أين نشأ الخوارزمي
نشأة الخوارزمي
هو محمد بن موسى الخوارزميّ، وُلِد سنة 780م، في مدينة بغداد، حيث نَشَأَ وتَرعرعَ فيها، وحَسب بعض الروايات، فإنّ أَصْله يعود إلى خوارزم، وهي منطقة تَقع في أوزبكستان، ويُعَدّ محمد بن موسى الخوارزميّ من أعظم عُلماء الرياضيّات المسلمين،؛ فقد كان لإنجازاته دورٌ كبير في تقدُّم علم الرياضيّات، وبالأَخصّ فرع الجَبر، ودوره في نَشْر الأرقام الهنديّة، وقد تُوفِّي الخوارزمي سنة 850م في بغداد، بعد رحلة مليئة بالعطاء والإنجازات.[1][2][3]
كان محمد بن موسى الخوارزميّ في أَوْج ازدهاره العلميّ في الدولة العبّاسية، مُزامَنةً مع عَصر الخليفة المأمون، حيث اشتغلَ وفرَّغ وقته لدار الحكمة (خزانة الحكمة)، التي عمل أسَّسها المأمون، وكانت الغاية من إنشائها نَشْر أعمال ومُؤلَّفات العلماء، والتنقيب في المُؤلَّفات الغربيّة و اليونانيّة، وترجمتها، وبالأخصّ الأعمال العلميّة والفلسفيّة، وتولّى الخوارزميّ إدارة دار الحكمة في فترة حُكْم المأمون (813م-833م)، إذ كانت هذه الفترة تُمثِّل فترة انغماس الخوارزميّ في العِلم، والأدب، واستطاعَ من خلال عمله هذا، الاطِّلاع على المُنجَزات الهنديّة، واليونانيّة، وترجمتها، كما أنّه قضى فترة طويلة في دراسة علوم الفَلَك، والجغرافيا، والرياضيّات، ممّا أدّى إلى تقديم أعمال وكتابات مُهمّة في عِلم الجَبر، وعِلم المُثلَّثات، ورَسْم الخرائط، والعديد من المُؤلَّفات.[1][2][3]
إبداعات الخوارزمي
يُعَدّ محمد بن موسى الخوارزميّ أحد نوابغ الحضارة العربيّة الإسلاميّة؛ حيث ارتقى عالياً في سماء الرياضيّات خاصّة، وباقي العلوم عامّة، ولذلك فإنّ له الفَضْل الكبير على العلماء العرب، والعلماء الأوروبيّين، وفي هذا المقال عَرْض لبعض إنجازاته العلميّة التي قدَّمها للبشريّة.[4]
إبداع الخوارزميّ في عِلم الجَبر
قسَّم الخوارزميّ الأعداد التي تلزمُه في عِلم الجَبر إلى ثلاثة أنواع، وجَعَل المُعادلات على عدّة أشكال وصور، وهي تُمثِّل حلول المُعادلات من الدرجة الأولى، والدرجة الثانية في كُتُب الجَبر الحديثة، وبالإضافة إلى دور الخوارزميّ الكبير في عِلم الجَبر (بالإنجليزيّة: Algebra)، فقد ألَّف كتاباً آخر يَختصُّ بعِلم الحساب؛ حيث كان هذا الكتاب هو الأوّل من حيث: التبويب، والترتيب، والمادّة العلميّة، فلم يسبق وجود كتاب من هذا النوع، إذ تُرجِم إلى اللغة اليونانيّة، ونُقِل إلى أوروبا كأوّل كتاب يتناول عِلم الحساب بهذا الشكل، وبَقِي لفترة طويلة مرجعاً يلجأ إليه العلماء، والتجّار الذين يعتمدون في أعمالهم على العمليّات الحسابيّة، فكان عِلم الحساب يُسمَّى بالجوارتميّ؛ نسبةً إلى واضع هذا العِلم، وهو(الخوارزميّ).[4]
إبداع الخوارزميّ في عِلم الحِساب
ومن أهمّ ما قدّمَه العرب للعالَم، وبفَضْل الخوارزميّ تحديداً، ترحيل الحساب الهنديّ، وتهذيب الأرقام المُستخدَمة حاليّاً في العالَم، فقد كانت الحضارات المصريّة، والبابليّة القديمة، تواجه مشاكل في إجراء العمليّات الحسابيّة؛ وذلك لافتقارهم إلى نظام ترقيم، إلى أن استعاروا الأرقام الهنديّة من الهنود، حيث شكَّلوا من تلك الأرقام نوعين: نوع سُمِّي بالأرقام الهنديّة، والتي اشتُهِر استعمالُها في الجانب الشرقيّ من العالَم الإسلاميّ، وفي بغداد أيضاً، والنوع الآخر سُمِّي بالأرقام الغباريّة، والتي اشتُهِر استخدامها في الناحية الغربيّة من العالَم الإسلاميّ، كالأندلس، وشمال أفريقيا، وغيرها، حيث انتقلَ إلى العالَم الأوروبيّ، ومازال هذا النظام يُستخدَم حتى وقتنا الحالي، ولم يلجأ أحد قَبل الهنود لاستخدام الصِّفر في المنازل التي لا تحتوي على أرقام، حيث كانوا يُسمّونه ب(سونيا)؛ ويعني الفراغ، ويُرمَز له بنقطة كالآتي (.)، وبفَضْل الخوارزميّ، أصبح الصِّفر مُستخدَماً في العمليّات الحسابيّة عند العرب، إلى أن استعمرَ الإنجليز الهند، حيث أصبحوا يكتبون الصفر على شكل دائرة (0).[4]
