-

طريقة الصلاة الصحيحة في الإسلام

(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

الصلاة

تُعرف الصلاة لغةً بالدعاء،[1] أمّا اصطلاحاً فتُعرّف بأنّها التعبد لله -عزّ وجلّ- بأعمالٍ وأقوالٍ مخصوصةٍ، مُفتتحة بالتّكبير، مختتمة بالتسليم،[2] حيث إنّ للصلاة بالغ الأهمية في دين الله، فهي أوكد أركان الإسلام بعد الشهادتين، فقد رُوي عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- أنّه قال: لمَّا بعث النبيُّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- مُعاذ بن جبلٍ إلى نحو أهل اليمن قالَ له: (إنَّكَ تقدمُ على قَومٍ من أهل الكتاب، فَليكُن أوَّل ما تدعوهُم إلى أن يوحّدوا اللَّه تعالى، فإِذا عرفوا ذلك، فأخبرهُم أنَّ اللَّه قد فرض عليهم خمس صلواتٍ في يومهِم وليلَتهِم)،[3] بالإضافة إلى أنّها عمود الدّين الذي لا يُقام إلا به، مصداقاً لما رواه معاذ بن جبل -رضي الله عنه- عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنّه قال: (رأسُ الأمر الإسلام، وعمودهُ الصَّلاة، وذروةُ سنامه الجِهادُ)،[4] وقد كانت الصلاة آخر وصيةٍ من وصايا النّبي -عليه الصلاة والسلام- لأمته قبل وفاته، مصداقاً لما رُوي عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- أنّه قال: (كان آخر كلام النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّم الصَّلاةَ وما ملكت أيمانكم).[5][6]

طريقة الصلاة الصحيحة في الإسلام

لأداء الصلاة بشكلٍ صحيحٍ ينبغي للمسلم تعلم المسائل الفقهية التي تتوقف عليها صحة الصلاة، والمحافظة عليها، وهي شروط الصلاة، وأركان الصلاة، وواجبات الصلاة، أمّا السنن والمستحبات فيثاب المسلم كلما تعلمها وطبقها في صلاته، لا سيما أنّ في المحافظة عليها اقتداءً برسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن في حال تركها لا تبطل صلاته.[7]

شروط صحة الصلاة

يُعرّف الشرط لغةً بالعلامة، أما شرعاً: فهو ما لا يلزم من وجوده الوجود، ولكن يلزم من عدمه العدم، وتنقسم الشروط إلى شروط وجوب، وشروط صحة، ويمكن القول أن العبادات ومنها الصلاة لاتجب على المكلف إلا بتوفر شروط الوجوب، وتشمل هذه الشروط الإسلام، والعقل، والبلوغ، حيث إنّ الصلاة واجبةٌ على كل مسلمٍ عاقلٍ بالغٍ، وأمّا شروط الصحة فهي الشروط التي لا تصح الصلاة إلا بها، وفيما يأتي بيانها:[8]

