موضوع عن فضل القرآن الكريم
القرآن الكريم
يُعرّف القرآن الكريم على أنه كلام الله -تعالى- المعجز، المتعبّد بتلاوته، المنزل على النبي محمد -عليه الصلاة والسلام- عن طريق الوحي بواسطة جبريل عليه السلام، والمنقول إلينا بالتواتر،[1] ومما ينبغي الإشارة إليه أن القرآن الكريم نزل على مرحلتين، حيث نزل جملةً واحدةً من الله -تعالى- إلى بيت العزّة في السماء الدنيا، وكان ذلك في ليلة القدر، ثم نزل به جبريل -عليه السلام- مفرّقاً بحسب الوقائع والأحداث.[2]
فضل القرآن الكريم
أنزل الله -تعالى- القرآن الكريم على نبيّه محمد -صلى الله عليه وسلم- ليكون منهاج حياة الأمة الإسلامية، وطريق هدايتها، وسبيل عزّها ونصرها، وقد خصّ الله -تعالى- القرآن الكريم بالعديد من الفضائل، ويمكن بيان بضعها فيما يأتي:[3]
- التعهّد بحفظه: فقد تكفّل الله -تعالى- بحفظ القرآن الكريم من الزيادة، والنقصان، والضياع، والتحريف، مصداقاً لقوله تعالى: (إِنّا نَحنُ نَزَّلنَا الذِّكرَ وَإِنّا لَهُ لَحافِظونَ)،[4] بينما أوكل مهمّة حفظ الكتب السماوية السابقة إلى أهلها، حيث قال: (إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِن كِتَابِ اللَّـهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ)،[5] وعلى الرغم من تكالب أعداء الإسلام عبر العصور على كتاب الله، وتآمرهم ومكرهم وتخطيطهم باستخدام كل الوسائل المتاحة للنيل منه، إلا إنهم لم يتمكّنوا من تغيير كلمةٍ واحدةٍ من القرآن الكريم، ولاحتى تبديل حرفٍ مكان حرف، وتجدر الإشارة إلى أن الله -تعالى- سخّر للقرآن الكريم أسباب الحفظ، حيث أنزله على أمّةٍ معتادةٍ على الحفظ، فقد كان العرب يحفظون القصائد الطويلة بمجرّد سماعها من أول مرة، وجعله سهلاً ميسّراً للحفظ، وهيّأ له الكثير من العلماء المجتهدين ليعلّموه لطلابهم.[6][3]
- الإعجاز: فقد أيّد الله -تعالى- رسوله محمد -صلى الله عليه وسلم- بالقرآن الكريم، ليكون معجزته العظيمة والخالدة، مصداقاً لما رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: (ما من الأنبياء من نبيٍّ، إلا و قد أُعطَى من الآيات ما مِثلُه آمنَ عليه البشرُ، و إنما كان الذي أُوتيتُه وحيًا أوحاه اللهُ إليَّ، فأرجو أن أكون أكثرَهم تابعًا يومَ القيامةِ)،[7] لا سيّما أن الله -تعالى- قد تحدّى الناس بأن يأتوا بمثل القرآن الكريم فلم يستطيعوا، ثم تحدّاهم بأن يأتوا بعشر سورٍ من مثله فلم يستطيعوا كذلك، ثم تحدّاهم بأن يأتوا بسورةٍ واحدةٍ من مثله فعجزوا، ولم يتمكّن كفار العرب المعاندين الذين كانوا يُعدّون أهل البلاغة والفصاحة من مواجهة القرآن الكريم إلا بوضع أصابعهم في آذانهم، أو استغشائهم لثيابهم، أو اللغو فيه، مصداقاً لقول الله تعالى: (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَـذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ).[8][9][3]
- الثواب لقراءته والاستماع إليه: فقد رتّب الله -تعالى- الأجر والثواب العظيم على قراءة القرآن الكريم، أو تعليمه، أو الاستماع إليه، ووعد من يفعل ذلك بزيادة الحسنات في الميزان، والشفاعة، ودخول الجنة يوم القيامة، و النور والضياء، وحفظ النفس والأهل والمال في الدنيا، ومن الثواب ما يكون خاصّاً بسورٍ معيّنةٍ من القرآن الكريم، ومنه ما يكون لتلاوة القرآن الكريم كاملاً، وثبت أن الاجتماع لقراءة القرآن الكريم وتدارسه سببٌ لنزول السكينة والرحمة، وحضور الملائكة، والذكر عند الله تعالى، مصداقاً لما رُوي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (وَما اجْتَمع قَوْمٌ في بَيْتٍ مِن بُيُوتِ اللهِ، يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ، وَيَتَدَارَسُونَهُ بيْنَهُمْ، إِلَّا نَزَلَتْ عليهمِ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمُ المَلَائِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَن عِنْدَهُ).[10][11]
- التعبّد بتلاوته: من فضائل القرآن الكريم التعبّد بتلاوته، حيث إن بعض العبادات الشرعية لا تتمّ إلا بقراءة القرآن الكريم، ومنها الصلاة التي تُعدّ عمود الدين، فقد بيّن أهل العلم أن قراءة الفاتحة ركنٌ من أركان الصلاة، ولا تصحّ إلا بها، واستدلوا بما رُوي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب)،[12] وتجدر الإشارة إلى ورود العديد من النصوص الشرعية التي تقرن الصلاة بتلاوة القرآن الكريم، ومنها قول الله تعالى: (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلوكِ الشَّمسِ إِلى غَسَقِ اللَّيلِ وَقُرآنَ الفَجرِ إِنَّ قُرآنَ الفَجرِ كانَ مَشهودًا)،[13] وقوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّـهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ).[14][15]
حقوق القرآن الكريم
وردت الكثير من النصوص الشرعية التي تبيّن حقوق القرآن الكريم، ويمكن بيان بعض هذه الحقوق فيما يأتي:[16]
- الإيمان به: حيث يجب على كل من بلغه القرآن الكريم الإيمان به، والتصديق الجازم بأنه كلام الله، لا سيّما أن الإيمان بكتب الله -تعالى- من أركان الإيمان.
