-

مفهوم الزكاة اصطلاحاً

(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

الزكاة

الزكاة ركنٌ من أركان الإسلام الخمسة، حيث روى الصحابي عبد الله بن عمر عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنّه قال: (بُنِيَ الإسلامُ على خَمْسٍ، شهادةِ أن لا إلهَ إلا اللهُ وأنَّ محمداً عبدُهُ ورسولُهُ، وإقامِ الصلاةِ، وإيتَاءِ الزكاةِ، وحجِّ البيتِ، وصومِ رمضانَ)،[1] وذلك الركن يحقّق توازن المجتمع، وينشر بين أفراد المحبة والعطف والرحمة والعطاء والإيثار والإحسان، ويبيّن طهارة ونقاء الباطن، وينقي الأحقاد والأبغاض في القلوب، ويتنفي الفقر أيضاً بإخراج الأغنياء لزكاة أموالهم، وبذلك تتحقّق البركة في أموالهم وأرزاقهم، وإضافةً إلى ذلك تحقيق العديد من الفضائل والبركات، فالزكاة تحقق أهداف الشريعة الإسلامية في بناء قواعد التعاون وتقديم البر والمعروف والخير، ولذلك كانت الزكاة من أبرز وصايا الرسول -عليه الصلاة والسلام- للأمراء الذين ابتعثهم إلى مختلف البلاد والمناطق، كما أنّ الزكاة تطهّر الأموال ونفوس الأغنياء والفقراء، حيث قال الله تعالى: (خُذ مِن أَموالِهِم صَدَقَةً تُطَهِّرُهُم وَتُزَكّيهِم بِها وَصَلِّ عَلَيهِم إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُم وَاللَّـهُ سَميعٌ عَليمٌ)،[2] وتطهير نفوس الأغنياء يكون من الكبر والفخر والبطر، ونفوس الفقراء من الحقد والبغض والحسد، كما أنّ الزكاة من الأسباب التي تُدخل العبد إلى الجنة، وتحقّق الفلاح والفوز والنجاة في الدنيا والآخرة، ومما يبيّن أهمية الزكاة قرن ذكرها بذكر الصلاة في العديد من الآيات القرآنية، منها قول الله تعالى: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ)،[3] وفي المقابل فقد حذّر الله تعالى من الامتناع عن أداء الزكاة.[4]

تعريف الزكاة

تطلق الزكاة في اللغة على النماء والبركة والزيادة، فيُقال عن الزرع إذا زاد: نما، كما تأتي الزكاة بمعنى الطهارة، ومن ذلك قول الله تعالى: (قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا)،[5] أي تطهير النفس من الأدناس وممّا يشوبها، أمّا الزكاة في الاصطلاح فهي تطلق على دفع جزءٍ مخصوصٍ من مالٍ مخصوصٍ، ويكون الدفع لأصنافٍ مخصوصةٍ من الناس بشروطٍ مخصوصةٍ، يثاب فاعلها ويعاقب تاركها، وجحدها يؤدي إلى الكفر والخروج من الإسلام، حيث إنّ إنكار الزكاة يعد إنكار أمرٍ معلومٍ من الدين بالضرورة، وسميت الزكاة بهذا الاسم؛ لأنّها تطهّر المال، وتزكيّه؛ أي تزيده وتنمية وتكثره، وتجدر الإشارة إلى ورود فرض الزكاة في القرآن الكريم والسنة النبوية وبالإجماع عن العلماء، وقد فُرضت في السنة الثانية من الهجرة استناداً إلى الصحيح من أقوال العلماء، والعلّة في وجوب الزكاة تتمثل بملك النصاب المحدّد شرعاً، الفاضل والزائد عن الحاجات الأساسية والضرورية للمسلم، من الأكل والشراب واللباس والنفقة الواجبة عليه والخلو من الديون، ويعرّف النصاب بأنّه الحد الذي ببلوغه تجب الزكاة في المال الذي يختلف باختلاف الأموال وأنواعها وأوصافها، فالزكاة لا تجب إلّا بخمسة أنواعٍ من الأموال، وهي: الأنعام من الإبل والبقر والغنم، والمعشرات؛ ويقصد بها الأقوات التي يجب فيها العُشر أو نصف العُشر، وتجب الزكاة أيضاً بالأموال من الذهب والفضة وإن كانا من غير المضروب، وتجب أيضاً بعروض التجارة، وهي البضائع التي يقصد منها التجارة، كما أنّه أطلق على صدقة الفطر زكاةً؛ أي أنّها تجب بالإفطار من رمضان، ويشترط في جميع الأنواع السابقة من الأموال النماء، وحولان الحول عليها، ومن الجدير بالذكر أنّ الزكاة لا تجب إلّا على المسلم البالغ العاقل الحر المالك للنصاب، فالزكاة عبادةٌ، والعبادة لا تجب على الكافر، ولا على الصبي؛ لأنّه ليس من أهل العبادة، فلا تجب عليه كعدم وجوب الصلاة والصيام عليه، كما لا تجب الزكاة على المجنون جنوناً أصلياً، ولا على العبد، واشترط الحنفية عدم الدين المؤجّل والمعجّل على المزكّي.[6]

