-

وسائل الإعلام الجديد

(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

نبذة عن تطوُّر وسائل الإعلام

ابتكر الإنسان وسائل الاتّصال؛ ليُلبِّي حاجته في التعبير عن أفكاره، ومشاعره، وليتبادل الأخبار مع أقرانه، ويتركها لمن بعده، شاهدةً على أفعاله، وآثاره، وقد وظَّف كلّ وسيلة مُمكنة، وكلّ تطوُّر حاصل؛ لتحديث تلك الوسائل؛ سعياً لتحسين عمليّة الاتِّصال جيلاً بعد جيل، ولا يزال التطوُّر يرافق وسائل الإعلام والتواصل، وما زال العلم يمضي قُدُماً في رَفْد هذا المجال، ودَعْمه، بحيث تتقدّم جودته، وسرعته، وأشكاله.

يُقال إنّ الإنسان استخدم الأدوات الحجريّة؛ للكتابة أوّلاً، وذلك قَبل أكثر من 3 ملايين سنة، والاكتشافات الأولى تعود إلى ما قَبل 5300 سنة، حيث كانت البشريّة على موعد مع أقدم نظام مُتكامِل، ومُكتشَف للكتابة، فقد كان اعتماد الإنسان على الأدوات البدائيّة، واليدويّة التي كان يستخدمها في الصيد، والاحتطاب، والطهي، أمّا في العصر الصناعيّ، فسرعان ما استُبدِلت تلك الأدوات اليدويّة البسيطة بأدوات تعتمد على الطاقة كشاهد على تطور تلك الحقبة، مثل القطار البخاريّ، و في العصر الإلكترونيّ، اختُرِعت الأجهزة التي تعتمد على الطاقة الكهربائيّة، فكان الترانزستور الذي شكَّل طفرة في صناعة وسائل الاتِّصال، ليأتيَ بعده العصر الرقميّ الذي جعل الحوسبة أساساً لبناء، وتطوير مختلف الأنظمة الحياتيّة للبشر، وقد دَعَم الإنترنت ذلك التوجُّه، وفتح له مزيداً من الآفاق، والفُرَص، والإمكانات.[1]

يُعتبَر التلفاز من تلك الاختراعات التي لَزِمها التطوُّر على مدى عقود مَضَت؛ فالمحاولات الأولى كانت تعتمد على مبدأ ميكانيكيّ في نَقْل الصُّوَر المُلوَّنة، وبعدها احتدم الصراع التنافُسيّ على تطوير تلك الآلة التي تُعَدُّ مصدراً من مصادر فَرْض السُّلطة، والهيمنة لمن ينجح في نَقْل الصوت، والصورة، ليُتوِّج فيلو تايلور بذلك الانتصار -بعد عدّة محاولات من علماء سابقين- ببَثّ أوّل إرسال تلفزيونيّ في السابع من أيلول/سبتمبر من عام 1927م؛ حيث نقل التلفاز الصوت، والصورة بواسطة الكهرباء، ليكون بذلك أوّل جهاز تلفزة كامل الإمكانيّات.[2]

الإعلام الجديد ووسائله

يتميَّز الإعلام الجديد عن الإعلام التقليديّ بوسائله؛ فالإعلام الجديد يعتمد على جهاز الحاسوب، والإنترنت، والهاتف المحمول، أو الجوّال، بينما يعتمد الإعلام التقليديّ على التلفاز، والصُّحف الورقيّة، والمذياع؛ ولذلك يُطلَق على الإعلام الجديد مجموعة من المُسمَّيات، هي: الإعلام الرقميّ، والإعلام التفاعُليّ، وإعلام الوسائط المُتعدِّدة، والإعلام التشعيبيّ، وغيرها، أمّا عناصر الإعلام الجديد، فهي: جهاز الحاسوب، وشبكة الإنترنت، والوسائط المُتعدِّدة، إذ إنّه باندماج تلك العناصر، فإنّه يتمّ إنتاج عمليّة اتِّصال مُطوَّرة ترتكز على الوسائل التي تُتيح خيارات مُتنوِّعة للعرض، والمشاركة، والتفاعُل اللحظيّ، وذلك من شأنه أن يُفسح المجال لتنوُّع أكبر في خدمات نقل، وتحرير الأخبار، مع إمكانيّات التفاعل الفوريّ بين المُرسل، والمُتلقِّي.[3][4]

