-

كيف تكون مستجاب الدعاء

(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

أهمية الدعاء

إنّ الإنسان مهما بلغ من درجات العلم والقوة والمال يبقى ضعيفاً وعاجزاً عن تسيير أبسط شؤون حياته، إلّا أن تدركه رحمة الله -تعالى- وعنايته، والمؤمن حقاً يعلم أن كلّ خيرٍ أصابه وكلّ نجاح حقّقه هو من فضل الله -تعالى- عليه، بعكس الكافر أو الغافل الذي ينسب النجاح والدهاء لنفسه إذا حقّق مكسباً ما، وإذا أيقن الإنسان بضعفه وفقره اتّجه إلى ربّه عزّ وجلّ، يطلب منه القوة والحول، ويسأله أن يبصره في شؤون حياته، ويدبّر له أموره، ويُعينه على مصائب الحياة وصعوباتها، وذلك في الدّين هو الدعاء، وهو الصلة بين العبد وربه يسأله ما يريد، ويبثّ له همومه وحاجاته ليقضيها له.

والدعاء من أجلّ العبادات وأعظم القربات التي يتقرّب بها العبد إلى ربه، ففي حديثٍ عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أنّه قال: (الدُّعاءُ هوَ العبادةُ، ثمَّ قال: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ)،[1] فإذا توجّه العبد لربه بالدعاء، أيقن أنّه توجّه من فقيرٍ وضعيفٍ إلى غني وكريمٍ وقويّ يعينه ويهديه، ولقد حثّ الله -تعالى- عباده أن يسألوه في سائر شؤونهم، إذْ قال في كتابه الكريم: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ).[2][3]

صفات الدعاء المستجاب

إذا كان الله -تعالى- أمر عباده بالدعاء فإنّه لا شكّ مجيبٌ دعاءهم بالخير، حيث قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: (إنَّ ربَّكم حَيِيٌّ كريمٌ يستحيي مِن عبدِه إذا رفَع يدَيْهِ إليه أنْ يرُدَّهما صِفرًا)،[4] وفي حديثٍ آخر قال: (ما على الأرضِ مسلمٌ يدعو اللهَ بدعوةٍ إلَّا آتاهُ اللهُ إيَّاها، أوْ صرفَ عنه منَ السوءِ مثلَها، ما لم يدعُ بإثمٍ، أوْ قطيعَةِ رحِمٍ)،[5] وورد في السنة النبوية ذكرُ آدابٍ وشروطٍ لاستجابة الدعوات، وفيما يأتي البعض منها:[6][3]

  • استقبال القبلة؛ ولقد ورد عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه كان إذا توجّه إلى الله -تعالى- بالدعاء استقبل القبلة.
  • رفع اليدين أثناء الدعاء، فورد في الحديث الشريف: (ثم ذكر الرجلَ يطيلُ السَّفرَ، أشعثَ أغبَرَ، يمدُّ يدَيه إلى السماءِ، يا ربِّ يا ربِّ)،[7] ففي الحديث إشارة إلى أنّ من يتوجّه لله -تعالى- بالسؤال، عليه أن يرفع يديه إلى السماء.
  • استفتاح الدعاء بحمد الله تعالى، والثناء عليه، والصلاة والتسليم على النبي محمدٍ صلّى الله عليه وسلّم.[8]
  • ترك الذنوب، والإكثار من الاستغفار؛ وفي الأثر أنّ بني إسرائيل قد أصابهم بلاءً وشقّ عليهم ذلك، فخرجوا جميعاً يسألون الله -تعالى- أن يفرّج عنهم، فأوحى الله -تعالى- إلى نبيه أن يقول لهم: (الآن خرجتم إلى الصعيد بأبدانٍ نجسةٍ، نجستها المعاصي والذنوب، ورفعتم إلي أكفاً قد سفكتم بها الدماء، وملأتم بيوتكم من الحرام، الآن وقد اشتدّ غضبي عليكم، فلن تزدادوا منّي إلّا بُعداً)، فكانت الإشارة إلى أنّ التوبة سببٌ لإجابة الدعاء، ورفع البلاء النازل بهم.
  • خفض الصوت أثناء الدعاء، حيث قال الله تعالى: (وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها)،[9] قالت عنها عائشة -رضي الله عنها- أنّها نزلت في الدعاء.
  • الجزم بالدعاء، والإيقان بإجابته، وذلك بتوجيهٍ من النبي صلّى الله عليه وسلّم، إذ قال: (لا يقولَنَّ أحدُكُم: اللَّهمَّ اغفِر لي إن شِئتَ، اللَّهمَّ ارحمني إن شِئتَ، ليعزِمِ المسأَلةَ، فإنَّهُ لا مُكْرِهَ لَهُ).[10]
  • الإلحاح في الدعاء، وعدم الاستعجال في إجابته، فالنبي -صلّى الله عليه وسلّم- كان إذا دعا دعاءً كرّره ثلاث مراتٍ، ويقول: (يُستَجاب لأحدِكُم ما لَم يَعجَلْ، يقولُ: دَعوتُ فلَم يُستَجَبْ لي).[11]
  • الإكثار من الدعاء في الرّخاء، فمن كان متصلاً بالله -تعالى- سائلاً إيّاه مسألته في الرخاء، كانت دعوته أقرب للإجابة في الشدائد.
  • عدم التكلّف بالسجع في الدعاء، بل يدعو الإنسان بلغته وعفويته.
  • الخشوع وحضور القلب في السؤال، فذلك أقرب للإجابة.
  • التوسّل إلى الله -تعالى- بأسمائه الحسنى، فالله -تعالى- جعل لنفسه هذه الأسماء والصفات حتى يتقرّب العبد إليه، بحسب حاجته ومسألته، يقول الله تعالى: (وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ).[12]

