فضل شهر رمضان الكريم
رمضان
خص الله -سبحانه- شهر رمضان من بين الشهور بفريضة الصيام، وخص أمة محمد من بين الأمم بهذا الفضل العظيم في قوله تعالى: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ۚ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ).[1][2]
فضل شهر رمضان
لا بد للمسلم أن يعرف فضائل شهر رمضان الكريم، ويسعى كل السعي لاغتنام هذه الفضائل وجني الأرباح العظيمة حيث مضاعفة الأجور، ونيل رضا الغفور الشكور،[3] وفيما يأتي بيان لفضائل هذا الشهر المبارك:
الصيام
من فضائل شهر رمضان أن خصه الله -تعالى- بالصيام، ومن نعم الله علينا أن يبلغنا هذا الشهر، ويُعيننا فيه على الصيام الذي جعل أجره غير محدد دلالةً على عِظَمِ قَدْرِه، دليل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: (يقولُ اللَّهُ عزَّ وجلَّ: الصَّوْمُ لي وأنا أجْزِي به، يَدَعُ شَهْوَتَهُ وأَكْلَهُ وشُرْبَهُ مِن أجْلِي، والصَّوْمُ جُنَّةٌ، ولِلصَّائِمِ فَرْحَتانِ: فَرْحَةٌ حِينَ يُفْطِرُ، وفَرْحَةٌ حِينَ يَلْقَى رَبَّهُ، ولَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِن رِيحِ المِسْكِ).[4][5]
تفتح فيه أبواب الجنان وتغلق أبواب النيران
يتميز شهر رمضان المبارك بثلاثة أمور بحسب الحديث الشريف، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (رمضانُ شهرٌ مُباركٌ تُفَتَّحُ فيه أبوابُ الجنةِ، وتُغَلَّقُ أبوابُ السَّعيرِ، وتُصَفَّدُ فيه الشياطينُ)،[6] وهذه الفضائل الثلاث هي:[7]
- فتح أبواب الجنان: وذلك لترغيب المسلمين بالاجتهاد بعمل الطاعات، مثل: ذكر الله تعالى، وقراءة كتابه الكريم، والصلاة، والصدقة، وغيرها.
- إغلاق أبواب النيران: لأن المؤمنون يقللون من ارتكاب المعاصي في هذا الشهر العظيم.
- تصفيد الشياطين: أي تُسَلْسل، والمراد بالشياطين المرَدة منهم، وهم أشد الشياطين عداوة للإنسان.
المغفرة
فهناك أعمال شرعها الله -سبحانه- في هذا الشهر العظيم؛ إذا قام بها المسلم إيماناً واحتساباً؛ غُفر له ما تقدم من ذنبه، وهي: صيام رمضان، وقيامه، وقيام ليلة القدر، وعدم اقتراف الكبائر من الذنوب.[8]
العتق من النيران والدعوات المستجابة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنَّ للهِ عُتَقاءَ في كُلِّ يَوْمٍ ولَيلَةٍ، لكُلِّ عَبْدٍ مِنهم دَعْوَةٌ مُستَجابَةٌ)،[9] أي: في رمضان، ويثبت هذا الحديث فضلين لهذا الشهر هما:[10]
- الإكثار من العتق: مما يشجع الصائمين للتسابق لنيل هذا الفضل العظيم، بالإخلاص في العبادات وإحسانها، وترك المعاصي وهجرانها.
- استجابة الدعوات: مما يُحمِّس الصائمين للإكثار من الدعاء، خاصة وقت الإفطار.
نزل فيه القرآن
المقصود بإنزال القرآن في رمضان، أي: ابتداء إنزاله على النبي صلى الله عليه وسلم، لأنه ليس هناك خلاف على أن القرآن الكريم نزل دفعةً واحدةً من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا، ثم نزل منجّماً على سيد الخلق صلى الله عليه وسلم،[11] ودليل نزوله في رمضان قوله جل في علاه: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ)،[12] وقال ابن كثير في تفسير هذه الآية: "يمدح الله تعالى شهر الصيام من بين سائر الشهور، بأن اختاره من بينهن لإنزال القرآن العظيم فيه، وكما اختصه بذلك، فقد ورَد الحديث بأنه الشهر الذي كانت الكتب الإلهية تنزل فيه على الأنبياء".[13]
فيه ليلة خيرٌ من ألف شهر
لا شك أن ليلة القدر هي ليلة من ليالي رمضان، وقد بيَّن ابن عثيمين بعض فضائل ليلة القدر، ومنها:[14]
- إن القرآن نزل في هذه الليلة لسعادة البشر وهدايتهم.
- إن ليلة القدر خيرٌ من ألف شهر.
- إن الملائكة تنزل في هذه الليلة، والملائكة لا تنزل إلا ببركةٍ وخيرٍ ورحمةٍ.
- إن ليلة القدر سلام حتى مطلع الفجر.
- إن الله أنزل في فضل ليلة القدر سورة كاملة تُرَدَّدْ إلى يوم الحساب وهي سورة القدر.
ومن فضائل ليلة القدر أيضا أنّ من قامها إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه، وإيماناً، أي: بالله، واحتساباً، أي: للأجر والثواب، ومن الجدير بالذكر أن النبي لم يشترط للقائم العلم بأن هذه الليلة هي ليلة القدر للحصول على الأجر والثواب.