- القراءة والحفظ: حيث يجب على كل مسلمٍ أن يقرأ ما تيسّر من القرآن الكريم، مصداقاً لقول الله تعالى: (فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ).[17]
- فهم المعاني وتدبّر الآيات: فلا يكفي قراءة القرآن الكريم بشكلٍ سريعٍ من غير تركيز، بل ينبغي تدبّر القرآن الكريم وفهم معانيه، حتى يتسنّى معرفة مقاصده، والانتفاع به، فقد قال الله تعالى: (كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ).[18]
سبب تسمية القرآن بهذا الاسم
يجدر بالذكر أن العلماء اختلفوا في سبب تسمية القرآن الكريم، حيث ذهب فريقٌ منهم إلى أن التسمية مشتقةٌ من القرْء بمعنى الجمع، حيث تقول العرب قرأت الماء في الحوض؛ أي جمعته، وسبب التسمية يرجع إلى أن القرآن الكريم جمع ألوان العلوم، وجمع ثمرات الكتب السماوية السابقة، فقد قال الله تعالى: (ما فَرَّطنا فِي الكِتابِ مِن شَيءٍ)،[19] بينما ذهب الإمام الأشعري -رحمه الله- إلى أن كلمة قرآن مشتقةٌ من الفعل قرن، وقرن بمعنى ضمّ الشيء إلى شيءٍ آخر، وسبب التسمية يرجع إلى أن القرآن الكريم يحتوي على سورٍ وآياتٍ يضمّ بعضها بعضاً، وبين كل آيةٍ والآية التي قبلها والتي بعدها مناسبة، مما يجعل اقتران السور والآيات ببعضها البعض واضحاً جلياً، وأما الإمام الشافعي فقد رأى أن القرآن اسمٌ ليس مهموزاً ولا مشتقّاً، وإنما هو اسمٌ للتنزيل العزيز، مثل الإنجيل الذي هو اسمٌ للتنزيل العزيز الذي تنزّل على عيسى عليه السلام، والتوراة الذي هو اسمٌ للتنزيل الذي تنزّل على موسى عليه السلام.[20]
المراجع
- ↑ "تعريف و معنى القرآن في معجم المعاني الجامع"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 23-5-2019. بتصرّف.
- ↑ "حول نزول القرآن الكريم"، www.islamweb.net، 2004-7-14، اطّلع عليه بتاريخ 23-5-2019. بتصرّف.
- ^ أ ب ت علي الراجحي، "خصائص القرآن الكريم وحقوقه"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 23-5-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة الحجر، آية: 9.
- ↑ سورة المائدة، آية: 44.
- ↑ "أن الله سبحانه وتعالى تعهد بحفظه"، www.dorar.net، اطّلع عليه بتاريخ 22-5-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 5681، صحيح.
- ↑ سورة فصلت، آية: 26.
- ↑ "المبحث الثاني: إعجازه"، www.dorar.net، اطّلع عليه بتاريخ 23-5-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 2699، صحيح.
- ↑ " الثواب لقارئه ولمستمعه"، www.dorar.net، اطّلع عليه بتاريخ 23-5-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبادة بن الصامت، الصفحة أو الرقم: 756، صحيح.
- ↑ سورة الإسراء، آية: 78.
- ↑ سورة فاطر، آية: 29.
- ↑ "التعبد بتلاوته"، www.dorar.net، اطّلع عليه بتاريخ 22-5-2019. بتصرّف.
- ↑ أحمد الشيباني (14-2-2014)، "فضل القرآن وفضل أهله وأهمية قراءته للمسلم"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 23-5-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة المزمل، آية: 20.
- ↑ سورة ص، آية: 29.
- ↑ سورة الأنعام، آية: 38.
- ↑ "سبب تسمية القرآن الكريم"، www.fatwa.islamonline.net، اطّلع عليه بتاريخ 23-5-2019. بتصرّف.