-

طرق التقرب إلى الله

(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

السعادة بالقرب من الله سبحانه

ترتبط السعادة برضا الله -سبحانه- واتّباع هداه، فقد جعل الله -تعالى- الارتباط وثيقاً بين العبودية لله تعالى، وإقباله على ربّه، وبين شعوره بالسكينة والطمأنينة والرضا في حياته، ولقد ذكر الله -تعالى- توثيقاً لهذه الرابطة في كتابه العزيز مراراً حتى يظلّ الإنسان يذكرها في حياته، قال الله تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)،[1] وفي نفي الشقاء والضلال عن أهل الطاعات والأعمال الصالحة قال الله تعالى: (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى*وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا)،[2] فكأنّ الضلال والإعراض عن ذكر الله -سبحانه- قد قُرن بالشقاء والضنك والكدّ في الحياة. ثمّ جاء التأكيد على أنّ الطمأنينة الحقيقية للبشر هي في طمأنينة القلب، والقلب لا يكون مطمئناً إلا بذكر الله تعالى، قال الله تعالى: (أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ)،[3] ويكمل الله تعريف السعادة عندما يوضّح أنّها لا تكتمل إلا بالفلاح في الآخرة، وذلك في قوله تعالى: (وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ).[4][5]

طرق التقرّب إلى الله

تتعدّد الطرق التي توصل إلى الله -سبحانه- وتتسع، ولقد عرّفها الله -تعالى- لعباده حتّى يسهل عليهم الوصول إليه سبحانه، ونيل الفضل العظيم جرّاء ذلك. وإنّ أوضح ما يوصل إلى القرب منه -سبحانه- ما ذكره الله -تعالى- في الحديث القدسيّ وهو: (من عادَى لي وليًّا فقد آذنتُه بالحربِ، وما تقرَّب إليَّ عبدي بشيءٍ أحبَّ إليَّ ممَّا افترضتُ عليه، وما يزالُ عبدي يتقرَّبُ إليَّ بالنَّوافلِ حتَّى أُحبَّه، فإذا أحببتُه كنتُ سمعَه الَّذي يسمَعُ به، وبصرَه الَّذي يُبصِرُ به، ويدَه الَّتي يبطِشُ بها، ورِجلَه الَّتي يمشي بها، وإن سألني لأُعطينَّه، ولئن استعاذني لأُعيذنَّه)،[6] ففي شرح الحديث الشريف أنّ أفضل ما يقرّب العبد إلى ربّه هو أداء الفرائض التي افترضها عليه، والفرائض بعمومها من أركان الإسلام الخمسة، الصلاة والصيام والزكاة والحج، فإن أداها العبد كما أراد ربّه سبحانه، وأخلص النية فيها لوجه وحده كانت تلك أعظم ما يقرّب العبد إلى ربّه، وفي الحديث الشريف عن الرجل الذي جاء يخبر النبي -عليه السلام- أنّه لن يزيد على الفرائض التي افترضها الله تعالى عليه، فأخبره النبي -عليه السلام- أنّه من أهل الجنّة إن صدق بقوله ذاك.[7]

ثمّ تأتي النوافل بعد الفرائض، وهو تتمّة ما ورد في الحديث القدسيّ والنوافل تزيد من اصطفاء الله -سبحانه- للعبد حتّى ترفعه إلى أعلى الدرجات، وهي تتكامل مع الفرائض حين يُحاسب العبد على أعماله يوم القيامة، فالفرائض تسهّل على العبد أن يأتي النوافل، والنوافل تجبر الزلل أو التقصير الذي حصل من العبد في الفرائض، والنوافل هي سنن النبي -عليه السلام- سنّها لأمته، فإتيانها اتّباع لخطى النبي -عليه السلام- في طريق القرب من الله عز وجل، ولذلك قال أحد أهل العلم: (لم يضيِّعْ أحد فريضة إلا ابتلاه الله تعالى بتضييع السُّنن، ولم يُبْلَ أحد بتضييع السنن إلا أوشك أن يبتلى بالبدع)، وفي المقابل فإنّ من يحافظ على الفرائض كما أوجبها الله -تعالى- كانت سبباً في ثباته على السنن، ومن ثبت على السنن، كان أبعد ما يكون عن البدع.[7]

نوافل تقرّب من الله

كثيرة جداً النوافل الواردة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- التي يأخذ المسلم منها بقدر ما يشاء، فمن ذلك وأشهر ما وصّى به النبي -عليه السلام- صلاة اثنتي عشرة ركعة في اليوم والليلة، هنّ النوافل تؤدّى مع الصلوات الخمس، وفي فضلهنّ ذكر النبي عليه السلام: (ما من عبدٍ مسلمٍ يصلِّي لله كل يومٍ ثِنتي عشرةَ ركعةً تطوعًا، غير فريضةٍ، إلا بنى اللهُ له بيتًا في الجنةِ. أو إلا بُنِيَ له بيتٌ في الجنةِ)،[8] ومن السنن كثرة ذكر الله تعالى، وقد خصّص النبي بعض المواعيد لذكر الله سبحانه، منها بعد الانتهاء من الصلاة المكتوبة أن يسبّح المسلم ربه ثلاثاً وثلاثين ويحمد ثلاثاً وثلاثين ويكبّر ثلاثاً وثلاثين ويتم المئة بقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. ومن السنن ركعتان أوصى بهما النبي على وجه الخصوص قبل فرض المغرب.[9]

وقد ذكر النبي -عليه السلام- في حديثٍ واحدٍ عدّة أشكالٍ من النوافل، فقال: (كلُّ سُلامَى من الناسِ عليه صدقةٌ، كلُّ يومٍ تطلُعُ فيه الشمسُ، يعدلُ بينَ الاثنينِ صدقةٌ، ويعينُ الرجلَ على دابتِه فيحملُ عليها، أو يرفعُ عليها متاعَه صدقةٌ، والكلمةُ الطيبةُ صدقةٌ، وكلُّ خطوةٍ يخطوها إلى الصلاةِ صدقةٌ، ويميطُ الأذَى عن الطريقِ صدقةٌ)،[10] فكلّ ما ورد في الحديث من صلاة الضحى وغيرها من النوافل التي ترفع العبد عند ربّه، وتزكّي منزلته فيمن عنده، ولقد تسابق الصحابة -رضي الله عنهم- إلى تطبيق سنّة نبي الله محمد -عليه الصلاة والسلام- لينالوا الفضل العظيم لتطبيقهم هذه الأعمال، فهذه أمّ المؤمنين أم حبيبة -رضي الله عنها- لم تفتر عن وصيّة النبي -عليه الصلاة والسلام- لها بأن تصلّي اثنتي عشرة ركعة في اليوم أبداً، وذلك تعلّقاً ورغبة منها في نيل أعلى الدرجات عند الله تعالى في الآخرة.[9]

المراجع

  1. ↑ سورة النحل، آية: 97.
  2. ↑ سورة طه، آية: 123-124.
  3. ↑ سورة الرعد، آية: 28.
  4. ↑ سورة هود، آية: 108.
  5. ↑ "الطريق إلى السعادة"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-12-27. بتصرّف.
  6. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 6502 ، صحيح.
  7. ^ أ ب "إن الله فرض فرائض فلا تضيعوها"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-12-27. بتصرّف.
  8. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان، الصفحة أو الرقم: 728، صحيح.
  9. ^ أ ب "تنبيه الغافل للتزود من النوافل"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-12-27. بتصرّف.
  10. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 2989 ، صحيح.