مقال عن أهمية تفسير القرآن الكريم في الوقت الحاضر

مقال عن أهمية تفسير القرآن الكريم في الوقت الحاضر
(اخر تعديل 2023-08-06 01:31:13 )

تفسير القرآن الكريم

يعرّف التّفسير لغةً على أنّه مشتقٌّ من الفسر، وهو ما يُكشف ويُبان من الشّيء، أما التّفسير اصطلاحاً: فهو العلم الذي يُعنى بكيفيّة فهم كتاب الله تعالى، وبيان المراد من معانيه، والتعرف على ما تدل عليه، واستنباط الأحكام الواردة فيه،[1] وفيما يخص حكم تفسير القرآن الكريم، فقد أجمع الفقهاء على جواز تفسير القرآن الكريم باللّغة؛ وفسّروا هذا الجواز بعربيّة القرآن، وأجمع العلماء أيضاً أنّ التّفسير فرض كفاية، وأنّه من أعظم وأشرف العلوم الشرعيّة التي من الممكن أن يتعلمها المسلم، وأما تفسير القرآن بالرّأي، فقد منعه العلماء؛ لأنّه من غير لغةٍ ولا نقلٍ، ودليلهم في ذلك قوله تعالى: (وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ).[2][3]

أهمية تفسير القرآن الكريم في الوقت الحاضر

يعدّ علم التفسير من أهمّ العلوم وأعظمها؛ لِما يتميز به من الخصائص، وفيما يأتي ذكرٌ لبعض الأوجه التي تبيّن أهميّة هذا العلم للفرد خاصّة، وللأمّة عامّة:[4]

  • علم التّفسير الوسيلة التي تساعد قارئ القرآن الكريم على فهم معاني آياته، والمراد منها، فالمسلم الذي ينال فهم القرآن الكريم فإنّه ينال به خيراً كثيراً في الدّنيا والآخرة، وفهم القرآن وتدّبره يُعين قارئه على معرفة علومٍ كثيرةٍ وتعلّمها.
  • كلام الله -تعالى- من أعظم الكلام وأفضله؛ لأنّه يُورد بركة وخيراً ومحاسناً لقارئه، فهو كلامٌ منزّلٌ لا باطل فيه، والقيام بتفسير كلام الله -تعالى- من أصدق العلوم التي يمكن للمسلم أن يقوم بالانشغال فيها.
  • علماء التفسير وأهله لهم شرفٌ عظيمٌ، ومكانةٌ كبيرةٌ عند الله تعالى، حيث رفع الله -تعالى- من قدرهم، وأعلى من شأنهم، وعظّم درجاتهم، فهم بذلك مميّزون عن باقي الخلق، فالذي يريد تعلم العلوم النافعة عليه بتعلّم علم تفسير القرآن، لأنه العلم الشامل والجامع لباقي العلوم، ومن تعلّمه نال معرفة باقي العلوم الهامة والمفيدة، والتي منها: أصول الإيمان، والعقيدة الإسلاميّة، والعلم بأسماء الله -تعالى- وصفاته، والأحكام الشرعيّة التي تهمّ المسلم في عباداته ومعاملاته، والأخلاق الإسلاميّة، وغيرها من العلوم الكثيرة، فهذا كلّه واضح وجليٌّ في القرآن الكريم عند فهم المراد من آياته.
  • علم التفسير يبيّن للمسلم ما يجب أن يتمسّك به كي يُعين نفسه ويحميها من الأمور التي قد تضلّه، حيث بيّن القرآن الكريم للمسلم الذي يدرك مُراد الله -تعالى- في كتابه الكريم الطرق المُعينة له على الاعتصام بالحق.
  • المتمسّك بهذا العلم يرث النّبي -صلى الله عليه وسلم- في أعظم ما يمكن أن يرثه الإنسان، وهو القرآن الكريم، فمن تعلمه حصّل هذا الإرث، وحمل هذه الأمانة العظيمة، وأحسن تبليغها؛ لأنّ وظيفة الرّسل -عليهم السلام- كانت تبليغ النّاس وإنذارهم وتبشيرهم، فهنيئاً لمن حمل هذه الأمانة العظيمة.
  • المنشغل بعلم التفسير يقضي معظم وقته مرافقاً للقرآن الكريم، يتعلّم أحكامه، ويتدبّر معانيه، ويهتدي بهدْيه، وهذا من أفضل أنواع رفقة القرآن الكريم، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اقرؤوا القرآن؛ فإنّه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه، اقرؤوا الزهراوين: البقرة وآل عمران، فإنَّهما يأتيان يوم القيامة كأنَّهما غمامتان أو غيايتان، أو كأنَّهما فرقَانِ من طيرٍ صوافَّ، تُحاجَّان عن أصحابهما، اقرؤوا سورة البقرة؛ فإنَّ أخذها بركةٌ، وتركُها حسرةٌ، ولا تستطيعُها البطَلَةُ).[5]
  • نيل مفسّر القرآن الكريم فضل أن يكون من خير هذه الأمّة.

