من هو صاحب لقب شاعر النيل
حافظ إبراهيم
يُعَدُّ حافظ إبراهيم شاعراً، ومُؤلِّفاً مصريّاً شهيراً، عُرِف باسم شاعر النيل، ولقَّبه الكثيرون ب(شاعر الشعب)؛ فقد كان أحد رموز مدرسة (الإحياء) في الشِعر العَربيّ، وكان شعره يُمثّل في مضمونه مرآةً لآلام، ومُعاناة، وآمال الإنسان، والأمّة بأكملها، وقد صدرت له العديد من الكُتُب، والمُؤلَّفات، ومنها: كتاب ليالي سطيح الذي يتضمَّن النقد الاجتماعيّ، وكتاب التربية الأوّلية، وهو مُترجَم عن اللغة الفرنسيّة، وكتاب ترجمة البؤساء للمُؤلِّف فكتور هوغو، والمُوجَز في عِلم الاقتصاد، والذي اشتركَ في تأليفه مع خليل مطران، كما أنّ له ديوان شِعر مُكوَّن من جزأَين.[1]
نشأة حافظ إبراهيم ومولده
لا تُوجَد معلومات دقيقة حول تاريخ مَولد الشاعر حافظ إبراهيم، إلّا أنّه استناداً إلى الأوراق الرسميّة للقومسيون الطبّي الذي عُرِض عليه حافظ إبراهيم عند تقلُّده وظيفة في دار الكُتُب المصريّة، فإنّ تاريخ ولادته هو الرابع من شهر شباط/فبراير لعام 1872م، وكان ذلك في مدينة ديروط الواقعة في محافظة أسيوط إحدى محافظات الجمهوريّة العربيّة المصريّة، ومن الجدير بالذكر أنّه قد اجتمع في حافظ إبراهيم نوعان من الدماء، هما: الدم المصريّ، والدم التركيّ؛ فأمّه هي هانم بنت أحمد البورصة لي، من أسرة تركيّة عريقة، ووالده هو إبراهيم فهمي الذي كان مُهندساً مُشرِفاً على قناطر ديروط، والذي تُوفِّي في عام 1876م، عندما كان الطفل إبراهيم حافظ في سِنّ الرابعة، ممّا دفع والدته إلى العودة إلى القاهرة؛ للعيش بين أهلها، وتُرِك أمر تربية حافظ إلى خاله محمد نيازي.[2]
حياة حافظ إبراهيم التعليميّة
التحقَ حافظ إبراهيم وهو في عُمر صغير بمدرسة الخيريّة في القلعة؛ ليتعلَّم فيها الكتابة، والقراءة، وبعضاً من المسائل الحسابيّة، وأمور الدِّين، حيث التقى في هذه المدرسة بمصطفى كامل الذي أصبح فيما بعد زعيماً قوميّاً في الجهاد الوطنيّ ضِدّ الاستعمار، ثمّ دخل المرحلة الابتدائيّة، والتحقَ بمدرسة القربيّة، وبعد الانتهاء من هذه المرحلة، بدأت المرحلة الثانويّة، حيث التحق إبراهيم حافظ بمدرسة المُبتديان الثانويّة، ثمّ بالمدرسة الخديويّة الثانويّة. وفي عام 1888م، انتقل محمد نيازي (خال إبراهيم حافظ) إلى محافظة طنطا؛ للعمل كمُهندس تنظيمٍ، واصطحب ابن أخته معه، وألحقَه بمدرسة ثانويّة في طنطا، وكان عُمره آنذاك 16 سنة، إلّا أنّ حافظ إبراهيم لم يلتزم بالدوام المدرسيّ، بل كان يتغيَّب عن دروسه؛ لحضور دروس العلوم في المعهد الأحمديّ بطنطا، إذ تلقّى فيه علوم اللغة العربيّة، وآدابها، وعلوم الفِقه، والشريعة، والشِّعر، وممّا يجدر ذِكره أنّه أُعجِب أشدّ الإعجاب بالشِّعر؛ فبدأ بدراسته، والاطِّلاع على القديم منه، وطوَّر من نفسه حتى أصبح يقرضُ الشِّعر، وينظُمه، حيث حاز بذلك على إعجاب الشعراء، وشيوخ الأدب في طنطا، إلّا أنّ ذلك لم يُعجب خاله؛ فقد كان يراه عاطلاً عن العمل، ومُهمِلاً في دراسته، فأخذَ يُوبِّخه، ويُعنِّفه؛ حتى يعتدل، ويتحسَّن سلوكه، ومع ذلك لم يقتنع حافظ إبراهيم بتَرْك تعلُّم الشِّعر، وهو ما دفعه إلى تَرك بيت خاله.[2]
حياة حافظ إبراهيم العمليّة
