-

بحث عن خسوف القمر

(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

القمر

القمر جُرم أو تابع يُضيء ليلاً في السماء، وهو أقرب تابعٍ إلى الأرض، وأوّل تابعٍ فضائيٍّ يزوره الإنسان، حيث إنّه في عام 1969م، كانت أوّل مرّة يحطُّ فيها الإنسان على جُرم سماويّ غير الأرض، وهو القمر؛ إذ هبطَ عليه رائدا الفضاء: نيل آرمسترونغ، وإدوين ألدرين من الولايات المُتَّحِدة الأمريكيّة، والجدير بالذكر أنّ القمر يلمعُ في السماء ليلاً، إلّا أنّه لا يضيء من تلقاء نفسه؛ فهو ليس جسماً مضيئاً كالشمس، بل هو يعكس أشعّتها فقط، ويتغيَّر مظهر القمر من يوم إلى آخر، إلّا أنّ حجمه وشكله ثابت، حيث يظهر القمر أحياناً وكأنّه كرة مضيئة، وفي أحيان أخرى يظهر وكأنّه شريحة رفيعة؛ ويعود السبب في ذلك إلى إضاءة أشعّة الشمس لأجزاء مُختلفة منه.[1]

ويدور القمر حول الأرض مرّة واحدة كلّ 27 يوماً وثلث اليوم تقريباً، كما يدور حول نفسه مرّة واحدة كلّ 27 يوماً وثلث اليوم أيضاً؛ لذلك فإنّ وجهاً واحداً للقمر هو ما يبقى مُتَّجِهاً نحو الأرض، عِلماً بأنّه لا يوجد على القمر أيّ مظهر من مظاهر الحياة؛ فلا يوجد فيه ماء، أو هواء و رياح، وممّ يجدر ذِكرُه أنّ الناس درسوا القمر، وخصائصه على مَرِّ العصور، حتى إنّ بعض الأقوام عبدوه واعتبروه إلهاً لهم، وقد ساعد اكتشاف القمر، إضافة إلى الدراسات المُتعلِّقة بالقمر على حلّ العديد من الألغاز المُرتبِطة بالأرض، والشمس، والكواكب الأخرى.[1]

خسوف القمر

يُعرَّف الخسوف، والكسوف بشكل عامّ بأنّه حدوث تعتيم سماويّ، ويحدث هذا التعتيم عندما يَحجبُ جُرم سماويّ ضوء جُرم سماويّ آخر، فيُسبِّب له العتمة، ويتمّ ذلك عندما يسقطُ الظلّ الخاصّ بأحد الأجرام على الآخر، أو عندما يتحرَّك أمامه، ويكون الكسوف للشمس خلال مرور القمر بينها وبين الأرض، في حين يكون الخسوف للقمر عندما يصبح مُظلماً خلال مروره في ظلّ الأرض،[2] ويُعَدّ خسوف القمر (بالإنجليزيّة: Lunar eclipse) ظاهرةً كونيّة قديمة، تحدث عندما يكون القمر في طَوْر البدر، وعندما يصبح كلٌّ من الشمس، والأرض، والقمر، في خطّ واحد، حيث تُلقي الأرض ظِلَّها في الفضاء، فيما يُعرَف بنقطة الاقتران (بالإنجليزيّة: Syzygy)، مع وجود الأرض في المنتصف، وعندما يَمرُّ القمر أثناء دورانه في منطقة ظِلّ الأرض، فإنّه يصبح مُعتِماً؛ بسبب حَجْب الضوء عنه، فيحدث ما يُسمَّى بالخسوف، ويكون لون القمر أثناء خسوفه أسود مُحمَرّاً؛ بسبب أشعّة الشمس الحمراء التي تنكسر خلال الغلاف الجوّي الخاصّ بالأرض، وتصل إلى القمر.[3][4]

في الخسوف تَمرُّ الأشعّة الشمسيّة قَبل وصولها الى القمر بالغلاف الجوّي للأرض، الذي يعمل بدوره على تصفية غالبيّة الضوء الأزرق المُنبعِث من الشمس، فيبدو القمر مُحمَرّاً،[5] ويمكن تفسير اللون المُحمَرّ للقمر أيضاً بأنّه حينما يَمرُّ ضوء الشمس بالغلاف الجوّي للأرض، فإنّه ينكسر نحو سطح الأرض جزء من الأشعّة الشمسيّة ذات أقصر طول موجيّ، بحيث تتشتَّت، وتنتشر، أمّا الأشعّة ذات أطول طول موجي، مثل: اللون البرتقاليّ، واللون الأحمر، فإنّها تَمرُّ عَبر الغلاف الجوّي للأرض، وتنكسر مرّة أخرى لتصل نحو القمر، فيظهرُ القمر باللون البرتقاليّ المُحمَرّ، وإذا كان الغلاف الجوّي مُغبَرّاً، أوغائماً، فإنّه يسمح لألوان أخرى بالانكسار نحو القمر، فيتحوَّل لونه إلى البُنّي، أو الأصفر، أو البرتقاليّ،[3] ويمكن لخسوف القمر أن يحدثَ مرَّتين في كلّ عام، وثلاث مرّات كحدٍّ أقصى، كما أنّه يستمرُ لساعات، على عكس كسوف الشمس الذي يكون لبضع دقائق، ويرتبطُ خسوف القمر، وكسوف الشمس مع بعضهما البعض، إذ إنّه إذا حدث كسوف للشمس، فإنّ خسوف القمر قد يكون قَبْل أسبوعين من الكسوف، أو إنّه قد يحدث بعد أسبوعين من ذلك.[6]