أنواع تفسير القرآن

تتعدّد وتتنوّع أنواع تفسير القرآن الكريم، وفيما يأتي ذكرٌ لبعضها:[6]

  • النّوع الأوّل: وهو تفسير القرآن بالقرآن الكريم نفسه، ويعدّ من أوائل المصادر في التّفسير، ومن الأمثلة عليه تفسير عمدة التفسير.
  • النّوع الثّاني: تفسير القرآن الكريم بالسّنة النّبوية الشّريفة، وهو ثاني مصادر التّفسير، ومن الأمثلة عليه تفسير الطّبري، وتفسير ابن كثير.
  • النّوع الثّالث: تفسير القرآن الكريم بأحاديث وأقوال الصّحابة رضي الله عنهم، وهو ثالث مصادر تفسير القرآن، ومن الأمثلة عليه قوله تعالى: (وَكَانَ عِندَ اللَّهِ وَجِيهًا)،[7] وقد فسّر ابن عبّاس الآية السّابقة بقوله: "كان حظيّاً عند الله لا يسأل الله شيئاً إلا أعطاه"، وفسّر الحسن البصريّ قول ابن عباس فقال: "كان مُستجاب الدَّعوة".
  • النّوع الرّابع: تفسير القرآن الكريم بما قاله التّابعون، وهذا رابع مصادر تفسير القرآن عند العلماء، ومن الأمثلة عليه قوله تعالى: (لِّكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ)،[8] حيث فسّره التّابعيّ عكرمة عندما قال: "ليس أحد إلَّا وهو يفرح ويحزن؛ ولكن اجعلوا الفرح شُكراً، والحزن صبراَ".
  • النّوع الخامس: تفسير القرآن الكريم بما قاله السّلف الصّالح، ومن الأمثلة عليه قوله تعالى: (الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ)،[9] وقد فسّر هذا القول الإمام سفيان الثّوري بقوله: "ليس للشَّيطان سلاح للإنسان مثل خوف الفقر، فإذا وقع في قلب الإنسان: منع الحقَّ، وتكلَّم بالهوى، وظنَّ بربِّه ظنَّ السوء".
  • النّوع السّادس: تفسير القرآن الكريم بما قاله العلماء ذوي الاختصاص في التّفسير، ومن الأمثلة عليه: ورود لفظ الشّفاء في القرآن تارة عن القرآن، وتارة عن العسل، فقد تكرّر مرّتين، وقال عنه الإمام ابن الجوزي: "تلاوة القُرآن تعمل في أمراض الفؤاد ما يعمله العسل في عِلَل الأجساد".
  • النّوع السّابع: تفسير القرآن الكريم عمليّاً، ومن الأمثلة عليه قوله تعالى: (نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا)،[10] وقد قال حاتم الأصمّ في معناها أنّه بعد تأمّلِهِ لها علم أنّ كلّ شيءٍ مقسومُ من الله تعالى، فلم يحسد أحداً أبدا.
  • النّوع الثّامن: التفسير التصويريّ للقرآن الكريم، وهذا من أنواع التّفاسير الهامّة في هذا الزّمن.

