-

ما صفات النبي صلى الله عليه وسلم الخلقية والخلقية

(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

النبي عليه الصلاة والسلام

يعرّف النبي لغةً: أنّه إنسانٌ يصطفيه الله -تعالى- من خلقه ليوحي إليهم بشريعةٍ أو دين، سواءً أُمر بالبلاغ أم لم يؤمر،[1] وإنّ خاتم الأنبياء والمرسلين هو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب الهاشمي القرشي، الذي يُعد خير أهل الأرض نسباً، إذ يرجع نسبه إلى إسماعيل بن إبراهيم عليه السلام، وقد وُلد -عليه الصلاة والسلام- في مكة المكرمة يتيماً، حيث توفّي والده وهو جنينٌ في بطن أمّه آمنة بنت وهب، ووُلد يوم الإثنين، الثاني عشر من ربيع الأول من عام الفيل، فنشأ محمد -صلى الله عليه وسلم- في كنف جده عبد المطلب إلى أن توفاه الله، ثم انتقل إلى كفالة عمه أبو طالب الذي أكرمه وأحسن إليه، ولمّا بلغ -عليه الصلاة والسلام- الأربعين من العمر؛ اصطفاه الله -تعالى- ليحمل رسالة التوحيد للنّاس كافةً، فدعى إلى الله -تعالى- في مكة المكرمة ثلاثة عشر عاماً، ثمّ هاجر إلى المدينة المنورة بسبب ازدياد أذى المشركين له ولأصحابه رضي الله عنهم، فأقام في المدينة دولة الإسلام، وأعزّ الله -تعالى- دينه ونصر عباده المسلمين.[2]

صفات رسول الله الخَلقية

ورد في عديدٍ من كتب السيرة النّبوية صفات رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الخَلقية، ومنها؛ البداية والنهاية لابن كثير رحمه الله، ودلائل النّبوة للبيهقي، وسيرة ابن هشام، ومن أبرز صفاته -عليه الصلاة والسلام- أنّه كان أبيض اللون مشرباً بالحمرة، وكان ربعةً بين الرجال، أي متوسط الطول ليس بالطويل، ولا بالقصير، وكان ضخم الكراديس، كثّ اللحية، وقد وُصف مشيه كأنّه ينحدر من صبب، أي أنّه كان يمشي قوياً عليه الصلاة والسلام، وكان لا يلتفت إلا عند الضرورة.[3]

صفات رسول الله الخُلقية

تميّز النّبي -صلى الله عليه وسلم- بعدّة صفاتٍ وأخلاقٍ، ومن أبرزها ما يأتي:

الصدق والأمانة

كانت صفتا الصدق والأمانة من أبرز ملامح شخصية رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث لُقّب في الجاهلية بالأمين، وقد تزوج من خديجة بنت خويلد رضي الله عنها، بعد أن عايشت أمانته وصدقه عندما تاجر بأموالها، بل إنّ ألدّ أعدائه -عليه الصلاة والسلام- لم يستطيعوا اتهامه بالكذب، حيث رُوي عن الوليد بن المغيرة، وأبي سفيان بن حرب، والنضر بن الحارث، وغيرهم من كبراء قريش، أنّهم حاولوا صدّ النّاس عن دعوة الإسلام باتهام النّبي -عليه الصلاة والسلام- بعدّة اتهامات، منها أنّه شاعرٌ، وكاهنٌ، وساحرٌ، ولكنّهم لم يتهموه بالكذب، حيث قال الله -تعالى- عنهم: (قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ ۖ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَٰكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ)،[4] وممّا يدلّ على عِظم أمانة الرسول صلى الله عليه وسلم؛ وضع كفار قريش أماناتهم وودائعهم عنده على الرغم من عداوتهم له.[5]

الشّجاعة

ضرب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أروع الأمثلة بالشّجاعة والثبات على لحق، فقد كانت حياته -عليه الصلاة والسلام- مليئةً بمواقف التضحيّة والشّجاعة، ومنها موقفه عندما تآمر كفار قريش على قتله، وأعدّوا رجالهم لذلك، حيث أحاط بمنزله أكثر من خمسين رجلاً مدجّجين بالسلاح، فثبت -عليه الصلاة والسلام- ولم يخشى من طغيانهم، بل نام مطمئناً في فراشه تلك الليلة حتى انتصف الليل، ثم خرج إليهم بكل شجاعةٍ وقوة إيمانٍ حاثياً التراب على وجوههم، مهاجراً إلى الله تعالى، ولمّا لحِق به أعدائه إلى باب الغار وكان برفقته أبوبكر الصديق رضي الله عنه، قال له -عليه الصلاة السلام- بكل شّجاعةٍ: (لا تحزن إنَّ اللهَ معنا).[6][7]

أما شجاعته -عليه الصلاة والسلام- في الحروب والمعارك فحدِّث ولا حرج، فقد سجّل التاريخ فرار الأعداء وأشد الخصوم من أمامه في الكثير من المواقف الحاسمة، فقد كان -عليه الصلاة والسلام- يتصدّى للمصاعب بإيمانٍ راسخ، وقلبٍ ثابتٍ، حتى إنّ علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- كان يقول: (كنَّا إذا احْمَرَّ البأسُ، ولقيَ القومُ القوم، اتَّقَينا برسولِ اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم، فما يكون منَّا أحدٌ أدنا مِنَ القومِ منهُ).[8][7]