بعد أن هجرَ إبراهيم حافظ بيت خاله، توجّه للعَمل في مجال المُحاماة، حيث عَمِل في عدد من مكاتب المُحامين، إلّا أنّ الحال لم يُعجبه فيها؛ فالتحق بالمدرسة الحربيّة، وظلَّ فيها إلى أن تخرَّج منها برُتبة مُلازم أوّل، وتمّ تعيينه؛ ليكون ضابطاً في جناح الحربيّة، ثمّ انتقل؛ للعمل في جناح الداخليّة (البوليس) في محافظة بني سويف، ومنها انتقل إلى محافظة الإبراهيميّة، ليعود بعد ذلك مُجدَّداً إلى جناح الحربيّة، وبَقِي فيها فترة، ثمّ انتقل؛ للخدمة العسكريّة في السودان، وعَمِل كضابط فيها حيث لم تُعجبه الأوضاع هناك، وظلَّ يتذمّر من الحياة فيها إلى أن اندلعت ثورة السودان في عام 1899م، والتي اتُّهِم فيها 18 ضابطاً عسكريّاً، كان حافظ إبراهيم من بينهم، حيث تمّت محاكمتهم، وإحالتهم إلى الاستيداع، فطلب حافظ أن يُحال إلى التقاعُد، حيث تحقَّق له ذلك، وبَقِي بعد ذلك عاطلاً عن العمل، والتزم بحضور مجالس العظماء، والأدباء، ويُطربهم بأدبه، وشِعره. وفي عام 1911م، عيَّن أحمد حشمت باشا حافظ إبراهيم في منصب رئيس القسم الأدبيّ في دار الكُتُب المصريّة، حيث ظلّ في هذا المنصب إلى أن أُحِيل إلى التقاعُد في عام 1932م.[3]
صفات حافظ إبراهيم
وُصِف حافظ إبراهيم من قِبَل الأشخاص الذين جالسوه، وعاشروه بأنّه كان مُحِبّاً للناس، إذ كان اجتماعيّاً إلى أبعد الحدود؛ فقد كان يحبُّ الصُّحبة، والتحدُّث مع الناس دون حَرَج، أو كُلفة، كما أنّه كان سَمحاً بسيطاً، ومُتواضِعاً، ولا يعتليه الكِبر، واتُّصِف أيضاً بالكَرَم، والجُود؛ فقد ذُكِرت عنه العديد من المواقف التي تدلُّ على مدى كرمه، ومنها أنّه مرَّ به سائل، فطلب منه المال، ولم يتردَّد حافظ إبراهيم، بل منحَه جُنيهاً ذهبيّاً، ولم يُبقِ في جيبه سوى بعض القروش التي تكفيه كأجرة؛ للعودة إلى منزله، ومن صفاته أيضاً: أنّه كان خفيف الظلّ، وحاضر النكتة، والتمتُّع بروح الدُّعابة، والفُكاهة، بالإضافة إلى أنّه عُرِف بسرعة الحفظ، وقوّة الذاكرة، وشدّة الصراحة، أمّا صفاته السيِّئة، فمنها: أنّه كان مُتردِّداً، ولا يُدلي برأي قاطع في أمر ما، وكان يخاف، ويُشفِقُ على نفسه من أن يُغضِب أصحاب اليمين إذا أيَّدَ رأي أصحاب الشمال، ولم يكن يُحافظ على أسرار أصدقائه، وفي ما يتعلَّق بصفاته الجسديّة؛ فإنّ حافظ إبراهيم كان أسمر البشرة، وطويل القامة، عريض المَنكِبَين، ومفتول الساعِدَين.[3]
وفاة حافظ إبراهيم
أمضى حافظ إبراهيم الأشهر الأخيرة من حياته داخل منزل صغير في ضاحية الزيتون بمدينة القاهرة، ومن الجدير بالذكر أنّه في أحد الأيّام، دعا صديقَين له؛ لتناوُل الطعام معه، إلّا أنّه شَعَر بالتعب، والإرهاق؛ فلم يستطع مشاركتهما في الطعام، وازداد تعبه بعد أن غادر ضيوفه، ممّا دفع خادمه إلى الاتِّصال بصديق له، ووطلب منه إحضار الطبيب معه، وما إن وصلوا حتى كان حافظ إبراهيم يَلفظُ أنفاسه الأخيرة إلى أن تُوفِّي، وانتقلَ إلى جِوار ربّه، وكان ذلك في الساعة الخامسة من صباح يوم الخميس الموافق للحادي والعشرين من شهر تموز/يوليو من عام 1932م.[2]
المراجع
- ↑ "حافظ إبراهيم"، www.aljazeera.net، اطّلع عليه بتاريخ 25-12-2018. بتصرّف.
- ^ أ ب ت حافظ إبراهيم، حافظ إبراهيم - المؤلفات الكاملة، صفحة 4-6،17. بتصرّف.
- ^ أ ب فوزية بنت عبد الله بن عايض المنتشري الشمراني، الأخلاق في شعر حافظ إبراهيم، صفحة 2،3،4. بتصرّف.