أنواع خسوف القمر

الخسوف الكلّي

يحدث الخسوف الكلّي للقمر (بالإنجليزيّة: Total lunar eclipse) عندما يكون القمر بَدراً، ويكون القمر، والشمس، والأرض، على استقامة واحدة تماماً، ويتراوح خسوف القمر الكلّي من بِضع ثوانٍ إلى نحو 100 دقيقة، وقد وَصل خسوف القمر الكلّي إلى فترة تُعتبَر من أطول الفترات في القرن العشرين، وذلك في عام 1953م، وتحديداً في 26 تموز/يوليو، حيث كانت مدّته 100 دقيقة و43 ثانية، عِلماً بأنّ نسبة حدوث الخسوف الكلّي تُشكِّل نحو 35% من نسبة الخسوف الإجماليّة في كلّ عام، ويمكن رؤية الخسوف الكلّي للقمر بالعين المُجرَّدة، من أيّ مكان على سطح الأرض ليلاً، أمّا المراحل التي يَمرُّ بها القمر أثناء الخسوف الكلّي، فهي:[3]

  • دخول القمر إلى منطقة شِبه الظلّ للأرض، ومنطقة شِبه الظلّ، أوالظلّ الجزئيّ (بالإنجليزيّة: Penumbral): هي المنطقة التي تتشكَّل عندما تَحجبُ الأرض جزءاً من الشمس.[7]
  • تغطية الأرض للقمر جزئيّاً، من خلال إلقاء ظِلِّها عليه.
  • استمرار بَسْط الأرض لظِلِّها على القمر، إلى أن تُغطّيه كُلّياً، وحينها يتغيَّر لون القمر إلى اللون الأحمر، أو البُنّي، أو الأصفر.
  • وصول الخسوف إلى أقصى حَدٍّ له، وهذه المرحلة الوُسطى من الخسوف الكُلّي.
  • بَدْء القمر بالابتعاد عن منطقة ظلّ الأرض (بالإنجليزيّة: Umbra)، وهي المنطقة التي لا يمكن عند الوجود فيها رؤية أيّ مصدر للضوء، وفيها تُحجَب أشعّة الشمس بالكامل.[8]
  • مُغادَرة القمر لمنطقة الظلّ بشكل كامل.
  • مُغادَرة القمر لمنطقة شِبه الظلّ، وانتهاء الخسوف.

الخسوف الجزئي

الخسوف الجزئيّ (بالإنجليزيّة: Partial Lunar Eclipse): هو الخسوف الذي يحدث عندما لا يكون القمر، والشمس، والأرض، على خطٍّ واحد تماماً إذ لا تُشكِّل هذه الكواكب الثلاثة خطّاً مستقيماً، بل يكون جزء من القمر في منطقة ظِلّ الأرض المعروفة باسم (Umbra)، ويكون الجزء الآخر من القمر في منطقة الظلّ الخارجيّ للأرض، أو منطقة شِبه الظلّ المعروفة باسم (Penumbra)، والجدير بالذكر أنّه يجب أن يكون القمر بَدْراً أيضاً في هذا الخسوف، أمّا مراحل الخسوف الجزئيّ فهي كالآتي:[9]

  • يدخل القمر في منطقة شِبه الظل للأرض.
  • ينتقل القمر إلى منطقة ظِل الأرض، وتتمُّ تغطية جزء من سطحه فقط بالظلّ.
  • يصبح الخسوف الجزئيّ في أقصى حالاته حينما تتمّ تغطية أكبر قَدْر من سطح القمر بواسطة ظِلّ الأرض.
  • ينتهي الخسوف الجزئيّ بخروج القمر من منطقة الظلّ.
  • ينتهي الخسوف الجزئيّ تماماً بخروج القمر من منطقة شِبه الظلّ، ولا يعود هناك أيّ ظِلّ مُلقى من الأرض على سطح القمر.

