مظاهر التعاون بين سكان الحي
التعاون
من أقوى ما يوثِّق عرى المحبَّة والترابط بين أبناء الحي، شيوع التعاون بين أفراده، وذلك عبر مجالات متعددة تشمل معظم جوانب الحياة، وقد حثَّ الإسلام على التعاون وشجع عليه، لما له من آثار عظيمة، يتعدى تأثيرها الفرد ليعمّ المجتمع بأسره وما فيه من أحياء، بل وتمتد هذه الآثار لتشمل الأمَّة بأسرها متى شاع وانتشر فيها خلق التعاون، فهناك إذاً مظاهر للتعاون بين سكان الحي في مجالات متعددة، وهناك أيضاً آثار تترتب عليه سنذكرها في هذا المقال.
مظاهر التعاون بين سكان الحي
سكان الحي الواحد تقوم بينهم علاقات تعاونية، تظهر في عدة مظاهر ومجالات منها:
- في مجال البناء والتشييد حيث كان أبناء الحي الواحد قديماً يجتمعون في تشييد البيوت، وهو ما يعرف (بالعقد) حيث يستدعي تعاونهم معاً، لأنّ إعداد الإسمنت (الباطون) ورفعه للمبنى يستدعي ذلك، فلم تكن المعدات لإعداده ورفعه موجودة أو متوفرة قديماً، ورغم توفرها اليوم، فما زال هناك بعض مظاهر التعاون في مجال البناء قائمة حتى يومنا هذا، كإتمام التشطيب الداخلي والخارجي في البناء على حدٍ سواء.
- في مجال الزراعة: وذلك بحراثة الأرض، وزراعتها، وحصاد المحاصيل الزراعية، ونقلها ودراستها بعد ذلك، وكذلك في موسم قطف الزيتون، وعصره.
- في الأفراح والأتراح، فنجد تعاوناُ بين سكان الحي في الأفراح، باشتراكهم في تهيئة مكان الحفلات، والمشاركة بها وإحيائها، وكذلك في الأتراح والأحزان، بالمشاركة في تشييع الجنائز، وإعداد القبور، ودفن الموتى، واستقبال المعزيين، وخدمة أهل الميت طيلة فترة العزاء.
- في مجال العون المادي: حيث تمر ظروف اقتصاديّة على بعض الأسر في المجتمع، فتظهر الحاجة للتعاون في مجال المساعدات الماليّة، والعينيّة المختلفة.
- في الحالات الطارئة: وهي حالات متعددة يتعرض لها أفراد المجتمع، تقتضي وجود التعاون لمواجهتها، كمساعدة النسوة لبعضهنَّ في حالات الولادة، وما يترتب عليها من أعمال ومسؤوليات، وفي مواجهة خطر داهم.
- بين مجموعة الأحياء في المجتمع الواحد: ويتمثل ذلك في مواجهة الأخطار المحدقة، كإطفاء الحرائق، والتصدي للصوص، والتصدي لأي عدو.
الإسلام والتعاون
في إسلامنا الحنيف نجد اهتماماً بخلق التعاون، فمن ذلك قوله تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّـهَ إِنَّ اللَّـهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) [المائدة : 2]، وقوله صلى الله عليه وسلم:(مَثلُ المؤمنين في توادِّهم وتراحُمِهم وتعاطُفِهم ، مَثلُ الجسدِ. إذا اشتكَى منه عضوٌ ، تداعَى له سائرُ الجسدِ بالسَّهرِ والحُمَّى) [صحيح مسلم]، وقد قدم الرسول صلى الله عليه وسلم في سيرته العملية، نموذجاً عملياً للتعاون، فقد كان يشارك الصحابة في العديد من الأعمال التعاونية.
آثار التعاون
لانتشار خلق التعاون بين أفراد الحي والمجتمع آثار عظيمة، منها:
- شعور الفرد بالكرامة الإنسانيَّة وبقيمة ذاته في المجتمع، حيث إنَّ هناك من يهتم به.
- تماسك المجتمع وترابطه وازدهاره.
- تقوية روح الانتماء للمجتمع لدى أفراده.
- نشر وإشاعة قيم الخير والفضيلة في المجتمع.
- إعطاء مظهر حضاري لأفراد المجتمع في تعاونهم مع بعضهم البعض، ومحبتهم لبعضهم البعض.
- إرساء دعائم الاستقرار في المجتمع.