-

ما هي مبطلات الصلاة

(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

علاقة المسلم بربّه

إنّ المسلم يجدُ في تواصله مع ربّه عزَّ وجلَّ لذةً كبيرةً؛ فهو يتّصلُ مع خالقه عزَّ وجلّ في اليوم والليلة خمسَ مراتٍ، يعبدُ ربّه ويناجيه ويتقرّب إليه فيجد راحةً نّفسيةُ وبدنيّةُ لا يجدها إلا بالرّجوع إلى منهاجِ الله عزَّ وجلّ وأداء الصّلوات المفروضة عليه، فالصّلاة ركنٌ أساسيٌ من أركان الإسلام يمتازُ بها المسلم عن غيره ، فمن تركها منكراً لها كفر بإجماع العلماء.

إنّ الصّلاة من أحبّ الأعمالِ إلى الله ، بل إنّ من صفاتِ المتّقين إقامةُ الصّلاة في وقتها والمُحافظة عليها، وقد أمر النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بتعليم الأولادِ الصّلاة على سبع سنينَ وضَربهم عليها على عشر سنين تأكيداً منه على أهميّة هذا الرّكن العظيم كما أنَّ الصّلاة إلى الصّلاة مكفراتٌ لما بينهما إذا اجتنبت الكبائر، فكان لزاماً على كلّ مسلم ومسلمة معرفة شروط صحةِ الصَّلاة وأركانها وضرورةِ معرفة الذي يُبطل صلاتهم ليجتنبوه وليؤدوا الصلاة كما أمرهم الله عزَّ وجلَّ.

الصَّلاة

شروط صحة الصَّلاة

ذكر الفُقَهاءُ عدداً من شُروطٍ صِحَّةِ الصَّلاة، متّفقين على بَعْضِها ومختلفين في بَعضِها، ومن تلك الشّروط: الإسلامُ، والعَقْل، والتَّمْييزُ، ورَفْعُ الحَدَثْ، وإزالَةُ النَّجاسَة، وسَتْرُ العَوْرَةِ، ودُخولُ الوَقْتِ، واستقبالُ القِبْلَة، والنِّيَة، ويعودُ سبب خِلافِهم إلى اختِلافِهِم في مَفْهومِ الشَّرْطِ والرُّكْن، وفيما يأتي بيانٌ لِبَعْضِ الشُّروط التي اتفق عليها الفقهاء:[4]

  • الطَّهَارة: الطَّهارةُ ُهي أربعةُ أنواع،ٍ وهِيَ:[4]
  • العلمُ بدخول الوَقت: من المَعْلوم لكلّ مُسلم ومسلمة أنَّ للصَّلوات المَفروضة وقْتاً مُعَيَّناً يجب أن تؤدّى فيه، غيرَ أنَّه لا يَكْفي أن تؤدى الصّلاةُ في وقتها، بلْ لا بُدَّ أنْ يَعلمَ المُصَلّي بوقت الصلاة قبل المباشَرَةِ بها، فَلا تَصِحُّ صَلاةُ الشخص الذي لم يعلم بدخول وقت الصلاة وإن تبيّن له بعد ذلك أنّه أدّاها في وقتها المشروع.
  • سَتْرُ العَوْرَة: يُقْصَدُ بِكَلِمَة العَوْرَةِ في الشرع: كُلُّ ما يَجِبُ سَتْرُه أو يَحْرُم النَّظَرُ إلَيْه، وتكون حُدودُ العَوْرَةِ في الصَّلاةِ بالنِّسبَة للرَجُل ما بَيْنَ السُّرَّةِ والرُّكْبَة، فيجب ألّا يظهر شَيءٌ مِنْه في الصَّلاة، أمّا بالنِّسبَة للمَرْأَة فحدود العورة كُلُّ جسمها ما عَدا الوجه والكَفَّين، فيجب ألا يَبدو شَيءٌ ممّا عدا ذلك في الصّلاة.
  • استقبالُ القِبلة: يَجِب أن تكون الصَّلاة باتجاه القِبلةِ، وهي الجهة المتعارفُ عليها في كلِ دولة، وتكون القبِلة جهة مكّة َالمُكرّمة؛ حَيْثُ إنَّ الناَّس قديماً كانت قِبلتهم المسجدَ الأقصى، ولكنْ فيما بعد أصبحت مكّة المُكرّمة، ويُستدَلُّ على القبلة بطريقين: فَإما أنْ يَكونَ المُصَلّي قَريباً من الكَعْبَةِ بِحيْث يُمْكِنُه رُؤيتها مباشرة، أو أن يكون بَعيداً عنها بحيث لا يُمكِنه رُؤيتها، أمّا القَريب منها فَيَجِبُ أن يَسْتَقْبِلَ عَيْنَ الكَعْبَةِ يَقْيِناً، وأمّا البَعيدُ عنها فَيَجِبُ عَليه أنْ يَسْتَقبِل عَيْنَ الكَعْبَة مُعْتَمِداً على الأدِلَّة الظَّنية إن لَمْ يُمْكِنه الدَّليلُ القَطْعِيّ.
  • طَّهارةُ الجِسْمِ من الحَدَثْ، والحَدَثِ هو الخارِجُ من أحدِ السَّبيلينِ ورُبّما يكون الحدث أكبراً في الجنابة والحيض والنفاس أو أصغراً بما ينقض الوضوء،[5] لقول رسول الله - عليه الصَّلاة والسّلام - في الحديث الصّحيح: "(لا تُقْبَلُ صَلاةٌ بِغَيرِ طَهْور)"[6].
  • طهارَةُ الجسم من أيِّ نَجاسة رُبّما تعلق فيه.
  • طهارة الثّيابِ من النَّجَاسَةِ؛ حيث يجب أن تكون الملابس نظيفةً، وأنْ تكون طاهرةً، فإن النَّجاساتُ التي تَعْلَق في الملابس كثيرة يجب التحرّز منها أو تطهيرها إن علقت بالثياب.
  • طهارَةُ المكان الذي سَوفَ يُصلِّي فيه، ويدخل في المكان ما بين وقوف قَدَمِه إلى مكان سُجودِه، ويدخل فيه أيضاً ما يلامس بدنه أثناء الصَّلاة.

