صفات المؤمن الصالح

صفات المؤمن الصالح
(اخر تعديل 2023-08-06 01:31:13 )

الإيمان

يطلق الإيمان في اصطلاح العلماء على التصديق بالقلب، والعمل بالجوارح، وقال الإمام أحمد بن حنبل بأنّه قولٌ وعملٌ، يزيد وينقص، كما أنّ الإمام البغوي نقل إجماع الصحابة رضي الله عنهم، والتابعين ومن بعدهم من علماء أهل السنة بأنّ أعمال العبد تعدّ من إيمانه، كما أنّ الإمام الشافعي بيّن بأنّ الإيمان يجب أن يتوفّر به ثلاثة أركانٍ مجتمعةٍ، وهي: القول والعمل والنية، فالقول المقصود هو قول القلب واللسان، أمّا العمل فهو عمل القلب والجوارح، فقول القلب يكون بالاعتقاد، أمّا قول اللسان فهو النطق بالشهادتين، أمّا عمل القلب فهو النية والإخلاص، ومن الجدير بالذّكر أنّ الإيمان لا يكتمل ولا بتحقق إلّا بتوفر جميع أركانه، كما أنّ القلب أصل الإيمان، ودليل ذلك قول الله تعالى: (وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ)،[1] إلّا أنّه لا بدّ من النطق باللسان، حيث قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (أُمِرتُ أن أُقاتِلَ الناسَ حتى يشهدوا أن لا إلهَ إلا اللهُ وأن محمدًا رسولُ اللهِ)،[2] كما قال الإمام النووي بأنّ المؤمن الذي لا يخلد في نار جهنم، هو المعتقد اعتقاداً جازماً دون أيّ شكّ، مع نطقه بالشهادتين، ومما يدلّ على أنّ العمل من الإيمان، قول الله تعالى: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ)،[3] والإيمان المقصود بالأية هو الصلاة، مما يدل على أنّ الصلاة من الإيمان، وبناءً على ذلك فكلّ طاعةٍ يقوم بها العبد، تعدّ من الإيمان كما فسّر ذلك الحليمي.[4]

صفات المؤمن الصالح

بيّن الله -تعالى- صفات المؤمن الصالح في عدّة مواضعٍ من القرآن الكريم، وفيما يأتي بيان بعضها:[5]

