-

موضوع عن العمل التطوعي

(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

العمل التطوعي

يُعَدُّ العمل التطوُّعي من أهمّ عوامل تقدُّم، وازدهار الأمم، وهو جزء مهمّ من مُتطلَّبات الحياة المعاصرة، وركيزة أساسيّة في تنمية المجتمعات، وتطوُّرها، وهو عمليّة ترتبط بمعاني الخير، ونشر الترابط بين أفراد المجتمع، كما أنّ له دوراً مهمّاً في التغيير الاجتماعيّ، بالإضافة إلى أنّه يعزِّز من انتماء الأفراد تجاه مجتمعاتهم، ويفسحُ لهم المجال؛ للتعبير عن ما يجول في بالهم من أفكار، وآراء في القضايا الاجتماعيّة، ومن الجدير بالذكر أنّ العمل التطوُّعي يساهم في إتاحة الفرصة للشباب باستثمار أوقات فراغهم في ممارسة ما هو إيجابيّ من الأعمال، وهو يحمي بدوره المجتمعات من التمزُّق، والصراعات.[1]

وبناءً على ما سبق، فإنّه يجدرُ بنا التطرُّق إلى مفهوم العمل التطوُّعي، حيث يُعَدُّ التطوُّع لغةً: مصدراً للفعل (تطوَّع)، نقول: تَطَوَّعَ بِمَالِهِ لِمُسَاعَدَةِ الجَمْعِيَّةِ؛ أي أَعْطَاهُ عَنْ طَوَاعِيَةٍ وَاخْتِيَارٍ، كما نقول: التَّطَوُّعُ مِنْ أَجْلِ أَعْمَالٍ خَيْرِيَّةٍ؛ أي التَّجَنُّدُ لأَدَائِهَا عَنْ طَوَاعِيَةٍ وَاخْتِيَارٍ،[2] أمّا اصطلاحاً، فهو يعني: الجهود المبنيّة على الخبرات، والمهارات التي يتمّ بذلها نتيجة اختيار، ورغبة؛ بهدف أداء واجب، ودون انتظار أيّ أجر مادّي مقابل هذه الجهود،[3] وبالنظر إلى العمل التطوُّعي كمفهوم، فقد تمّ تعريفه من قِبل العديد من الباحثين، وفيما يأتي بعضُ هذه التعريفات:

  • عرَّفه (باركر) على أنّه: "الحركات التي ينفِّذها أفراد، أو جماعات، دون انتظار مقابل مادّي؛ لتقديم خدمات إنسانيّة خارج إطار المُؤسَّسات الحكوميّة".[1]
  • عرَّفه (حماد) على أنّه: "الجهد الذي يُقدِّمه أفراد على وفق سياساتهم، وإيمانهم بفكرة، أو مبدأ مُعيَّن، دون مقابل مادّي، أو حافزٍ مادّي، وإنّما هو خدمةٌ عامّة للمجتمع".[1]
  • تمّ تعريفه على أنّه: "الجهد والخدمات التي يقوم بها شخصٌ مُعيَّن، أو مجموعة من الأفراد، أو مؤسَّسة مُعيَّنة؛ بهدف تقديم المساعدات، والخدمات للمجتمع، أو فئة مُعيَّنة، دون توقُّع مقابلٍ لهذه الجهود المبذولة".[4]

ومن هنا يمكن لنا تعريفه على أنّه: عملٌ غير وظيفيّ، يهدف إلى مساعدة الآخرين في تنمية معيشتهم، سواء كانوا أفراداً، أو مجتمعات، بحيث يكون عملاً غير ربحيّ؛ أي لا يتطلَّب أجراً مادّياً مقابله.[3]

أهميّة العمل التطوُّعي

يحتلُّ العمل التطوُّعي مكانة مهمّة، كلّما زاد تقدُّم المجتمعات، حيث أدّت الحياة المعاصرة إلى تحوُّله من أعمال فرديّة، إلى أعمال جماعيّة مُنظَّمة في عدّة مجالاتٍ تخدم المجتمع، وتُنمِّيه، وتنبعُ هذه الأهمّية من تجسيد العمل التطوُّعي لثلاث وظائف أساسيّة في المجتمع، وهي:[4]

  • إنجاز خدمات لا تُنجزُها الدولة.
  • رفع مستوى الخدمات، وتوسيعها، وإكمال العمل الحكوميّ.
  • الاهتمام بتوفير خدمات جديدة قد يصعب على الحكومة توفيرها.

أمّا في ما يتعلَّق بأهمّيته، فإنّ ذلك يعود إلى عدّة عوامل، من بينها:[4]

  • تطوير المجتمع بتلقائيّة، وحفظ التوازن فيه أثناء هذا التطوير.
  • توطيد العلاقات بين الجماعات، والأفراد.
  • توجيه الطاقات المادّية، والبشريّة، وتحويلها إلى عمل اجتماعيّ.
  • زيادة فعاليّة العمل الحكوميّ، وكفاءته، ودعمه.
  • تغيير الاتّجاهات التي من شأنها أن تُعرقل عمليّة التنمية.
  • تقدير الذات، وبناء علاقات جديدة.

