-

تعريف بسورة الحجرات

(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

سور القرآن

إنّ جميع ما في كتاب الله من آياتٍ أو سور فيها الكثير من الإعجاز الإلهي الذي تحدّى الله البشر أن يأتوا بمثله؛ حيث تحتوي سور الله تعالى على الفصاحة، والبلاغة، وسحر البيان، ومن هذه السور سورة الحجرات. ستبحث هذه المقالة عن سورة الحجرات؛ من حيث التعريف بها، وأسباب نزولها، وقصص بعض ما ورد فيها من الآيات.

تعريف بسورة الحجرات

سورة الحجرات هي سورةٌ مدنية، عدد آياتها ثماني عشرة آية، وفيما يأتي بيان لسبب تسميتها، وسبب نزولها، والمَواضيع التي تناولتها:[1]

سبب التسمية

سُمّيت سورة الحجرات بهذا الاسم لأنّ اللَّه سبحانه وتعالى ذكر فيها تأديباً لفئة مُعيّنة وهم أجلاف العرب لمُناداتهم النبي صلى الله عليه وسلم من وراء حجرات أي بيوت زوجاته أمهات المؤمنين رضي الله عنهنّ، وكان عدد هذه الحجرات تسع حجرات لكلّ واحدة من زوجاته صلى الله عليه وسلم حجرة، واسم سورة الحجرات مأخوذ من الحجر الذي بمعنى المنع، والحجرات جمع، ومفردها حجرة، ويقصد بها: المكان المحجور عليه بجدار يُحيط به، ويُطلق على سورة الحجرات مسمّى سورة الأخلاق والآداب؛ وذلك لأنّها أرشدت إلى الآداب التي يجب أن تكون في المجتمع الإسلامي، وأرشدت إلى كيفيّة تنظيم هذا المجتمع، وحثّت وأشادت بمكارم الأخلاق وفضائل الأعمال، [1][2]

سبب النزول

لسورة الحجرات العديد من أسباب النزول، وفيما يأتي بيانٌ لبعض منها:[3]

  • قول الله سبحانه وتعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)[4]سبب نزول هذه الآية الكريمة ما أخرجه الإمام البخاري في صحيحه عن ابن أبي مليكة أنّ عبد الله بن الزبيررضي الله عنه أخبره (أنه قدِمَ رَكْبٌ منْ بنِي تميمٍ على النبيِّ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، فقالَ أبو بكرٍ: أَمِّرْ القَعْقَاعَ بنَ مَعْبَدِ، وقالَ عمرُ: بلْ أمِّرْ الأقْرَعَ بنَ حَابسٍ، فقالَ أبو بكْرٍ: ما أردْتَ إلى - أو: إلَّا - خلافِي، فقالَ عمرُ: ما أرَدْتُ خلافَكَ، فَتَمَارَيَا حتى ارتفعتْ أصِواتُهمَا)[5]
  • قول الله سبحانه وتعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ)[6] نزلت هذه لآية في الصحابي ثابت بن قيس بن شمّاس؛ حيث كان في أذنيه وقر، وكان ذا صوت جهوريّ، فربّما كان يؤذِي النبيّ صلى الله عليه وسلّم عندما يتحدّث إليه.

المواضيع التي تحدثت عنها

تناولت سورة الحجرات كغيرها من السور المدنية موضوع الأحكام المتعلّقة بتنظيم المجتمع الإسلاميّ، من حيث قيامه على أساس قويّ من الأخلاق، والآداب العامة والخاصّة؛ فمن الآداب الخاصّة: العلاقة بين النبي صلى الله عليه وسلم وأمّته، وجاء في السورة وجوب طاعة الله سبحانه وتعالى، وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم، والتحذير من مخالفة أوامره، وأمرت السورة أيضاً المسلمين بخفض صوتهم عند الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم إجلالاً وهيبة وتعظيماً له.