تتَّخذ وسائل الإعلام الجديد شكلاً تفاعُليّاً أكثر وضوحاً مع مرور الأيّام؛ لما تتمتَّع به من إمكانيّات في سهولة المُعالجة، والتعديل، والتخزين، وإمكانيّة الاسترجاع، أو البحث مُجدَّداً، فبتعدُّد هذه الإمكانيّات تعدَّدت وسائل الإعلام الجديد، ومنها:[5]

المُدوَّنات

تُعتبَر المُدوَّنات من أقدم وسائل الإعلام الجديد، إلّا أنّها لا تزال تُواكب الوسائل الإعلاميّة المُستحدَثة مُؤخَّراً، حيث تتمّ من خلالها مشاركة المحتوى المقروء، والمسموع، والمرئيّ، كما يمكن تصنيف ذلك المحتوى حسب فئات مُعيَّنة، وهي أيضاً بيئة تفاعُليّة بين المُهتمِّين بالمحتوى المنشور عليها.[5]

تقنية الواقع الافتراضيّ المُعزَّز

صُمِّمت هذه التقنية؛ لمزيد من التفاعُل الحسّي الذي يشعر به المُتلقِّي عند عَرض المحتوى عليه؛ فمن خلال تقنيات سَمعيّة، وبصريّة مُتطوِّرة، يمكن مُحاكاة حدث، أو مكان ما؛ ليشعرَ المُتلقِّي وكأنّه جزء من الموقف، فهي تجربة تغمرُ المُستخدِمَ بتفاعُل أكبر عدد مُمكن من حواسّه، وخياله، وذهنه، بالإضافة إلى تقنية الرؤية الشاملة 360 درجة، وتُستخدَم هذه التقنيات في الفيديوهات، والألعاب، كما يُنظَر إليها على أنّها المستقبل الواعد في تطوُّر وسائل الإعلام الجديد الذي ينقلها إلى مرحلة جديدة تُشكِّل تجربة مختلفة بكلّ مُستوياتها.[5]

وسائل التواصُل الاجتماعيّ

تُعتبَر من الوسائل الأكثر شيوعاً؛ لما تتمتَّع به من خصائص تُتيح للمُستخدم المشاركة، والتفاعُل اللحظيّ مع ما يستجدُّ من أحداث، وآراء، ومواقف في مَشهد يُمكِّن المُستخدِم من أن يكون المُرسِل، والمُتلقِّي في الوقت ذاته وِفقاً للبُنية التفاعُليّة التي صُمِّمت على أساسها تلك المواقع؛ ولذلك يقضي المُستخدِم العادي لتلك المواقع قرابة 1.72 ساعة في تصفُّحها خلال اليوم الواحد، ومن المُحتمَل أن يرتبط مُستقبِل وسائل الإعلام الجديد بشكل أوثق مع منصّات وسائل التواصُل الاجتماعيّ، خاصّة إذا تمّ دَمْجها مع وسائل أخرى، كتقنية الواقع الافتراضيّ، أو ما شابهها.[5]