مضاعفة الحسنات
ورد عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- بعض السنن التي تضاعِف الحسنات لمن يقوم بها، ومنها:[15]
- صدقة رمضان: لما رواه البخاري: (كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أجْوَدَ النَّاسِ بالخَيْرِ، وكانَ أجْوَدُ ما يَكونُ في رَمَضَانَ).[16]
- عمرة رمضان: لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (عمرةٌ في رمضانَ كحجَّةٍ معي).[17]
- السحور: لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تَسَحَّرُوا فإنَّ في السَّحُورِ بَرَكَةً).[18]
- تعجيل الفطر: إذا تحقق الصائم من غروب الشمس يُستحب له تعجيل الفطر لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا يَزَالُ النَّاسُ بخَيْرٍ ما عَجَّلُوا الفِطْرَ)،[19] ويستحب أن يفطر على عدد فردي من رُطب أو تمر، فإن لم يجد يفطر على ماء.
- الدعاء أثناء الصيام وعند الفطر: لأن للصائم دعوة لا تُرد.
- السواك: يجوز بل يُستحب للمسلم أن يستخدم السواك أثناء الصيام.
- الاجتهاد في العشرة الأواخر: وذلك تأسّياً بما كان عليه عمل النبي صلى الله عليه وسلم.
من الأعمال المستحبة في رمضان
الإكثار من قراءة القرآن
رمضان هو شهر القرآن، فلا بد للمسلم من الإكثار من قراءته في هذا الشهر الفضيل تأسّياً بعمل النبي صلى الله عليه وسلم، وعمل الصحابة رضوان الله عليهم، وفيما يأتي أمثلة على عنايتهم في القرآن في رمضان:[20]
- كان جبريل عليه السلام يقوم بمدارسة القرآن للنبي -صلى الله عليه وسلم- مرتان في رمضان.
- كان عثمان بن عفان -رضي الله عنه- يختم القرآن كل يوم.
- كان لبعض السلف كل ثلاثة أيام ختمة في القيام، وبعضهم كل سبعة أيام، وبعضهم كل عشرة أيام.
- كان للشافعي في رمضان ستون ختمه يقرؤها في غير الصلاة، وكان الأسود، والزهري، وسفيان الثوري يُقبلون على تلاوة القرآن اغتناماً لفضيلة هذا الزمان.
صلاة التراويح
هي من السنن والشعائر العظيمة التي سَنَّها النبي -صلى الله عليه وسلم- لأمته في هذا الشهر العظيم، وكان يجتمع لها لكن ترك ذلك خوفاً من أن تصبح فرضاً على المسلمين، فأصبح الصحابة يصلونها كيفما تيسر لهم بصلاة فرد أو جماعة، حتى جمعهم عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- في صلاة التراويح على إمامٍ واحد، وكان ذلك الاجتماع الأول للناس في رمضان على قارئ واحد، وفيما يأتي بيان بعض أحكامها:[21]
- حكمها: سنة مؤكدة.
- وقتها: هو وقت قيام الليل، أي من بعد صلاة العشاء إلى قبيل الفجر.
- عدد ركعاتها: لم يثبت في تحديدها شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم، إلا أنه ثبت من عمله -صلى الله عليه وسلم- أنه صلى إحدى عشرة ركعة، ودليل ذلك قول أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- عندما سُئلت عن صلاة الرسول في رمضان: (ما كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَزِيدُ في رَمَضَانَ، ولَا في غيرِهِ علَى إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً)،[22] ولكن هذا ليس دليلاً على وجوب هذا العدد، فتجوز الزيادة عليه بدليل فعل بعض السلف، فالأمر في ذلك واسع، وللمسلم أن يصلي إحدى عشرة ركعة، وثلاث عشرة ركعة، وعشرون ركعة، كما هو مشهور عند الحنابلة والشافعية، وله أن يصلي ستاً وثلاثين ركعة، كما هو مذهب الإمام مالك، ويجوز للنساء حضورها من غير أن تتخذ زينة أو عطراً، كما يسن للمصلي أن يكمل الصلاة مع الإمام حتى يأخذ أجر قيام ليلة.
المراجع
- ↑ سورة البقرة، آية: 185.
- ↑ عبد الله الخليفي (1402)، التنبيهات الحِسان في فضائل شهر رمضان (الطبعة الثانية)، مكة المكرمة: مطابع الصفا، صفحة 6-7. بتصرّف.
- ↑ حسين أحمد (6-6-2016)، "فضائل شهر رمضان في القرآن الكريم والسنة النبوية"، www.ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 7-3-219. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم: 7492، صحيح.
- ↑ رأفت صلاح الدين (6-6-2016)، "فضل صيام رمضان"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 7-3-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن رجل من أصحاب النبي، الصفحة أو الرقم: 3519، صحيح.
- ↑ "إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 7-3-2019. بتصرّف.
- ↑ عبد الرحمن الدوسري (22-7-2012)، "فضل صيام رمضان وأسباب المغفرة فيه"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 7-3-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج المسند، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 7450، إسناده صحيح على شرط الشيخين.
- ↑ حسن قاطرجي (28-9-2008)، "أحاديث العتق من النار في رمضان - تخريجها وما يستفاد منها"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 7-3-2019. بتصرّف.
- ↑ "شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 7-3-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية: 185.
- ↑ المصحف الإلكتروني، "تفسير ابن كثير"، www.quran.ksu.edu.sa، اطّلع عليه بتاريخ 7-3-20019.
- ↑ محمد القاسم، "هِيّ لَيلةٌ خَيرٌ مِن ألفِ شهْر"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 7-3-2019. بتصرّف.
- ↑ (19-7-2014)، "أعمال من شأنها مضاعفة الثواب والحسنات في رمضان"، www.ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 7-3-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 1902، صحيح.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 4098.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 1923، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن سهل بن سعد الساعدي، الصفحة أو الرقم: 1957، صحيح.
- ↑ "خير الأعمال في رمضان"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 9-3-2019. بتصرّف.
- ↑ "صلاة التراويح"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 9-3-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أم المؤمنين عائشة، الصفحة أو الرقم: 1147، صحيح.