-

الفرق لام الأمر ولا الناهية

(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )
لام الأمر ولا الناهية من الحروف الجازمة للفعل المضارع ولكن بينهما فروق يمكن لنا أن نجملها على النحو الآتي:


تسمى لا الناهية بلا الطلبية بالنفي بمعنى النهي، وتسمى لا الناهية لأن فيها معنى الأمر ولكن في نفي المطلوب ومثال ذلك قوله تعالى: "إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ۖ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ".

فلو لاحظنا قوله تعالى "لا تحزن" نعرف أن (لا)، هي حرف النهي فرسول الله ينهى أبا بكرعن الحزن؛ لأن الله معهما سبحانه ولو أعربنا هذا الحرف لقلنا أنه حرف مبني لا محل له من الإعراب، والفعل المضارع بعدها فعل مجزوم وعلامة جزمه السكون والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت.

أما لام الأمر، فتسمى بلام الطلب وهي من الحروف المبنية التي تفيد معنى الطلب مع الإثبات والتي تكون للمخاطب وللغائب والمتكلم، وتدخل لام الأمر على الفعل المضارع فتجزمه، ومثال ذلك في قوله تعالى: "وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ وَمَا هُم بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُم مِّن شَيْءٍ ۖ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ"، في هذه الآية نلاحظ وجود لام الأمرفي قوله: "ولنحمل خطاياكم" فاللام أمرية ساكنة ودخلت على الفعل الأمر فجزمته وعلامة جزمه السكون.

تفيد لام الناهية حسب مكانها في السياق: النهي والدعاء والالتماس،ويمكن لنا توضيح الفارق بينهم بأن النهي يكون من الأعلى إلى الأدنى، والدعاء يكون من الأدنى إلى الأعلى ومن ذلك قوله تعالى "لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ۚ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ ۗ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ۚ رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا ۚ رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ ۖ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا ۚ أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ"

والشاهد هنا قوله تعالى (لا تؤاخذنا) والتي تحمل معنى الدعاء في طلب منفي بمعنى يا رب لا تؤاخذنا وكأن (لا) تعمل على الدعاء إلى الله سبحانه من أن لا يؤاخذنا في حال النسيان أو الخطأ، أما إعرابها فيكون: حرف مبني لا محل له من الإعراب، والفعل (توأخذنا) فعل مضارع مجزوم بعد لا الناهية، والالتماس يكون من أحدهم إلى آخر يساويه مثل قولنا لا تفعل الشرّ، ولا الناهية تستخدم لنهي المخاطب أو الغائب.

أما لام الأمر فتستخدم أيضًا في حالات ثلاث هي: الدعاء والالتماس والأمر أو الطلب، ويكون الأمر من الأعلى إلى الأدنى ومن أمثلته قوله تعالى في في سورة الطلاق"لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ ۖ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ ۚ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا ۚ سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا".

والشاهد في قوله تعالى (لينفق) فاللام لام الأمر وهي هنا مكسورة ذلك لأنها غير مسبوقة بالواو أو الفاء أو ثم ولو سبقت بهم تكون مكسورة أو ساكنة ولكن التسكين أكثر وهذه قاعدة نحوية، وكلمة (ينفق) فعل مضارع مجزوم وعلامة جزمه السكون الظاهر على آخره، أما الدعاء فيكون من الأدنى إلى الأعلى كقوله تعالى في سورة الزخرف "وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ"،والالتماس في لام الأمر ويكون من شخص لآخر يساويه مثل قولنا (لتدرس).

وظيفة لا الناهية، ولام الأمر هو الجزم و لا تدخل إلّا على الفعل المضارع فتعمل على التأثير عليه من خلال حركة آخره.

إذا جاءت "لا" ناهية يليها فعل مضارع مجزوم تُعرب حرف مبني لا محل له من الإعراب، والفعل المضارع الذي يتبعها يعرب فعل مضارع مجزوم وتكون علامة جزمه حسب نوعه، سواء كان من الأفعال الخمسة أو غيره، ومن الأمثلة عليها قوله تعالى: "وَأَنْفِقُوفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ۛ وَأَحْسِنُوا ۛ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ".

نلاحظ هنا أن قوله تعالى "لا تلقوا بأيديكم" شملت لا الناهية، فهو سبحانه ينهى المؤمنين بأن يلقوا أنفسهم في المهالك، ونعربها حرف مبني لا محل له من الإعراب والفعل المضارع تلقوا فعل مضارع مجزوم، وعلامة جزمه حذف النون لأنه من الأفعال الخمسة، والواو واو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع فاعل.

أما لام الأمر والتي تدخل أيضًا في وظيفة محددة على الفعل المضارع وهي جزمه، على سبيل المثال في قوله تعالى: "وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ"، والشاهد هنا كلمة فليستجيبوا فاللام لام الأمر وهي حرف مبني على السكون، والفعل يستجيبوا فعل مضارع مجزوم بلام الأمر وعلامة جزمه حذف النون من آخره لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل مبني في محل رفع فاعل.

هذا وقد ذكرنا سابقًا أن لام الأمر تكون ساكنة إن لم تسبق بحروف العطف، وإلا فإنها تكون مكسورة، أو ساكنة والتسكين أكثر.