الصُّحُف الإلكترونيّة

تتشابه مع المُدوَّنات في طبيعة تكوينها، وآليّة التفاعُل فيها، وشكل، ومضمون المحتوى المَعروض عليها، إلّا أنّ التركيز فيها يكون على الأخبار بأنواعها، وقد ساهم المُستخدِمون لشبكات التواصُل الاجتماعيّ في تفوُّقها على الصُّحف التقليديّة في انتشارها، ومدى الإقبال عليها، وكذلك في توجيه المُعلِنين إلى مُضاعَفة تركيزهم على الميدان الإلكترونيّ؛ بهدف الترويج لمُنتَجاتهم، الأمر الذي ساهم في انخفاض إيرادات الإعلانات في الصُّحف الورقيّة، وضاعفها في الصُّحف الإلكترونيّة، وهذا مُؤشِّر على تحوُّل اهتمامات الجمهور.[5]

ألعاب الفيديو

تلك الوسيلة التي يُنظَر إليها على أنّها مُصمَّمة؛ للمرح، والتسلية، هي بشكلٍ، أو بآخر عامل مُؤثِّر، ومُؤسِّساً لثقافة إعلاميّة يوميّة تجعل المُستخدِمين ضمن عالم افتراضيّ، له سياساته، وثقافته، وأعرافه.[5]

الظواهر المُصاحبة لانتشار وسائل الاعلام الجديد

أنتجت وسائل الاعلام الجديد عدداً من الظواهر المُنبثِقة عن مدى الإقبال الواسع على استخدام هذه الوسائل من مختلف فئات المجتمع، وشرائحه، ومن تلك الظواهر ما يلي:[4]

  • التقليل من احتكار المُؤسَّسات الكُبرى للخبر، ونشوء منابر جديدة، ومُتنوِّعة؛ للتعبير عن الرأي، فكلُّ إنسان بإمكانه أن يرسل، ويستقبل الأخبار، ويشارك في التعليق عليها أينما كان، وفي أيّ وقت، ودون أن تكون المُؤسَّسة الإعلاميّة، أو وكالات الأنباء بالضرورة جزءاً من تلك العمليّة، حيث أصبح الجمهور يتولّى جزءاً كبيراً من العمليّة الاتّصالية فيما بينهم، وهذا ما يُسمَّى (ظاهرة إعلام الجمهور للجمهور).
  • إتاحة المجال لغير المُتخصِّصين؛ لمُمارسة دور (المواطن الصحفيّ)، حيث ساهم ذلك في ظهور مضامين، وأشكال ثقافيّة، وإعلاميّة أكثر تنوُّعاً، وإبداعاً.
  • تسليط الضوء على قضايا لم تتناولها وسائل الإعلام التقليديّة، الأمر الذي يزيد من الضغط على الوسائل التقليديّة، وقد يُؤثِّر في سياساتها التحريريّة.
  • تشكيل شبكات التواصُل الاجتماعيّ لمُجتمعات افتراضيّة تجمعهم قضاياهم، واهتماماتهم، وحواراتهم، دون قيود المكان، والزمان، والهويّة، والانتماء، وذلك يُؤسِّس لتشكيل بيئة تفاعُليّة مَرِنة، وسريعة التفعيل، بأقلّ قَدر من المُحدِّدات المُعيقة.
  • إظهار موضوع الإعلام المُتخصِّص؛ حيث تتكوَّن ظاهرة تفتيت الجماهير من جماهير عريضة، إلى جماهير فئويّة صغيرة، تجمعها منصّة واحدة، ضمن إطار مُحدَّد، وخطاب إعلاميّ يُراعي تلك الفئات، ويستهدفها.

المراجع

  1. ↑ "The Evolution of Traditional Media to New Media", sutori.com, Retrieved 5-12-2018. Edited.
  2. ↑ "Who Invented the Television?", historyonthenet.com, Retrieved 5-12-2018. Edited.
  3. ↑ "new media", dictionary.cambridge.org, Retrieved 5-12-2018. Edited.
  4. ^ أ ب " الإعلام الجديد"، saudimediaeducation.org، اطّلع عليه بتاريخ 5-12-2018. بتصرّف.
  5. ^ أ ب ت ث ج ح Brian Neese (20-2-2016), "5 Types of New Media"، online.seu.edu, Retrieved 5-12-2018. Edited.