-

صفات زينب رضي الله عنها

صفات زينب رضي الله عنها
(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

زينب رضي الله عنها

هي زينب بنت رسول الله محمد بن عبد الله الهاشمية القرشية، وأمها خديجة بن خويلد رضي الله عنها، وكانت زينب -رضي الله عنها- من السبّاقين للإسلام، وهي أكبر بنات النبي عليه الصلاة والسلام، حيث وُلدت قبل البعثة بعشرة أعوام، وهي أول من تزوج من بناته عليه الصلاة والسلام، حيث تزوجها أبو العاص بن الربيع العبشمي ابن خالتها هالة بنت خويلد، وأنجبت له علي وأمامة، وقد توفي علي وهو صغير، أما أمامة فتزوجها علي بن أبي طالب رضي الله عنه، بعد وفاة فاطمة بنت رسول الله رضي الله عنها.[1]

صفات زينب رضي الله عنها

وردت أحاديث كثيرة في مناقب وفضائل زينب بنت رسول الله رضي الله عنها، فقد كانت منزلتها عظيمة في نفس والدها صلى الله عليه وسلم، فهي من السبّاقين في الإسلام، وقد صبرت وتحمّلت الكثير من الأذى ما كان سببا في وفاتها، وتوفيت في العام الثامن من الهجرة، ومن أبرز صفاتها -رضي الله عنها ما يأتي.[1]

الوفاء للزوج

ضربت زينب رضي الله عنها أروع الأمثلة بالوفاء والإخلاص للزوج، فبعد أن صدع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالدعوة إلى الإسلام، كانت -رضي الله عنها- من السبّاقين له، ولكن زوجها أبا العاص لم يكن من المبادرين للإسلام كما فعلت، وقال لها معتذراً: (والله ما أبوك عندي بمتهم، وليس أحب إلي من أن أسلك معك يا حبيبة في شِعْب واحد، لكني أكره أن يقال: إن زوجك خذل قومه وكفر بآبائه إرضاءً لامرأته، فهلا عذرتني يا زينب؟)، فكان من وفائها أن صبرت عليه طمعاً في إسلامه في المستقبل، ثم تسارعت الأحداث فهاجر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة المنورة، وبقيت زينب -رضي الله عنها- برفقة زوجها في مكة المكرمة، ومضت الأيام إلى أن وقعت معركة بدر، فخرج أبو العاص مُكرهاً في جيش المشركين لقتال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وزينب -رضي الله عنها- تنظر إليه وقلبها يكاد يتفطر حزناً، فزوجها الحبيب يخرج مكرهاً لقتال والدها الحنون، وما بيدها حيلة إلا الدعاء بأن يهدي الله -تعالى- قلب زوجها للإسلام.[2]

وتدور أحداث معركة بدر، وينتج عنها نصر مؤزّر للمسلمين، ويقع أبو العاص في الأسر على يد عبد الله بن جبير الأنصاري رضي الله عنه، ثم تتجلى رحمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيوصي بالأسرى خيراً، ويرسل في طلب زوج ابنته أبي العاص ويبقيه في بيته، ثم يُرسل أهل مكة في فداء أسراهم، ويسجل التاريخ موقفاً عظيماً من مواقف وفاء زينب رضي الله عنها، حيث أرسلت أغلى ما تملكه لفداء زوجها، وهي قلادة أهدتها لها أمها خديجة -رضي الله عنها- يوم زفافها، ولما وصلت القلادة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، أمسكها بيده وتمعّنها، فتزاحمت ذكرى زوجته الحبيبة في مخيلته، وتذكر ابنته زينب رضي الله عنها- فبكى عليه الصلاة والسلام، وصمت المسلمون من حوله تأثراً ببكاء حبيبهم عليه الصلاة والسلام، ثم رفع رسول الله -صلى الله عليه وسلم، رأسه، وقال: (إنْ رَأيْتُم أنْ تُطلِقوا لها أسيرَها وتَرُدُّوا عليها الذي لها).[3][2]

بعد ذلك تسابق الحضور لإرضاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقالوا: (نعم يا رسول الله)، فأُطلق سراح أبي العاص، وعاد إلى مكة والشوق إلى زوجته يملأ قلبه، ولكن ثمة حزناً وهماً عظيماً بين جوانحه، ولما وصل إلى بيته وجد زوجته الحبيبة بانتظاره، وتلاقت العينان فأشاح بنظره إلى الأرض والدموع تملأ عينيه، ثم أخبرها بما عاهد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث قال: (لقد طلب أبوك أن أردّك إليه؛ فالإسلام يفرق بيني وبينك فلا تحلين لي، وقد وعدته أن أدعك ترحلين إليه، وما كنت لأُخلف عهدي)، ثم طلب من أخيه كنانة بن الربيع أن يصحب زينب -رضي الله عنها- وبرفقتها ابنها علي وابنتها أمامة إلى المدينة المنورة.[2]