أركان الصَّلاة

اخْتَلَفَ الفُقَهاءُ في عَدَدِ أرْكانِ الصَّلاة، فَقَالَ بعض علماء الحَنَفِيَّة إنَّ أركان الصلاة أرْبَعَةٌ؛ وَهِي تَكْبيرَةُ الإحْرامِ، وَالْقِرَاءَة، وَالرُّكُوع، وَالسُّجُود، وَفِي القَولِ المُعتَبَر عندهم أنها خَمْسَة أَرْكَان: تَكْبيرَةُ الإحْرامِ، وَالْقِيَامُ، وَالْقِرَاءَة، وَالرُّكُوع، وَالسُّجُود.[7] أمّا عند المالكيّة فهي تسعة أركان، وهي: التّحريم، والقراءة، والقِيام، والرُّكُوع، والسّجود، والرّفع، والفصل بين السَّجدتَين، والجلوس، والتّسليم.[8]

قالَ الشَّافعية: عدد أركان الصَّلاةِ سَبْع عَشْرَة: النِيَّة، وتَكْبيرِةُ الإحرام، والقِيامُ لها، وقِراءَةُ الفاتِحَة، والقِيامُ لَها، والرُّكوعُ، والرَّفْعُ مِنْه، والقِّيامُ لَه، والسُّجود، والرَّفْعُ مِنه، والجُلوسُ بَينَ السَّجْدَتَيْن، والجُلوسُ للسَّلام، والسَّلام، والطُّمَأنينَة، والاعتِدالُ، وتَرتيبُ الأركان، ونِيَّةُ الاقتِداءِ في حَقِّ المَأمُوم.[9]، وعدَّها الحنابلة أربعة عشر ركناً، وهي: القيام مع القُدرة، وتكبيرة الإحرام، وقراءة الفاتحة، والرّكوع، والرّفع منه، والسّجود على الأعضاء السّبعة، والاعتدال منه، والجلسة بين السَّجدَتَين، والطّمأنينة في جميع الأركان، والتّرتيب، والتَّشَهُد الأخير، والجلوس له، والصّلاة على النّبي عليه الصّلاة والسّلام، والتّسليمتان.[10]

