طريقة الجمع والقصر للمسافر
المحافظة على الصلاة في وقتها
تعدّ الصلاة من الأمور التي تُعين العبد القائم بها على طاعة الله تعالى، وترك المنهيات من الأمور، وعدم التعلّق بالحياة الدنيا وما فيها من شهواتٍ وملذّاتٍ، فحين يقرأ المصلّي في صلاته الآيات التي تحذّر من الدنيا وتحثّ على الآخرة ويتدبّرها، يكون لها واقعاً ملموساً في حياته، كما أنّ العبد يسأل الله تعالى حاجاته في الصلاة، مع التوكّل عليه، وحُسن الظنّ به، ومن أهمّ الصلوات التي يجب على العبد المحافظة عليها في وقتها جماعةً مع المسلمين صلاة الصبح، التي تُدخل العبد في عهد الله وأمانه في الدنيا والآخرة.[1]
طريقة الجمع والقصر للمسافر
يوجد لصلاة المسافر العديد من الأحكام المتعلّقة بها، ومنها: قصر الصلاة وجمعها، ولا يكون القصر إلّا للصلاة الرباعية، حيث قال الله تعالى: (وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُّبِينًا)،[2] فالمسافر مخيّر بين أداء الصلاة الرباعية ركعتين أو إتمامها بأدائها أربع ركعات، وصرّح بذلك ابن قدامة بقوله: (قَصْر الصلاة في السفر رخصة، مُخيَّر بين فعله وتركه كسائر الرُّخَص)، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم بشأن قصر الصلاة للمسافر: (صدقةٌ تصدقَ اللهُ بها عليكم، فاقبلوا صدقتَه)،[3] وذهب الجمهور من العلماء إلى القول بأنّ الأفضل للمسافر قصر الصلاة الرباعية وليس إتمامها، أمّا جمع الصلاة للمسافر فيُقصد به الجمع بين صلاتي الظهر والعصر وأداؤهما في وقت إحداهما، والجمع بين صلاتي المغرب والعشاء وأداؤهما أيضاً في وقت إحداهما، ودليل ذلك ما رواه البخاري في صحيحه عن الصحابي عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- أنّه قال: (كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَجمَعُ بين صلاةِ الظهرِ والعصرِ إذا كان على ظهرِ سَيرٍ، ويَجمَعُ بين المغرِبِ والعِشاءِ)،[4] ولا يصحّ قصر الصلاة وجمعها للمسافر إلّا إن نوى الإقامة في البلد التي سافر إليها أربعة أيامٍ أو أقلّ، كما يجوز الجمع والقصر إن أقام أكثر من أربعة أيامٍ من غير نيّةٍ، كأن يكون المسافر نوى الإقامة في البلد مدة قضاء حاجته، وفي المقابل من تأكّد من أنّ إقامته ستستغرق أكثر من أربعة أيامٍ عليه إتمام صلاته الرباعية وعدم الجمع بين صلواته.[5]
ويبدأ المسافر بالترخّص بقصر الصلاة وجمعها بمفارقة حدود بلده، ولكن إن كان المسافر مأمومٌ لإمامٍ مقيمٍ فعليه أن يُتمّ صلاته كاملةً خلف الإمام المقيم، وأمّا بالنسبة لأداء السنن الراتبة في السفر فلم يكن ذلك من سُنة النبي صلّى الله عليه وسلّم، إلّا أنّه كان حريصاً على أداء سنة الفجر والوتر فقط، إلّا أن العلماء اختلفوا في المسافة التي يرخّص فيها قصر الصلاة، فذهب الجمهور من العلماء إلى القول بأنّ المسافة تقدّر بثمانيةٍ وأربعين ميلاً، أي ما يساوي تقريباً ثمانين كيلو متراً، ومن الذين صرّحوا بذلك: ابن عباس، وابن عمر، ومالك، والشافعي، وأحمد بن حنبل، والليث بن سعد، وقال عطاء بن أبي رباح في الحديث الصحيح: (أنَّ عبدَ اللهِ بنَ عمرَ وعبدَ اللهِ بنَ عباسٍ رضي اللهُ عنهم كانا يُصلِّيانِ ركعتينِ ركعتينِ ويُفطرانِ في أربعةِ بُرُدٍ ممَّا فوقَ ذلكَ)،[6] وفي المقابل نصّ بعض الفقهاء على أنّ كلّ ما يطلق عليه سفراً في اللغة يجوز فيه قصر الصلاة وفطر رمضان، واستندوا في رأيهم إلى ما رواه الإمام مسلم في صحيحه عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنّه قال: (كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذا خرج، مسيرةَ ثلاثةِ أميالٍ أو ثلاثةَ فراسخَ ، شعبة الشاك، صلَّى ركعتَينِ)،[7] والميل يعادل تقريباً ألفاً وسُتمئة مترٍ، والفرسخ يعادل ثلاثة أميالٍ.[5]
أحكامٌ متعلّقةٌ بالمسافر
بيّن العلماء العديد من الأحكام المتعلّقة بالسفر والمسافر، وفيما يأتي بيان البعض منها:[8]
- يجب على المسافرين إقامة الصلاة جماعةً، إن تيسّرت الجماعة، وإن لم تتيسّر الجماعة يؤدي كلّ مسافرٍ الصلاة لوحده كلٌّ بحسب استطاعته، حيث روى البخاري في صحيحه عن الصحابي عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- أنّ الرسول -عليه الصلاة والسلام- قال: (صلاةُ الجماعةِ تَفضُلُ صلاةَ الفَذِّ بسبعٍ وعشرين دَرَجَةً)،[9] فيصلّي المسافر صلاته في وسيلة النقل المستخدمة في سفره، سواءً كانت طائرةً أو سفينةً أو حافلةً أو قطاراً، ويؤديها قائماً إن استطاع وإلّا فجالساً، ويشترط للمسافر أداء الفريضة إلى جهة القبلة.
- إنّ قصر صلاتي الظهر والعصر والجمع بينهما جمع تقديم يوم عرفة للحجّاج سُنّة، وذلك ليتفرّغ الحاج للدعاء وغيرها من العبادات، أمّا في مزدلفة فيجمع الحاجّ بين صلاتي المغرب والعشاء جمع تأخيرٍ، أمّا في منى فتؤدّى كلّ صلاةٍ في وقتها قصراً، أي أنّ الصلوات في منى تُقصر ولا تُجمع.
- إن أدّى المسافر صلاته في وسيلة النقل المستخدمة في السفر فعليه استقبال القبلة والركوع والسجود في الحالة المعتادة للصلاة إن استطاع ذلك، ولكن إن استطاع استقبال القبلة فقط دون القدرة على السجود والركوع فعليه أن يستقبل القبلة فقط عند الشروع في الصلاة بتكبيرة الإحرام، ويكمل صلاته بحسب ما تتوجّه وسيلة النقل، إلّا أنّ صلاة النافلة تجوز بأي جهةٍ كانت متوجّهةً لها وسيلة النقل.
- إن اقترب المسافر من بلده في طريق عودته فيُسنّ له القصر والجمع بين الصلوات أيضاً، حيث إن حكم السفر يبقى متعلّقاً به.
المراجع
- ↑ "المحافظة على الصلاة"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 28-11-2018. بتصرّف.
- ↑ سورة النساء، آية: 101.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عمر بن الخطاب، الصفحة أو الرقم: 686، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 1107، صحيح.
- ^ أ ب "أحكام صلاة المسافر"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 28-11-2018. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في إرواء الغليل، عن عطاء بن أبي رباح، الصفحة أو الرقم: 3/17، إسناده صحيح.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 691، صحيح.
- ↑ "أحكام السفر"، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 28-11-2018. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 645، صحيح.