-

من لم يخرج زكاة الفطر

من لم يخرج زكاة الفطر
(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

زكاة الفطر

يُخرج المسلمون مع نهاية شهر رمضان من كلّ عامٍ صدقةً تسمّى صدقة الفطر، أو زكاة الفطر، وقد يخرجونها في ليلة عيد الفطر أو صباحه، وقد سمّيت بذلك الإسم؛ لأنّها تخرج في الزمن الذي يفطر فيه الصائمون بعد أن صاموا شهر رمضان، وهي واجبةٌ على كلّ مسلمٍ حرٍ ملك مقدار صاعٍ، يزيد عن قوته، وقوت أهله ليومٍ وليلةٍ، وتجب زكاة الفطر على الرجل عن نفسه وعمّن يعول؛ كالزوجة والأولاد، وكلّ من وجبت نفقتهم عليه، والحِكمة من مشروعية زكاة الفطر؛ تطهير الصائم مما يمكن أن يكون قد وقع به من لغوٍ، أو إثمٍ، أو رفثٍ في صيامه، كما أنّ صدقة الفطر معونةٌ للفقراء والمحتاجين من المسلمين في يوم العيد؛ ليفرحوا ويتمتعوا بها، ودليل ذلك قول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (زكاةُ الفطرِ طُهْرَةٌ للصائِمِ مِنَ اللغوِ والرفَثِ، وطُعْمَةٌ للمساكينِ)،[1] والمقدار الواجب إخراجه في صدقة الفطر هو: صاعٌ من ما يعتبر قوتاً للناس؛ كالقمح، أو الشعير، أو الزبيب، أو الأرز، أو الأقط، أو الذرة، وتصرف زكاة الفطر على مصارف الزكاة، ويجوز إخراج صدقة الفطر للأقارب، إن كانوا بها أولى، عدا من تلزم الإنسان مؤنته من الأقارب كما في الزكاة الواجبة. [2][3]

اتفق العلماء على وجوب إخراج زكاة الفطر في آخر شهر رمضان، إلّا أنّهم اختلفوا في وقت الوجوب على وجه التحديد، فقال الشافعي في الجديد من مذهبه، وأحمد، والثوري وغيرهم، إنّ وقت وجوبها هو وقت غروب الشمس من ليلة الفطر؛ وذلك لأنّه وقت الفطر من رمضان، أمّا أبو حنيفة، والشافعي في مذهبه القديم، ومالك في أحد قوليه، وغيرهم، قالو إنّها تجب عند طلوع الفجر من يوم العيد، وتظهر الفائدة من هذا الخلاف، في السؤال عن وجوب زكاة الفطر على المولود، إن وُلد بعد غروب شمس ليلة العيد، وقبل طلوع الفجر، فعلى القول الأول، لا تجب عليه زكاة الفطر؛ لأنّه إنّما ولد بعد وقت الوجوب، أمّا على القول الثاني، فتجب في حقّه؛ لأنّه ولد قبل وقت الوجوب، وذهب جمهور الفقهاء إلى جواز تعجيل إخراج زكاة الفطر قبل يوم العيد، بيومٍ أو يومين، واختلفوا في جواز أن يتعجل المسلم أكثر من ذلك، فقال أبو حنيفة بجواز تقديمها على شهر رمضان، وقال الشافعي بجواز تقديمها من أول شهر رمضان، وقال مالكٌ يجوز تقديمها يوماً أو يومين.[3]