  • دخول الوقت: فلا تصح الصلاة إلا في الوقت الذي فرضه الله تعالى، مصداقاً لقوله: (إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا)،[9] وقد بيّن ابن عباس ، وابن مسعود، وغيرهم من الصحابة -رضي الله عنهم- جميعاً أنّ المقصود من الآية الكريمة أنّ للصلاة وقتاً محدداً، كوقت الحجّ، وأجمعت الأمة على أنّ للصلوات الخمس أوقاتاً مخصوصةً محددةً، لا تصح قبلها ولا بعدها، وقد بيّن الله -تعالى- أوقات الصلاة إجمالاً في قوله: (أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَىٰ غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ ۖ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا)،[10] وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "الصلاة لها وقت شرطه الله لها لا تصح إلا به".
  • الطهارة من الحدث الأكبر والأصغر: حيث يلزم لصحة الصلاة الطهارة من الحدث الأصغر بالوضوء، ومن الحدث الأكبر بالغُسل، مصداقاً لما رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنّه قال: (لا يقْبل اللَّه صلاة أحدكم إذا أحدث حتَّى يَتوَضَّأ)،[11] وما رواه عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنّه قال: (لا تُقبل صلاةٌ بغير طُهُورٍ).[12]
  • طهارة الثوب والبدن والمكان: لأداء الصلاة بشكلٍ صحيحٍ ينبغي للمسلم اجتناب النّجاسة؛ كالبول والغائط في الثوب، والبدن، والمكان، ولكن في حال العجز عن إزالتها تصح الصلاة؛ لأنّ الله لا يكلف نفساً إلا وسعها.
  • ستر العورة: لا بُدّ من ستر العورة في الصلاة، فقد قال الله تعالى: (يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ)،[13] وقد أجمع العلماء على عدم صحة صلاة من كشف عورته متعمداً، حيث قال ابن عبد البر رحمه الله: "أجمعوا على فساد صلاة من ترك ثوبه، وهو قادرٌ على الاستتار به، وصلى عُرياناً"، وتجدر الإشارة إلى أنّ عورة الرجل ما بين السرة والركبة، وعورة المرأة في الصلاة كل بدنها إلا الوجه والكفين.
  • استقبال القبلة: لا تصح الصلاة إلا بالتوجه إلى القبلة، مصداقاً لقول الله تعالى: (قَدْ نَرَىٰ تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ ۖ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا ۚ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ۚ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ)،[14] ولكن في حال العجز عن التّوجه إلى القبلة بسبب الخوف، أو الأسر، أو أي مانع آخر؛ يسقط هذا الشرط، وتصح الصلاة بحسب الاستطاعة.
  • النّية: لا تصح الصلاة إلا بالإرادة والقصد، ومحل النية القلب، ولا حاجة للتلفظ بها، فينوي المصلي صلاة الظهر ظهراً، والعصر عصراً، وهكذا، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنَّما الأعمالُ بالنِّيّات).[15]

أركان الصلاة

يُعرّف الركن لغةً على أنّه الجانب الأقوى من الشيء، أما اصطلاحاً فتُعرّف أركان العبادة على أنّها ما تتركب منه العبادة ولا تصح بدونها، ويمكن القول أنّ الصلاة تتركب من أركان الصلاة، ولا تصح الصلاة إلا بها، ولا يجوز ترك أحد الأركان سهواً أو عمداً، ولا يجبره سجود السهو، ويكن بيان أركان الصلاة فيما يأتي:[16]

  • القيام: حيث ينبغي القيام في صلاة الفريضة، فقد قال الله -تعالى- في القرآن الكريم: (وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ)،[17] أما في حال المرض، أو العجز بسبب الحبس، أو الخوف، أو العري، فإنّ هذا الركن يسقط، ويجوز أداء الصلاة جالساً.
  • تكبيرة الإحرام: فلا تصح الصلاة إلا بها، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا قُمت إلى الصَّلاة فأسبِغ الوضُوء، ثُمَّ استقبل القبلة فكبِّر).[18]
  • قراءة الفاتحة: فيجب على المصلي قراءة الفاتحة في كل ركعة، مصداقاً لما رُوي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنّه قال: (لَا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب).[19]
  • الركوع: فالركوع ركنٌ من أركان الصلاة التي لا تصح إلا به، فقد قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ).[20]
  • الاعتدال من الركوع: والدليل على أنّ الاعتدال من الركوع ركنٌ من أركان الصلاة، ما رُوي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنّه قال: (ثمَّ اركع حتَّى تطمئنَّ راكعاً ثمَّ ارفع حتَّى تعتدل قائماً).[21]
  • السجود: حيث أجمع العلماء على أنّ السجود ركنٌ من أركان الصلاة، ولا تصح الصلاة إلا به، ونقل الإجماع ابن حزم في مراتب الإجماع، وابن هبيرة في الإفصاح، وحتى يكون السجود صحيحاً ينبغي السجود على سبعة أعضاء وهي: الجبهة، والكفين، والركبتين، وأطراف القدمين.
  • الاعتدال من السجود: وهو الجلوس بين السجدتين.
  • الطمأنينة: حيث تجب في كل الأركان.
  • التشهد الأخير والجلوس له: ويتم ذلك بالجلوس والتشهد بأحد الصيغ المشروعة، ومنها ما ورد في الحديث الذي رواه ابن مسعود -رضي الله عنه- عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنّه قال: (فإِذا صلَّى أحدكُم، فليقل: التَّحِيَّات لِلّه والصَّلواتُ والطَّيِّبات، السَّلام عليك أيُّها النبيُّ ورحمة اللَّه وبركاتهُ، السَّلَام علينا وعلى عباد اللَّه الصَّالحِين، فإنَّكُم إذا قُلتموها أصابت كُلَّ عبدٍ لِلَّه صالحٍ في السَّماء والأرض، أشهدُ أن لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأَشْهَدُ أنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ ورَسولُهُ).[22]
  • الصلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام- في التشهد الأخير: وصيغة الصلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام- بقول: (اللَّهُمَّ صَلِّ علَى مُحَمَّدٍ وعلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كما صَلَّيْتَ علَى إبْرَاهِيمَ، وعلَى آلِ إبْرَاهِيمَ، إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ بَارِكْ علَى مُحَمَّدٍ وعلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كما بَارَكْتَ علَى إبْرَاهِيمَ، وعلَى آلِ إبْرَاهِيمَ إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ).[23]
  • الترتيب: حيث إنّ الترتيب بين أركان الصلاة ركن، ولا تصح الصلاة إلا بالترتيب بين أركانها، فتبدأ الصلاة بالقيام، ثمّ الركوع، ثمّ الرفع من الركوع، ثمّ السجود، ثمّ الرفع من السجود، ثمّ السجود الثاني، وهكذا.
  • التسليم:ويتم التسليم بقول: السلام عليكم ورحمة الله عن اليمين واليسار.