إبداع الخوارزمي في علم الفلك
ولم يتوقَّف إبداع الخوارزميّ على مجالَي الجَبر، والحساب فقط، بل فاقَ ذلك ليصلَ إلى عِلم الفَلَك، فقد كان الخوارزميّ عالماً فلكيّاً مُبدِعاً، حيث وَضَع جدولاً فلكيّاً سُمِّي بزيج الخوارزميّ، إذ كان له الدور الأكبر من بين الجداول الفلكيّة الأخرى التي وُضِعت من قِبَل العلماء العرب فيما بعد، وكان مرجعاً اعتمدَ عليه العلماء في وَضْع الأزياج الأخرى، فقد كان يُمثِّل مصدراً موثوقاً لهم، كما ألَّف كتاباً يُبيِّن كيفيّة العمل باستخدام الإسطرلاب، ويُعرَّف الإسطرلاب بأنّه آلة تُشبه إلى حدٍّ كبير التلسكوب، حيث كان يُستخدَم لمشاهدة السماء، وتعيين أماكن النجوم، والكواكب، وبالإضافة إلى كلّ إنجازات الخوارزميّ الرياضية، والفلكية، فقد كان من المُجدِّدين والمُعدِّلين لجغرافية بطليموس، حيث قدَّم العديد من الأفكار والاقتراحات الجديدة التي لم يأتِ بها أحد من قَبْل.[4]
إنجازات أخرى للخوارزميّ
يُعتبَر الخوارزميّ من أوائل العلماء الذين كان لهم الأثر الواضح في النَّقْلة النوعيّة لعِلم الرياضيّات، وفي ما يأتي بعض المُنجَزات التي قدَّمها:
- يُعَدّ الخوارزميّ أوّل من وَضَع عِلم الجَبر، واستخدمَ لَفظ الجَبر، وألَّف أصوله، وقوانينه، فألَّف كتابه بعنوان (المُختصَر في حساب الجَبر والمُقابلة).[5]
- يُعَدُّ الخورازميّ أوّل من أضاف الصِّفر إلى مجموعة الأعداد 3،2،1،... لتشكِّل بهذا مجموعة الأعداد الطبيعيّة.[5]
- يُعَدّ الخوازميّ أوّل من استعمل الجَذْر التربيعيّ.[5]
- يُعَدّ الخوارزميّ مُكتشِف لَفْظ الخوارزميّات، حيث كان لها دورٌ كبيرٌ في عِلم الحاسوب، وعِلم الرياضيّات، كما ساهمت في تسهيل العمليّات الحسابيّة المُستخدَمة عن طريق الحاسوب، وبالتالي فقد اشتُهِرت هذه الخوارزميّات في جميع أنحاء العالَم، وبناءً عليه، سُمِّي الخوارزميّ (أبا عِلم الحاسوب)، كما تُرجِمت كلمة الخوارزميّات إلى الإنجليزيّة، حيث سُمِّيَت ب (algorithm)، وهي كلمة مُشتَقّة من اسم الخوارزميّ، وتعني عِلم اللوغاريتمات.[3]
- قدَّم الخوارزميّ جداول للنِّسَب المُثلَّثية (لجيوب وظلال زوايا المُثلَّثات)، حيث تُرجِمت في وقت لاحق (القرن الثاني عشر) إلى اللغة اللاتينيّة.[3]
- ألَّف كتاب (المُختصَر في حساب الجَبر والمُقابلة) المُختَصّ بالرياضيّات، حيث تُرجِم في القرن الثاني عشر إلى اللاتينيّة، واحتوى هذا الكتاب على عدّة أمور، منها كيفيّة حساب مساحات الأشكال الهندسيّة، وأحجامها، كما أنّه استخدمَ عِلم الجَبر في توزيع الميراث بناءً على تعاليم الشريعة الإسلاميّة، وذَكَر في الكتاب مدى تأثير الأفكار البابليّة القديمة في عِلم الرياضيّات؛ ومن الجدير بالذِّكر أنّ هذا الكتاب كُتِب بعدّة لغات، منها: العِبريّة، واليونانيّة، والهنديّة.[1]
المراجع
- ^ أ ب ت Munther Younes،Yomna Chami، Arabiyyat Al-Naas (Part Three): An Advanced Course in Arabic (الطبعة الأولى)، صفحة: 79-80، جزء الثالث. بتصرّف.
- ^ أ ب علي مشرفة، الجبر والمقابلة لمحمد بن موسى الخوارزمي (الطبعة الأولى)، نوابغ الفكر، صفحة 11-17، جزء الأول. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث طارق جهلان، الأثر العربي للحضارة العربية الإسلامية، صفحة 118-122. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث بواسطة مصطفى الجيوسي، موسوعة علماء العرب والمسلمين وأعلامهم، صفحة 196-198-199. بتصرّف.
- ^ أ ب ت بواسطة مجدي محمود، الرياضيات المسلية، صفحة 9+10. بتصرّف.