-

لماذا حلل الشرع الزواج بأربع زوجات

(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

لماذا حلل الشرع الزواج بأربع زوجات

قال سبحانه وتعالى:" فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً "، النساء/3، فقد أباح الإسلام للمسلم تعدّد الزّوجات، في مقابل أن يضمن الزّوج قدرته البدنيّة والماليّة على هذا التّعدد، وأن تكون لديه القدرة على العدل بينهنّ، ومن الممكن أن يسبّب الزّواج بأخرى إيذاءً نفسيّاً للزوجة الأولى، فعلى الزّ,ج في هذه الحالى أن يتلطف بزوجته الأولى، وأن يقنعها بالأمر، وأن يبذل لها ما يجبر خاطرها، لأنّ هذا كله يعتبر جزءاً من العشرة بالمعروف.

ومن أهمّ الحكم التي شرع التّعدد من أجلها الزّواج، ما يلي: (1)

  • تحريم الإسلام للزنا، والتّشديد في هذا التّحريم، وذلك لأنّ فيه مفاسداً عظيمةً، والتي تفوق الحصر أو العدّ، وإنّ الدّين الإسلامي حين قام بتحريم الزّنا، والتّشديد في هذا التّحريم، فإنّه يكون قد فتح باباً مشروعاً، يستطيع الإنسان من خلاله أن يجد الرّاحة، والسّكينة، والطمأنينة، ألا وهو باب الزّواج، حيث شرع الإسلام الزّواج، وأباح التّعدد فيه، ولا شكّ أن منع التعدد يعتبر ظلماً لكلّ من الرّجل وللمرأة؛ وبالتالي فإنّ منعه قد يدفع الإنسان إلى الزّنا؛ وذلك أنّ عدد النّساء يفوق ويزيد على عدد الرجال في كلّ زمان ومكان، وهذا ما يتجلى واضحاً في أيّام الحروب؛ وبالتالي فإنّ قَصْر الزّواج على امرأة واحدة يؤدي إلى بقاء عدد كبير من النّساء دون زواج، وهذا ما يسبب لهنّ الحرج، والضّيق، والتّشتت، وربما أدّى بهنّ إلى أن يبعن عرضهن، وأن ينتشر الزّنا، ويضيع النّسل.
  • الزّواج لا يعتبر متعةً جسديّةً فقط، بل إنّ فيه راحةً، وسكناً، وفيه أيضاً نعمة الولد، والولد في الإسلام لا يعتبر مثل غيره في النّظم الأرضيّة؛ وذلك أنّ لوالديه حقّاً عظيماً عليه، ففي حال رزقت المرأة أولاداً، وقامت على تربيتهم، فإنّهم يكونون لها قرّة عين.
  • تعتبر نظرة الإسلام عادلةً ومتوازنةً، وذلك أنّ الإسلام ينظر إلى جميع النّساء بعدل، وهذه النّظرة العادلة تشير بأنّه لا بدّ من النّظر إلى جميع النساء بعين العدل.
  • لا يعتبر التّعدد واجباً، وذلك أنّ كثيراً من الأزواج المسلمين لا يعدّدون، فطالما أنّه قد اكتفى بزوجة واحدة، أو أنّه غير قادر على العدل بينهنّ، فإنّه لا حاجة له في التّعدد.
  • أنّ طبيعة المرأة تختلف اختلافاً تامّاً عن طبيعة الرّجل، وذلك من حيث استعدادها للمعاشرة؛ فهي لا تكون مستعدّةً للمعاشرة في كلّ الأوقات، ففي حال دورتها الشّهرية فإنّ المانع قد يصل إلى عشرة أيام، أو أسبوعين في كلّ شهر، وفي النفاس مانع كذلك، والغالب فيه أنّه أربعون يوماً، وتعتبر المعاشرة في هاتين الفترتين محظورةً في الشّرع، لأنّ فيها من الأضرار ما لا يخفى، وفي حالة الحمل فإنّه قد يضعف استعداد المرأة في معاشرة الزوج، وهكذا. أمّا الرّجل فإنّ استعداده يكون واحداً طيلة أيّام الشّهر، والعام، وبعض الرّجال في حال منع من التّعدد فإنّه قد يؤول به الأمر إلى سلوك غير مشروع.
  • ربّما تكون الزّوجة عاقراً أو عقيماً لا تلد، وبالتالي يُحْرَمُ الزوج من نعمة الولد، فبدلاً من تطليقها يبقي عليها، ويتزوّج بأخرى ولود.
  • أن تمرض الزوجة مرضاً مزمناً لا شفاء منه، مثل الشّلل وغيره، وبالتالي لا تستطيع أن تقوم على خدمة الزّوج؛ فبدلاً من أن يطلقها فإنّه يبقي عليها، ويتزوّج بأخرى.
  • ربّما يكون سلوك الزّوجة مع زوجها سيّئاً، فقد تكون الزّوجة شرسةً، أو سيّئة الخلق، أو لا ترعى حقّ زوجها؛ وبالتالي بدلاً من أن يقوم بتطليقها فإنّه يبقي عليها، ويتزوّج من أخرى؛ وذلك وفاءً للزوجة، وحفاظاً على حقّ أهلها، وحرصاً منه على مصلحة أولادهما من الضّياع إن كان له أولاد منها.
  • تعتبر قدرة الرّجل على إنجاب الأطفال أوسع بكثير من قدرة المرأة، وذلك أنّ الرّجل يستطيع الإنجاب إلى ما بعد سنّ السّتين، بل ربّما يتعدى المائة عام وهو في نشاطه وقدرته على الإنجاب.
  • يعتبر الزّواج من ثانية راحةً للأولى، لأنّ الزّوجة الأولى ترتاح قليلاً أو كثيراً من أعباء الزّوجية، لأنّه يصبح هناك من يعينها ويأخذ عنها نصيباً من أعباء الزّوج.
  • أنّ في الزّواج بأخرى التماساً للأجر، فقد يتزوج الإنسان من امرأة مسكينة ويوجد أيّ عائل لها، ولا راع، فيتزوجها بنيَّة أن يعفّها، ويرعاها، فينال الأجر من الله بذلك.
  • أباح الله سبحانه وتعالى التّعدد وهو أعلم بمصالح عباده، وأرحم بهم من أنفسهم. (1)