واجبات الصلاة

لأداء الصلاة بشكلٍ صحيحٍ ينبغي القيام بواجبات الصلاة، حيث إنّ تعمّد ترك واجبٌ من واجبات الصلاة يبطلها، أمّا في حال تركه سهواً فيجبره سجود السهو، وفيما يأتي ذكر واجبات الصلاة:[24]

  • جميع التكبيرات، إلا تكبيرة الإحرام فهي ركن.
  • تعظيم الرب في الركوع بقول: "سبحان ربي العظيم".
  • قول سمع الله لمن حمده للإمام والمنفرد عند الرفع من الركوع.
  • قول ربنا ولك الحمد للإمام، والمنفرد، والمأموم.
  • الدعاء في السجود.
  • الدعاء بين السجدتين.
  • الجلوس للتشهد الأول، وقراءة التشهد الأول.

المراجع

  1. ↑ "تعريف و معنى الصلاة في معجم المعاني الجامع"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 12-3-2019. بتصرّف.
  2. ↑ "تَعريفُ الصَّلاةِ"، www.dorar.net، اطّلع عليه بتاريخ 12-3-2019. بتصرّف.
  3. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 7372، صحيح.
  4. ↑ رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن معاذ بن جبل، الصفحة أو الرقم: 2616، صحيح.
  5. ↑ رواه الألباني، في صحيح ابن ماجه، عن علي بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم: 2201، صحيح.
  6. ↑ "أَهميَّةُ الصَّلاةِ وفَضلُها"، www.dorar.net، اطّلع عليه بتاريخ 12-3-2019. بتصرّف.
  7. ↑ "المسائل الواجب تعلمها في فقه الصلاة"، www.islamweb.net، 2016-3-10، اطّلع عليه بتاريخ 12-3-2019. بتصرّف.
  8. ↑ "شروط الصلاة"، www.alimam.ws، اطّلع عليه بتاريخ 12-3-2019. بتصرّف.
  9. ↑ سورة النساء، آية: 103.
  10. ↑ سورة الإسراء، آية: 78.
  11. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 6954، صحيح.
  12. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 224، صحيح.
  13. ↑ سورة الأعراف، آية: 31.
  14. ↑ سورة البقرة، آية: 144.
  15. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عمر بن الخطاب، الصفحة أو الرقم: 1، صحيح.
  16. ↑ الشيخ د.عبد الله الفريح (19-10-2016)، "شرح أركان الصلاة"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 12-3-2019. بتصرّف.
  17. ↑ سورة البقرة، آية: 238.
  18. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 6251، صحيح.
  19. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبادة بن الصامت، الصفحة أو الرقم: 756 ، صحيح.
  20. ↑ سورة الحج، آية: 77.
  21. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 793، صحيح.
  22. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 831، صحيح.
  23. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن كعب بن عجرة، الصفحة أو الرقم: 3370 ، صحيح.
  24. ↑ " واجبات الصلاة"، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 12-3-2019. بتصرّف.