ما سبب تسمية غزوة أحد بهذا الاسم
غزوة أُحد
وقعت غزوة أُحد في السنة الثالثة للهجرة، وكانت بين المسلمين بقيادة رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم وقريش بقيادة أبي سفيان، وكان عدد المسلمين المجاهدين فيها قرابة السبعمئة مقاتل، أمّا المشركون فقد كانوا أضعاف عدد المسلمين حتى وصل عددهم قرابة ثلاثة آلاف مقاتل، وقد وقعت عند جبل أحد قريباً من المدينة المنورة.[1]
سبب تسمية غزوة أحد
وقعت غزوة أحد عند جبل أحد الذي يقع قريباً من المدينة المنوّرة كما ذكرنا، وذُكر أنّ جبل أحد سُمّي بهذا الاسم لتوحّده بين الجبال، وفي معنى قول الرسول صلى الله عليه وسلم في جبل أحد: (هذا جَبَلٌ يُحِبُّنا ونُحِبُّه)[2] قيل أي أهله هم المقصودون بذلك، وقيل لأنّه يبشر المسافر بقرب أهله كما يفعل المُحبّ، وقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم ظهره وعسكره يومها إلى أحد، وأمر الرّماة الذين وضعهم على الجبل أن ينالوا من العدو بنبالهم حتى يتمكن المسلمون من القتال في أرض المعركة بقوة كبيرة إلا أنّهم خالفوا أمره لمّا حسبوا أنّ المعركة قد انتهت لصالح المسلمين.[3]
أسباب غزوة أحد
بعد أن هُزمت قريش في غزوة بدر وقُتل من ساداتها وأشرافها من قُتل، عاد أبو سفيان بالعير إلى مكة المكرمة، وحين التقى ببعض أهالي من مات في بدر أشاروا عليه أن يستخدم أموالهم التي كانت معه في القافلة لقتال المسلمين ليثأر لهم عن مقتل من مات من أقربائهم، فخرج مع جمع من قريش لملاقاة الرسول صلى الله عليه وسلم للثأر للمشركين.[1]
عندما وصل الخبر للمسلمين، استشار رسول الله صلى الله عليه وسلم من معه حول لقاء العدوّ بأحد الخيارَين، إمّا بقائهم في المدينة وتحصّنهم فيها لملاقاة قريش، وإمّا خروجهم إلى جبل أحد لملاقاة المشركين، وقد تحمّس الصحابة رضوان الله عليهم للخروج وملاقاتهم عند جبل أحد، ومع أنّ الرسول صلى الله عليه وسلم كان يرى المكوث في المدينة، إلا أنّه نزل عند رأيهم ولبس ملابس الحرب وانطلق بهم لملاقاة قريش، وقد خرج معه في أوّل الأمر ألف من الرجال، إلا أنّ عبد الله بن سلول زعيم المنافقين تركهم في منتصف الطريق بصحبة ثلاثمئة مقاتل ممّن أطاعوه وعادوا إلى المدينة، وذلك لزعم عبدالله بن سلول أنّ الرسول صلى الله عليه وسلم قد عصاه وأطاعهم. أكمل الرسول محمد صلى الله عليه وسلم سيره وجيش المسلمين سبعمئة مقاتل فحسب، وعندما وصل عليه الصلاة والسلام مع المسلمين إلى جبل أحد؛ جعل ظهره إلى جبل أحد، وجعل خمسين رجلاً من الرماة عليه وأمّر عليهم عبد الله بن جُبير وأمرهم ألّا يتركوا أماكنهم أبداً سواءً أكانت المعركة لهم أم عليهم؛ وذلك ليحموا ظهور المسلمين أثناء القتال.[1]
أحداث غزوة أحد
بدأت الغزوة كما كانت عادة البدء بالمعارك حينها، وذلك بالمبارزة، فقد خرج من المسلمين علي بن أبي طالب، وخرج من المشركين طلحة بن أبي طلحة، فقتله علي رضي الله عنه، ثم خرج أخوه عثمان فقتله حمزة رضي الله عنه، وتبعهما أخوهما أسعد فأجهز عليه علي كرم الله وجهه، وجاء بعدها أخوهم مسافع الذي أجهز عليه عاصم بن ثابت رضي الله عنه. التحم بعد ذلك الجيشان، وبذل المسلمون جهوداً كبيرة وقدموا بطولات عظيمة، حتى تقدّم المسلمون على المشركين في بداية الأمر، وتقهقر المشركون رغم عددهم الكبير وكثرة فرسانهم، وأخذ المسلمون ينشغلون بجمع الغنائم، حتى إنّ الرماة قد خالفوا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وانشغلوا هم كذلك بجمع الغنائم ظانّين أنّ المعركة قد انتهت وأنّ المسلمين قد انتصروا، ولم يبقَ منهم لا عشرة رماة على رأسهم عبد الله بن جُبير.[4]
