فوائد الحج
الحج
الحجّ ركنٌ من أركان الإسلام، وهو فريضةٌ فرضها الله -تعالى- على كلّ مسلمٍ ومسلمةٍ قادرين على أدائها، وقد شرع الله الحجّ عندما أمر نبيّه إبراهيم -عليه السلام- أن يؤذنّ في الناس بالحجّ،[1] حيث قال الله تعالى: (وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ)،[2] فالحجّ لغةً هو القصد وهو كثرة التردّد على المكان أو الشخص، أمّا شرعاً فهو التعبد لله -تعالى- بأعمالٍ مخصوصةٍ، في أوقاتٍ مخصوصةٍ، في مكانٍ مخصوصٍ، من شخصٍ مخصوصٍ، وللحجّ خمسة شروط، وهي: أن يكون الشخص مسلماً، وعاقلاً، وبالغاً، وحرّاً، وقادراً بالمال والبدن.[3]
فوائد الحج
للحجّ فوائد وفضائل عديدة يحصل عليها المسلم، وفيما يأتي بيان البعض منها:[4][5]
- الحجّ من أعظم الأعمال التي يتقرّب بها المسلم إلى الله تعالى.
- الحجّ المبرور أفضل من الجهاد، فهو يعدل ثواب الجهاد في سبيل الله للمسلم غير القادر على الجهاد.
- الحجّ أجره وثوابه عظيم، فيغفر الله للعبد ذنوبه ويجزيه جنّات النعيم، فليس له ثوابٌ إلّا الجنة، فعن أبي هريرة عن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (العمرةُ إلى العمرةِ كفَّارَةٌ لمَا بينَهمَا، والحجُّ المبرورُ ليسَ لهُ جزاءٌ إلا الجنَّةُ).[6]
- الحجّ المبرور الذي لا يرفث ولا يفسق الإنسان فيه، يرجع الإنسان فيه كما ولدته أمّه.
- المتابعة بين الحجّ والعمرة ينفيان الفقر والذنوب فهم سببٌ لغنى الإنسان وبركة رزقه.
- الحجاج وفد الله تعالى؛ فإن دعوه أجابهم، وإن استغفروه غفر لهم.
- توطيد العلاقات بين المسلمين من بقاع الأرض جميعها، فهم يجتمعون من كلّ البلدان لأداء شعيرة الحجّ العظيمة.
- إظهار خضوع العبد لله تعالى، من خلال تجردّه من الدنيا وتركيزه على أداء الفريضة، وأيضاً شكر العبد لله -تعالى- على ما أنعم به عليه.
أثر الحج على حياة الانسان
إنّ العبادات تترك أثراً في حياة المسلم، وهذه الآثار تختلف باختلاف العبادة نفسها، ومكانتها في الإسلام وبين الشخص الذي يؤدّي هذه العبادة، والحجّ من أعظم العبادات التي تترك آثاراً سلوكيّةً هامّةً في حياة المسلم طالما أدّاها المسلم، وأخلص في أدائها، واستشعر المعاني العظيمة لهذه الشّعيرة، لكن وبالرغم من الأعداد الكبيرة للحجّاج في كلّ عامٍ، فإنّنا لا نرى أو نلمس أثراً للحجّ في حياة معظم العائدين من الحجّ أو ممّن يحجّون أكثرمن مرّة ويرجع ذلك لعدّة أسبابٍ منها:[7]
- اختلاف درجة الإخلاص والصّدق في نفوس المؤدّين للحجّ، واختلاف درجة اتباع سنّة النبي محمّد -صلّى الله عليه وسلّم- أثناء التطبيق، وهذه الأمور ضروريّة لصحة قبول العبادة والشعور باللذة، وانشراح الصدر أثناء تطبيقها وبعدها.
- أداء شعيرة الحجّ جسداً بلا روح.
- وجود فجوةٍ بين العلم من مصادره المختلفة، كالمحاضرات وخطب الجمع، وبين التطبيق الفعليّ المرتجى من العلم، أو قلّة العلم بأحكام الحجّ والنصوص الشرعيّة المتعلقة به.
- كثرة الذنوب والمعاصي التي تحرم المسلم من التلذّذ بالعبادات، ولا تمكنّه من جني بركةٍ أو أثرٍ لها.
الوسائل المعينة على التماس آثار الحج
إنّ هناك عددٌ من الوسائل المعينة للمسلم على إيجاد آثار شعيرة الحجّ في حياته، منها:[7]
- الاطّلاع على ما ورد من نصوصٍ شرعيةٍ متعلّقةٍ بعبادة الحجّ في القرآن الكريم، أو السّنة النبوية.
