الترفيه

الترفيه
(اخر تعديل 2023-08-06 01:31:13 )

تعريف الترفيه لغة واصطلاحاً

إنّ الترفيه في اللغة يُردّ إلى الجذر الثلاثي: ر- ف - هـ، وبالرجوع إلى مقاييس اللغة لابن فارس، فإنّ هذا الأصل يدلّ على نعمة وسعة مَطْلَب، ومنه الرّفاهة في العيش والرّفاهية، ويُقال: "رُفّه عنه"، إذا نُفّس عنه الكرب، [1] وفي معاجم اللغة العربية، فإنّ الترفيه هو مصدر (رفّه)، فيقال: "جاء للترفيه عنه" أي جاء للتنفيس عنه وتسليته.[2]

استُخدم مصطلح الترفيه عند قدامى الفقهاء للدلالة على التيسير والتوسعة دون مجاوزة هذا المعنى،[3] أمّا عند المعاصرين فقد استخدموه للتعبير عن امتاع النفس والتوسعة عليها، لتتخلّص من الضغوطات المختلفة، وذلك تحت قيد المباح وعدم ارتكاب المحرّم.[4]

خيارات الترفيه

إنّ من نِعم الله سبحانه وتعالى علينا أن أوجد لنا مساحة واسعة من الخيارات، لنروّح بها على أنفسنا، إذ إننا بشر ذوي طاقة محدودة، نحتاج لتنشيط أجسامنا وعقولنا بعد الكمّ الهائل الذي نبذله في سباق الحياة، وإنّه لمن ضيق الأفق أن يحصر البعض خيارات الترفيه في مساحة ضيقة، ينتظر فيها اكتمال كل عناصر الحياة ليأذن لنفسه باللهو. إنّ السعادة قرار، لا تنتظر ظروفاً معيّنة، بل تصنعها. تالياً بعض الأمثلة القادرة على إعطائنا جرعة كافية من الرفاهية مجاناً أو بتكلفة معقولة:

الترفيه برفقة الآخرين

سُمّي الإنسان إنساناً لإنّه يأنس بغيره ومن ذلك فجلسة عائلية مع أفراد الأسرة والأقارب، في جوّ يتخلله المرح والضحك واسترجاع ذكريات الطفولة، سيكون قادراً على تغيير مزاجك بدرجة مميزة لتبدأ اليوم التالي بنشاط وهِمّة، وأيضاً جمع أصدقاء المدرسة، أو الجامعة، أو العمل في رحلة ترفيهية لمزرعة في الريف أو رحلة شواء عند شاطئ البحر سيكون فرصة لإعادة تجميع وتوثيق الصلات والتعلّم من خبراتهم، وكلُّ ذلك في إطار الترفيه والتسلية.[5]

اكتساب خبرات جديدة

إنّ هذا عالم لا ينتهي من الخيارات الممتعة، نذكر بعضها هنا:[5]

  • الكتب والروايات المسموعة والمقروءة والمرئية، ومن الجميل أنّ هذه الهواية يمكن أن تتطور ليحترف صاحبها الكتابة.
  • حضور المناظرات والحلقات النقاشيّة.
  • اللهو مع رفيق مع لعبة شطرنج، أو أحاجي عقلية، أو لعبة الكلمات المتقاطعة.
  • الحرف اليدوية المتنوّعة، من رسم أو تطريز، أو غزل الصوف في فصل الشتاء، أو حتى صناعة الإكسسوارات والدّمى البسيطة.
  • أفكار لربّات البيوت، يمكن أن يتحوّل الطبخ لإحدى أشكال الترفيه إذا تمّ التخطيط له مسبقاً قبل بداية الأسبوع، فبدلاً من الاستغراق في الحيرة كلّ يوم في ما عليكِ أن تطبخي ، قرري مسبقاً وحوّلي المطبخ لساحة ترفيه لذيذة. سيوفّر لك التخطيط المسبق الوقت لتجرّبي صناعة أطباق جديدة تُصنع في أرقى وأكبر المطاعم حول العالم.
  • الذهاب لنادي رياضي سواءً للحفاظ على مرونة الجسد، أو تعلّم مهارة جديدة: مثل التايكوندو أو الدفاع عن النفس أو السباحة.

مدن الملاهي

هي أماكن بنيت خصيصاً للتسلية عبر اللّعب بآلات كهربائية وميكانيكية آمنة، ذات تكلفة معقولة نسبيّا، تتدرّج هذه الألعاب في خطورتها؛ إذ إنّ بعضها يكون مخصوص بعمر وطول محدد، بدءاً من المراجيح والسحاسيل، للآليات الثقيلة مثل الجبل الروسيّ، وينبغي مراقبة الأطفال عند دخولهم هذه المدن حتى لا يلعبوا مع مالا يتناسب مع طبيعتهم.[6]

حدائق الحيوان

هي متنزّهات بنيت بالأساس لتعرض للناس أجزاء من الحياة الطبيعيّة في الغابات والبحار، الأليفة منها والمفترسة. وهي خيار مميّز لمشاهدة مجموعة كبيرة من الحيوانات عن قرب في بيئة آمنة، بدلاً من الذهاب لمواطنها الأصليّة.[7]تالياً بعض الاقتراحات للاستفادة من حدائق الحيوانات في أكثر من مجال:[7]

  • تتيح لمحترفي الرسم والتصوير الفوتغرافي مساحة جديدة لممارسة هواياتهم.
  • خيار جيّد للرحلات المدرسية، حيث تجمع الرحلة بين التسلية والترفيه والعلم.
  • منبر علميّ ومركز أبحاث للمتخصصين في الطب البيطري ودراسة سلوك الحيوانات.