مُبطلات الصّلَاة

  • الأكل والشرب عمداً: حيث إنّ الفقهاء قد أجمعوا على أنَّ الأكل والشرب في الصلاة يُبطلها، وأنَّ من يأكل أو يشرب في الصلاة عامداً يجب عليه إعادة الصلاة. [11]
  • الكلام عمداً ليس فيه مصلحة الصلاة: أجمع الفقهاء على أنَّ من تكلّم في صلاته عمداً كلاماً لا يريد فيه إصلاحاً للصلاة فإنّه يجب عليه إعادة الصلاة، والمقصود بأمرٍ فيه إصلاحٌ للصلاة كأن ينبّه المصلي الإمام إذا نسي آية من الأيات أثناء قراءته في الصلاة، والدليل على أنَّ التكلم في الصلاة مبطل لها ما رواه زيد بن أرقم قال: (كنا نتكلم في الصلاة، يُكلّم الرجل منا صاحبه، وهو إلى جنبه حتى نزلت: (وقوموا لله قانتين))[12]، فأمرنا بالسكوت ونهينا عن الكلام)[13] وما رواه معاوية بن الحكم السُّلَمي قال: (بينما أنا أصلّي مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم إذ عطَس رجل من القوم، فقلت: يرحمُك الله، فرماني القوم بأبصارهم، فقلت: واثُكل أمَّاه، ما شأنكم تنظرون إلي؟ فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم، فلما رأيتهم يُصمتونني لكني سكتُّ، فلما صلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فبأبي وأمي ما رأيت مُعلماً قبله ولا بعده أحسن تعليماً منه، فوالله، ما كهرني (انتهرني) ولا ضربني ولا شتمني، قال: (إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هي التسبيح والتكبير وقراءة القرآن)[14])، ويشمل الكلام المبطل للصلاة التّنحنح بلا عذر إذا كان حرفان فأكثر، ومنه التأوه والأنين والتأفّف والبكاء إذا اشتمل على حروف مسموعة، إلا إذا كان سببه مرض لا يستطيع بسببه منع الأنين، أو أن يعطس أو يتثاوب فيخرج منه كلام دون قصد.
  • الحركة الكثيرة لغير ضرورة: اتفق الفقهاء على أنّ الحركة الكثيرة أثناء الصلاة تبطل الصلاة والمقصود بالحركة الكثيرة التي تشعر الشخص الذي يرى المصلي أنه لا يُصلّي كالالتفات الطويل والمشي المتواصل.[15]
  • ترْك شرط أو رُكن عمداً بلا عُذر: كأن يقوم بالصلاة من غير أن يستر عورته أو أن يترك سجدة من ركعة.[15]
  • الضحك في الصلاة: ذَهب جمهور الفقهاء إلى بُطلان الصلاة بالضحك، والمقصود بالضحك هنا الضحك بصوت عالٍ أو ما يُسمّى بالقهقهة، أمّا الحنفية فقد فرَّقوا بين الضحك الذي يسمعه المصلّي وحده وبين القهقهة فقالوا: الضحك يفسد الصلاة فقط أمَّا القهقهة فتفسد الصلاة وتُبطل الوضوء.[15]
  • حصول ما يبطل الطهارة: كأن ينتقض وضوؤه.[15]
  • قطع نية الصلاة[16]:كأن ينوي المصلي أن يخرج من صلاته

المراجع

  1. ↑ جمال الدين، محمد طاهر بن علي الصديقي الهندي الفَتَّنِي الكجراتي (1968)، مجمع بحار الأنوار في غرائب التنزيل ولطائف الأخبار (الطبعة الثالثة)، الهند: مطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية، صفحة 344، جزء 3.
  2. ↑ كمال الدين، محمد بن موسى بن عيسى بن علي الدَّمِيري أبو البقاء الشافعي (2004)، النجم الوهاج في شرح المنهاج (الطبعة الأولى)، جدة: دار المنهاج، صفحة 7، جزء 2.
  3. ↑ ابن نجيم، البحر الرائق شرح كنز الدقائق (الطبعة الثانية)، القاهرة: دار الكتاب الإسلامي، صفحة 256، جزء 1.
  4. ^ أ ب مصطفى الخِن ومصطفى البغا وعلي الشربجي (1992)، الفقه المنهجي على مذهب الإمام الشافعي (الطبعة الرابعة)، دمشق: دار القلم، صفحة 122، جزء 1.
  5. ↑ فيصل بن عبدالعزيز النّجدي (1992)، خلاصة الكلام شرح عمدة الأحكام (الطبعة الثانية)، صفحة 11.
  6. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم ، عن عبدالله بن عمر ، الصفحة أو الرقم: 224، حديث صحيح.
  7. ↑ علي بن الحُسين السُّغدي (1984)، النتف في الفتاوى (الطبعة الثانية)، عمان: دار الفرقان، صفحة 47.
  8. ↑ أبو محمد عبد الوهاب بن علي بن نصر الثعلبي البغدادي (2004)، التلقين في الفقه المالكي (الطبعة الأولى)، بيروت: دار الكتب العلمية، صفحة 42، جزء 1.
  9. ↑ ابو بكر بن الحسن الكشناوي، أسهل المدارك «شرح إرشاد السالك في مذهب إمام الأئمة مالك» (الطبعة الثانية)، بيروت: دار الفكر، صفحة 206، جزء 3.
  10. ↑ عبد القادر بن عمر بن عبد القادر الشَّيْبَاني (1983)، نَيْلُ المَآرِب بشَرح دَلِيلُ الطَّالِب (الطبعة الأولى)، الكويت: دار الفلاح، صفحة 124، جزء 1.
  11. ↑ ابن المنذر (1985)، الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف (الطبعة الأولى)، الرياض: دار طيبة ، صفحة 249، جزء 3.
  12. ↑ سورة البقرة، آية: 238.
  13. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن زيد بن أرقم، الصفحة أو الرقم: 539، صحيح.
  14. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن معاوية بن الحكم الأسلمي، الصفحة أو الرقم: 537، صحيح.
  15. ^ أ ب ت ث د وهبة بن مصطفى الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته (الطبعة الرابعة)، بيروت: دار الفكر، صفحة 1031، جزء 2.
  16. ↑ محمد بن إبراهيم بن عبد الله التويجري (2009)، موسوعة الفقه الإسلامي (الطبعة الأولى)، السعودية: بيت الأفكار الدولية، صفحة 449، جزء 2.