حكم من لم يخرج زكاة الفطر

إنّ لزكاة الفطر وقت وجوبٍ محددٍ، فيجب على المسلم أن يحرص على أداء زكاة الفطر فيه، وهو قبل صلاة العيد، وذهب جمهور العلماء إلى أنّ من لم يخرج زكاة الفطر، حتى تقوم صلاة العيد، كان تأخيره ذلك مكروهاً، أمّا من أخّرها حتى انقضى يوم العيد، فقال أكثر أهل العلم أنّ تأخيره ذلك حرامٌ شرعاً؛ لأنّها زكاةٌ واجبةٌ لا يجوز تأخيرها عن وقتها، كما لا يجوز تأخير الصلاة المفروضة عن وقتها، واستدل العلماء لذلك بحديث رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم عن زكاة الفطر، أنّه قال: (مَنْ أدَّاها قَبْلَ الصلاةِ فَهِيَ زكاةٌ مقبولَةٌ، وَمَنْ أدَّاها بَعْدَ الصلاةِ فهِيَ صدَقَةٌ مِنَ الصدَقَاتِ)،[1] ويلزم على من لم يخرج زكاة الفطر في وقتها، أن يخرجها لاحقاً؛ فإنّها دينٌ في الذمة، لا تسقط عن الإنسان، وتُعتبر حقاً من حقوق الفقراء والمساكين، فإذا أدّاها الإنسان سقطت عنه، ويبقى عليه أن يستغفر الله تعالى، ويتوب إليه عن تأخيره لهذه الفريضة، أمّا إن نسي المسلم إخراج زكاة الفطر، أو اعتمد على غيره ممن كانت عادته أن يخرج زكاة الفطر عنه، ثم تبين أنّه لم يخرجها في ذلك العام، فإنه يكون معذوراً بذلك، فلا إثم عليه، بل ويرجى أن تُقبل منه زكاةً كاملةً؛ لأنّه كان معذوراً بتأخيرها.[4][5]

وفيما يتعلق بمن فرّط بإخراج زكاة الفطر سنين طويلةً، فالواجب عليه أن يسارع في حساب ما فاته من إخراج زكاة الفطر، عن نفسه وعن من كانت تلزمه مؤنته في كلّ عامٍ من تلك الأعوام، ثم يخرج ذلك كله، ولو أتى على جميع ماله، فإن كان مريضاً فعليه أن يوصي بإخراج زكاة الفطر من ثلث ماله، فإن كان جاهلاً بوجوب الزكاة عليه وعلى من يعيله، فلا إثم عليه، ويبقى عليه القضاء، أمّا إن كان عالماً بوجوبها، إلّا أنّه لم يكن قادراً على إخراجها، فلا إثم ولا قضاء عليه.[6]

حكم إخراج زكاة الفطر نقداً

فرض رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- زكاة الفطر على المسلمين من الطعام، فإنّ الأصل فيها إخراجها كذلك، ولهذا اختلف العلماء في حكم إخراجها نقداً، وكان لهم في ذلك ثلاثة أقوالٍ:[7]

  • ذهب المالكية، والشافعية، والحنابلة، إلى عدم جواز إخراج زكاة الفطر نقداً، واستدلوا لذلك بظاهر أحاديث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، المرشدة إلى إخراج زكاة الفطر من الطعام.
  • ذهب الحنفية إلى جواز إخراجها نقداً، واستدلوا على قولهم بأنّ المراد من زكاة الفطر؛ تحقيق إغناء الفقير ومساعدته، وهذا حاصلٌ بشكلٍ أبلغ إذا دفعت إلى الفقير نقداً.
  • ذهب الإمام أحمد في أحد أقواله إلى جواز إخراجها نقداً، إذا دعت المصلحة إلى ذلك، واختار هذا الرأي الشيخ ابن تيمية رحمه الله، وقالوا إنّ الأصل فيها أن تكون طعاماً، أمّا إن كانت المصلحة في إخراجها نقداً، فهذا جائز، ومن صور تلك المصلحة أن يكون في إخراج صدقة الفطر طعاماً شيءٌ من المشقة، والمشقة في الشريعة منتفيةٌ، فيجوز حينها إخراجها نقداً.

المراجع

  1. ^ أ ب رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 3570، صحيح.
  2. ↑ "معنى زكاة الفطر وسبب تسميتها بذلك"، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 2018-9-18. بتصرّف.
  3. ^ أ ب "زكاة الفطر"، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 2018-9-18. بتصرّف.
  4. ↑ "مضى العيد ولم يخرج زكاة الفطر "، www.ar.islamway.net، 2008-9-28، اطّلع عليه بتاريخ 2018-918. بتصرّف.
  5. ↑ "نسي أن يخرج زكاة الفطر قبل صلاة العيد"، www.islamqa.info، 2010-12-30، اطّلع عليه بتاريخ 2018-9-18. بتصرّف.
  6. ↑ "ما يلزم من لم يخرج زكاة الفطر لسنوات عديدة"، www.fatwa.islamweb.net، 2006-11-5، اطّلع عليه بتاريخ 2018-9-18. بتصرّف.
  7. ↑ "هل يجوز إخراج زكاة الفطر نقداً؟"، www.ar.islamway.net، 2010-8-31، اطّلع عليه بتاريخ 2018-9-18. بتصرّف.