من هم المحارم للمرأة
أهمية النسب في الإسلام
اعتنى الإسلام بقضية النسب اعتناءً كبيراً، حتى إن كثيراً من الفقهاء والأصوليين عدّوه من الكليّات الخمسة التي جاء الإسلام لحفظها والتأكيد على أهميتها، وهذه الكليات الخمسة هي حفظ الدين، وحفظ النفس، وحفظ النسل، وحفظ العقل، وحفظ المال، ويعبّرون عن حفظ النسل أحياناً بالقول حفظ النسب لما بين النسل والنسب من ارتباط وثيق، فحفظ النسل يؤدي إلى حفظ النسب، ولهذا كانت عناية الشارع سبحانه وتعالى به شديدة وثيقة، وهذه الكليات هي ذاتها الكليات الستة التي يضيف إليها بعض العلماء حفظ العرض، وذلك إذا لم يجعلوه داخلاً في حفظ النسل أو النسب، وقد أفرد الإسلام لهذه الأمور عناية واهتماماً خاصاً، ففيما يتعلق بحفظ النسب قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- تأكيداً على أهميته (علَّموا من أنسابِكم ما تَصِلون به أرحامَكم، فإنَّ صلةَ الرحمِ محبَّةٌ في الأهلِ، مثراةٌ في المالِ، منسأةٌ في الأثرِ)[1]، وقال المناوي -رحمه الله- في معنى هذا الحديث أي تعلموا من علم النسب مقدار ما تعرفون به أقاربكم حتى تصلوهم، وفي مثل هذه الحالة يكون تعلّم النسب مندوباً، وقد يكون واجباً في بعض الأحيان إذا ترتب عليه واجب.[2]
والسبب في أهمية علم النسب أن كثيراً من الآثار والأحكام تترتب عليه، فمنها مثلاً ما يتعلق بأمور وأحكام الميراث، فبالنسب يُعرف من يستحق الميراث بالفرض أو التعصيب أو الرحم، كما أن من يرث يحجب غيره عن الميراث ممن يستحقه، فلو كان ابناً مثلاً فإنه سيحجب إخوة من يرثه وباقي عصبته، والنسب كذلك سبب لثبوت المحرميّة، والتي يترتب عليها عدد من الأحكام كجواز الخلوة ورؤية الزينة الظاهرة للمرأة ونحو ذلك، كما أنه سبب في تحريم التزاوج في مراتبه من قرابة أو مصاهرة، والنسب أيضاً يحدد من تجب عليه النفقة ولمن، وعليه تترتب أحكام الدية، لأن الدية على العاقلة، كما تترتب أحقية الحضانة والتربية بمراتبها على العلم به أيضاً، وكذلك الولاية في تزويج البنات، والولاية على الصغار، وواجب البر والصلة للأقارب والأرحام، فكل ما سبق وغيره من الأحكام والتشريعات يترتب على معرفة النسب والاهتمام به، ولذلك كانت له تلك الأهمية الكبيرة في الشريعة الإسلامية.[2]
محارم المرأة
المحرم على المرأة هو من لا يجوز له الزواج بها على وجه التأبيد، ويكون ذلك إما بالقرابة أو بالرّضاع أو بالمصاهرة، وفيما يأتي بيان ذلك:[3]
- محارم المرأة من النسب: وهؤلاء هم الذين ذكرهم لله تعالى في قوله (وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ)[4]، فيظهر من الآية الكريمة أن محارم المرأة من النسب هم الآتي ذكرهم:
- محارم المرأة من الرّضاع: جاء في السنة النبوية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله (يَحْرُمُ من الرَضَاعِ ما يَحْرُمُ من النَّسَبِ)،[5] والمراد من ذلك أن محارم المرأة يكونون بسبب الرّضاع كما يكونون بسبب النسب.
- محارم المرأة من المصاهرة: وهؤلاء يحرم عليهم نكاحها على وجه التأبيد أيضاً، وهم الآتي ذكرهم:
- الآباء، أي آباء المرأة وإن علوا، من جهة الذكور ومن جهة الإناث، أي آباؤها من جهة الأب وآباؤها من جهة الأم.
- الأبناء، أي أبناء المرأة وإن نزلوا، كأبناء الأبناء من الذكور والإناث.
- الإخوة، أي إخوان المرأة، سواءً أكانوا إخواناً لأم وأب معاً، أم إخواناً لأم أم إخواناً لأب.
- أبناء الإخوة، وإن نزلوا من الذكور والإناث.
- الأعمام والأخوال، أي أعمام المرأة وأخوالها، وهؤلاء لم يذكروا في الآية الكريمة لأنهم بمثابة الوالدين، فقد يطلق على العم أب.
- أبناء زوج المرأة.
- آباء زوج المرأة.
- زوج ابنة المرأة.
عورة المرأة على محارمها
تنقسم عورة المرأة بالنسبة إلى مثيلاتها من النساء ومحارمها من الرجال إلى ثلاثة أقسام كما يأتي:[6]
- العورة المغلّطة، وتشمل الفرجين؛ القبل والدبر وما حولهما.
- العورة المتوسطة، وتشمل ما بين السرة إلى الركبة من جسدها.
- العورة المخففة، وتشمل ما بقي من جسدها غير العورة المغلظة والمتوسطة، وهو ما كان من العادة والعرف أن تستره في المنزل.
ويجوز للمرأة أن تكشف أمام مثيلاتها من النساء وأمام محارمها من الرجال العورة المخففة من جسدها، أي ما يظهر منها عادة في المنزل، ولا يجوز لها أن تكشف ما سوى ذلك أمامهم، وتدل الآية السابق ذكرها من سورة النور والتي تذكر محارم المرأة من الرجال على حرمة إظهار ما سوى العورة المخففة أمامهم، ووجه الدلالة فيها كما بيّن العلماء أن الله تعالى نهى النساء عن إبداء زينتهن إلا لأصناف محددة من الناس فيها، وهم مختلفون في قدر الزينة الجائز إظهارها لهم، مع ذلك فقد أطلقت الآية الزينة الجائز إظهارها لهم جميعاً، فكان لا بدّ لتحديدها من الرجوع إلى النصوص الأخرى المفسّرة لها وإلى فهم من نزل القرآن في عصرهم، فمن النصوص التي وضّحت ذلك قول الله تعالى: (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ*إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ)،[7] وأما من فهم الصحابة الذين نزل القرآن في عصرهم فقد قال ابن عباس أن المقصود بالزينة الجائز إظهارها لهؤلاء هي مواضع القرط والقلادة والسوار والخلخال.[6]
المراجع
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 2965، صجيج.
- ^ أ ب "اهتمام الإسلام بحفظ الأنساب"، www.fatwa.islamonline.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-10-8. بتصرّف.
- ↑ "من هم المحارم الذين تكشف أمامهم المرأة"، www.islamqa.info، 1999-11-24، اطّلع عليه بتاريخ 2018-10-8. بتصرّف.
- ↑ سورة النور، آية: 31.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 2645، صحيح.
- ^ أ ب الشيخ علي بن عبدالله النمي (2014-9-9)، "أقسام العورة وما يجوز للمرأة كشفه أمام محارمها"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-10-8. بتصرّف.
- ↑ سورة المؤمنون، آية: 5-6.