التواضع

كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أكثر الناس تواضعا، وأبعدهم عن الكِبر والبطر، على الرغم من عِظم مكانته ورفعة قدره، حيث كان يجلس بين المؤمنين كأنّه واحد منهم، ويُخفض لهم جناحه، ولا يتكبر عليهم، حتى إن الرجل الغريب لم يكن يستطيع تمييزه من بين أصحابه -رضي الله عنهم- حتى يَسأل عنه، فقد رُوي عن أبي ذر الغفاري -رضي الله عنه- أنّه قال: (كان رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَجْلِسُ بينَ ظهرَيْ أصحابِه، فيجيءُ الغريبُ، فلا يدري أيُّهم هو، حتى يسألَ، فطلَبْنا إلى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: أن نَجْعَلَ له مجلسًا يَعْرِفُه الغريبُ إذا أتاه)،[9] وفي أحد الأيام جاء رجل إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- وقال له: (يا محمَّدُ، يا سيِّدَنا وابنَ سيِّدِنا، وخيرَنا وابنَ خيرِنا)، فقال عليه الصلاة والسلام: (يا أيُّها النَّاسُ، عليكم بِتَقْواكم، لا يَستَهْويَنَّكمُ الشَّيطانُ، أنا محمَّدُ بنُ عبدِ اللهِ، عبدُ اللهِ ورسولُه، واللهِ ما أُحِبُّ أنْ تَرفعوني فوقَ مَنزلتي التي أنزَلَني اللهُ).[10][11]

الرحمة

تُعد الرحمة من أبرز الصفات الخُلقية لرسول الله صلى الله عليه، حيث وصفه الله -تعالى- بالرحمة في عدّة مواضع من القرآن الكريم، حيث قال: (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ)،[12] وقال عزّ وجلّ: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ)،[13] وقد وسِعت رحمة النبي -عليه الصلاة والسلام- الخلق كافةً، ولم تقتصر على أمته فقط، ومن صور رحمته بالمخالفين له، وصيّته لأصحابة -رضي الله عنهم- خلال خوضهم الحروب بعدم قتل الأطفال، والنساء، والشيوخ العزّل، وكان يأمرهم بتعليم النّاس وإقامة الحجّة عليهم قبل الشروع بقتالهم.[14]

العدل

كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مثالاً يُقتدى به في العدل، وكانت أفعاله وأقواله وحياته كلّها تطبيقاً واقعياً لهذه الصفة الخُلقية العظيمة، فقد رُوي عنه أنّه قال: (سبعةٌ يُظِلُّهُمُ اللهُ تعالى في ظِلِّهِ يومَ لا ظِلَّ إلا ظِلُّهُ)، وذكر منهم: (إمامٌ عدلٌ)،[15] وقد حذّر أمّته من الظلم أشد التحذير، حيث قال: (مَن أعانَ علَى خصومةٍ بظُلمٍ، أو يعينُ علَى ظُلمٍ، لم يزَلْ في سخطِ اللَّهِ حتَّى ينزعَ)،[16] ومن الجدير بالذكر أن عدل الرسول -صلى الله عليه وسلم- قد شمل المسلمين والكفار، وكان ذلك واضحاً في نصوص المعاهدة التي عقدها مع اليهود عندما هاجر إلى المدينة المنورة.[17]

المراجع

  1. ↑ "تعريف و معنى النبي في معجم المعاني الجامع - معجم عربي عربي"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 10-2-2019. بتصرّف.
  2. ↑ عبد العزيز الحسين، "ومضات من حياة إمام الأنبياء - صلى الله عليه وسلم-"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 10-2-2018. بتصرّف.
  3. ↑ الشيخ الإمام ابن باز رحمه الله، "بعض صفات النبي -صلى الله عليه وسلم- الخَلْقِية"، www.binbaz.org.sa، اطّلع عليه بتاريخ 10-2-2019. بتصرّف.
  4. ↑ سورة الأنعام، آية: 33.
  5. ↑ د. خالد بن محمد الشهري (24/11/2015)، "صدق وأمانة النبي -صلى الله عليه وسلم-"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 10-2-2019. بتصرّف.
  6. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي بكر الصديق، الصفحة أو الرقم: 3615، صحيح.
  7. ^ أ ب "صور من شجاعة النبي -صلى الله عليه وسلم-"، www.islamweb.net، 10/04/2008، اطّلع عليه بتاريخ 10-2-2019. بتصرّف.
  8. ↑ رواه أحمد شاكر، في مسند أحمد، عن علي بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم: 2/343، إسناده صحيح.
  9. ↑ رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن أبي ذر الغفاري وأبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 4698، صحيح.
  10. ↑ رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج المسند، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 12551، إسناده صحيح على شرط مسلم.
  11. ↑ "نماذج مِن تواضع النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم-"، www.ar.islamway.net، 2014-01-28، اطّلع عليه بتاريخ 10-2-2019. بتصرّف.
  12. ↑ سورة التوبة، آية: 128.
  13. ↑ سورة الأنبياء، آية: 107.
  14. ↑ "رحمة رسول الله -عليه الصلاة والسلام-"، www.alimam.ws، اطّلع عليه بتاريخ 10-2-2019. بتصرّف.
  15. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1423، صحيح.
  16. ↑ رواه الألباني، في صحيح ابن ماجه، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 1892، صحيح.
  17. ↑ أ.د. راغب السرجاني (2011/05/22 )، "العدل في الإسلام .. عدل الرسول"، www.islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 10-2-2019. بتصرّف.