلى الله عليه وسلم أيضاً أنّ الأمر الذي يفاضل الناس على بعضهم البعض هو تقواهم لله تعالى فقط.