أوقات إجابة الدعوات

كما أنّ هناك آداباً وشروطاً للدعاء المستجاب، فإنّ هناك أوقاتاً مباركةً يقترّب فيها الدعاء من الإجابة أكثر من غيرها بإذن الله، من الأوقات الوارد عنها أنّ الدعاء فيها مستجاب ما يأتي:[8][6]

  • جوف الليل، وآخره في وقت السحر، وبعد الصلوات المكتوبة.
  • بين الأذان والإقامة، فقد ورد عن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (لا يُرَدُ الدُّعاءُ بين الأذانِ والإقامةِ).[13]
  • عند السجود، فإنّ العبد أقرب ما يكون من ربه وهو ساجدٌ بين يديه.
  • ساعةٌ من يوم الجمعة، فقد ورد عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أن هناك ساعةٌ في يوم الجمعة لا يردّ فيها الدعاء، وقد اجتهد العلماء في تحديدها؛ فقيل إنّها من إقامة صلاة الجمعة حتى نهايتها، وقيل من جلوس الخطيب حتى إقامة الصلاة، وقيل إنّها ساعةٌ بين العصر والمغرب، وهو ما رجّحه العلماء.[6]
  • دعاء يوم عرفة، فقد قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: (خيرُ الدُّعاءِ دعاءُ يومِ عرفةَ وخيرُ ما قلتُ أنا والنبيُّون مِن قَبلي لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَه لا شريكَ له له الملكُ له الحمدُ وهو على كلِّ شيءٍ قديرٌ).[14]
  • عند التقاء الصفوف في المعركة، وعند نزول الغيث.
  • في حال الاستيقاظ من النوم ليلاً، ففي الحديث الصحيح أنّ من استيقظ من نومه ليلاً فدعا الله -تعالى- استجاب الله دعوته، ومن صلّى قُبلت صلاته.
  • الدعاء في أيام شهر رمضان الكريم.

المراجع

  1. ↑ رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن النعمان بن بشير، الصفحة أو الرقم: 3247، حسن صحيح.
  2. ↑ سورة البقرة، آية: 186.
  3. ^ أ ب "أهمية الدعاء"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-9-2. بتصرّف.
  4. ↑ رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن سلمان الفارسي، الصفحة أو الرقم: 876، أخرجه في صحيحه.
  5. ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن عبادة بن الصامت، الصفحة أو الرقم: 5637، حسن.
  6. ^ أ ب ت "أسباب إجابة الدعاء"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-9-2. بتصرّف.
  7. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1015، صحيح.
  8. ^ أ ب "آداب وأوقات الدعاء"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-9-3. بتصرّف.
  9. ↑ سورة الإسراء، آية: 110.
  10. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 6339، صحيح.
  11. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 6340، صحيح.
  12. ↑ سورة الأعراف، آية: 180.
  13. ↑ رواه الترمذي، في مختصر الأحكام، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 2/37، حسن.
  14. ↑ رواه المنذري، في الترغيب والترهيب، عن جد عمرو بن شعيب، الصفحة أو الرقم: 2/345، إسناده حسن أو صحيح أو ما قاربهما.