ضوابط الترفيه

يُحتّم العقل الذي مُيّز به الإنسان على سائر الكائنات أن يسعى جاهداً لرسم حدود مناطق الخطر ومناطق الأمان كي يحافظ على نفسه وأبناء جنسه، ومن ذلك يأتي، أنّ تصوّر الترفيه بشكل مفتوح، دون ضوابط أو قيم، لهو ضَرْب من السّفاهة وعدم الرزانة والنضج، نحن نستطيع أن نلهو ونرفّه عن أنفسنا ونصل لدرجات مُرضية من المتعة ضمن حدود المُباح، دون أن نقترب من مُحرّم، ودون أن نلحق الضرر بغيرنا، في النقاط التالية، نذكر موجزين أهمّ المحاذير التي يجب أن ننتبه إليها أثناء اختيارنا لنشاطات الترفيه:

  • الحذر من رفقة السوء: والذين يشجّعون على أعمال مفسدة، غير منتجة ومضيعة لحقوق الآخرين.[8]
  • مراقبة النّفس: حتى لا تتجاوز أو تخالف الأخلاق التي حثّ عليها الشارع من كذب وسخرية واستهزاء بالآخرين والهمز واللمز، وكبر ونميمة وغيبة.[8]
  • الحذر من ترويع الآخرين: تحت سقف المزاح، فيُخبئ إحدى الممتلكات من سيارة أو غيرها، ليوهم صاحبها أنّها سُرِقت.[8]
  • عدم الإسراف: وذلك في إنفاق الوقت والمال على الأنشطة الترفيهية، فالترفيه ليس غاية إنّما هو وسيلة هدفها أن ننجز ونعمل بكفاءة ومتعة أعلى.[8]
  • مراقبة السلوك والكلمات: والتي نستخدمها لتعريف نشاطات الترفيه؛ إذ إنّ القول واللفظ له أثر عميق على قيمنا ومبادئنا وتصوّرنا للأشياء، فعندما يقوم الحوار بين مجموعة من الأفراد الذي يرفّهون عن أنفسهم حول تداول نكات تحت مسمّيات خادشة للحياء، عليهم أن يعوا أنّها نكات محرّمة وليست فقط خادشة للحياء، فتغيير المسمّيات له أثر واضح على قبول النفس للسلوك أو رفضه.[9]

المراجع

  1. ↑ أحمد بن فارس بن زكرياء القزويني الرازي (1979)، معجم مقاييس اللغة، سوريا: دار الفكر، صفحة 419، جزء 2. بتصرّف.
  2. ↑ "تعريف و معنى ترفيه في قاموس المعجم الوسيط ،اللغة العربية المعاصر ،الرائد ،لسان العرب ،القاموس المحيط"، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 2019-1-12. بتصرّف.
  3. ↑ بسام محمد عرفات زينو (2016)، المسؤولية عن الأضرار في أماكن الترفيه في الفقه الإسلامي، غزّة: الجامعة الإسلامية - شؤون البحث العلمي والدراسات العليا، صفحة 9. بتصرّف.
  4. ↑ بسام محمد عرفات زينو (2016)، المسؤولية عن الأضرار في أماكن الترفيه في الفقه الإسلامي، غزة: الجامعة الإسلامية - شؤون البحث العلمي والدراسات العليا، صفحة 11. بتصرّف.
  5. ^ أ ب بسام محمد عرفات زينو (2016)، المسؤولية عن الأضرار في أماكن الترفيه في الفقه الإسلامي، غزة: الجامعة الإسلامية - شؤون البحث العلمي والدراسات العليا.، صفحة 32+33. بتصرّف.
  6. ↑ بسام محمد عرفات زينو (2016)، المسؤولية عن الأضرار في أماكن الترفيه في الفقه الإسلامي، غزة: الجامعة الإسلامية - شؤون البحث العلمي والدراسات العليا.، صفحة 36. بتصرّف.
  7. ^ أ ب بسام محمد عرفات زينو (2016)، المسؤولية عن الأضرار في أماكن الترفيه في الفقه الإسلامي، غزة: الجامعة الإسلامية - شؤون البحث العلمي والدراسات العليا.، صفحة 38+39. بتصرّف.
  8. ^ أ ب ت ث بسام محمد عرفات زينو (2016)، المسؤولية عن الأضرار في أماكن الترفيه في الفقه الإسلامي، غزة: الجامعة الإسلامية - شؤون البحث العلمي والدراسات العليا.، صفحة 44+45+46. بتصرّف.
  9. ↑ د.عبد الرحمن ذاكر الهاشمي (2015-9-29)، "أثر السلوك اللفظي والقول على الفكر والشعور"، مكاني، اطّلع عليه بتاريخ 2019-1-13. بتصرّف.