الكتب التي يستفيد منها المبتدئون

هناك عددٌ من الكتب التي يستفيد منها من يريد البدء في تفسير القرآن، ومنها ما يأتي:[11]

  • كتاب التّفسير الميسّر: وقد ألفّه مجموعةٌ من العلماء، وهذا التّفسير سهلٌ وميسّر، إذ يعتمد على تفسير القرآن إجمالاً، ويحتوي على معاني المفردات الغريبة.
  • كتاب المختصر في التّفسير: وهو تأليف عدّة علماء، ويعتمد هذا التّفسير على بيان ما فيه غرابة من الكلمات، مع عرضها بشكلٍ مميّزٍ، وإعطائها لوناً مختلفاً.
  • كتاب التّفسير الواضح الميسّر: تأليف محمّد علي الصّابوني، وهو تفسيرّ ميسّرٌ، ذو اختصار، وفيه بيانٌ لأسباب النزول.
  • كتاب التّفسير الوجيز: وقد ألفه وهبة الزّحيلي، وهو عبارة عن تفسير تمّ طباعته على هوامش القرآن الكريم.
  • كتاب التّفسير الميسّر: ويعود هذا التّفسير لعائض القرني، ويتميّز بأنّه يحتوي على قيمٍ تربوّيةٍ، وأنّ عامّة المسلمين يمكنهم الاستفادة منه.

شروط المفسّر

إن للمفسّر شروطا يجب أن تتوفر فيه حتّى يكون تفسيره صحيحاً، قائماً على أصولٍ واضحةٍ، منها ما يأتي:[12]

  • أن يكون سليم العقيدة؛ لما لها من أهمّية تنعكس على نفس المفسّر، وطريقته في الكلام.
  • أن يحرص على تفسير القرآن بالقرآن، والقرآن بالسّنة، ثم ينتقل إلى التفسير بأقوال الصّحابة، وبأقوال التّابعين.
  • أن يكون بعيداً عن الهوى.
  • أن يكون عالماً باللّغة الأمّ، اللّغة العربيّة الفصحى، وما ينبثق عنها من قواعدٍ؛ لأنّ القرآن الكريم نزل باللّغة العربية، وحتى يقول الصواب واللائق في كلام الله.
  • أن يكون دقيق الفهم والاستيعاب؛ حتّى يتمكنّ من حصر الآراء جميعها، وتفضيل الرّاجح منها.
  • أن يُعرف بغزارة علمه، فيكون عالماً بمختلف العلوم التي لها صلة بالقرآن، منها: علم التّوحيد، وعلم الأصول، والنّاسخ والمنسوخ؛ حتّى يبني تفسيره على علمٍ صحيحٍ.

المراجع

  1. ↑ نور الحلبي (1414هـ-1993م)، علوم القرآن الكريم (الطبعة الأولى)، دمشق: مطبعة الصباح، صفحة 72. بتصرّف.
  2. ↑ سورة البقرة، آية: 169.
  3. ↑ وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية (1404هـ-1427هـ)، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الثانية)، الكويت: دار السلاسل، صفحة 93، جزء 13. بتصرّف.
  4. ↑ "فضل علم التفسير وحاجة الأمة إليه "، www.islamway.net، 2014-5-21، اطّلع عليه بتاريخ 2-3-2019. بتصرّف.
  5. ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن أبو أمامة الباهلي، الصفحة أو الرقم: 1165، صحيح.
  6. ↑ د.عبد السميع الأنيس (7-5-2017)، "عشر فوائد في علم التفسير"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2-3-2019. بتصرّف.
  7. ↑ سورة الأحزاب، آية: 69.
  8. ↑ سورة الحديد، آية: 23.
  9. ↑ سورة البقرة، آية: 268.
  10. ↑ سورة الزخرف، آية: 32.
  11. ↑ أ.وضاح بن هادي، "أهم كتب التفسير للمبتدئين"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 2-3-2019. بتصرّف.
  12. ↑ "أفضل العلوم وبيان شروط المفسر لكتاب الله"، www.islamqa.com، 2017-5-1، اطّلع عليه بتاريخ 2-3-2019. بتصرّف.