ومن الآداب العامة التي تناولتها السورة أنّها أمرت المؤمنين بالتثبّت من الأخبار وعدم الإصغاء للإشاعات، وبيّنت الطريقة لفضّ النزاعات بين فئتين من المؤمنين، وحذّرت من تفكّك الجماعة، وإثارة النزاعات، وسوء الظن بالمسلم، والتجسّس، والهمز، واللمز، والتنابز بالألقاب، وبيّنت السورة مبدأ الإخاء الإنسانيّ، والمساواة بين الأفراد والشعوب على اختلاف أجناسهم وألوانهم، وبيّنت أنّ التفاضل بينهم هو التقوى، وختمت السورة بالحديث عن الأعراب، وميّزت بين الإيمان والإسلام، وذكرت عدداً من صفات المؤمنين، وبيّنت شروط المؤمن الكامل، ووضعت ضابطاً لاحترام القيم الأخلاقيّة والدينيّة وهو طاعة الله سبحانه وتعالى، وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم، والتأدّب في مُخاطبة النبي صلى الله عليه وسلم.[1]

مناسبة سورة الحجرات للسورة السابقة لها

تتناسب سورة الحجرات مع السورة التي قبلها وهي سورة الفتح في ثلاث نواحٍ وهي:[1]

  • جاء في سورة الفتح حكم قتال الكفار، وفي سورة الحجرات ذكر قتال البُغاة.
  • في كلٍّ من سورة الفتح وسورة الحجرات تشريف وتكريم لرسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم، مما يفرض على المؤمنين أن يرضوا بما رضي به الرسول صلّى اللَّه عليه وسلّم من صلح الحديبية.

خصائص سورة الحجرات

تناولت سورة الحجرات موضوعات ضوابط وآداب المجتمع الإسلامي، وساعدت خصائص السورة على تحقيق غاية توجيه المجتمع من خلال الآتي:[8]

  • تناولت سورة الحجرات جميع محاور العلاقات الاجتماعية؛ فبينت الضوابط التي تجمع بين المجتمع الإسلامي ومصدر التشريع، وبيّنت كذلك الضوابط للعلاقة بين المجتمع الإسلاميّ وغيره من المجتمعات، وكذلك بيّنت علاقة المجتمع ببعضه سواء الأفراد أو الجماعات، كما بيّنت علاقة المجتمع بالإنسانيّة جمعاء.
  • معظم آيات سورة الحجرات نزلت في مناسبات محدّدة، وتظهر أهميّة هذا الأمر بسبب طبيعة الأمور التي تُعالجها هذه السورة؛ فالأخلاق االتي تتولّد عن أهواء الذين قاموا بوضعها تبقى مجرّد نظريات، لا تلبث أن ترفضها الفطرة السليمة عندما تصطدم بالواقع، أمّا الأخلاق السـليمة فهي الوحيدة التي تستطيع التعامل مع الواقع بكلّ ما فيه من انحراف وخطأ؛ فتقوم هذه الأخلاق بترجمة التوجيهات الأخلاقية إلى سلوكيات واقعية تصحّح الانحراف، والخطأ.
  • التناسب الدقيق بين الآيات وخواتيمها بسبب طبيعة الأمر والمواضيع التي تتناولها السورة.

المراجع

  1. ^ أ ب ت ث د وهبة بن مصطفى الزحيلي (1418هـ)، التفسير المنير في العقيدة والشريعة والمنهج (الطبعة الثانية)، سورية: دار الفكر المعاصر، صفحة 211-212، جزء 26. بتصرّف.
  2. ↑ مجموعة من الأساتذة والعلماء المتخصصين (2002)، الموسوعة القرآنية المتخصصة، مصر: المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، صفحة 231. بتصرّف.
  3. ↑ الواحدي (1992)، أسباب نزول القرآن (الطبعة الثانية)، الدمام: دار الإصلاح، صفحة 385. بتصرّف.
  4. ^ أ ب سورة الحجرات، آية: 1.
  5. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن الزبير، الصفحة أو الرقم: 4847، صحيح.
  6. ↑ سورة الحجرات، آية: 2.
  7. ↑ سورة الفتح، آية: 29.
  8. ↑ د.وسيم فتح الله، آداب وضوابط المجتمع الإسلامي من خلال سورة الحجرات، صفحة 3. بتصرّف.