خسوف شِبه الظلّ

أمّا خسوف شِبه الظل (بالإنجليزيّة: Partial lunar eclipse)، فيحدث عندما يكون القمر خارج منطقة ظِلّ الأرض تماماً، ويجب أن يكون القمر بدراً، وأن تكون الكواكب الثلاثة ليست على استقامة واحدة، وإنّما في خطّ استقامتُه أقلّ من حالة الخسوف الجزئيّ، وفي هذا النوع من الخسوف، تحجبُ الأرض بعض أشعّة الشمس عن بعض أجزاء القمر، أو عنه كاملاً، في منطقة شِبه الظلّ، أو منطقة الظلّ الخارجيّ منها، وهذا النوع من الخسوف عادة ما يَصعبُ تمييزه عن حالة القمر المُكتمِل دون خسوف.[10]

خسوف القمر في الإسلام

إنّ الكسوف، والخسوف أمران مُرتبِطان ببعضهما البعض، وقد توصَّل العلماء إلى أنّ لهما سببَين: السبب الأول هو تخويف العِباد، خاصّة إذا كَثُرت ذنوبهم ومعاصيهم، فهما يُذكِّران بأهوال يوم القيامة، ويُعَدّ هذا السبب شرعيّاً، يقول الله تعالى في كتابه العزيز: (يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ*فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ*وَخَسَفَ الْقَمَرُ*وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ)،[11] أمّا السبب الآخر فهو مُرتبِط بالكون، وتأثير حركة الكواكب في بعضها البعض؛ حيث يحدثُ الخسوف عندما تَحولُ الأرض دون وصول الأشعّة الصادرة من الشمس إلى سطح القمر كما ذُكِر سابقاً.[12]

وقد سنَّ الرسول صلاة خاصة للكسوف، والخسوف؛ فقد رُوِي عن الرسول -عليه الصلاة والسلام- أنّه قال: (إنَّ الشَّمسَ والقمرَ آيتانِ مِن آياتِ اللهِ يُخوِّفُ بهما عبادَه وإنَّهما لا ينكسفانِ لموتِ أحدٍ مِن النَّاسِ -وكان ابنُه توفِّي- فإذا رأَيْتُم منها فصلُّوا حتَّى يُكشَفَ ما بكم)،[13] وقد أجمعَ جمهور العلماء على أنّ صلاة الخسوف، والكسوف سُنّة مُؤكَّدة عن الرسول -عليه الصلاة والسلام-، كما ذهب بعض علماء الإسلام إلى أنّها واجبة، وقال بعض الأئمّة إنّها فَرْض كفاية، بينما قال الشافعيّ إنّها لا تُترَك، وتُشرَع صلاة الخسوف، والكسوف عند إبصار الحدَث نفسه، فإن حالَ غَيْم دون رؤيته فلا تُشرَع، ويُشرَع في وقت الخسوف، أو الكسوف ذِكْر الله، والتعوُّذ به من عذاب القَبر، والصدقة، والاستغفار، والدعاء، والتكبير، ووَعْظ الناس، وإعتاق الرِّقاب.[12]

المراجع

  1. ^ أ ب هيئة من المؤلفين (1999)، الموسوعة العربية العالمية (الطبعة الثانية)، الرياض- المملكة العربية السعودية: مؤسسة أعمال الموسوعة للنشر والتوزيع، صفحة 318-320، جزء 18 (ق). بتصرّف.
  2. ↑ هيئة من المؤلفين (1999)، الموسوعة العربية العالمية (الطبعة الثانية)، الرياض- المملكة العربية السعودية: مؤسسة أعمال الموسوعة لنشر والتوزيع، صفحة 281، جزء 19 ك (كلاين، فرانز). بتصرّف.
  3. ^ أ ب ت "What Is a Total Lunar Eclipse?", www.timeanddate.com, Retrieved 2018-6-5. Edited.
  4. ↑ هيئة من المؤلفين (1999)، الموسوعة العربية العالمية (الطبعة الثانية)، الرياض- المملكة العربية السعودية: مؤسسة أعمال الموسوعة لنشر والتوزيع، صفحة 328، جزء 18 (ق). بتصرّف.
  5. ↑ "Total Lunar Eclipse", www.nasa.gov, Retrieved 2018-6-5. Edited.
  6. ↑ "Facts About Lunar Eclipses", www.8planets.co.uk, Retrieved 2018-6-5. Edited.
  7. ↑ "Eclipses: What Is the Penumbra?", www.timeanddate.com, Retrieved 2018-7-22. Edited.
  8. ↑ "Eclipses: What Is the Umbra?", www.timeanddate.com, Retrieved 2018-7-22. Edited.
  9. ↑ "What Is a Partial Lunar Eclipse?", www.timeanddate.com, Retrieved 2018-6-6. Edited.
  10. ↑ "What Is a Penumbral Lunar Eclipse?", www.timeanddate.com, Retrieved 2018-6-6-. Edited.
  11. ↑ سورة القيامة ، آية: 6-9.
  12. ^ أ ب ابتسام آزاد عبدالرحمن (2015-3-19)، "في دقائق.. أحكام الخسوف والكسوف"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-6-6. بتصرّف.
  13. ↑ رواه الألباني ، في صحيح النسائي، عن نفيع بن الحارث الثقفي أبو بكرة ، الصفحة أو الرقم: 1501، خلاصة حكم المحدث : صحيح.