  • الخشوع في الصلاة، حيث قال الله تعالى: (الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ)،[6] فالصلاة هي حلقة الوصل بين العبد وربّه، ويجب على العبد أن يكون خاشعاً فيها، وذلك بالخوف الموصل إلى تعظيم الله تعالى، وذلك مطلوبٌ في الصلاة وغيرها، إلّا أنّه من الأولى أن يكون في الصلاة؛ لأنّ العبد يكون واقفاً في الصلاة بين يدي الله تعالى، ومن الجدير بالذّكر أنّ الخشوع محلّه القلب، ولكنّه يظهر على أعمال الجوارح، وذلك بالحرص على إقامة الصلاة، وأدائها بالأركان، والشروط، والواجبات، والمستحبات، ومن الأمور التي تعين على الخشوع في الصلاة: استحضار الوقوف بين يدي الله تعالى، وإبعاد كلّ ما قد يشغل بال المصلّي، من الأمور المادية أو المعنوية، فالإسلام نهى الحاقن والحاقب عن الصلاة، وكذلك ورد النهي عن الصلاة بحضور الطعام، ودليل ذلك قول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (إذا أُقِيمَت الصلاةُ فلا تأتُوهَا تَسعَوْنَ، وأتُوهَا تمشُونَ، عليكم السَّكينَةُ، فمَا أدركْتُمْ فصَلُّوا، وما فاتَكُم فأتِمُّوا).[7]
  • الإعراض عن الأقوال والأفعال الباطلة، حيث قال الله تعالى في صفات المؤمنين: (وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ)،[8] فأهل الإيمان يبتعدون عن الأفعال التي تنغّص عليهم حياتهم الآخرة، ويقبلون على الأفعال الصالحة التي تقرّبهم من الله تعالى، ومن ذلك: حفظ اللسان عن الفواحش والمنكرات، وصون الجوارح عن الشرّ والعدوان.
  • زكاة النفس والمال، حيث قال الله -تعالى- في صفات المؤمنين: (وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ)،[9]فالزكاة تدلّ على الطهارة والنقاء والاستقامة، فزكاة النفس تكون بتطهيرها من الاعتقادات الفاسدة المنحرفة، وبالتخلّق بمكارم الأخلاق، وزكاة المال تكون بإخراج ما أوجبه الله -تعالى- في المال من حقٍّ.
  • حفظ الفوارج عن المحرّمات، حيث قال الله -تعالى- بما يخصّ صفات المؤمنين: (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ)،[10] فالرغبة الجنسية من فطرة الإنسان وطبيعته، وحرصاً على ذلك فقد بيّن الله -تعالى- الطريقة الصحيحة، والطاهرة والعفيفة؛ وذلك بالزواج، حيث قال الله تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)،[11] إلّا أنّ الشيطان قد يزيّن للعبد سلوك الطرق الخاطئة لتحقيق ذلك؛ بالزنا، أو اللواط، أو بممارسة العادة السرّية.
  • أداء الأمانات والوفاء بالعهود، حيث قال الله تعالى: (وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ)،[12] والأمانة: هي كلّ حقٍ واجبٍ على الإنسان لغيره، وذلك بحفظ الحقّ وأدائه لأصحابه، ومن أعظم العهود الواجب على المسلم أداؤها؛ عهده مع الله تعالى، ومخالفة العهود من علامات النفاق.
  • المحافظة على الصلوات، حيث قال الله تعالى: (وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ)؛[13] وذلك بالاستمرار والمداومة على أداء الصلوات في أوقاتها المحددة، وبجميع ما تتضمنه من الشروط والأركان والواجبات، والمستحبات، حيث إنّ الصلاة الركن الثاني من أركان الإسلام، وهي أول عملٍ يحاسب عليه العبد يوم القيامة.

ثمرات الإيمان

إن بتحقق الإيمان في قلب العبد وصولٌ إلى العديد من الثمار والنتائج، وفيما يأتي بيان بعضها:[14]

  • حصول العبد على الولاية الخاصة من الله تعالى، وذلك لا يكون إلّا للعبد المؤمن التقي، حيث قال الله تعالى: (اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ).[15]
  • نيل رضا الله تعالى، والفوز بالمساكن الطيبة، وذلك لا يتحقق إلّا بالإيمان بالله تعالى، وطاعته، وطاعة الرسول صلّى الله عليه وسلّم، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر.
  • الحماية من الوقوع بالمكاره من الأمور، وشدائدها، حيث قال الله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا)،[16] فالله -تعالى- ييسر أمور المؤمنين من عباده.
  • الهداية إلى الصراط المستقيم، وإلى طريق الحق، والعمل بالحقّ والصواب، والصبر على المصائب والابتلاءات.

المراجع

  1. ↑ سورة الحجرات، آية: 7.
  2. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 25، صحيح.
  3. ↑ سورة البقرة، آية: 143.
  4. ↑ "حقيقة الإيمان"، fatwa.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 25-9-2018. بتصرّف.
  5. ↑ "صفات المؤمنين في سورة المؤمنون[1"]، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 25-9-2018. بتصرّف.
  6. ↑ سورة المؤمنون، آية: 2.
  7. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 908، صحيح.
  8. ↑ سورة المؤمنون، آية: 3.
  9. ↑ سورة المؤمنون، آية: 4.
  10. ↑ سورة المؤمنون، آية: 5.
  11. ↑ سورة الروم، آية: 21.
  12. ↑ سورة المؤمنون، آية: 8.
  13. ↑ سورة المؤمنون، آية: 9.
  14. ↑ "فوائد الإيمان وثمراته"، ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 25-9-2018. بتصرّف.
  15. ↑ سورة البقرة، آية: 257.
  16. ↑ سورة الحج، آية: 38.