الصبر والجهاد في سبيل الله

كانت زينب -رضي الله عنها- مثالاً يُقتدى به في الصبر والجهاد في سبيل الله، فقد نشأت في بيت النبوة، وتربّت على الجهاد والكرامة منذ نعومة أظفارها، لا سيما أن آل بيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد نذروا نفوسهم لنصرة دين الله منذ بداية الدعوة الإسلامية، ووجدوا من المعاناة ما وجده غيرهم من المسلمين في مكة، وقد كانت زينب -رضي الله عنها- من السباقين للإسلام، وشهدت حصار قريش لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- في شعب أبي طالب، وصبرت على ما وجدته من المعاناة في تلك الواقعة، وقد كانت زينب -رضي الله عنها- مستهدفة في مكة لأنها بنت محمد صلى الله عليه وسلم، حيث كان كفار قريش كثيراً ما يحرّضون زوجها أبا العاص عليها، ويعرضون عليه الزواج بأجمل نساء مكة مقابل طلاقها، ولكنه كان يرفض ذلك، ويتمسك بزوجته، وصبرت زينب -رضي الله عنها- على بقاء زوجها في الشرك فترة طويلة، وبقيت تدعو الله أن يهديه إلى أن أسلم في العام السابع للهجرة.[4]

ومن المواقف التي دلت على تضحية زينب وجهادها في سبيل الله، صبرها على ما أصابها عندما خرجت مهاجرة في سبيل الله إلى المدينة المنورة، فقد روت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن زينب -رضي الله عنها- خرجتِ من مكة معَ كنانة، فلحقتها قريش وأدركها هبَّار بن الأسود، فلم يزل يطعن بعيرها برمحه حتَّى سقطت عنه وألقت ما في بطنِها وهريقت دما، واشتجر فيها بنو هاشم وبنو أميَّةَ، فقالَ بنو أميَّةَ: (نحنُ أحقُّ بها)، وكانت تحت ابن عمهم أبي العاصِ، فأقامت عند هند بنت عتبة بن ربيعة، وكانت تقول لها هذا بسبب أبيك.[1]

فلما بلغ رسول اللَّه -صلى اللَّهُ عليهِ وسلَّم- الخبر، أمر زيد بنِ حارثة -رضي الله عنه- أن ينطلق ويجيء بزينب، وبعث معه خاتمه ليعطيه إياها، فانطلق زيد، فلم يزل يبحث حتى لقي راعيًا فقالَ: (لمَن تَرعى؟ فقال: لأبي العاصِ بنِ رَبيعةَ، قال: فلمَن هذه الغَنمُ؟ قال: لزينبَ بنتِ محمَّدٍ عليه السَّلامُ، فسار معه شيئًا، ثمَّ قال له: هل لكَ أنْ أُعطيَكَ شيئًا تُعطيها إيَّاهُ، ولا تذكُرَهُ لأحَدٍ؟ قال: نَعمْ. فأعطاهُ الخاتَمَ، فانطَلَق الراعي، فأدخَل غَنمَهُ، وأعطاها الخاتَمَ، فعرَفتْهُ، فقالت: مَن أعطاكَ هذا؟ قال رجُلٌ، قالت: وأينَ ترَكْتَهُ؟ قال: مكانَ كَذا، وكَذا، فسكَنتْ حتى إذا كان اللَّيلُ خرَجتْ إليه، فقال لها: اركَبي بيْنَ يَدَيَّ، قالت: لا، ولكِنِ اركَبْ أنتَ، فركِب، وركِبتْ وراءَهُ، حتى أتَتِ النَّبيَّ عليه السَّلامُ، فكان رسولُ اللهِ عليه السَّلامُ يقولُ: هي أفضلُ بناتي، أُصيبتْ فيَّ).[5][1]

المراجع

  1. ^ أ ب ت ث "فضل زينب رضي الله عنها"، www.dorar.net، اطّلع عليه بتاريخ 18-1-2019. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت هدى النمر (22-12-2013)، "والله لا أفارق صاحبتي"، www.islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 18-1-2019. بتصرّف.
  3. ↑ رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج سير أعلام النبلاء، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 2/246، صحيح.
  4. ↑ سامية منيسي (4-2-2017)، "بنات النبي صلى الله عليه وسلم"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 18-1-2019. بتصرّف.
  5. ↑ رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج مشكل الآثار، عن عائشة، الصفحة أو الرقم: 142، إسناده حسن على شرط مسلم.