لمّا رأى خالد بن الوليد -وكان حينها في جيش المشركين- حالة المسلمين تلك، التفّ عليهم من خلف الجبل، وبذلك انكشف ظهر المسلمين للعدوّ، وتراجع موقف المسلمين بتقدّم المشركين عليهم، حتى إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أُصيب بفكّه وفمه، وكان من صعوبة الموقف أن شاع مقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتشتّت المسلمون وعاد بعضهم إلى المدينة ظانّين أنّ رسول الله عليه السلام قد قُتِل، إلى أن صاح كعب بن مالك في المسلمين مُعلناً أنّ رسول الله عليه السلام لا زال حياً. كاد المشركون أن يقتلوا المسلمين جميعاً لولا أنّ رسول الله عليه السلام أمر أصحابه أن يجتمعوا معاً في مكان على رأس جبل أحد، فلم يستطع المشركون الالتفاف حولهم هناك، وكانوا قد أُنهكوا من التعب، فصاح أبو سفيان في المسلمين قائلاً: "يوماً بيوم وموعدنا العام المقبل في بدر"، فأمر رسول الله عليه السلام عمر بن الخطاب أن يجيبه بتأكيد ذلك الموعد بين المسلمين والمشركين، وهنا توقف القتال وانتهت المعركة، وعاد المشركون فرحين بهذا الانتصار المؤقت وقد قُتل منهم ثلاثة وعشرون رجلاً فقط، أمّا المسلمون فقد فقدوا ما يزيد عن سبعين شهيداً منهم حمزة بن عبد المطلب.[4]
ما بعد غزوة أحد
وفي طريق عودة المشركين، فطنوا أنّه كان يجدر بهم القضاء على المسلمين جميعاً وانتهاز تلك الفرصة بدلاً من تركهم، فقرروا العودة والإجهاز عليهم، إلا أنّ النبي صلى الله عليه وسلم كان فطناً متيقظاً لذلك، فقام بعمل تظاهرة عسكرية في اليوم التالي مباشرةً، أوهمت قريشاً أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين قد خرجوا لملاقاتهم والثأر لما حصل في اليوم السابق في أحد، فخاف أبو سفيان ومن معه وعادوا إلى مكة المكرمة، وبقي المسلمون ينتظرونهم ثلاثة أيام ثم عادوا إلى المدينة وقد ارتفعت معنوياتهم وعادت لهم الثقة والطمأنينة.[4]
دروس وعبر من غزوة أحد
يُستفاد مما حصل مع المسلمين في غزوة أحد بعض العبر والدروس، نذكر منها ما يلي:[5]
- تنبيه المسلمين لسوء عاقبة المعصية وعدم الامتثال لأوامر قائدهم.
- التأكيد على أنّ الأيام دول، وسنة الله سبحانه في هذه الدنيا أن يمتحن المؤمنين فيكون النصر لهم يوماً ويوماً آخر عليهم ليميز من يثبت على دينه.
- الجهاد في سبيل الله يُميّز بين المؤمن الحقيقيّ والمنافق.
- الابتلاء طريق لتحصيل الأجر والمكانة العظيمة التي أعدّها الله سبحانه لعباده المؤمنين، والتي لم يكونوا ليبلغوها إلا بهذه المِحن.
- الإنسان بطبعه يميل إلى الركون والطغيان إذا ما أصابه الخير والنصر دائماً، لذلك يبتليه الله عز وجل بالابتلاءات ليُنقّيه من ذلك.
- الأنبياء عليهم السلام أُصيبوا بالابتلاءات، ممّا يدل المسلم على أن الابتلاء سنّة الله التي تجري على الخلق جميعاً.
- الرسول صلى الله عليه وسلم كان بين الصحابة فرداً منهم، يفعل ما يأمرهم به ويتقدمهم في صفوف القتال أمام العدو، وفي ذلك دلالة على شجاعته وصدق تجرّده للدعوة.
المراجع
- ^ أ ب ت د. محمد منير الجنباز (2017-1-12)، "أحداث غزوة أحد"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-3-21. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 7333، صحيح.
- ↑ إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي، "البداية والنهاية"، www.library.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-3-21. بتصرّف.
- ^ أ ب ت "غزوة أحد"، www.ar.islamway.net، 2008-4-14، اطّلع عليه بتاريخ 2018-3-21. بتصرّف.
- ↑ "غزوة أحد"، www.alserdaab.org، اطّلع عليه بتاريخ 2018-3-21. بتصرّف.