الأدلّة الشرعيّة على أهمّية العمل التطوُّعي

العمل التطوُّعي من الأعمال التي يخدم بها الفرد أمّته، ووطنه، ودينه، وقد جاء التأكيد على مدى أهمّيته في الشريعة الإسلاميّة في عدّة مواضع من القرآن، والسنّة النبويّة، منها:[5]

  • قوله تعالى: (وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ).[6]
  • قوله تعالى: (إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا ۖ وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ).[7]
  • رواية مسلم في صحيحه: (جاء ناسٌ إلى النبيِّ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- فقالوا: أن ابعث معنا رجالًا يُعلِّمونا القرآنَ والسنةَ. فبعث إليهم سبعين رجلًا من الأنصارِ، يُقال لهم: القُرّاءُ، فيهم خالي حرامٌ. يقرؤون القرآنَ، ويتدارسون بالليلِ يتعلَّمون، وكانوا بالنهارِ يجيئون بالماءِ فيضعونَه في المسجدِ، ويحتطبونَ فيبيعونَه، ويشترون بهِ الطعامَ لأهلِ الصفةِ ، وللفقراءِ، فبعثهم النبيُّ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- إليهم، فعرضوا لهم فقتلوهم قبل أن يبلغوا المكانَ، فقالوا: اللهمَّ بَلِّغْ عنّا نبيَّنا؛ أنَّا قد لقيناك فرضينا عنك، ورضيتَ عنّا. قال: وأتى رجلٌ حرامًا؛ خال أنسٍ من خلفِه، فطعنَه برُمحٍ حتى أنفذَه، فقال حرامٌ: فزتُ، وربِّ الكعبةِ، فقال رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- لأصحابِه: (إنَّ إخوانكم قد قُتِلوا، وإنّهم قالوا: اللهمَّ بَلِّغْ عنّا نبيَّنا؛ أنَّا قد لقيناك فرضينا عنك، ورضيتَ عنّا).[8] وفي هذا الحديث دلالة على أهمّية العمل التطوُّعي؛ حيث يتَّضح ذلك من خلال خدمات تلك المجموعة المُسمّاة (القُرّاء)؛ إذ كانو يجمعون الحطب، ويشترون بما يأخذونه من نقودٍ لقاء هذا الحطب طعاماً للفقراء، ولأهل الصفّة المُتفرِّغين للعبادة، والعلم، وهذا دليل على التكافُل الاجتماعيّ.[5]

مجالات العمل التطوعي

تتنوَّع المجالات الخاصّة بالعمل التطوُّعي، حيث إنّها تتمثّل بما يأتي:[9]

  • المجال التعليمي والتربوي: حيث يتضمّن الاهتمام بعدّة أمور، مثل: التعليم المنزليّ، ومحو الأمّية، وبرامج الصعوبات الخاصّة بعمليّة التعلُّم، وغيرها من الأمور.
  • المجال الصحّي: حيث يشمل هذا المجال عدّة نواحٍ، كالإرشاد الصحّي، والنفسيّ، والعناية الصحّية، ورعاية ذوي الاحتياجات الخاصّة، وخدمة المرضى، وغيرها.
  • المجال الاجتماعيّ: حيث يهتمّ هذا المجال بعدّة أمور، من أبرزها: رعاية كلٍّ من المرأة، والأطفال، والأحداث، وكبار السنّ، والأيتام، بالإضافة إلى مكافحة التدخين، والإرشاد الأسريّ، وإعادة التأهيل لمُدمني المخدِّرات، ومساعدة الأُسَر الفقيرة، والمُشرَّدين، وغيرها.
  • مجال الدفاع المدنيّ: وهو مجال يشمل عدّة أمور، من بينها: المساعدة أثناء الكوارث الطبيعيّة، وفي أعمال الإغاثة، وفي الإسعاف، وغيرها من النواحي الأخرى.
  • المجال البيئيّ: حيث يُعنى هذا المجال بالمحافظة على الغابات، والمتنزَّهات، والشواطئ، ومكافحة التلوُّث، والتصحُّر، وغيرها من الأمور.

المراجع

  1. ^ أ ب ت م.د. ميسون ظاهر رشاد (2018م)، العمل التطوعي لدى طلبة كلية التربية االساسية، العراق: الجامعة المستنصريّة- مجلة البحوث التربوية، والنفسيّة، صفحة 409-412، 415-417. بتصرّف.
  2. ↑ "تعريف و معنى تطوع في معجم المعاني الجامع"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 24-11-2018.
  3. ^ أ ب محمد هشام أبو القمبز (2006/2007)، جدِّد شبابك بالتطوُّع، صفحة 7، 10. بتصرّف.
  4. ^ أ ب ت د. فاطمة محمد رفيدة، العمل التطوعي ودوره في تنمية المجتمع، مصراتة: جامعة مصراتة- مجلة كلّية الآداب، صفحة 202--204. بتصرّف.
  5. ^ أ ب د عبداللطيف بن عبدالعزيز الرباح (2006م)، التربية على العمل التطوعي ، وعلاقته بالحاجات الإنسانية، مصر: جامعة حلوان، صفحة 10-11. بتصرّف.
  6. ↑ سورة البقرة، آية: 158.
  7. ↑ سورة الأنبياء، آية: 90.
  8. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 677، حديث صحيح.
  9. ↑ د. فهد سلطان السلطان (2009م)، اتّجاهات الشباب الجامعي الذكور نحو العمل التطوُّعي، السعودية: مكتب التربية لدول الخليج العربي- رسالة الخليج العربي، صفحة 15-16. بتصرّف.