-

المحافظة على الصلاة سبب لدخول الجنة

(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

الصلاة

جعل الله تعالى الصلاة وسيلةً للتخلّص من الهموم والأحزان والفتن والأوجاع، يقول تعالى: (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ)،[1] كما أنّها من السبل المُعينة على الوصول إلى رضا الله تعالى، فقد شرع الله تعالى لعباده الصلاة؛ لعلمه بضعفهم وحاجتهم إلى الاتصال بقوّةٍ عظيمةٍ، تعينهم على التخلّص من الشهوات والمطامع التي تتغلّب على الاستقامة في نفوسهم، وعندما تتجاوز سيئاتهم الحسنات، ففي هذه الحالة لا ينفع الإنسان الفاني إلّا اتّصاله بالله الباقي، وبالمحافظة على الصلاة بما فيها من أركانٍ وشروطٍ وسننٍ وواجباتٍ؛ يصل الإنسان إلى الاتّصاف بالإيمان، فالمؤمنون يدامون على صلاتهم، ويفوق حرصهم على الصلاة حرص البخيل على المال، فإذا وصل الإنسان إلى هذه المرتبة من الالتزام بالصلاة؛ فإنّها تأخذ منه مكان الروح من الجسد، وتظهر أهميّة الصلاة عند ظهور الفتن، واختلاط الحقّ بالباطل، فلا يكون من المؤمنين إلّا الفزع إلى الصلاة، فقد أمر الله تعالى نبيّه موسى -عليه السّلام- عند اشتداد تسلّط فرعون وجنوده بالبلاء على بني إسرائيل، فقال تعالى: (وَأَوحَينا إِلى موسى وَأَخيهِ أَن تَبَوَّآ لِقَومِكُما بِمِصرَ بُيوتًا وَاجعَلوا بُيوتَكُم قِبلَةً وَأَقيمُوا الصَّلاةَ وَبَشِّرِ المُؤمِنينَ)،[2] فأتبع الأمر بالصلاة بالتبشير بالنصر، وفي هذه البشارة تسليةٌ لروح كلّ مؤمنٍ مُبتلى؛ بأنّ التمكين حليف المصلّين، فلو التجأ المسلم إلى الله تعالى بقلبٍ صادقٍ؛ لرأى في حياته من الخير والبركة ما يُذهل العقول ويأخذ بالألباب، فَمن بركتها أنّها تُمدّ النفوس بالصبر على أعباء الحياة، فتكون نفس المصلّي زكيّةً بعيدةً عن الفحشاء والمنكر.[3]

