من هو شهيد الشهداء
إرسال الرسل والأنبياء
اقتضت سنّة الله تعالى في الكون أن يقيم الحجّة على النّاس بإرسال الرّسل والأنبياء الذين يبلغون رسالات الله وشرائعه إلى البشر، فلا عذر لأمّةٍ من الأمم أو أحد من البشر أن يقول ما أتانا من نذيرٍ أو بشير، كما لا عذر لنبيّ من الأنبياء عند الله أن يترك أمّته بدون أن يبلّغ رسالات الله ويؤدّي الأمانة التي كلّف بها، فالله سبحانه وتعالى سوف يسأل الرّسل والأنبياء يوم القيامة عن تبليغهم للرّسالة ويطلب الشّهادة على ذلك من أقوامهم، فمن هم الشّهداء على الأمم ؟ ومن هو شهيد الشّهداء؟
أمّة الإسلام شهيدة على تبليغ الأنبياء
ذكر النّبي عليه الصّلاة والسّلام في الأحاديث النّبويّة الشّريفة أنّ النّبي يأتي يوم القيامة ومعه رجال ممّن آمنوا معه، فيسأله الله سبحانه وتعالى عن رسالته وهل بلّغها إلى قومه أم لا، فيقول الرّسول لقد بلّغت، ويسأل الله تعالى أمّته فيما إذا كان الرّسول بلغها بالرّسالة فتنكر أمّته، فيقال للنّبي من يشهد لك، فيقول: أمّة محمّد عليه الصّلاة والسّلام.
تقوم الأمّة الإسلاميّة بالشّهادة لصالح هذا النّبي بأنّه بلّغ الرّسالة وأدّى الأمانة، فتسأل الأمّة عن علمها بهذا التّبليغ فتقول قد أخبرنا النّبي عليه الصّلاة والسّلام أنّ الرّسل قد بلّغت فصدّقناه، وهذه معنى الآية الكريمة: (وكَذٰلِكَ جَعَلْنَـٰكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى ٱلنَّاسِ وَيَكُونَ ٱلرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً )، فهذه الأمّة المحمّديّة من خصائصها التي تميّزت بها على الأمم أنّها تكون شهيدة على الرّسل والأنبياء الذين ينكر أقوامهم وصول التّبليغ إليهم.
شهيد الشّهداء
شهيد الشّهداء هو بلا شكّ النّبي محمّد بن عبد الله عليه الصّلاة والسّلام، فهو الذي يكون شهيداً على أمّته التي تشهد للرّسل والأنبياء بصدقهم وتبليغهم، ومعنى أن يكون النّبي شهيداً على هذه الأمّة أي أنّه يشهد أمام الله تعالى بأنّ هذه الأمّة المحمّديّة قد آمنت به وصدّقته واتبعت النّور الذي جاء به، ففي خطبة الوداع وجّه النّبي عليه الصّلاة والسّلام كلماته العظيمة إلى جموع المسلمين آنذاك، وهو يردّد عبارة ألا هل بلغت على مسامع المسلمين، ثمّ يقول اللّهم فاشهد، فرسول الله هو شهيد الشّهداء عليه الصّلاة والسّلام.
خصائص الأمّة المحمدية
إن شهادة هذه الأمّة للأنبياء والرّسل ما هي إلا خاصيةٌ واحدة من خصائص كثيرة أعطيت للأمّة الإسلامية دون الأمم، فهي الأمّة التي أحلت لها الغنائم ولم تحلّ لأحدٍ من قبلها، وهي الأمّة التي جعلت لها الأرض مسجداً وطهوراً، وهي الأمّة التي تكون أوّل الأمم دخولاً للجنّة، وهي شطر أهل الجنّة كما في ورد في الحديث الشّريف عن النّبي عليه الصّلاة والسّلام.