تعريف الثقافة لغة واصطلاحاً
نبذة عن مفهوم الثقافة
تصنّف المجتمعات وفقاً لعدد من المفاهيم التي يقاس من خلالها مدى وعي المجتمع وسبل تقبله للتطور وكذلك مجموعة العوامل التي تحركه وتؤثر فيه، وإنَّ من أهم هذه المفاهيم هو مفهوم الثقافة، ومما يدل على ذلك هو تعريف الثقافة بمعناها الإنثروبولوجي على أنها أسلوب حياة الفرد والمجتمع بعاداته وتقاليده وقيمه ومشاعره وتوجهاته.[1]
تعريف الثقافة لغةً
في محاولة لإدراك مفهوم الثقافة وأبعاده ومقتضياته والمفارقات فيه، لا بدَّ البدء أولاً من تعريفه من منطلق اللغةً ومن ثم تعريفه اصطلاحاً.
تعريف الثقافة في اللغة العربية
إنَّ أصل كلمة الثقافة مستمدة من الفعل الثلاثي (ثقف) ويقرأ بضم القاف وكسرها. وتوحي كلمة الثقافة في اللغة بعدة معانٍ ومنها: الفطنة والذكاء والتهذيب وضبط العلم وسرعة التعلم، ويقال قديماً: غلام ثقف أي ذو فطنة، ثابت المعرفة فيما يحتاج إليه، وهي أيضاً كانت تستخدم للدلالة على اسم آلة الثقّافة التي كانت تستخدم لتسوية اعوجاج الرماح والسيوف قديماً.[2][3]
ويشار إلى أنَّ للثقافة العربية حظوة معتبرة بين الثقافات قديماً، ففي كتاب الثقافة العربية للكاتب عباس محمود العقاد تأصيل مطوّل يسرد فيه التاريخ الثقافي للعرب، مبتدئاً بحقيقة أنَّ الثقافة العربية هي أقدم من الثقافات اليونانية والعبرانية، فالأبجدية اليونانية مثلاً ماهي إلا أحرف عربية في الشكل والمعنى.[4]
تعريف الثقافة في اللغات الأخرى
قد تعددت تعريفات الثقافة في اللغات غير العربية وفقاً لطبيعة استخدامها والاتفاق على مدلولها، فمنذ القدم استخدم اللاتينيون كلمة الثقافة للدلالة على حرث الأرض وزراعتها وفيما بعد استخدمت للدلالة على تنمية العقل وتهذيبه، واستمر هذا التعريف حتى القرون الوسطى عندما اعتمدته فرنسا للتعبير عن الطقوس الدينية بلفظة الثقافة، و في عصر النهضة أطلقت كلمة الثقافة على الدراسات المختصة في التربية والإبداع، عمد فلاسفة القرن السابع عشر إلى تخصيص مبحث لمناقشة كل ما يتعلق بمفهوم الثقافة، وقد ارتكز هذا المبحث على ما يبذله الإنسان من جهد وعمل بهدف تطوير ذاته وتزكية نفسه كتدريب العقل بالعلم والتجربة وغرسه بالذوق وطيب المعاملة.[3]
تعريف الثقافة اصطلاحاً
هناك الكثير من التعريفات التي وضَّحت مفهوم الثقافة ولعل من أقدمها وأكثرها شمولاً هو تعريف إدوارد تايلور حيث عرّف الثقافة بأنها ذلك المفهوم الكلي الذي يشمل المعرفة والعقائد والفن والأخلاق والقانون، والعادات والقدرات التي يكتسبها الإنسان بوصفه عضواً في المجتمع.[5]
ومن التعريفات المبسّطة لمفهوم الثقافة ما يصفها على أنها هي الرقي في مختلف الأفكار النظرية، وذلك يشمل علوم السياسة والقانون والتاريخ والفن ولا سيما الأخلاق والسلوك. ومن أحدث التعريفات المتفق عليها لمفهوم الثقافة هو ما تم الاتفاق عليه عام 1982م في مؤتمر ميكسيكو الذي نصّ على أنَّ الثقافة هي كل السمات المادية والروحية والعاطفية والتي تتيح لمجتمع ما أو لفئة فيه أن تتميز بتلك السمات عن غيرها من الفئات في ذات المجتمع أو عن غيره من المجتمعات.[2][5]
و في المؤتمر العام للتنوع الثقافي في اليونيسكو تمَّ التأكيد مجدداً على أنَّ الثقافة تعتبر مزيجاً من السمات الروحية والمادية والفكرية والعاطفية، ويتوسع المفهوم ليشمل أساليب الحياة ومنظومات القيم والتقاليد والمعتقدات. وقد ورد فيه أيضاً ما يدل على احترام التنوع الثقافي بين المجتمعات فهو بمثابة الضمان لتحقيق الأمن القومي بتبني الحوار والتعاون المتبادل بين الشعوب والمثقفين، في بيئة تسود فيها الثقة حتى نحافظ على التنوع الثقافي في ظل التحديات التي تهدده وعلى رأسها تحدي العولمة.[6]
إنَّ هذه التعريفات وغيرها لمفهوم الثقافة، إنما تشير إلى أنَّ كل مخزون ثقافي إنما أنشئ بما يتناسب مع المجتمع الذي كونه وحافظ عليه ليرسم سمات مظاهر هذه الثقافة في تفاصيل حياته اليومية، هناك ثلاثة مكوِّنات يرتكز عليها بناء مفهوم الثقافة هذا المفهوم المحوري الشامل، وهي:[5]
- التحيزات الثقافية: كالمعتقدات والقيم التي ينتمي لها الناس وهي ناتج الثقافة الأساسي الذي تتناقله الأجيال عموماً.