مصارف الزكاة

بيّن الله تعالى مصارف الزكاة في القرآن الكريم بقوله: (إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلفُقَراءِ وَالمَساكينِ وَالعامِلينَ عَلَيها وَالمُؤَلَّفَةِ قُلوبُهُم وَفِي الرِّقابِ وَالغارِمينَ وَفي سَبيلِ اللَّـهِ وَابنِ السَّبيلِ فَريضَةً مِنَ اللَّـهِ وَاللَّـهُ عَليمٌ حَكيمٌ)،[7] والصنف الأول الذي تؤدّى له أموال الزكاة الفقير، وهو المحتاج الذي لا يسأل ولا يطلب حاجته من الناس، وذهب الحنفية إلى القول بأنّ الفقير هو من لا يملك النصاب الشرعي على اختلافٍ في تحديد النصاب الشرعي، والصنف الثاني من مصارف الزكاة هم المساكين، والمسكين هو المحتاج الذي يتذلّل ويسأل الناس حاجاته، إلّا أنّ الفقهاء اختلفوا في تعريف المسكين وبيان حاله، فذهب الحنفية إلى القول بأنّه الذي لا يملك أي شيءٍ، ويطلق عليه أيضاً المُعدم، أمّا جمهور الفقهاء فقالوا بأنّ المسكين هو من يستطيع ويسعى لكسب المال والعمل الحلال الذي يكفي حاجاته وحاجات من تلزمه نفقتهم لكنّه لا يجد تمام الكفاية، كما اختلفوا الفقهاء أيضاً في تحديد الفرق بين الفقير والمسكين، فالفقير عند الشافعية والحنابلة حاله أسوء من حال المسكين، بينما ذهب كلٌّ من المالكية والحنفية في المشهور عنهم أنّ المسكين أسوء حالاً من الفقير، والصنف الثالث من أصناف مصارف الزكاة العاملون عليها؛ وهم من يقومون على جمع أموال الزكاة، ورعايتها وصيانتها، ومن ثمّ إعطاؤها ودفعها إلى مستحقيها، ويعطون من أموال الزكاة ما يستحقون مقابل جهودهم وإن كانوا أغنياءً، ويشترط فيهم الإسلام والبلوغ والعقل والأمانة والذكورية والحرية، والعلم بأحكام الزكاة، كما تُصرف أموال الزكاة على المؤلفة قلوبهم، والقصد من ذلك تثبيت قلوب المسلمين، ورجاء إسلام غير المسليمن، أو دفع شرّ من لا يُرجى إسلامه، وتصرف الزكاة أيضاً على العباد والإماء لتحريرهم من العبودية، بإعانة المكاتبين أو بالعتق، وتصرف أيضاً على الغارمين؛ وهم الذين عليهم ديون لغيرهم إمّا لمصلحتهم أو لمصلحة الغير، وتصرف الزكاة أيضاً في الجهاد، ولابن السبيل الذي انقطع عن أهله وماله.[8]

المراجع

  1. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 16، صحيح.
  2. ↑ سورة التوبة، آية: 103.
  3. ↑ سورة البقرة، آية: 43.
  4. ↑ "الزكاة ركن الإسلام"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 15-12-2108. بتصرّف.
  5. ↑ سورة الشمس، آية: 9.
  6. ↑ "أحكام الزكاة"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 15-12-2018. بتصرّف.
  7. ↑ سورة التوبة، آية: 60.
  8. ↑ "مصارف الزكاة"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 15-12-2018. بتصرّف.