المحافظة على الصلاة وسيلةٌ إلى الجنة

الصلاة من العبادات التي لم تخلو منها ديانةٌ من الديانات السماويّة، فقد كانت دعاء إبراهيم لقومه، وكان يأمر بها إسماعيل قومه، وطلبت الملائكة من مريم أن تصلّي، وذكرها عيسى بوصفها إحدى النعم التي أنعم الله تعالى بها عليه، كما أنّ الصلاة هي الفريضة الوحيدة التي لا تسقط عن المؤمن بحالٍ من الأحوال؛ ففريضة الصيام تسقط عن المريض في رمضان، والزكاة لا تجب إلّا على من بلغ ماله نصاب الزكاة، أمّا الحجّ فلا يجب إلّا على المستطيع جسديّاً وماديّاً، وهي العبادة المشتركة بين الكائنات، فالملائكة تصلّي، والجنّ تصلّي، والطير تصلّي وتُسبّح، كلٌّ بكيفيّةٍ يعلمها الله تعالى، وبذلك تكون مرتبة الصلاة من حيث الأهميّة بعد الشهادتين، فقد أمر النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- معاذ عندما أرسله إلى اليمن بقوله: (إنّك تَقدُمُ على قومٍ أهلِ كتابٍ، فليكُنْ أولَ ما تدعوهم إليه عبادةُ اللهِ، فإذا عرَفوا اللهَ، فأخبِرْهم: أنّ اللهَ قد فرَض عليهم خمسَ صلواتٍ في يومِهم وليلتِهم، فإذا فعَلوا، فأخبِرْهم أن اللهَ فرَض عليهم زكاةً من أموالِهم، وتُرَدُّ على فقرائِهم، فإذا أطاعوا بها، فخُذْ منهم، وتَوَقَّ كرائمَ أموالِ الناسِ)،[4] كما كان عمر بن الخطّاب -رضي الله عنه- مُعظّماً للصلاة في نفسه، فعندما طُعن، أراد الصحابة إيقاظه، فقالوا له: الصلاة يا أمير المؤمنين، فما كان منه إلّا أن قام إليها قائلاً: "لا حق في الإسلام لمن ترك الصلاة"، فقد أدرك السلف الصالح مكانة الصلاة من الإسلام، فلم يتكاسلوا عنها لأيّ سببٍ من الأسباب، فهي العبادة المُشتملة على ذكر الله تعالى، وتلاوة القرآن الكريم، والدعاء، وفيها العبوديّة لسائر الأعضاء؛ بالقيام والركوع والسجود، لذلك كانت الصلاة هي مقياس صلاح عمل الإنسان أو فساده، أمّا عن الخشوع في الصلاة، فإنّ أكثر ما يُعين عليه؛ استشعار مراقبة الله تعالى للمصلّي ونظره إليه، كما أنّ الصلاة علامة البراءة من الكفر والنفاق، فالصلاة هي الطريق إلى دخول الجنّة مع النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، كما أنّها طريق الوصول إلى أعلى مقامات القرب من الله تعالى بالسجود والتذلّل له، ممّا يعزّز في الإنسان إلى الاطمئنان والراحة التي لا مثيل لها في الوجود، فقد فقال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (وجُعِلَتْ قُرَّةُ عيني في الصَّلاةِ)؛[5] فالمصلّي في حفظ الله تعالى ورعايته، وقد تكفّل الله تعالى له بالرزق، كما أنّ الصلاة عليه عند موته تمنع عنه العذاب، ومن الجدير بالذكر أنّ الالتزام بالصلاة من أسباب رؤية الله تعالى في الجنّة، وبالمقابل فإنّ ترك الصلاة سببٌ للخسران والهلاك في الدنيا والآخرة.[6]

الخشوع في الصلاة

الخشوع هو الخضوع والانكسار بين يدي الله تعالى، وينبع الخشوع من لين القلب، وتتبعه جميع الجوارح بالخشوع، وهو فضل الله على المخلصين من عباده، الصادقين في محبّته، المعظّمين لأمره خارج صلاتهم، ومن الأسباب المعُينة على الخشوع في الصلاة ما يأتي:[7]

  • معرفة الله تعالى: فالمعرفة اليقينية بأن لا إله إلا الله تورث في القلب الذلّ والانكسار؛ لاستشعار عظمة الله وقربه وقدرته على عباده
  • تعظيم الصلاة في نفس المصلّي: فإذا أراد العبد الصلاة، فقد طرق باب الله تعالى، وكم لهذا المشهد من هيبةٍ وجلالٍ في نفس السلف الصالح، فقد كان علي بن الحسين -رضي الله عنهما- إذا توضأ اصفرّ لونه؛ لجلال موقفه بين يدي الله تعالى.
  • التهيؤ للصلاة قبل دخول وقتها: وذلك بالتفرّغ الكامل لها؛ ممّا يحقّق للعبد محبّة الله تعالى.
  • تكبيرة الإحرام: فيتفكّر المصلّي في أنّ الله تعالى أكبر من كلّ ما قد يعتري النفس من الهموم والأحزان، وأنّه وحده القادر على تغيير حالك، وإخراجك من ظلمة المعصية إلى نور الهداية.
  • الحرص على قراءة القرآن بتدبّرٍ: فإذا مرّ بآيات العذاب والوعيد، استحضر ذنوبه وتفكّر في قدرة الله تعالى عليه، فهذا من أكثر ما يعمّق الخشوع في نفس المصلّي.

المراجع

  1. ↑ سورة البقرة، آية: 45.
  2. ↑ سورة يونس، آية: 87.
  3. ↑ فرحان العطار، "الاستعانة بالصلاة "، saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 16-12-2018. بتصرّف.
  4. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 1458، صحيح.
  5. ↑ رواه الألباني، في صحيح النسائي، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 3950، صحيح.
  6. ↑ د. عبد الرحمن اللويحق (29-1-2016)، "الصلاة: أسرار وحكم"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 17-12-2018. بتصرّف.
  7. ↑ أبو بكر، "كيف تخشع في الصلاة"، saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 17-12-2018. بتصرّف.