حكم تعدد الزوجات

إنّ حُكم التعدد في الإسلام هو الإباحة، والنّص الشّرعي الدّال في إباحة التّعدد هو قوله سبحانه وتعالى:" وإن خفتم ألا تُقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا "، النساء/3.

فهذا نصّ يدلّ على إباحة التعدّد، فقد أفادت الآية الكريمة أنّه من المباحات، فللرجل في شريعة الإسلام أن يتزوّج من زوجة واحدة أو اثنتين أو ثلاثاً أو أربعاً، ويمكن أن يكون له في هذا الوقت كلّ هذا العدد من الزّوجات، ولكن لا يجوز له أن يزيد على الأربع، وهذا كا قال به المفسّرون والفقهاء، وأجمع عليه المسلمون ولا يوجد أيّ خلاف فيه. (2)

شروط تعدد الزوجات

أباح الإسلام تعدّد الزّوجات على شروط، وهي على النّحو التالي:

  • العدل: وذلك لقوله سبحانه وتعالى:" فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدةً "، النساء/3، فقد أفادت ووضّحت هذه الآية الكريمة أنّ العدل هو شرط أساسيّ لإباحة التّعدد، ففي حال خاف الرّجل من أن لا يقدر على العدل بين زوجاته في حال تزوّج بأكثر من واحدة، فإنّه يكون من المحظور عليه أن يتزوّج بأكثر من واحدة، وإنّ المقصود بالعدل المطلوب من الرّجل لإباحة التعدد له، هو قدرته على التّسوية بين زوجاته في النّفقة، والكسوة، والمبيت، ونحو ذلك من الأمور الماديّة، ممّا يكون في قدرته واستطاعته.

وأمّا أن يعدل في محبّته بين زوجاته، فإنّه غير مكلف بها، وهو لا مطالب بذلك، لأنّه لا يستطيع أن يقوم بها، وهذا هو معنى قوله سبحانه وتعالى:" ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النّساء ولو حرصتم "، النساء/129.

  • القدرة على الإنفاق على الزّوجات: وأمّا الدّليل على هذا الشّرط فهو قوله سبحانه وتعالى:" وليستعفف الذين لا يجدون نكاحاً حتى يغنيهم الله من فضله "، النور/33. وقد أمر الله سبحانه وتعالى في هذه الآية الكريمة من كان لديه القدرة على النّكاح ولا يجده بأي وجه عذر أن يستعفف، ومن وجوه تعذّر النّكاح أن لا يجد ما ينكح به من مهر، ولا قدرة له على الإنفاق على زوجته. (2)

المراجع

(1) بتصرّف عن فتوى رقم 71992/ حكمة الإسلام في إباحة تعدد الزوجات/ 26-2-2006/ مركز الفتوى/ إسلام ويب/ islamweb.net

(2) بتصرّف عن فتوى رقم 14022/ حكم تعدد الزوجات والحكمة منه/ تم النشر بتاريخ: 2002-04-3/ الإسلام سؤال وجواب/ islamqa.info