- الاستعانة بكتب التفاسير، وكتب الأحاديث، وسؤال أهل العلم؛ للتمكّن من فهم النصوص.
- استشعار واستحضار عظمة شعيرة الحجّ، والحِكم المرجوّة منها.
- القراءة في سيرة الرّسول صلّى الله عليه وسلّم، وقصص وأحوال السّلف الصّالح في تلك العبادة والمواقف.
- اختيار الصحبة الصالحة ليكونوا عوناً للمسلم في الدروس والمواعظ، وأداء العبادات بالطريقة الصحيحة أثناء أداء الحجّ.
مواقف الحج وأثرها في سلوك المسلم
إنّ هناك عددٌ من الشعائر التي يؤديها المسلم أثناء الحجّ، التي تترك آثاراً إيجابيّةً، منها:[7]
لباس الإحرام
توحيد لباس الحجّ بين جميع الحجّاج يعزّز معنى أنّ الناس سواسية عند الله، لا فرق لعربيٍّ على أعجميٍّ إلّا بالتقوى، فالفروق الماديّة أو الاجتماعية لا تحدّد درجة القرب من الله تعالى، وإنّما الذي يحدّد ذلك مخافة الله، ودرجة العبوديّة له.
التلبية
فالتلبية تؤكد معاني التوحيد الثلاث: الألوهيّة، والربوبيّة، والأسماء والصفات، وأثرها أن يستشعر المسلم نعمة هدايته للتوحيد، وأن يدعو الله -تعالى- أن يثبّت قلبه على دينه حتى آخر يومٍ من حياته، وأن يلبّي ويجتهد ويعمل حتى يقبل الله حجّه، ولا يردّ عبده.
أعمال الحجّ
إن الحاجّ أثناء أدائه للكثير من أعمال الحجّ؛ كالطواف، والسعي، والرمي، والمبيت، والنحر لا يدرك معناها، والحكمة من كيفيتها، ممّا يعزّز عند المسلم معاني العبوديّة، والاستسلام لله تعالى، وكذلك عندما يؤديها الحاجّ كما ورد عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فيطوف سبعة أشواطٍ، ويسعى سبعاً لا ينقص عنها ولا يزيد، ويرمي بعد الزوال، ويخرج من مكة بعد طواف الوداع، فكلّ ذلك يعزّز عند المسلم قيمة مراقبة الله -عزّ وجلّ- في كلّ أفعاله، وكذلك بالنسبة لمحظورات الإحرام، فالحاجّ يمنع نفسه عن الطّيب، واللباس، امتثالاً لأوامر الله، واستشعاراً لرقابته.
نحر الهدي
يذبح الحاجّ الهدي امتثالاً لأمر الله تعالى، كما فعل إبراهيم -عليه السلام- عندما أمره الله بذبح ابنه إسماعيل عليه السلام، ولما كان الإذعان التام لما أمره الله به أبدله الله شاةً مكان ولده، وقد ذبح رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- مئة ناقة؛ تعظيماً لشعائر الله، حيث قال الله تعالى: (ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّـهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ).[8]
يوم عرفة
يوم عرفة هو أعظم يومٍ في الحجّ، ففيه يجتمع الحجيج في مكانٍ واحدٍ، كلٌّ منهم يدعو ربّه، ويسأل مسألته، ويستغفرعن ذنبه، والله -تعالى- يسمعهم جميعاً على اختلاف لغاتهم وسؤالهم، وذلك الموقف يذكّر المسلم بيوم القيامة، وجموع الخلائق تنتظر رحمة ربّها، ويكون المصير إلى الجنة أو النار.
المراجع
- ↑ د.جمال المراكبي، "فضل الحج وفوائده"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 11-10-2018.بتصرف
- ↑ سورة الحج، آية: 27.
- ↑ "فقه الحج"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 11-10-2018.بتصرف
- ↑ د.جمال امراكبي (10-11-2009)، "فضل الحج وفوائده"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 11-10-2018.بتصرّف.
- ↑ "فوائد الحج والعمرة"، www.islamweb.net، 11-5-2003، اطّلع عليه بتاريخ 11-10-2018.بتصرف
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1773، صحيح.
- ^ أ ب ت عمر المقبل، "الحج وآثاره السلوكية - حلقات تربوية"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 11-10-2018.بتصرف
- ↑ سورة الحج، آية: 32.