- العلاقات الاجتماعية: وهي الروابط التي يتواصل ويتعرف الناس ببعضهم من خلالها.
- أنماط أساليب الحياة: وهي الناتج الفعلي للتحيزات الثقافية والعلاقات الاجتماعية، وما يترتب عليها من سلوكيات وطبائع.
خصائص الثقافة
تتمتع الثقافة بعدد من الخصائص التي تميزها عن غيرها من المفاهيم، وهي:[5]
- الثقافة منتج إنساني بامتياز: فهو المخلوق الوحيد المؤهل لبناء منظومة ثقافية تشمل المعرفة وتطبيقاتها في المعتقدات والسلوكيات اليومية.
- الثقافة مكتسبة: فالإنسان وبشكل تلقائي فطري يكتسب ثقافته من مجتمعه الذي نشأ فيه، ويبدأ اكتساب هذه الثقافة بتنوع أشكال التعبير عنها منذ ولادة الإنسان ويتنامى مع تنامي وعيه.
- الثقافة حصيلة المجتمع: أي أنَّه لايمكن دراسة مفهوم الثقافة بمعزل عن المجتمع الذي نشأت فيه ثقافة ما، فهي نتاج جمعي كونه المجتمع أو جماعة معينة فيه.
- الثقافة قابلة للتطوير والتكامل: هي مفهوم حي، ينمو باستمرار ويتم تعديل محتواه النظري وتطبيقاته العملية دوماً فهي مرتبطه ارتباطاً وثيقاً بتطور المجتمع ووسائل تواصله ومعارفه، وهذا يقودنا إلى أنه أيضاً مفهوم تكامليّ، يلبِّي حاجات روح الإنسان وجسده وعقله وذلك يتطلب الاستمرارية في تطوير ثقافة الفرد وبالتالي المجتمع، دون عزل مراحل الثقافة الأولية التي نشأ عليها، فهي مكون أساسي يقبل التطور والنمو.
- الثقافة تنتقل عبر المجتمعات: فهي لا تعتبر ملكاً حصرياً لمجتمع ما أو فرد من أفراده، وإنما هي موروث اجتماعي يتمسك به المجتمع ويصعب القضاء على ثقافة ما إلا بانتهاء المجتمع المنتمي لها أو بتذويب هذا المجتمع وثقافته بثقافة أكثر إبهاراً وتنوعاً تفرض عليه بالقوة، بدلاً من ثقافته الأصلية.
فيديو تعريفي عن ماهيّة الثقافة؟
لمعرفة المزيد شاهد الفيديو التالي
المراجع
- ↑ إبراهيم البليهي (29-1-2006)، "تعدُّد تعريفات مفهوم الثقافة"، الرياض، العدد 13733، صفحة 1. بتصرّف.
- ^ أ ب أحمد محمد عاشور (28-5-2016)، "تعريف الثقافة لغة واصطلاحا"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 10-4-2018. بتصرّف.
- ^ أ ب " مفهوم الثقافة وصلته بمفهومي الحضارة والمدنية"، www.fikr.com، 9-1-2017، اطّلع عليه بتاريخ 10-4-2018. بتصرّف.
- ↑ عباس العقاد (26-8-2012)، الثقافة العربية، مصر - القاهرة: الهنداوي، صفحة 7. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث "مفهوم الثقافة وخصائصها"، www.uobabylon.edu.iq، اطّلع عليه بتاريخ 10-4-2018. بتصرّف.
- ↑ "UNESCO Universal Declaration on Cultural Diversity", www.unesco.org, Retrieved 10-4-2018. Edited.